الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    لقاء بوزنيقة الأخير أثبت نجاحه.. الإرادة الليبية أقوى من كل العراقيل    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    التوافق المغربي الموريتاني ضربة مُعلمَين في مسار الشراكة الإقليمية    من الرباط... رئيس الوزراء الإسباني يدعو للاعتراف بفلسطين وإنهاء الاحتلال    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    وفد شيلي يثمن طفرة التنمية بالداخلة    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    أوزين: الأمازيغية لغة 70 في المائة من المغاربة .. وعلمانية المملكة متفردة    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    ألمانيا تفتح التحقيق مع "مسلم سابق"    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع        "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات    مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    كيوسك السبت | أول دواء جنيس مغربي من القنب الهندي لتعزيز السيادة الصحية    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحجاب حرام والعري مؤشر تقدم!!
نشر في هسبريس يوم 13 - 10 - 2009

الحجاب؟ حرام وممنوع،هوتخلف ورجعية وتطرف ! ذلك هو شعار الحرب الشعواء الشرسة على اللباس الإسلامي الأصيل من قبل المؤسسات السياسية والإعلامية الغربية والتي تبعتها بعض المؤسسات العربية..ويحضرني تصريح سابق لوزير الثقافة المصري فاروق حسني حول الحجاب بأنه مؤشر للتخلف !. وبما أنه يعرف مؤشرات التخلف ، فإنه بلا شك يعرف مؤشرات التقدم! فيبدو أنه ليس وطنيا حين لم يفد الشعب المصري بمؤشرات النهوض والتقدم ! وعلى أي حال فمجهوداته ( المعطلة) معروفة في حفظ التراث المصري وآثار الفراعنة التي تنهب، وكذا في الرقي بالثقافة في مصر ! ""
متى كانت النهود والأثداء والأرداف والأفخاذ سببا للتقدم أو مؤشرا له ؟ أعتقد أننا لم نبارح حفرنا العميقة لما خرجت نساء مجتمعنا سافرات إن لم اقل أنها تزيد عمقا،وشبابنا لم يعد همه سوى الجنس والنساء ! ولا أدل على هذا من كون الشباب - وحتى الأطفال - في العالم العربي من أكثر الكائنات الإباحية!أي أنهم أكثر ارتيادا للمواقع الإباحية على الأنترنت ! وكانت google قد أجرت إحصاء قبل سنوات حول أكثر الشباب كتابة لكلمة sexe في العالم على محركها،فحظي المغاربة بالمرتبة الأولى وبعدها انتقلت للمصريين ! والحقيقة أن شبابنا يعيشون حالة نهم وشره حول المواد الإباحية،وهي نتيجة طبيعية بالنظر للظروف المحيطة بهم، أزمة اقتصادية،وأزمة زواج، عري وسفور ولحم رخيص،وإعلام مجوني مثير، ومؤسسات جامدة مشلولة..ماذا تريد أن تكون النتيجة؟ هذا بصرف النظر عن قطاع الذعارة في بلدنا والذي أصبح ملاذ الأطفال والشباب بل وأسر بأكملها..حتى أصبح المغرب مضرب المثل فيها ووجهة مفضلة بشأنها ومادة دسمة للإعلام في موضوعها!
لماذا لا نجد هؤلاء الحاقدين على الحياء والعفة والحشمة يشنون الحروب على حجاب العقل والفكر والنفس فيبدأو بتعرية أنفسهم منه قبل الآخرين؟ أم أن الرأسمالية يسوءها اللباس الإسلامي الذي يشكل خطرا عليها من حيث أنه لباس اقتصادي بسيط ومحلي الصنع؟ لاشك أن الكثير من وسائل الرأسمالية الجشعة سيضيع لو عاد الحجاب..تلك الرأسمالية التي سلعت كل شئ بما في ذلك الأخلاق والقيم ،وشيأت الإنسان فجعلته بلا خصوصية ولا مساحة !
قال تعالى:( يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سواءاتكم وريشا.ولباس التقوى ذلك خير.ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون . يابني آدم لا يفتتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما لريهما سوءاتهما.إنه يراكم هو وقبيله من حيث لاترونهم .إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لايؤمنون) (الأعراف:26)
إن وضع المرأة المسلمة اليوم آل إلى انهيار خلقي سحيق وتعدت الفواحش الشباب إلى الصبيان والأطفال! وبات المرء يسمع في الشارع من الفتيات -المتمدرسات ! – ماتشيب له الولدان وتنتاب له القلوب ! وكل ذلك من إفراز سياسات منتجي الفجور الراغبين في تطبيع المجتمع على العهر والتفحش سعيا وراء سحق البنية الأخلاقية الدينية للجمتمع ومحقها وحو الشعور الديني من أفئدة الناس..وقد نجحوا بنسبة كبيرة أمام صمت وتفرج من يوصفون بالعلماء والدعاة ! الذين لايزال كثير منهم يتحدثون من تحت الظلال ومن فوق الأبراج ! وإذا كان حال فتياتنا آل إلى التفسخ والإنحلال والتحلل (التحرر) فقد أصبح بالإمكان توقع أحوال أمهات المستقبل،وإذا علمنا وفهمنا مكانة المرأة في الإسلام- بعيدا عن الإفتراءات والإختزالات التي تنطلق من فكرة العداوة المسبقة العمياء للدين الحنيف- ودور الأم في التربية فسنعلم ونفهم خلفيات الحرب الشعواء ضد الحجاب وأغراضها وكذا الأفكار الغربية المستوردة بخصوص المرأة كفكرة التمركز حول الأنثى (الفمنزم) و"حقوق المرأة" و"تحرير المرأة" وهي أسماء حق أريد بها مسميات باطلة.."حقوق المرأة" و"تحرير المرأة" مفهومان انطلقا من رؤية الغرب للعالم ومنظوره للإنسان،العالم تلك المادة الإستعمالية المنزوعة القداسة والإنسان ذلك الكائن البسيط الذي يعيش عبثا للمادة لاهوية له ولا حضارة ولا انتماء !
ماهي الأنثى؟
وما الحياء؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال حول ماهية الأنثى يحسن بنا أن نتساءل من هو الأصل؟ الأنثى أم الذكر؟
قد يقول البعض إن الرجل هو الأصل لأن حواء خلقت من ضلع آدم،أو أن الرجل فرع عن الأنثى كما قالت نوال السعداوي في كتابها (الأنثى هي الأصل)! غير أن الرأيين خاطئين مخطئين ولا سند لهما، لأن النفس هي الأصل وليست لاذكرا ولا أنثى كما يخبر بذلك القرآن الكريم في قوله ( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)، فمرجع الإنسان - ذكرا وأنثى- هو النفس وهي أساس الخلق. وحديث خلق حواء من ضلع آدم دال على وحدة الخلق من بدن واحد أيضا فهي الوحدة الخلقية المصدرية نفسا وبدنا. والنفس مؤنثة من الناحية اللغوية فقط ولا تحمل أية علامة جنسية. والنفس هي جوهر الإنسان وهي أساس التكليف لذلك سوى الله بين الذكور والإناث في عموم التكليف إلا ماستثني بدليل لخصوص المحل،قال عزوجل: ( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر وأنثى بعضكم من بعض).
إن الإنسان له صورتان: صورة نفسانية وأخرى جسمانية.ولكل منهما علامات ومواصفات- أو سيمياء- منها تتشكل مايسمى ب (الشخصية). والنفس هي المعنية بالخطاب الإلاهي كما يدل على ذلك نصوص كثيرة في القرآن والسنة. غير أنه قد يحصل للإنسان أن تطغى صورته الجسمانية على علاماته ومواصفاته النفسانية..ولذلك فرض الله عزوجل على المرأة مثلا أن تستر جسمها حتى لا تطغى صورة الجسم على سيمياء النفس التي هي أساس التميز في الإسلام. ونشير هنا أن سيمياء أو علامات الجسم عند المرأة لها خصوصية جمالية تؤدي وظيفتان: تناسلية بالقصد الأول وشهوانية بالقصد الثاني.
فالقصد الأول يروم حفظ النسل وهو من مقاصد الشريعة. وجعل جمال المرأة خادما لهذا القصد،فزينت الأنثى خلقا وتكوينا حتى ينجذب الرجل إليها،فيكون ضمان استمرار النسل. والرجل محمول على الإنجذاب إلى الجمال الأنثوي.لكن لخدمة مقصود حفظ النسل..غير أن الإنسان اليوم قلب الموازين فجعل التابع أصيلا والأصيل تابعا ! فكانت النتيجة شهوانية مفرطة تذكيها وسائل الإعلام ،ويستغل جسد المرأة ويربط بالإستهلاك في الإعلانات والإشهارات،ولاتكاد تجد منتوجا إلا وتقدمه امرأة ذات مواصفات جسمانية مغرية ومثيرة..فضاعت الحقائق وحرفت هوية الإنسان،وقيد باسم الحرية من حيث لايعي ! وكيف يراد بعد هذا إقناع الشباب الفائر أن المرأة فكر قبل أن تكون جسدا؟ فالإعلام لايقدم سوى صورتها الجسمانية،والمرأة بألبستها تستغلب مواصفاتها الجسمانية على سيمياءها النفسية،وعلى فكرها وعقلها !
لذلك كان لباس المرأة،ولباس الرجل أيضا،في الإسلام قائما على المقاصد الكلية في الدين من حفظ النسل وحفظ المجتمع من الدمار الأخلاقي واحترام الوجود الإنساني ألا يسقط في عيش حيواني صرف !
أما الحياء فهو مبدأ إسلامي عام في كل شئ سواء كان في الأقوال أو في الأفعال أو في الألبسة أو الحركات..وهو معنى قول الرسول الكريم:(ما كان الفحش قط في شيء إلا شانه ولا كان الحياء في شيء قط إلا زانه)..وقال عليه الصلاة والسلام:(الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء في النار).وقال :(إن الحياء والإيمان قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر)..إن الحياء لهذه النصوص وغيرها مقصد شرعي،ورعيا لهذا المقصد أوجب على المرأة التستر الجسمي والتستر الحركي والتستر الصوتي..
الحجاب الشرعي: تأصيله وضوابطه:
اختصار نقول أن الحجاب هو مسمى اللباس الإسلامي ،ويأتي حكمه في القرآن في قوله تعالى:(قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما)(الأحزاب:59)..ويقول أيضا في سورة النور:(وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ماظهر منها .وليضربن بخمرهن على جيوبهن.ولايبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أوأبنائهن أوأبناء بعولتهن أوإخوانهن أوبني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين أو لي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء.ولا يضربن بأرجلهن ليعلم مايخفين من زينتهن.وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)(النور30-31). إن هاتين الآيتين جعلتا علامات أو سمياء أو مواصفات للمرأة للرقي بها،والعلامات وسيلة تعبيرية خطيرة لأنها تورث القيم وتصدرها أو تستوردها..والجلباب في اللغة يفيد أنه ذلك الثوب الواسع الذي تستر به المرأة جميع جسدها وترخيه على بدنها..وقد كان الجلباب زمن النبي الكريم عبارة عن رداء أو ملحفة..
إن صورة اللباس الشرعي أو الحجاب تعود لعبارتين أساسيتين في الآيتين: عبارة (إدناء الجلباب) وعبارة (ضرب الخمارعلى الجيوب)..فيؤخذ من هذا أن أقل ما يجزئ المرأة من لباس هو ثوب ساتر فضفاض ،لايصف ولا يشف،يستوعب جميع البدن.وهو ما يفيده معنى الجلباب كما أشرت.
أما خمار الرأس فيشترط فيه أن يكون وافيا بحيث يغطي ثنايا العنق من النحر،والقفا،و الكتفين،وهو معنى ومقتضى قوله عز وجل:(وليضربن بخمرهن على جيوبهن).. أما ما يجوز إظهاره فالوجه والكفان ،لأنهما ليسا بعورة..أما النقاب الذي به يغطى الوجه فليس بواجب وإنما هو فضيلة يتاب بفعلها ولا يعاقب على تركها.. هذا باختصار أهم مايمكن إيراده في باب التأصيل للحجاب والمسألة مبسوطة.
أما عن التستر الحركي فهو ما فرضه الله على المرأة من الإتزان في المشي وفي الصلاة وما حرمه عليها من التغنج في الشارع،والأماكن التي يغشاها الرجال.قال عز وجل (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن).ولذلك منعت من إمامة الرجال في الصلاة لما فيه من كشف لحركة جسمها ومفاتنه عند الركوع والسجود خاصة.
وأما التستر الصوتي فهو ماتعلق بتلحين صوتها،وليس مطلق الصوت،ولذلك منعت من الآذان وتجويد القرآن بمحضر الأجانب عنها.ومن باب الأولى منعها من الغناء للرجال.وتلجين الصوت عند الكلام العام والتأثير الجنسي على الرجل من غير الزوج..وجماع ذلك قوله تعالى :(ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا) الأحزاب32.
كل هذا في أطار جمالية الحياء الذي قلنا إنه مبدأ عام كلي جاءت الشريعة الإسلامية لحفظه.
الحجاب ووسائل الإعلام وقانون إلغاء الرموز الدينية.
إن صورة الحجاب في وسائل الإعلام بين ثلاثة أمور على وجه التغليب : إما الترويج لما يسمى بالحجاب العاري،وهو لباس تجاري بالدرجة الأولى لاينضبط بالشروط الشرعية التي تطرقنا إليها وغالبا مايتم اختزال الحجاب في الخمار بحيث تقدم فتيات يرتدين الخمار على الرأس بينما تبقى السراويل والأقمصة الضيقة على باقي أجسادهن..والحجاب عبادة والله لايعبد إلا بما شرع لا بأهواء الناس وموضاتهم..أو تقديم الحجاب على أنه تخلف وعدم مواكبة للعصر مايؤدي إلى شن حروب مباشرة أو غير مباشرة بالإقصاء..أما الأمر الثالث فهو الإفتراء والكذب الصراح إما على بعض العلماء في أنهم لم يقولوا بفرضية الحجاب ،أو إنكار الأحاديث الصريحة الصحيحة في وجوب الحجاب أو تأويلات فاسدة أو تصورات مبتورة قاصرة..
ونمثل لما ذكرته وكالة "رويترز" منسوبا إلى الإمام محمد عبده منذ أكثر من مائة عام حول اعتبار حجاب المرأة مجرد "عادة" نتجت عن الاختلاط بأمم أخرى ! وهذا محض افتراء على الرجل، فالإمام محمد عبده أثبته في كل كتبه ومؤلفاته كما اثبت فرضيته بالكتاب والسنة، أما بخصوص النقاب فكان يناقشه في إطار ما اجتمعت عليه آراء علماء الأمة بأنه قد يكون من باب العادات القديمة التي نتجت من الاختلاط بأمم أخرى. وعموما أشار فبعض وسائل الإعلام صاحبة الفكر العلماني تفسر أقوال العلماء في مثل هذه المسائل بما يخدم توجهاتها وأفكارها العلمانية التي تريد النيل من الإسلام وعقائده.
ولعل السر من وراء شن الحرب على الحجاب من قبل وسائل الإعلام الغبية منها خاصة،يكمن في كون الإعلام الغربي يوظف جسد المرأة في ترويج السلع التجارية،وما يتداعى عنه من غرائز جنسية تستدعيها في نفسية المشاهد والمتلقي ليكون بذلك أحد المستهلكين للبضاعة التي مرت إلى عقله عبر قناة الجسد المشتهى !
لا مكان للدين ولا للأخلاق والقيم الإنسانية لدى الرأسمالية المتوحشة التي تهدف إلى غاية واحدة هي الربح المادي،وهذا هو السر في توظيف جسد المرأة في صورته الجنسية تأثيرا في نفسية المستهلك الشهواني..وبذلك اختزلت المرأة لتصبح تماما كتلك الدمى البلاستيكية التي تعرضها المحلات على قارعة الطريق!
لقد شكل قانون منع الرموز الدينية في فرنسا عداء صارخا ضد الحجاب، وينص هذا القانون الذي أقره مجلس الشيوخ الفرنسي على أن "الرموز الدينية الظاهرة ممنوعة في المدارس"، كما ينص على طرد غير الملتزمين بذلك. وكانت فرنسا قد اتجهت إلى إقرار قانون حظر الرموز الدينية عندما طالبت لجنة ستازي المكلفة بمراقبة العلمانية بفرنسا بإصدار تشريع يحظر الرموز الدينية، خصوصا الحجاب، في المدارس الفرنسية الحكومية؛ خوفا من تأثير الدين على النظام العلماني في فرنسا، على حد تقدير اللجنة. وتبنى الرئيس جاك شيراك ذلك الطلب، وأعلن تأييده لسرعة إصدار القانون. و تبنت الجمعية الوطنية الفرنسية مشروع قانون حظر الرموز الدينية، كما أقر مجلس الشيوخ الفرنسي هذا القانون. ووافقت بلغاريا أيضا على هذا القانون الذي فعلته هي الأخرى.. وسبق أن انتقدت منظمة العفو الدولية الدول الغربية التي تتبنى قوانين علمانية تحظر على المسلمات ارتداء الحجاب في بعض المؤسسات، وطالبت دول العالم على السواء باحترام حرية النساء في مجال الدين. كثيرون يرون أن قانونا من هذا القبيل يتعلق أساسا بتراجع حقيقي عن مبدأ الحريات الشخصية التي أصَّلت لها الثورة الفرنسية، غير أن نخبا فرنسية كثيرة أيضا ترى أن الأمر يتعلق بحماية قيم العلمانية الفرنسية، خاصة أمام تنامي المارد الإسلامي السياسي، الذي يمثل الحجاب -بحسبهم- إحدى مظاهره.
غير أن البعض لا يرون أن القانون في استهداف للحجاب وحده بل كل الرموز الدينية ! وأقول أن نص القانون أشار إلى "الرموز الدينية الظاهرة"..ونتساءل بعد هذا هل المسيحي سيقوم بوضع صليب ضخم على عنقه ويدخل به المدرسة جارا إياه ؟ ليس ثمة رمز ديني أكثر ظهورا من الحجاب وأكثر تعقيدا في لبسه أو فكه..هذا والقانون يتنافى مع حقوق الإنسان وحرية التدين والحريات الشخصية..ثم هذا كله ينصب في إطار العداء الغربي للحجاب وللإسلام عموما..إذا لايمكن أن نبتر هذا القانون عن السياق العام تجاه الإسلام، تصريحات البابا جورج بوش وجمعيات وأحزاب غربية وزعماء ووزراء ووسائل إعلام ! ومؤخرا اقترح عضو البرلمان زعيم حزب الحرية الهولندي اليميني المتطرف (خيرت فيلدرز) على برلمان بلده أن يتم تغريم السيدات اللاتي يرتدين الحجاب، (ألف يورو 1461: دولار ) في العام!
فلسفة اللباس العاري ورؤيته:
إن الإنسان في المنظومة الفلسفية الغربية الحديثة هو ذلك الكائن الطبيعي الذي يعيش في حدود المادة ويخضع لظروفها،وليس أبدا ظاهرة تاريخية وحضارية متميزة، ويعرف الإنسان في إطار هذه المنظومة كائنا بيولوجيا له وظائف ميكانيكية ودوافع غريزية ومثيرات عصبية..ومن ثم فالإنسان له بعد واحد هو المادة،فهو أحادي البعد مسلوب الإرادة والحرية، ومن هنا يمكن تحويله إلى وسيلة وتوظيفه وبرمجته بسهولة..ومن هنا برز الإنسان الإقتصادي والإنسان الجسماني، وكلاهما واحد من حيث البنية، يدور ويحوم حول الإستهلاك والجنس !
من الطبيعي أن يكون اللباس العاري نتاج هذه الفلسفة المادية، فاللباس كان يوظف لستر العورة والوقاية من البرد والحر،بل وللتعبير عن الهوية والإنتماء الثقافي،أما الآن فهو يوظف في إطاره المادي محوا لأية خصوصية وبما أن الإنسان مجرد كائن استهلاكي فإن اللباس يصير وسيلة الشركات للإعلان برسم علاماتها التجارية على الألبسة ! فيصير الإنسان كائنا إشهاريا من دون أن يدفع له شيء،وهكذا يصبح اللباس وسيلة لتشييء الإنسان! والمرأة تصير كائنا استعراضيا همها إبراز مفاتن جسدها وإثارة الجنس الذكري، هذه المفاتن تلعب فيها الألبسة المصصمة بمكر الدور الأكبر في إبرازها بشكل مغري، بحيث لو استغنت المرأة عنها تماما وخرجت عارية كما ولدتها أمها لما التفت إليها الذكور بشهوة بل بضحكة وسخرية ! فانظر إلى سراويل الجينز مثلا كيف ترفع هذا الجرء من الأفخاذ وكيف تضيق ذاك الجزء بحيث يشد جسد المرأة لدى منطقة الخصر والأرداف وخفي الترهلات ويشدها ! وقس عليها حمالات الأثداء (سوتيان) كيف تكور النهود وترفعها لتصبح أكثر إثارة ! فإذن الألبسة الشهوانية مثيرة أكثر من التعري الكلي نفسه ولذا تجد النساء يهرولن بشراء صنوف الألبسة التي تقدمهن أكثر إثارة وفي (نيولوك) مثير !
إن الفنانين منذ العصر اليوناني القديم لايجدون حرجا في رسم أو نحت صور الإنسان عارية وبأعضاءها التناسلية البارزةللرجل والمرأة..وكل ذلك يدل على التفسير المادي للحياة وصار الجنس والتعهر جزء من الفلسفة اليونانية وجزء من قيمهم الدينية( مثلا: الألهة:aphrodite التي خادنت ثلاثة آلهة مع كونها زوجة إلاه خالص،وكذا إلاه الحب الذي كان نتاج مخادنتها لكائن بشري !)،هذه الفلسفة التي سرت إلى المسيحية عبر قسطنطين الذي أدخل فكرة التجسيد عليها تأثرا بالفلسفة اليونانية الإغريقية،فلم يجد المسيحيون غضاضة في تصوير المسيح وأمه مريم العذراء والقديسين! فكان للمسيحية ذلك التجلي الوثني الذي طبع الحياة الغربية اليوم فاتجهت نحو العري في كل مجالات الحياة،فأصبح العري ثقافة طبعت فنونه وآدابه،هذه الثقافة التي صدرت إلينا عير المثقف العربي المقلد المشكل وفق النمط الأوربي ! وليس من العجب ولا العبث أن يتجه الفن الإسلامي نحو التجريد بدل التجسيد لأن التجريد هو الأقدر على التعبير عن عقيدة التوحيد...
الحجاب تعبير هوياتي وحضاري:
إن الحجاب هو رمز من أهم رموز الإنتماء الحضاري،وهو يعبر عن تصور معين للحياة كما رأينا عن العري الذي له فلسفته ورؤيته للحياة والعالم والإنسان، هذا العري الذي شكل امتدادا للإنتماء الحضاري الغربي بدءا بعهد اليونان القديم !
ولاشك اليوم حين نرى المرأة تلبس لباس المرأة الغربية العاري،نجدها امرأة بلا خصوصية ولا انتماء لاتعبر عن ثقافتها بل عن ثقافة نمط حضاري مستورد..تعبر عن الثقافة الجنسية البورنوغرافية إذ ترتدي ما ترديه "نجمات البورنو" وممثلات الجنس وراقصات الإثارة في الغرب ! فتصبح مجرد شيء مشتهى مختزل في اللذة الجنسية..
نحن رأينا في مجتمعنا قديما أنماطا من الألبسة المختلفة والمنضبطة بشروط الحجاب الشرعي على امتداد التراب الوطني،فتجد الفاسيات يختلف لباسهن عن السوسيات وعن المكناسيات والصحراويات وهكذا،بل وتجد في الجهة الواحدة اختلافا غنيا في اللباس،ففهي جهتنا سوس ماسة درعة،تجد لباس نساء تيزنيت غير لباس نساء ماسة أو طاطا أو زاكورة أو وارزازات وغيرها..اختلاف في الألبسة يعبر عن تراثات المنطقة وثقافاتها والإنتماء الحضاي والتاريخي العام في المغرب الذي يشهد غنى وتنوعا رائعا..مع العلم أن هذه الألبسة كلها تؤدي وظيفة الحجاب الشرعي وتنضبط به،وليست المرأة بحاجة إلى الحجاب الأفغاني لتقول إنها متحجبة ! فلدينا في تراثنا من الألبسة ما ينضبط به من ملاحف وإزارات وجلابيب..لكن كل ذلك اضمحل لما اختار بعضنا الذوبان في الثقافة الغربية فتبعهم الآخرون بوعي أو بغير وعي..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.