شعارات ورموز تمجد إسرائيل والنصرانية، وألفاظ تسيء للإسلام يحملها شباننا على قمصانهم وأحذيتهم ويتجوّلون بها بين الناس ويدخلون بها إلى المساجد، ويقفون بها أمام الله، وهم لا يعرفون معناها ولا يدركون مغزاها، تلك هي الظاهرة التي تنساب في مجتمعنا بهدوء في غياب مصالح الرقابة التي تمرُّ عليها هذه السلع دون أن تتفحصها بدقة، وفي غياب الثقافة والوعي لدى الشباب، مما يجعله يضع الشمعدان اليهودي والصليب المسيحي في القلب، بينما يضع لفظ الجلالة أسفل القدم.. وما دعانا للتحقيق في هذا الموضوع هو أنّ أحد المواطنين وضع بين أيدينا قميصا أخضر عسكريا صنع في الهندوراس، كتب عليه بالفرنسية وباللون الأصفر "قوات الدفاع الإسرائيلية"، بينما يعلو الكتابة شعار القوات الإسرائيلية المتوّج بحروف عبرية منفصلة، هذا المواطن قام بتنبيه أخيه الذي اشترى هذا القميص من أحد محلات الجزائر العاصمة إلى خطورة الشعار الذي يحمله القميص والذي يروِّج للجيش الإسرائيلي الذي طالما غمس يديه القذرتين في دماء الفلسطينيين، مواطنٌ آخر أخبرنا أنه قام بشراء قميص يحمل الشمعدان اليهودي دون أن ينتبه إلى أن الشمعدان هو أحد رموز الكيان العبري المجرم. وللتشعُّب أكثر في هذا الموضوع، تجوّلت "الشروق" في بعض محلات بيع الألبسة الرجالية بسطيف، حيث اتضح لنا أن هذه الظاهرة يتحمّل وزرها التجار الذين يفتقرون إلى الثقافة والوعي الذي يجعلهم قادرين على التمييز بين ما يناسب مجتمعنا المسلم وما لا يناسبه، وكذا مصالح الرقابة التي تتقاعس في تأدية دورها بالشكل الصحيح. مراعاة الشريعة الإسلامية قادتنا جولتنا الصحفية إلى أحد محلات "فابيان" التي تستورد سلعها من تركيا، حيث يقول صاحبها السيد عبد الله مرزوقي أن تاجر الملابس الرجالية ينبغي أن يكون مثقفا قبل أن يكون تاجرا، بحيث يستطيع أن "يدرك معاني الشعارات التي تحملها الألبسة ويفهم معاني الألفاظ" وبالنسبة لمحل فابيان يقول عبد الله إنه "يراعي الشريعة الإسلامية، بحيث لا يعرض سلعا تسيء للإسلام، سواء من حيث الشعارات والعبارات المكتوبة، أو من حيث الألبسة التي لا تجوز الصلاة بها على غرار السروال القصير "بونتاكور"، ويضيف "نحن لا نختار سلعتنا على أساس الجودة وحسب، وإنما على أساس الشريعة الإسلامية لأننا مسلمون، ولأن المحل يستقبل جميع شرائح المجتمع من شباب وأطباء ومهندسين". غياب الوعي والثقافة اتجهنا إلى محل آخر قال صاحبه، السيد عيدي خليل الذي أمضى 25 سنة في تجارة الملابس الرجالية، إنه طالما صادفته في عمله الذي يقوده إلى إيطاليا وفرنسا وانجلترا ألبسة رجالية تحمل شعارات فيها إساءة بالغة لله ورسوله ويخص خليل يهود مرسيليا وباريس بالذكر، حيث يقول إنهم يقفون وراء هذه الألبسة المسيئة للإسلام، ناهيك عن الشعارات التي تروّج للنازية والعنصرية والمسيحية والصهيونية "وإذا لم يكن التاجر على قدر من الثقافة والوعي، فإنه ولاشك سيتورط في إدخال هذه الألبسة إلى الجزائر"، يقول محدثنا الذي أرجع انتشار بعض القمصان التي تحمل شعارات منافية للإسلام إلى تحوُّل فئة من الناس منها "القهواجي والخضار" إلى تجار ملابس رجالية، معتقدين أن الأمر لا يحتاج إلا إلى "القفازة"، بينما هم في حاجة إلى الخبرة في التعامل مع هذه السلع التي تدسُّ السمّ في العسل بلغات وشعارات يعجزون عن فهمها لأنهم يفتقرون إلى الثقافة "ونفس الأمر يمكننا أن نقوله عن الشباب الذين يشترون هذه السلع على أساس الذوق دون أن ينتبهوا إلى ما تحمله من إساءات"، يضيف خليل الذي أشار إلى أنّ محلّه يقتصر على بيع القمصان التي تحمل ماركات عالمية مشهورة مثل "لاكوست" و"أرماني جينز" ويبتعد كل البعد عن القمصان التي تسيء للإسلام وتخدش الحياء العام. أين الرقابة؟ ويقول عادل هندي، وهو صاحب محل لبيع الألبسة الرجالية بسطيف، إنّ محلّه يمتنع عن بيع قمصان فريق برشلونة الإسباني لأنه يحمل الصليب، بينما يعرض قمصاناً لا تحمل أي شعارات أو ألفاظ لأنّ معظم الشباب أصبح يميل إلى القمصان البسيطة، نفس الرأي وجدناه لدى فريد قلعي الذي يقول إن محلّه يتماشى مع ما هو مطلوب في السوق وهو القمصان البسيطة في لونها وشكلها، ولكن هذا لا يمنع من القول إنه يختار بضاعته بدقة لأنه أحياناً يتمُّ التحايلُ على التجار المسلمين بدسّ بضاعة تسيء للإسلام على غرار أحذية رياضية "أديداس" اكتشف أنها تحمل اسم الجلالة في أسفلها مما جعله يعيدها إلى أصحابها، كما عرض علينا فريد نعلا جلديا "كلاكيت" يحمل الصليب لم ينتبه إليه إلا بعد مدة من عرضه في المحل. ويردُّ محدثنا وصول هذه الألبسة المسيئة للإسلام إلى محلاتنا إلى تقاعس مصالح الرقابة التي لا تقوم بفحص السلع بشكل دقيق.