قال القارئ محمد بوشوشة في أوّل تصريح له لجريدة "الخبر": "الفوز كان أحسن بصمة في حياتي وإنّي أشعر بفرحة كبيرة لا أستطيع التعبير عنها بالألفاظ"، ويمثّل هذا الفوز بالنسبة لوالده التومي أمنية، وأكّد "لقد تحقّق رجائي في ولدي ورفعه القرآن الّذي أفنى ربيع عمره في حفظه ودراسة علومه، بعد أن امتثلت لوصية الشيخ بلقايد شيخ الطريقة الهبرية ووجهته للزاوية البلقايدية بوهران". مسيرة بوشوشة محمد المتوّج بجائزة حفظ القرآن والّذي ينحدر من عائلة متديّنة توارثت حفظ القرآن أبًا عن جد، ومن أحفاد بطل المقاومة الشّعبية في الجنوب بوشوشة عبد الله بن التومي الملقّب "بالشّريف بوشوشة"، كانت مليئة بالجِدّ والاجتهاد والطموح، حيث يقول عن نفسه "لقد بدأت حفظ القرآن بمسقط رأسي بالغيشة ثمّ واصلت حفظه بالمدرسة القرآنية بالمسجد العتيق بآفلو، ثمّ أتممتُ حفظه لأوّل مرّة بفرع الزّاوية البلقايدية" الّتي كانت بمنزل والده، وفي نفس السنة أنهى دراسته بالثانوية، ثمّ شدّ الرِّحال باتجاه الزّاوية الهبرية البلقايدية بسيدي معروف بوهران، "فلبثتُ بها 11 سنة حيث تربّيت في أحضان عائلة الشيخ محمد بن عبد اللطيف نجل الشيخ بلقايد، فحفظتُ خلالها القرآن بإتقان، وتعلّمتُ علوم الشّريعة والفقه والتّفسير، وقضيتُ سنة متربّصًا في التّدريس والإمامة، وأخذتُ الإجازة في قراءة ورش عن الشيخ الأزهري أشرف النّهري"، مشيرًا إلى أنّه "بصدد دراسة القراءات الأخرى". وعن فكرة مشاركته في مسابقة "تاج القرآن" يقول محمد: "لقد ألحّ عليّ زملائي وأقاربي بالمشاركة في هذه المسابقة فلبيتُ طلبهم"، ويقول والده "لقد كان له صوت جميل وقويّ في تجويد القرآن والأناشيد يستثير به عواطف كلّ مَن سمعه"، ويضيف "يُعرف ابني بالرزانة والثّبات والابتسامة الدائمة والقدرة على مواجهة الجماهير وعدم الارتباك، وهذه كلّها عوامل ساعدته على التفوّق". بدأت رحلة محمد في المشاركة في هذه المسابقة بالمرور بالتصفيات الولائية حيث تحصّل على المرتبة الثانية، ثمّ تأهّل للمنافسة الوطنية وكان من ضمن 12 الفائزين الذكور في التّصفيات، وقضى معهم أكثر من شهر في "معهد تاج القرآن" حيث تمّ وضع برنامج تعليمي وفتي لهم، ويقول عن هذه الفترة الزمنية "لقد كانت رائعة تعرّفتُ فيها على طاقات تحتاج إلى الصّقل والرّعاية، عشنا في جو عائلي، تعلّمنا الكثير على يد الشيوخ والأساتذة، وحظينا برعاية خاصة، الكلّ كان يطمح في الفوز بالجائزة، ولم يراودني أدنى شكّ في أنّي سأكون الفائز، أثِق جيّدًا في قدراتي وإمكانياتي الصوتية والفنية، ورغم التعب الشّديد وأجواء الاستديو البارد، لكن الإرادة كانت قوية وتحقّقت بفضل الله أمنيتي، ونجاحي في هذه المحطة سيكون مشجّعا لي على المشاركة في كلّ المسابقات الّتي تتاح لي، وسأمثّل بلدي أحسن تمثيل إن شاء الله"، أمّا بالنسبة لوالده فأمنيته أن يكون خادمًا لكتاب الله امتثالاً لقوله صلّى الله عليه وسلّم: "خيرُكم مَن تعلَّم القرآن وعلّمه". وفي أجواء الفرحة الّتي عمّت منزل محمد بوشوشة، لم ينس أن يتوجّه بالشّكر لكلّ من فرح بفوزه وشاركه عواطفه، متمنّيًا أن يحذو قرناؤه من الشّباب نفس المسلك ولو في مجالات أخرى، وأن يستغلّوا طاقاتهم في هذه المرحلة لصناعة شخصياتهم حتّى يكونوا رجال الغد وعناصر فاعلة في بناء المجتمع.