على رغم انخراط الفرقاء السياسيين في تونس بالحوار الوطني توصلاً إلى تسوية سياسية، تواصلت الاحتجاجات في الشارع على مقتل عناصر الأمن برصاص المتشددين، إذ نظمت «نقابة الأمن» أمس، جنازة «رمزية» أمام مقر وزارة الداخلية في العاصمة، لتسعة شرطيين قتلوا برصاص المسلحين خلال الأسبوعين الماضيين. وشارك أكثر من ألف شخص بين مواطن ورجل أمن في الجنازة التي تحولت تظاهرة للتنديد ب «إرهاب» الجماعات السلفية. وأعلنت الداخلية التونسية توقيف ثمانية عناصر من مجموعة مسلحة مسؤولة عن اشتباكات أسفرت عن مقتل ستة من عناصر الحرس الوطني في ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب). وأشارت الوزارة إلى ضبط متفجرات. في الوقت ذاته، كثف الجيش إجراءاته الأمنية، وأقام دشماً ومتاريس، لحماية المؤسسات الحكومية، في خطوة لم تشهدها البلاد من قبل، شملت مقار البعثات الديبلوماسية، وسط تزايد «التهديدات الإرهابية» لمنشآت الدولة والمصالح الأجنبية. ولليوم الرابع على التوالي، واصل الفرقاء السياسيون محادثاتهم بهدف التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة التي تعيشها البلاد منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي قبل ثلاثة أشهر على أيدي «متشددين». ودرست «لجنة المسار الحكومي» التي أوكلت إليها مهمة اختيار الرئيس العتيد لحكومة الكفاءات، أسماء الشخصيات التي رشحتها الأحزاب السياسية لتولي هذا المنصب، علماً أن المدة المحددة لاختيار رئيس الحكومة وفق خريطة الطريق لا تتجاوز الأسبوع الواحد أي تنتهي بحلول يوم السبت المقبل. ورافق أعمال هذه اللجنة تكتم شديد من جانب أعضائها على أسماء المرشحين لرئاسة الحكومة لضمان نجاح المشاورات بين الفرقاء السياسيين. وقال النائب المعارض هشام حسني في تصريح ل «الحياة»، إن «أمام لجنة المسار الحكومي لائحة تضم ثماني عشرة شخصية وطنية ستختار أحدها رئيساً للحكومة» من دون الإدلاء بتفاصيل. من جهة أخرى، صرح رئيس حركة «النهضة» الإسلامية التي تقود الائتلاف الحاكم راشد الغنوشي، إثر لقائه رئيس المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) مصطفى بن جعفر، بأنه «بات يتعين على المجلس أن يفي بتعهداته إزاء الشعب التونسي في استكمال المسار التأسيسي وفق التعهدات التي تضمنتها خريطة الطريق، بالتوازي مع حرص المشاركين في الحوار الوطني على استكمال العمل المتعلق بالمسار الحكومي». والتقى بن جعفر وفداً من المنظمات الراعية للحوار الوطني يرأسه الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) حسين العباسي، وجرى البحث في دور المجلس لدعم الحوار. وأكد العباسي أن الحوار «لن يحل مكان المجلس التأسيسي الذي يظل المؤسسة الشرعية الأولى»، وذلك رداً على رفض عدد من النواب والأحزاب، غير المشاركة في الحوار، أن يصبح المجلس الوطني التأسيسي «غرفةً لتزكية ما يتم التوافق عليه خارجه».