وقع أمناء الخزينة على المستوى الوطني في ورطة حقيقية، بعد تسديدهم مخلفات النظام التعويضي الجديد الذي خص 26 قطاعا وكذا تحيين منحة الامتياز، أثرت على توازن الميزانيات والاعتمادات المالية التي يسيّرونها، بعد تأجيل الميزانية التكميلية إلى العام المقبل، ما سيحول دون تسديد أجور الأشهر المتبقية من هذا العام، حيث تسبب هذا القرار الذي جاء بأمر سياسي في ثغرة مالية غير مسبوقة على مستوى الخزينة العمومية ومختلف المؤسسات المالية من بنوك ومراكز بريد، من خلال عجز كبير في السيولة النقدية. فالحكومة وقصد امتصاص غضب العمال الناتج عن الفروقات المالية بين أجور العديد من الأسلاك التي تتشابه في شروط توظيفها، سواء تعلق الأمر بالشهادة أو ظروف العمل المتشابهة في الوظيف العمومي، أقرت تعديل النظام التعويضي لحوالي 26 قطاعا في شهر جوان الفارط، من خلال استحداث تعويضات جديدة لهذه الأسلاك، لضمان وحدة الأجور بين مختلف القطاعات وتفادي التباين الواضح الذي كان يهدد استقرار الدخول الاجتماعي. ومن أجل الإسراع في تسديد هذه التعويضات، منحت وزارة المالية من خلال البرقية رقم 4944 المؤرخة في 29 جويلية 2011 الموقّعة من قبل المدير العام للمحاسبة والمدير العام للميزانية، تحوز "الخبر" نسخة منها، رخصة للمراقبين الماليين وأمناء الخزينة لتسوية هذه المخلفات المالية الجديدة بالتسديد المسبق في شهر أوت الفارط، دون مراعاة مبادئ الميزانية والمحاسبة العمومية، على أن يتم التكفل بهذه المستحقات في ميزانية سنة 2013، من خلال توفير الاعتمادات في الميزانية الإضافية (قانون المالية التكميلي) لهذه السنة. وتضمنت نفس المراسلة استحداث المواد المطلوبة في مدونات الميزانية، على غرار تعويض دعم نشاطات الإدارة الممنوح للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين وكذا المتعاقدين، وهو ما وضع أمناء الخزينة والمحاسبين العموميين في ورطة مالية تخص عملية التسيير، بعد التسديد المسبق دون توفر الاعتمادات، في ظل تراجع الحكومة عن إعداد الميزانية الإضافية لهذا العام وتأجيلها إلى ميزانية التسيير لعام 2014، ما يجعلهم عاجزين عن تسديد أجور العديد من القطاعات لعدم موازنة الميزانية وتجاوز المصاريف الإيرادات الممنوحة التي تعتمد على مساهمة الدولة. وقال ممثل فيدرالية المالية التابعة لنقابة "السناباب"، حمودي فالح، ل"الخبر"، في هذا الإطار، بأن كل ما هو نفقات عمومية سيتأثر من خلال هذه العملية التي حولت من القاعدة الأساسية المبرمجة لها، لاسيما تأجيل إدراج قانون المالية التكميلي إلى 2014، ما يعني أن الاعتمادات التي كانت موجهة حوّلت عن مسارها، ما أثر على الديناميكية المالية، وسيتجسد من خلال عجز في السيولة النقدية الموجودة على مستوى الخزينة العمومية، وحركة الأموال التي تمر عبرها، ويتعلق الأمر هنا، يضيف، بمختلف المؤسسات المالية من بنوك ومراكز بريد، وحتى المعاملات المالية التجارية.