توجّه محمد صلاح أمس الأوّل الخميس، إلى مقرّ إحدى شركات الإنترنت وسط القاهرة. أخرج من حقيبته مئة قطعة معدنية، من فئة الجنيه، وأعطاها لموظف خدمة العملاء. تعجّب الموظف من الموقف، لكنه سرعان ما بدأ في عدّ العملات المعدنية، واستغرق أكثر من 15 دقيقة، لينجز مهمّته. تأتي هذه الطريقة الغريبة في دفع فاتورة الإنترنت، تلبيةً لدعوة أطلقتها صفحة «ثورة الإنترنت المصرية» على «فايسبوك»، اعتراضاً على سوء خدمات الإنترنت في مصر، تحت شعار «هندفع فكّة». لم يكن محمد صلاح المستجيب الوحيد للحملة، إذ قام كثر بعرض صورهم على الصفحة، وهو يحملون أكياساً من قطع العملة المعدنيّة، ويتوجهون لدفع فاتورتهم. تحظى «ثورة الإنترنت» بشعبيّة كبيرة على «فايسبوك»، إذ لم يكد يمرّ شهر على إطلاق الحملة، حتّى وصل عدد المعجبين بصفحتها إلى نحو 400 ألف. حمل أوّل بيان للحملة، يقول مطلقوها: «تستخفّ شركات الإنترنت بعقول المستخدمين (...) الإنترنت في مصر بطيء وخدمة العملاء سيئة، والبنية التحتية في سنترالات الجمهورية سيئة، والشركات تقدّم عروضاً وهمية». تفاعل أغلب مستخدمي الإنترنت في مصر مع البيان، وأطلقوا صرخة غضب مترافقة مع وسم «ثورة الإنترنت». ومن أبرز مطالب الحملة، «تخفيض أسعار الإنترنت لتتناسب مع دخل المواطن المصري»، و«تحسين خدمة الدعم الفني»، «إلغاء الاحتكار وسيطرة الشركات المزودة». تأثير الحملة توسّع إلى حدّ أن الإعلامي باسم يوسف شارك فيها، من خلال فقرة في حلقة الأسبوع الماضي، حين سخر من بطء الانترنت. يقول القيّمون على صفحة «ثورة الإنترنت» ل«السفير» إنّ حملة دفع الفواتير بالعملات المعدنية جاءت كردّ فعل، على تجاهل كلّ الجهات المسؤولة مطالبهم المشروعة. «تستمرّ الحملة لمدَّة أسبوعين، وسيساهم ذلك في تعطيل الموظّفين بسبب الوقت الذي سيتطلّبه عد النقود، وفي ذلك خسارة لهم، ما قد يجبرهم على تحسين الخدمة. وقد طلبنا من كلّ شخص يشارك في الحملة أن يقول للموظّف بعد الدفع بالعملات المعدنيّة «مع تحيات ثورة الإنترنت». يرفض الناشطون في الحملة توظيفها سياسياً، معلنين عن عدم نيّتهم تنظيم تظاهرات. «هذه الثورة مكانها الإنترنت، واستطاعت أن تنجح من دون أيّ تحرّك في الشارع، لن نقحم فكرتنا في السياسة. الإعلام كله في مصر يتحدث عن «ثورة الإنترنت، رغم أنّها تحدث في العالم الافتراضي». يقول رئيس «الشركة المصرية للاتصالات» التنفيذي محمد النواوى ل«السفير»، إنّ مطالب «ثورة الإنترنت» مشروعة. ويضيف: «هناك مشاكل عدّة تواجه الإنترنت، ومن حق المستخدم المصري أن يتمتع بخدمة سريعة ولائقة»، مؤكداً أن الشركة ستقوم بتغيير البنية التحتية بالكامل لتطويرها من الكابلات النحاسية لكابلات الفايبر بالكامل. يشير أحدث تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر الى أنَّ عدد المشتركين في خدمة الإنترنت، سواء كان عبر أجهزة الكمبيوتر الثابتة، أو عبر الهواتف المحمولة، وصل إلى 38 مليون مشترك. وبحسب تقرير نشرته شركة «أكاماي»، إحدى أهمّ الشركات العاملة في مجال البرمجيات والتكنولوجيا، فإنّ مصر أحد البلدان الأكثر سوءاً على صعيد العالم، من حيث سرعة الانترنت. تشكلّ حملة «ثورة الإنترنت» نقلة في مجال النشاط على «فايسبوك» مصرياً. في السابق، كانت معظم الحملات على «فايسبوك» سياسية. لكن نجاح «ثورة الإنترنت» في حشد عدد كبير من المطالبين بتحسين خدمة اجتماعية، قد يفتح الباب على دور مطلبي جديد للموقع في مصر.