سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبد العزيز رحابي ل«الشرق الأوسط»: الجزائر تتعرض لضغوط فرنسية وأميركية لإعادة فتح الحدود مع المغرب الناطق باسم الحكومة الجزائرية سابقا: البلدان الجاران لا يملكان نظرة واحدة للتطبيع
"الشرق الاوسط" الجزائر: بوعلام غمراسة قال وزير سابق في حكومة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، يعتبر من أبرز المعارضين لسياسته حاليا: إن الجزائر «تتعرض لضغوط من فرنسا والولايات المتحدة لدفعها إلى فتح الحدود مع المغرب، بهدف تخفيف الضغط الاجتماعي على الحكم المغربي». وقال عبد العزيز رحابي، وزير الاتصال، الناطق باسم الحكومة الجزائرية في نهاية ثمانينات القرن الماضي، ردا على سؤال ل«الشرق الأوسط» حول أسباب ربط الجزائر التجاوب مع طلب المغرب إعادة فتح الحدود المغلقة، بالتزام المغاربة بقرارات الشرعية الدولية حول نزاع الصحراء: «لم تتغير مواقف الجزائر من حيث المبدأ في مثل هذه القضايا؛ فقضية الصحراء موجودة منذ عام 1975، أي أنها ظهرت قبل تأسيس اتحاد المغرب العربي (1989)، وقبل غلق الحدود (1994). وإحداث ربط بين الحالتين غير مطابق لواقع المشكلات». ويرى رحابي، الذي كان أيضا سفيرا لبلاده لدى إسبانيا، أن الاتحاد المغاربي أنشئ من أجل تشجيع الحل لنزاع الصحراء «لكن الجديد في القضية هو أن الجزائر تتعرض لضغوط كبيرة من الخارج حاليا، إنها تتعرض لضغوط مباشرة وغير مباشرة من فرنسا والولايات المتحدة لفتح حدودها بهدف تخفيف الضغط الاجتماعي على المغرب. يحدث هذا في سياق ظروف تميزها ثورات شعبية بالعالم العربي. وبعبارة أخرى، تبدو واشنطن وباريس مستعدتين لضرب استقرار الجزائر من أجل الحفاظ على استقرار المغرب الذي يعتبر حليفهما التقليدي بالمنطقة». وتبدي الجزائر حساسية كبيرة إزاء موقف فرنسا الداعم لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء، وتعتبره انحيازا للمغرب على حساب الشرعية الدولية. ويلقي هذا الموضوع بظلاله على العلاقات الجزائرية - الفرنسية. وتعرف العلاقات الجزائرية - المغربية، منذ شهرين، ديناميكية غير معهودة، ميزها تبادل الزيارات بين البلدين على مستوى وزاري بعد انقطاع دام سنوات طويلة. وتخللت هذه الزيارات تصريحات غير مألوفة من الجانب الجزائري، تناولت احتمال فتح الحدود المغلقة منذ قرابة 17 سنة قريبا. وبعث ذلك تفاؤلا في نفوس المؤمنين ب«مغرب الشعوب»، الذين وجدوا في هذه الديناميكية مؤشرا على تطبيع العلاقات بين أكبر قوتين مغاربيتين. وقال وزير الشؤون الخارجية الجزائري، مراد مدلسي، الأسبوع الماضي: «يستحيل أن تبقى الحدود مغلقة إلى الأبد». وحول قراءته لهذه التصريحات، وما إذا كان ذلك مؤشرا على تطبيع وشيك للعلاقة، ذكر رحابي، الذي انخرط في مبادرة تدعو إلى «التغيير» في البلاد: «من حيث المبدأ كل ما يساعد على تطبيع العلاقات بين البلدين مرحب به، لكن نلاحظ أن هذه التصريحات وردت على ألسنة مسؤولين مكلفين بملفات اقتصادية مثل الفلاحة والمحروقات، وهي قطاعات تمثل تكاملا بين البلدين. إنني لا أعتقد أن الزراعة والمحروقات تعكسان وحدهما واقع العلاقة بين الجزائر والمغرب؛ فالعلاقة أكثر تعقيدا بكثير وتعاني غياب الثقة بين القيادات (من البلدين)، ومع الوقت امتد غياب الثقة إلى الشعبين». ويشير رحابي هنا إلى زيارة قامت بها وزيرة الطاقة المغربية إلى الجزائر، جاءت بعدها زيارة وزير الزراعة الجزائري إلى المغرب. ويعتقد رحابي أن الجزائريين والمغاربة لا يملكون النظرة نفسها لتطبيع العلاقات «فالمغرب يرى أن التطبيع مرهون بتوافر إرادة سياسية بأعلى الهرم في الدولتين، والبقية ستأتي تبعا لهذه الإرادة، أما الجزائر فتعتقد أن الأولوية هي لبناء ثقة بين الجانبين وحل المشكلات العالقة بين البلدين قبل إعادة فتح الحدود، لكن هذه المقاربة للأشياء لا تخدم المغرب لعدة أسباب، الأول: أن المغرب يبحث عن اقتسام ريع السياحة الجزائرية مع تونس (ما يقارب مليونا و200 ألف سائح سنويا). أما السبب الثاني فيكمن في أن المغرب يبحث عن تحسين الأوضاع الاقتصادية الصعبة بمناطقه الشرقية التي استفادت دوما من تحويل رؤوس أموال وبضائع مصدرها الجزائر. والسبب الثالث: أن المغرب يريد تصدير أيدي عاملة مؤهلة تعاني البطالة في مجالات الزراعة والحرف المرتبطة بالصناعات التقليدية». يُشار إلى أن المغرب فرض التأشيرة على الجزائريين في أعقاب عملية إرهابية استهدفت سياحا أوروبيين بمراكش صيف 1994، متهما الجزائر بالوقوف وراء العملية. وردت الجزائر بالمثل وزادت عليه بغلق الحدود. وفي 2005 ألغت الرباط العمل بالتأشيرة، وفعلت الجزائر الشيء نفسه، لكنها أبقت على الحدود مغلقة. ويرى المغاربة أن الوضع الحالي «تجاوزه الزمن»، ودعوا الجزائر إلى العودة إلى ما قبل 1994. أما الجزائريون فيرون أن فتح الحدود يخدم المغاربة اقتصاديا بالدرجة الأولى، ولن ينتفعوا من ذلك. وحول ما إذا كانت الأسباب التي أدت إلى توتر العلاقة عام 1994 زالت اليوم، قال رحابي: «في اعتقادي لم يتم اتخاذ إجراءات تعيد الثقة بين الطرفين؛ فالمغرب لا يعترف بالجزائر على صعيد الحدود القائمة حاليا، ويدفع بالولايات المتحدةوفرنسا إلى الضغط على الجزائر فيما يخص مسألة الصحراء الغربية، ويطالب في الوقت نفسه بإعادة فتح الحدود لدواعٍ اقتصادية. أعتقد أنه لا يوجد مقابل حقيقي لإعادة فتح الحدود في الظروف الحالية، والجزائريون ليسوا متسرعين (لفتحها من جديد) لأنهم لا يتعرضون لضغط داخلي بخصوص هذه القضية».