حوّل رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، عددا من الصلاحيات المخولة للمجلس الأعلى للأمن إلى هيئة جديدة أنشئت بموجب مرسوم رئاسي وقع الأسبوع الماضي. وقال مصدر رفيع ل"الخبر" إن هذه الهيئة "تعمل تحت الوصاية المباشرة للمجلس الأعلى للأمن ويراعي تشكيلها تجاوز إشكالية عدم اجتماع الرئيس بشكل دوري مع المجلس". والقصد هو التعويض على تغييب هذه الهيئة الاستشارية عن تأدية أدوار في الأزمات التي عرفتها الجزائر مؤخرا، مع العلم أن المجلس كانت له أدوار مفصلية في أحداث صاخبة في السابق. وأفيد في هذا السياق عن ترأس الوزير الأول عبد المالك سلال، زوال أول أمس، لأول اجتماع ل"اللجنة المشتركة للأمن القومي"، وشارك في الاجتماع مسؤولو قطاعات ذكرها مرسوم الرئيس بوتفليقة، هم نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش الفريق أحمد ڤايد صالح، ووزراء كل من الخارجية رمطان لعمامرة والداخلية الطيب بلعيز والمالية كريم جودي، ونقل عن ذات المصادر أن الهيئة تتكفل بدراسة الملفات ذات الصلة بالأمن العسكري، الاقتصادي والغذائي. ويأتي استحداث هذه الهيئة أسابيع بعد حل الوزير الأول عبد المالك سلال، وبموافقة رئيس الجمهورية، المركز العملي الوطني للمساعدة على القرار، وهي آلية كانت موضوعة تحت سلطة وزير الداخلية مدة عشر سنوات، حيث استحدثت في 2003، بناء على طلب من وزير الداخلية السابق، نور الدين يزيد زرهوني. واستعبد المصدر أن يكون لهذه الهيئة أي علاقة بما يجري داخل المؤسسة العسكرية من تغييرات أو تعديلات في علاقة الوزارة بمختلف الأجهزة الأمنية، وقال المصدر إن هذه الهيئة تستهدف نزع المعوقات أمام إمكانية اتخاذ قرارات في وقتها المطلوب دون الرجوع في كل مرة للمجلس الأعلى للأمن الذي لم يعد يجتمع منذ فترة طويلة لأسباب مرتبطة أساسا برئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ومع ذلك فإنه من الصعب الاقتناع بأن إنشاء هذه الهيئة ليس على علاقة بالتغييرات العميقة التي تجري منذ شهور داخل مؤسسة الجيش، كما يصعب التكهن ب"آخر" هذه التغييرات إن كانت لدواع تتصل بالرئاسيات أم أنها فعلا تشكل رغبة في "تمدين" نظام الحكم؟ ومن شأن المرسوم الرئاسي أن يوضح مهام هذه الهيئة الجديدة ومسببات اجتماعها، مع العلم أن دستور البلاد ينص في المادة 173 على "تأسيس مجلس أعلى للأمن يرأسه رئيس الجمهورية، مهمته تقديم الآراء إلى رئيس الجمهورية في كل القضايا المتعلقة بالأمن الوطني"، ويعتقد وفقا لذات المصادر أن تنقل هذه الصلاحية إلى اللجنة لتصبح هي من ترفع مقترحات للمجلس الأعلى للأمن، كما يوجد مرسوم رئاسي يحمل رقم 196 المؤرخ في 24 أكتوبر 1989 المتضمن تنظيم المجلس الأعلى للأمن وعمله، ويتكون من 13 مادة. الأولى تحدد أعضاءه والرابعة تفيد بأنه يعطي الرأي للرئيس في كل مسألة تتعلق بالأمن وتشمل ميادين النشاط الوطني أو الدولي. وتمنح مادة أخرى للرئيس وحده صلاحية استدعاء المجلس في أي وقت. كما ينص المرسوم على تعيين كاتب للهيئة بمرسوم رئاسي، وفي الغالب يكون ضابطا ساميا من المؤسسة العسكرية، ملزما بموجب المادة 11 من المرسوم بمتابعة تطور الأزمة وتقييم تداعياتها على الأمن. وستجتهد هذه الهيئة الأمنية الجديدة في بحث قرارات سريعة قد تتطلب أحيانا موافقة من وزارات ذات صلة، ما يبرر تواجد الخارجية والداخلية والمالية. وقال المصدر إنه لا يجب حصر مهامها في مجرد مسائل عسكرية لأنها تتسع للتعامل مع الأزمات الدورية التي تحتاج قرارا سريعا تشترك فيه أكثر من وزارة حتى ولو كانت "كارثة طبيعة على سبيل المثال".