على وقع أعمال العنف والمواجهات المسلحة مع المتشددين في قبلاط وسيدي بوزيد وغيرهما من المناطق التونسية، دخل الحوار الوطني يومه الثاني وسط آمال بالتزام خريطة الطريق المتفق عليها بين حركة «النهضة» الإسلامية الحاكمة وأحزاب المعارضة، والتوصل إلى اتفاق على تسمية مرشح توافقي لرئاسة الحكومة خلفاً لعلي العريض الذي يُفترض أن يقدم استقالته في غضون ثلاثة أسابيع. ويرى مراقبون أن خطورة العمليات المسلحة تكمن في تنفيذها من قبل مجموعات مرتبطة بتنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي»، وفي أن المدن الداخلية والقريبة من العاصمة باتت مسرحاً لاشتباكات سقط ضحيتها عدد من عناصر الشرطة والدرك والجيش، بعدما اقتصرت العمليات على المناطق الحدودية المحاذية للجزائر. وأصدر الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي (القائد الأعلى للقوات المسلحة) قراراً جمهورياً باستحداث منطقة عمليات عسكرية تشمل أجزاء من محافظات القصرين وسيدي بوزيد وقفصة والكاف في الوسط والوسط الغربي للبلاد، وذلك من أجل ضمان «فاعلية أكبر في مواجهة الإرهاب الذي بدأ يقترب من المدن». واعتقلت وحدات مكافحة الإرهاب المتورطين بقتل رجل أمن في منطقة «منزل بورقيبة» في محافظة بنزرت أقصى الشمال، قبل ثلاثة أيام. وأفاد مصدر أمني بأن أحد الشبان (21 سنة) أقر بمشاركته في العملية برفقة آخرَين اعتُقلا أيضاً، مشيراً إلى أن الثلاثة كانوا ضمن مجموعة من الشباب سافرت إلى سورية للقتال هناك. وتخشى الأوساط السياسية والأمنية في تونس من تفاقم الوضع الأمني بخاصة مع توقع عودة مزيد من الذين ذهبوا للقتال في سورية. في غضون ذلك، اتهمت «النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي» وهي نقابة الأمن الرئيسية في تونس، الحكومة ب «الفشل» في مكافحة «الإرهاب» والتسبب في «خسائر في أرواح الأمنيين والعسكريين». وهددت بتصعيد «أشكال نضالية غير مسبوقة» إن لم تتخذ الحكومة إجراءات لحماية قوات الأمن من «الإرهابيين». واعتبرت النقابة في بيان أن «فشل الحكومة في التعاطي مع الملف الأمني ومجابهة الإرهاب، كانت حصيلته خسائر في أرواح الأمنيين والعسكريين غدراً»، محذرةً من أن «الجماعات الإرهابية في طريقها للنيل من أرواح الشعب التونسي». وأعلنت النقابة «رفع قضية عدلية ضد رئيس الحكومة علي العريض على خلفية استشهاد زملائنا في قبلاط وسيدي علي بن عون ومنزل بورقيبة». وذكّرت المجلس التأسيسي ب «اقتراب نهاية المهلة للمصادقة على مشاريع القوانين (المتعلقة بحماية الأمنيين وعائلاتهم من الإرهاب)، وفي حال عدم الاستجابة سنتبع أشكالاً نضالية غير مسبوقة». وكان صندوق النقد الدولي أبدى أول من أمس قلقه من «المخاطر السياسية والأمنية الكبيرة في تونس»، معتبراً أنها تؤخر «تطبيق خطة للمساعدة أقرها الصندوق في حزيران (يونيو) 2013».