استمر التوتر في مدينة سبها عاصمة الجنوب الليبي وضواحيها أمس، فيما وجّه الجيش ضربات جوية ضد مواقع مسلحين محسوبين على النظام السابق في شمال المدينة، فيما اتسع نطاق مطاردة خلاياهم في ضواحي العاصمة طرابلس. واعلنت مصادر الثوار في ضواحي طرابلس كشف خلايا مسلحة محسوبة على نظام معمر القذافي تعمل تحت اسم «غرفة عمليات المقاومة» لتخريب الوضع في البلاد وإجهاض ثورة 17 فبراير (2011). يأتي ذلك غداة اشتباكات ليل الثلثاء - الاربعاء بين قوات الجيش والمسلحين الذين هاجموا مقر اللواء السادس (كتيبة فارس سابقاً) في سبها. وتمكن الجيش من صد المهاجمين واعتقال سبعة منهم، فيما سجل وقوع ثلاثة قتلى و12 جريحاً نقلوا للعلاج في مستشفى سبها المركزي. واعلن المقدم في سلاح الجو فرج الهوني ان المسلحين استخدموا مضادات ارضية لاستهداف طائرة للجيش نجحت في العودة الى قاعدة هون (وسط) العسكرية. وتشارك في الضربات الجوية لمواقع المسلحين في سبها، طائرات تنطلق من قاعدتي هون ومصراتة الجويتين. وغداة الاستعانة بكتيبة من ثوار مصراتة لدعم الجيش في سبها، تحرك ثوار الزنتان في اتجاه الجنوب الليبي للانضمام الى القوات الحكومية التي تقاتل المسلحين في سبها. كذلك أرسل المجلس العسكري في الزنتان قوات الى منطقة العجيلات غرب طرابلس لدعم العمليات الامنية للثوار التي بدأت في ورشفانة (جنوب العاصمة) واتسعت الى منطقة الجفارة (غرب وجنوب غرب طرابلس). أتى ذلك بعد سقوط ستة قتلى وأكثر من عشرين جريحاً من المدنيين من جراء الاشتباكات بين الثوار والمسلحين الموالين لنظام معمر القذافي والذين استهدافوا دورية لحرس الحدود في العجيلات. وعلى اثر اتساع نطاق العمليات في ورشفانة وامتدادها الى منطقة جنزور (المدخل الغربي للعاصمة)، أكد مصدر أمني في «غرفة عمليات القوة الوطنية المتحركة» (قوة تدخل تابعة للثوار)، أن رئاسة الأركان كلفت هذه القوة تأمين الطريق غرب طرابلس، وصولاً الى مدينة الزاوية، ل»صد الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون ومنعها من قطع الطريق بقوة السلاح، ونهب المواطنين». ونقلت وكالة الأنباء الليبية الرسمية عن المصدر قوله ان «القوة الوطنية المتحركة تصدت لبعض اصحاب النفوس المريضة المعادين لثورة 17 فبراير بالتعاون مع غرفة العمليات المشتركة». وأشار المصدر الى اعتقال عدد من المسلحين، وضبط أسلحة بحوزتهم ومنشورات معادية لثورة 17 فبراير. وأوضح المصدر أنه خلال التحقيقات مع المعتقلين، تم اكتشاف ما يسمّى ب»غرفة عمليات المقاومة» التي يمتلك عناصرها أجهزة ومعدات وأسلحة ثقيلة وصواريخ. واعترف المصدر بسقوط 9 قتلى قي صفوف الثوار وإصابة 27 آخرين بجروح، خلال المواجهات مع المسلحين. وبعدما أثارت العمليات الامنية للثوار في ورشفانة (جنوبطرابلس) استياء لدى أعيان وقبائل في المنطقة، التقى وفد من ورشفانة مسؤولين في الحكومة الموقتة، للمطالبة بانسحاب القوات المنتشرة في ورشفانة الى ضواحيها، «حقناً للدماء»، وأبدى الممثلون عن ورشفانة استنكارهم ل»إطلاق النار على المدنيين والأحياء السكنية». وطالبوا بأن تتولى منطقة ورشفانة مهمة المحافظة على الأمن فيها، بالتنسيق مع وزارتي الدفاع والداخلية. ودعا وفد ورشافة رئيس الحكومة الموقتة علي زيدان الى زيارة المنطقة وإطلاق حوار مع أهلها من أجل إيجاد آلية مناسبة لحفظ الأمن فيها. زيدان لا يستقيل في غياب بديل من جهة أخرى، بدأ زيدان مشاورات من أجل تعيين خمسة وزراء جدد في حكومته بدلاً من وزراء «الاخوان» الذين قدموا استقالاتهم امس، انسجاماً مع موقف حزبهم (العدالة والبناء) الداعي الى سحب الثقة من زيدان لاتهامه بالفشل في إحلال الامن ومكافحة الفساد. وجدّد زيدان أمس، رفضه تقديم استقالته قبل توافق المؤتمر الوطني العام (البرلمان الموقت) على رئيس حكومة بديل. على صعيد آخر، اعتبر تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» أن وضع حقوق الإنسان في ليبيا «سيّء للغاية». وتحدثت رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة سارة ليا وتسون في مؤتمر صحافي في طرابلس، عن «انتشار القتل والاعتقالات والتعذيب داخل السجون». ودعت المنظمة الى إبطال قانون العزل السياسي الذي أقره المؤتمر الوطني في 5 أيار (مايو) 2013، ويحظر على الذين شغلوا مناصب سياسية في عهد القذافي العمل في المناصب العامة لمدة 10 سنوات. واعتبرت المنظمة في تقريرها أن هذا القانون يمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان. وأشار التقرير الى جود أكثر من ثمانية آلاف محتجز حالياً، نصفهم في قبضة جماعات مسلحة خارجة عن سلطة الدولة.كما أوصى التقرير المشرّعين الليبيين بضمان حرية المرأة وحماية حقوقها ومساواتها مع الرجل وعدم التمييز ضدها. كما طالب التقرير السلطات الليبية بحماية المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا، وضمان حرية التعبير وعدم التمييز على أساس اللغة والرأي السياسي أو الدين أو العرق.