الرباط "مغارب كم": محمد بوخزار خرج الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، موحد الصفوف، على ما يبدو، في أعقاب أشغال المؤتمر 38 التي جرت على مدى ثلاثة أيام بالعاصمة مدريد، من الجمعة إلى الأحد. وتكرر إلى حد بعيد نفس المشهد الذي عاشه الاشتراكيون في مؤتمرهم السادس والثلاثين، حين فاز الأمين العام السابق روديرغيث ثباطيرو، على منافسه خوصي بونو، وزير الدفاع ثم رئيس مجلس النواب، خلال الولايتين الحكوميتين المنتهيتين، بفارق تسعة أصوات فقط ، بينما انتصر الأمين العام الجديد الفريدو بيريث روبالكابا، وزير الداخلية السابق، على منافسته كامي شاكون، وزيرة الدفاع، بفارق 22 صوتا، إذ حصل روبالكابا على 487 صوتا مقابل 465 صوتوا لصالح شاكون التي سارعت إلى تهنئة غريمها فور الإعلان عن نتيجة الاقتراع وعانقته داعية إلى وحدة الحزب وتجديده. وكان الأمين العام السابق ثباطيرو، التزم الحياد بين المرشحين، وحث المؤتمرين في خطاب مؤثر على دعم الفائز كان من كان، على الرغم من أن تقارير تحدثت في وقت سابق عن تفضيله للمرشحة "شاكون" التي تدين له بالفضل الكثير، كونه أدخلها إلى حكومته الأولى وهي دون سن الأربعين ثم كرسها ثانية في أهم منصب تتولاه سيدة في تاريخ إسبانيا، والأهم من هذا أن أسند إليها مهمة الدفاع وهي حامل في الشهر السابع بحيث إن الوزيرة سافرت إلى أفغانستان في طائرة حربية وسط مخاوف من أن تضع حملها في الطائرة في حالة مواجهة مطبات جوية قوية. وبرأي منتقدي الحزب الاشتراكي العمالي، فإن الحزب خرج منقسما من المؤتمر الأخير ويستدلون بالفارق الضئيل في نتيجة التصويت، لكن المتعاطفين معه يرون في ذلك علامة على حيوية الحزب وقوته ويضيفون أن الظاهرة لا تؤثر على سلامة الحزب بعد انتهاء المؤتمر كما حدث بعد انتخاب ثباطيرو عام 2000 لإذ تمكن من تحقيق الفوز في الانتخابات التشريعية بعد أقل من أربع سنوات ليكرر النجاح في الولاية التشريعية الثانية. وقدم الأمين العام الجديد الذي يقال إنه يحظى بتأييد الزعيم الاشتراكي الأسبق، فيليبي غونثالث، صباح الأحد الهيئة القيادية للحزب التي ستعمل إلى جانبه والتي وافق عليها المؤتمرون بنسبة عالية من الأصوات، ما يعني أن الخلاف انتهى بينه وبين منافسته التي صرحت بأن ما يشغلها مستقبلا هو استعادة الحزب الاشتراكي لثقة الرأي العام الإسباني. واختار روبالكابا، قيادة جديدة في أغلب وجوهها، تعكس التيارات المتواجدة في الحزب كما تعبر إلى حد كبير عن الانتماءات الجغرافية . ومن الأسماء التي احتفظ بها وجعلها نائبة له السيدة إيلينا فالنثيانو التي قادت حملته الانتخابية للظفر بمنصب رئيس الحكومة. وشغلت "فالنثيانو" مسؤولية العلاقات الخارجية ضمن القيادة السابقة. ومن بين الأسماء التي عملت إلى جانب ثباطيرو، السيدة ترينيداد خيمينيث، وزير الخارجية الوفية لثباطيرو التي أسند إليها روبالكابا ملف "السياسات الاجتماعية". واختار الحزب الاشتراكي، رئيسا جديدا له في شخص رئيس حكومة الأندلس "غرينيان" الذي خلف سلفه في المنصب، مانويل شافيس. وعزا المراقبون اختيار "غرينيان" وهو الذي ساند جهارا منافسة رورباكابا، إلى كون الحزب الاشتراكي وأمينه العام الجديد لا يريدان خسارة رئاسة الحكومة الأندلسية ولذلك فإن اختيار رئيسها الحالي يعتبر بمثابة دفع قوي له ليخوض الانتخابات وهو واثق من مساندة الحزب وأمينه العام. وفي إشارة لافتة شكر "روبالكابا" رئيس الحزب الجديد ما يوحي بأنه اعتبر تأييده للمرشحة شاكون أمرا عاديا،يدخل ضمن حرية كل أي مناضل اشتراكي آخر، ولكن المهم هو الانضباط لقواعد الديمقراطية بعد الحسم. وستكون الانتخابات الإقليمية في منطقة الأندلس اختبارا مزدوجا للحزب الشعبي الحاكم وللمعارضة، خاصة وأن الحكومة الحالية اكتشفت مدى عمق الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ما جعل رئيس الحكومة السابق ثباطيرو يصرح في خطاب وداع المؤتمرين إن الحزب الاشتراكي لا يسعى إلى هزيمة خصمه الحزب الشعبي، وإنما إلى هزيمة الأزمة التي تعصف بالبلاد. لكن الأريحية التي أظهرها الأمين العام السابق، لن تثني خليفته روبالكابا، عن توجيه الضربات القاضية للحكومة الحالية إذا وجد الفرصة مناسبة، خاصة وأنه يشبه بالسيارة ذات الدفع الرباعي، القادرة على اجتياز المسالك الوعرة والمتعرجة. وخلاف الأمناء العامين السابقين، غونثالث، ألمونيا، وثباطيرو، فإن روبالكابا ذو تكوين علمي متخصص في مادة الكيمياء التي درسها للطلاب بالجامعة، كما أنه ذو تفكير منهجي وله قدرة واضحة على الإقناع والشرح ويحمل معه سجلا حافلا بالنجاحات خلال توليه وزارة الداخلية حيث استطاع كسر شوكة المنظمة الإرهابية "إيطا" التي أصبحت في حكم المنتهية، ولذلك منحته استطلاعات الرأي تقييما جيدا من طرف الرأي العام في بلاده كوزير ناجح على الصعيد الشخصي.