علمت «المساء» من مصادر مطلعة، أن شيخ الزاوية البلقايدية الهبرية، عبد اللطيف بلقايد، الذي اعتاد على ترؤس ما يسمى بالدروس المحمدية التي تسعى بها الجزائر إلى مضايقة الدروس الحسنية التي يقيمها المغرب كل شهر رمضان، زار المغرب يوم الاثنين الماضي، حيث حل ضيفا على المندوب الجهوي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمدينة مراكش، جعفر الكنسوسي، في زيارة لم يتم الإعلان عن أسبابها، في وقت تحتد المضايقة الجزائرية للمغرب في المجال الديني، خصوصا في أوروبا، في وقت تعمل الجزائر، عبر شبكة من الأشخاص، على استقطاب عدد من المريدين المغاربة في محاولة لتقليص الإشعاع المغربي في هذا المجال. وحسب نفس المصادر فإن زيارة الشيخ بلقايد جاءت بمبادرة من فيصل الشعبي، نجل رجل الأعمال ميلود الشعبي، وهو رجل أعمال يقيم في مصر وتربطه علاقة ببلقايد، ويقول البعض من أحد مريديه. وتزامنت زيارة الشيخ بلقايد هذا الأسبوع، وهو أحد المقربين من الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، الذي قرر أن تقام الدروس المحمدية بمقر زاويته في وهران، مع زيارة أخرى لشيخ الزاوية العلاوية، خالد عدلان بنتونس، المقيم في فرنسا، والذي يوجد حاليا في المغرب منذ الأسبوع الماضي، حيث عقد لقاءات عدة مع بعض مقدمي وأتباع طريقته من المغاربة في بعض مدن الشمال وفي فاسومكناس، من أجل تعيين مقدمين جدد مرتبطين بالولاء له، مكان المقدمين المغاربة القدماء. وأفادت مصادر مطلعة أن بنتونس كان مقررا أن يلقي محاضرة في جامعة القرويين، لكنه منع في آخر لحظة بعد مراسلات وجهها عدد من مقدمي الزاوية المغاربة إلى الجهات المسؤولة بفاس. وأثار احتفال أقامه أتباع بنتونس في الحرم الإدريسي، في الأسبوع الماضي، غضبا في أوساط المقدمين المغاربة الذين احتجوا على ذلك الاحتفال، معتبرين أنه يدخل في إطار السطو على الزاوية بالمغرب التي يرأسها الشيخ ياسين سعيد وجاء في رسالة وجهها فرع تطوان لجمعية الشيخ العلاوي لإحياء التراث الصوفي إلى ناظر الأوقاف بالحرم الإدريسي بفاس ونقيب الشرفاء الأدارسة، أن الحاج سعيد ياسين هو «الممثل الشرعي للزاوية ٬ والمسؤول الأول والأخير عن أنشطتها داخل التراب الوطني وخارجه باسم المغرب». وقالت المصادر إن خالد بنتونس حاول مع عدد من مؤيديه اقتحام مقر الزاوية بمدينة مكناس، من أجل احتلالها بعد تعيين مقدم جديد لها مكان مقدمها الحالي مصطفى مفلح، بموجب رسالة تحمل توقيع الزاوية العلاوية بمدينة مستغانمالجزائرية، تتوفر «المساء» على نسخة منها، يعلن فيها بنتونس عن تعيين الحاج حدو الدوح مقدما للزاوية بمكناس، كما حصل بالنسبة لزاوية مدينة الناظور التي ووجه فيها بنتونس برفض مطلق من قبل المغاربة الذين أفشلوا خطته. وقالت المصادر إن توجيه رسالة من زاوية مستغانم إلى زاوية مكناس يؤكد نوايا خالد بنتونس في القضاء على الهوية المغربية للزاوية وإلحاقها بالجزائر، في إطار خطة محكمة ينهجها بنتونس منذ فترة، لحساب جهات جزائرية، خصوصا وأنه معروف بقربه من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. وعلى إثر زيارة بنتونس للمغرب، وجه مقاديم الطريقة الصوفية العلوية المغربية رسالة إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير الداخلية، حصلت «المساء» على نسخة منها، تستنكر فيها «ما يقوم به المدعو شيخ الطريقة العلاوية بالجزائر خالد بن تونس وشقيقه زين العابدين بن تونس، رئيس المكتب الوطني لجمعية الشيخ العلاوي لإحياء التراث الصوفي، وصهر خالد بن تونس عبد السلام عبد الغني سعيدان الجزائريون وأذنابهم من المغاربة المغرر بهم، من خدمة أجندة جزائرية، كتحويل إرث الطريقة الصوفية العلوية وزواياها بالمغرب إلى تراث صوفي جزائري محض، وزعزعة الحقل الصوفي بالمغرب٬ وخلق البلبلة في صفوف مريدي الطريقة الصوفية العلوية المغربية التي لها استقلاليتها، ولها مقادمها٬ وشيخها الحاج سعيد ياسين الممثل الشرعي لها ولكل زواياها، والمسؤول الأول والأخير عن أنشطتها داخل التراب الوطني وخارجه باسم المغرب». وأضافت الرسالة أن بنتونس «دخل المملكة المغربية عبر الخط الجوي لمدينة طنجة يوم الاثنين 12 شتنبر2010 م، ومنذ أن دخل وهو يقوم بتحركات متعددة كلقاءات سرية وأنشطة دون ترخيص، عبر الوساطة وشراء الذمم ببعض المدن المغربية»، وحذرت الرسالة من خلق «فتنة في الحقل الصوفي في المغرب» نتيجة هذه التحركات التي من شأنها أن تؤدي إلى صراع مغربي مغربي بين أتباع الزاوية العلاوية. وتأتي هذه التحركات في الوقت الذي تقود فيه الجزائر حربا على المغرب على جبهات أخرى متعددة، خاصة على جبهة قضية الصحراء، وترى الجزائر أن مضايقة المغرب في المجال الديني من شأنها أن تؤدي إلى تقليص المشروعية الدينية للدولة فيه، عبر ربط أتباع بعض الزوايا، مثل البلقايدية والعلاوية، بمشايخ جزائريين يرتبطون بالولاء لهم على حساب مشايخ مغاربة.