سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الناشط الصحراوي مصطفى سلمى: رفضت اللجوء إلى فنلندا لأنني لست "طالب معيشة" بل "صاحب قضية سياسية" أكد أن الشباب في مخيمات تيندوف "مستمرون في رفض الواقع الذي فرضته قيادات البوليساريو"
نواكشوط "مغارب كم": سيدي محمد يجلس الناشط الصحراوي مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، لليوم الثالث على التوالي، مستظلا بما تجود به أغصان أشجار تشابكت أمام مبنى وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في العاصمة الموريتانية نواكشوط، محاطا بوثائق تكشف بعض جوانب معاناته التي بدأت بتصريح صحفي في مدينة اسماره الصحراوية، قبل نحو عام. ولد سيدي مولود اختار صيف نواكشوط الحار للضغط على الوكالة الدولية للمطالبة بتمكينه من رؤية أبنائه المتواجدين في منطقة "امهيريز"، الخاضعة لسيطرة جبهة البوليساريو، وللتأكيد على رفض العرض الذي قدم له باللجوء إلى فنلندا، معتبرا أنه ليس "طالب معيشة" بل "صاحب قضية سياسية". لا يفتأ الرجل يردد أسباب ما وصفه بالإبعاد القسري عن أهله، "لأني سعيت إلى فتح نقاش بين الصحراويين بشأن مستقبلهم والخيارات المتاحة أمامهم لكي يكونوا في ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية أفضل مما هم فيه اليوم في مخيمات اللجوء داخل التراب الجزائري". الناشط الصحراوي، نفى في حديثه ل "مغارب كم" أن يكون اليأس هو ما أجبره على طرح حل بديل للعودة إلى ذويه، من خلال اقتراحه اللجوء إلى اسبانيا، مرجعا السبب إلى فشل محتمل للمنظومة الأممية في تمكينه مما وصفه بحقه الطبيعي، "فاسبانيا بلد مجاور يمكنني مواصلة النضال فيه من أجل حقوق شعبي المشتت منذ أزيد من ثلاثة عقود"؛ يقول ولد سيدي مولود. ويمضي مصطفى سلمى، في حدثه ل"مغارب كوم"، في التأكيد على أن لديه خيارات بديلة عن الاعتصام، يرفض الكشف عنها، إلا أنها، بحسب اعتقاده، "ستجعل العالم يعير قضية الصحراويين بعض الاهتمام"، مبطنا حديثه بقرب وصول ربيع الثورات العربية إلى مخيمات تيندوف، "فالشباب هنالك "مستمرون في رفض الواقع الذي فرضته قيادات البوليساريو"، على حد وصفه. وتعود قضية الناشط الصحراوي مصطفي سلمى إلى النصف الثاني من عام 2010 حين قام بزيارة إلى المغرب لمقابلة والده وإخوته بمدينة السماره لأول مرة منذ أكثر من ثلاثين سنة. وهنالك قال إنه اطلع على "تعقيدات النزاع على الصحراء"، وتدارس مع أقربائه وأبناء عمومته آفاق حل النزاع وسبل لم شمل العائلات الصحراوية المشتتة، ليخلص في الأخير إلى قناعة بان الحكم الذاتي الموسع هو "الحل الأمثل" الذي يراعي مصلحة جميع الأطراف. حسم الضابط السامي في الأمن بجبهة البوليساريو، مصطفي سلمى، أمره وجهر بقناعته علانية في مؤتمر صحفي بمدينة السمارة، وأكثر من ذلك تعهد بنقل النقاش حول خيار الحكم الذاتي الموسع والمتفاوض عليه إلى أوساط سكان مخيمات الصحراويين حيث تسيطر البوليساريو في سبيل البحث عن "حل واقعي، ديمقراطي ومشرف للقضية الصحراوية". وفي طريق عودته إلى عائلته في "امهيريز" ؛عبر مدينة ازويرات الموريتانية، اعترضت سبيله فور اجتيازه للحدود الموريتانية، مساء 21 سبتمبر 2010، قوة عسكرية واقتادته إلى مكان مجهول، حيث أمضي سبعين يوما رهن الاحتجاز ينتقل مع سجانيه من مكان مهجور إلي آخر. وخلال السبعين يوما، قال ولد سيدي مولود إنه تعرض ل"التعذيب والتهديد بالقتل" قصد "إجباره" على تغيير قناته التي سبق وان عبر عنها بخصوص وجاهة مقترح الحكم الذاتي الموسع كأساس لحل النزاع و"إنهاء معاناة وتشتت الصحراويين". وفي 30 نوفمبر 2010 نجحت ضغوط مفوضية الأممالمتحدة للاجئين في حمل جبهة البوليساريو على الإفراج عن المعارض السياسي مصطفي سلمى وتسليمه إليها عند الحدود الموريتانية، ومنذ ذلك التاريخ يقيم ولد سيدي مولود في العاصمة الموريتانية انتظارا لحسم قضيته. وقد سبق لمصطفي سلمي ولد سيدي مولود أن شغل العديد من المناصب الأمنية السامية في جبهة البوليساريو آخرها المفتش العام للأمن، وهو مواطن صحراوي مولود 1968 في بلدة "امهيريز"، ومتزوج وأب لخمسة أطفال أصغرهم الطفلة لاله مريم التي لم تر أباها، أما هو فقد أسكن صورتها في جذع شجرة الاعتصام؛ وسط نواكشوط، في انتظار ما سيسفر عنه قادم الأيام.