يعلن رئيس الحكومة التونسية علي لعريض عن استقالة حكومته مثلما كان متوقعا، وهي خطوة زادت في منسوب التوتر الذي تعيشه البلاد خاصة بعد استمرار المجموعات الإرهابية في استهداف قوات الأمن في مناطق متفرقة وباعتماد أسلوب المفاجأة والاستنزاف. وآخر العمليات كانت في مدينة علي بن عون من محافظة سيدي بوزيد (وسط غرب) حيث قتلت مجموعة مسلحة 7 من رجال الحرس في تكرار لما جرى منذ أسبوع بمدينة قبلاط (محافظة باجة) التي لا تبعد عن العاصمة سوى سبعين كيلومترا. وقال مصدر أمني إن عناصر الحرس تعرضوا إلى إطلاق نار أثناء توجههم لمداهمة منزل في سيدي علي بن عون. والأسبوع الماضي قتل عنصران من الحرس بيد «مجموعة إرهابية» في ظروف مشابهة، وأدت عملية عسكرية نفذتها السلطات إلى الانتقام لمقتل عناصرها الأمنية إلى مقتل تسعة مسلحين. يشار إلى أن مدينة سيدي علي بن عون هي مقرّ الخطيب الإدريسي المنظّر والزعيم الرّوحي للشباب السلفي في المنطقة، وتعتبر مركز ثقل للمتشددين الذين يستفيدون بشكل كبير من عمليات التهريب. واعتبر مراقبون أن النهضة التي كان من المنتظر أن تعلن استقالة حكومتها، وتعيد الطمأنينة إلى التونسيين الخائفين على بلادهم، إلا أنهم تفاجأوا بعملية إرهابية جديدة تأتي -كالعادة- لإنقاذ النهضة من الورطة التي تضع نفسها فيها. وقال المراقبون إن النهضة قد لا تكون محرضا وراعيا للمجموعات الإرهابية لكنها تتحمل المسؤولية كاملة عن انتشار هذه المجموعات واستقوائها على الدولة ومؤسساتها، فخلال حكمها تركت لهم حرية الحركة وعارضت استهدافهم من طرف المؤسستين الأمنية والقضائية بدعوى الدفاع عن حقهم في العمل. وذهب هؤلاء إلى أن النهضة أطلقت الرصاص الحي لتطيح بالحوار الوطني والتوافق الذي يتبناه قادتها، لكنها تضع أمامه عشرات العراقيل لتربح المزيد من الوقت. واحتشد الآلاف من أنصار المعارضة التونسية أمس بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة التونسية للمطالبة باستقالة الحكومة. وكان من المقرر أن تنطلق الاربعاء اولى جلسات الحوار الوطني رسميا، بهدف انهاء الأزمة السياسية التي تخيم على البلاد منذ عدة أشهر. وينعقد الحوار بموجب اتفاق خارطة طريق الذي وقعته المعارضة والحكومة في وقت سابق من الشهر الجاري. وينص الاتفاق على تشكيل حكومة من شخصيات ليس لديها انتماءات حزبية، حيث من المتوقع أن يعلن رئيس الوزراء التونسي علي العريض استقالة حكومته. كما ينص الاتفاق على وضع دستور جديد للبلاد ووضع قانون للانتخابات وتحديد جدول زمني لاجراء انتخابات جديدة. ومع انعقاد أولى جلسات الحوار، من المتوقع ان تنظم القوى السياسية المؤيدة للحكومة والمعارضة لها مظاهرات في ساحة الحبيب بورقيبة بالعاصمة والتي كانت مركزا للثورة التونسية عام 2011. فقد دعا تحالف للأحزاب المعارضة الليبرالية إلى للتظاهر للمطالبة بالرحيل الفوري للحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية. وفي المقابل دعت رابطة حماية الثورة وهي مليشيا مثيرة للجدل ومؤيدة للحكومة، مؤيدي «أول حكومة تونسية منتخبة» إلى الدفاع عن «الشرعية»، مثيرة مخاوف من وقوع أعمال عنف. وقال رئيس البرلمان التونسي مصطفى بن جعفر إنه يتوقع أن يعلن رئيس الحكومة استقالته مفسحا المجال للمفاوضات بين الكتل السياسية التونسية المنقسمة من أجل انهاء الأزمة السياسية التي تشل حركة البلاد منذ اغتيال النائب البرلماني المعارض محمد البراهمي. وتشهد تونس أسوأ ازمة سياسية منذ شهرين بعد اغتيال المعارضين العلمانيين شكري بلعيد في فبراير ومحمد البراهمي في يوليوز الماضيين.