سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الاشتراكيون الإسبان يلمحون إلى إجراء الانتخابات التشريعية قبل نهاية العام الحزب الشعبي أمام خيار التطبيع الإيجابي مع المغرب أو مواجهة حكومة ذات سند شعبي
الرباط "مغارب كم ": محمد بوخزار تفكر قيادة الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم في إسبانيا، جديا في تقديم موعد الانتخابات التشريعية إلى شهر نوفمبر من العام الجاري، بدل انتظار نهاية الولاية التشريعية. وفي هذا الصدد ذكرت جريدة "الباييس" المقربة من الاشتراكيين في عدد يوم الاثنين أن المسؤولين في الحزب والحكومة باتوا أكثر اقتناعا من أي وقت مضى بأنه من الصعب سياسيا الوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه أمين عام الحزب ورئيس الوزراء خوصي لويس ثباطيرو، بإكمال مهمته إلى غاية شهر مارس من العام المقبل. ويقول الاشتراكيون إن الهزيمة المدوية التي أصبات حزبهم يوم 22 من الشهر الماضي، في الاستحقاقات الإقليمية والمحلية، جعلت التساكن بين الحكومة والمعارضة التي أصبحت متحكمة في الحكومات المحلية، مستحيلا (التساكن) وبالتالي فلا بد من العودة إلى الناخبين لقول كلمتهم مرة ثانية. ويعول الاشتراكيون على بضعة أمور بينها أن مسالة الخلافة قد سويت بصورة سلسة في الحزب، فقد انسحب الأمين العام "ثباطيروا"وتنازلت وزيرة الدفاع "كارمي شاكون" عن طموحها في خلافته، وتركت المقعد لنائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية "ألفريدو روبالكابا" الذي يحظى بثقة قواعد الحزب كما يحتفظ الرأي العام الإسباني بانطباع إيجابي عن أدائه على رأس جهاز وزارة الداخلية، ما مكنه من إضعاف الحركة الانفصالية "إيتا" وجعلها في مواجهة الحائط. ويراهن الاشتراكيون كذلك على التحسن الذي يمكن أن يطرأ على سوق العمل في إسبانيا بعد انتهاء فترة الصيف حيث تزدهر السياحة وقطاع الخدمات والاستهلاك في البلاد ما ينعكس إيجابيا على طالبي الشغل. لكنه رهان حذر نظرا لتداخل العوامل الاقتصادية. يشار في هذا الصدد إلى ان الحزب الشعبي المعارض الفائز في الاستحقاقات الأخيرة لم يكن متحمسا في البداية لإجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، لأنه يخشى بدوره تقلبات الماكينة الاقتصادية ولذلك فإن رئيس الحزب المعارض "ماريانو راخوي" لم يطلب من غريمه، ثباطيرو، ليلة الثاني والعشرين من الشهر الماضي، الدعوة لإجراء انتخابات على اعتبار أن الحزب الاشتراكي فقد ثقة الشعب، لكن الأصوات بدأت تتعالى في المدة الأخيرة مطالبة رئيس الوزراء الحالي بالرحيل لدرجة أن الناطق باسم الحزب الشعبي وصف "ثباطيرو" بالميت الذي لا يريد أن يدفن. ما يعني أن اليمين الإسباني يريد أن ينتهز الفرصة في أقرب وقت ممكن ما دام المزاج العام لصالح الحزب الشعبي، الذي شرع بالفعل في تعبئة الناخبين للمعركة المقبلة. ومن الصعب التكهن بالنتيجة، لكن المؤكد أنها لن تكون هزيمة مدوية بالشكل الذي حدث الشهر الماضي. وقد يقرر الناخبون الإسبان أنه من المصلحة إقامة توازن بين الحزبين الكبيرين بحيث لا يستأثر أحدهما بكافة السلطات في البلاد. وتوجد نقطة أخرى في صالح الاشتراكيين تتمثل في أنهم سيخوضون معركة الانتخابات موحدين تحت راية زعامة "روبالكابا" السياسي المجرب الذي عمل إلى جانب رئيس الوزراء الأسبق "فيليبي غونثالث" والذي يحظى حتى الآن بدعم القيادات الشابة والقديمة في الحزب الاشتراكي. ومن المؤكد أن "روبالكابا" بحكم إشرافه على وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية، يستطيع أن يقيس توجهات الرأي العام ومعرفة انتظارا ته، وهي في جميع الأحوال ذات طبيعة اقتصادية في المقام الأول وليست إيديولوجية. وربما أدرك المسؤول الاشتراكي، خطورة مؤشر خروج الشباب العاطل إلى الشارع ونصبهم الخيام في الساحات الكبيرة في موقف تحدي للسلطات التي لجأت إلى أسلوب العنف لتفريقهم. ولتلك الأسباب وغيرها، ارتأت قيادة الحزب الاشتراكي الاحتكام إلى الخيار الديمقراطي قبل أن تسوء الأحوال، وتلافيا لفقد مزيد من الأنصار، إضافة إلى أنها تدرك أن الحزب الشعبي سيواجه تركة اقتصادية ومالية ثقيلة لا تنفع معها الشعارات الإيديولوجية والتهكمية من الاشتراكيين. أما بالنسبة للمغرب فإنه سينفتح من جهته، إذا سار مسلسل الإصلاح، على مشهد سياسي لا صلة له بالماضي. ومن المؤمل أن ينتهي الورش الدستوري إلى حكم البلاد في الأشهر المقبلة بواسطة فريق يمثل إرادة الشعب. حكومة ذات صلاحيات تنفيذية واسعة تنازل عنه الملك بمحض إرادته. وفي هذه الحالة فإن الحزب الشعبي سيجد نفسه في مواجهة محاور صعب، ولن يكون مقبولا منه الادعاء بأن السياسة في المغرب يتحكم فيها ويصنعها القصر الملكي. تراه كيف سيتعامل مع هذا المعطى؟ لكن وفي جميع الأحوال، فإن العلاقات قائمة بين الدول وليس الحكومات، ما يعني أن الحكومة الجهاز التنفيذي الذي سيقوده الحزب الشعبي الإسباني، سيراعي المصالح العاجلة والآجلة لبلاده خلال تدبير علاقات التعاون مع المغرب الذي يمتلك أوراقا كثيرة تمكنه من الضغط عل جاره الشمالي لفرض معاملة كريمة ومتكافئة.