يرى خبراء في شؤون مكافحة الإرهاب أن التهديدات الإرهابية الأخيرة التي أدت إلى إغلاق سفارات أميركية حول العالم أبرزت بوضوح أن زعيم تنظيم «القاعدة» في اليمن ناصر الوحيشي يسعى لإزاحة زعيم التنظيم الرئيسي أيمن الظواهري في قيادة التنظيم عالمياً. وأشاروا بوجه خاص - بحسب خدمة «صحف مكلاتشي» الأميركية أول من أمس - إلى ما كشفت عنه الوثائق التي عثر عليها الأميركيون في مخبأ أسامة بن لادن، بعد قتله في أيار (مايو) 2012 قرب إسلام آباد، أن الوحيشي تجاهل تعليمات ابن لادن بإقدامه على السيطرة على مدن وبلدات في اليمن إبان الثورة ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح في 2011، في حين كانت توجيهات ابن لادن إليه التركيز على مهاجمة الولاياتالمتحدة. وعزّز التكهنات في شأن الزعامة المحتملة للوحيشي، إصدار الظواهري قراراً في الآونة الأخيرة بتعيين الوحيشي مديراً عاماً لتنظيم «القاعدة»، وهو منصب يعادل مدير العمليات الذي يتولى تنسيق هجمات التنظيم الإرهابي في جميع أنحاء العالم. وذكرت مصادر ل«الحياة» أن تعاظم أهمية الوحيشي في الهيكل القيادي ل«القاعدة» يؤكد تحوله من تنظيم صغير يقوده زعيم يتميز ب«كاريزما» إلى منظمة إرهابية عالمية ذات فروع تضرب أهدافاً محلية، لكنها تتبع آيديولوجية موحدة. وفيما أوضحت التهديدات الإرهابية الحالية أن تنظيم «القاعدة» لديه منظومة خاصة بزعيمه في أفغانستان للاتصال بزعماء فروع التنظيم في أنحاء العالم، خصوصاً ما تواتر عن محادثة هاتفية بين الظواهري والوحيشي انضم إليها 20 من قادة أفرع التنظيم في بلدان عدة، بدأ الخبراء يشككون في دور الظواهري، ويرجحون الاعتقاد بأن عهد التنظيم المركزي الرئيسي ولَّى. يذكر أن الوحيشي ولد لأسرة يمنية ثرية في نهاية السبعينات جنوب اليمن، وسافر إلى أفغانستان عام 1998، وبعد تدربه في معسكرات «القاعدة» أضحى سكرتيراً شخصياً لابن لادن. وفي 2001 هرب من أفغانستان إلى إيران التي اعتقلته وسلمته إلى السلطات اليمنية. وفي عام 2006 هرب مع 20 من عناصر «القاعدة» من أحد سجون الأمن السياسي في صنعاء. وفي 2009 أُعلن زعيماً ل«القاعدة في جزيرة العرب» بعد اندماج التنظيمين اليمني والسعودي. إلى ذلك، قال زعيم جناح تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» الذي يتخذ اليمن مقراً، ناصر الوحيشي إنه «سيحرر كل المساجين الإسلاميين»، وذلك بعد أيام من إغلاق الولاياتالمتحدة بعثاتها في الشرق الأوسط لتفادي هجمات عليها. ولم يقل الوحيشي في رسالته التي نشرت على الإنترنت كيف سيحرر السجناء، لكن متشددي «القاعدة» نفذوا الشهر الماضي عمليتين على الأقل، ونجحوا في تحرير سجناء في العراق. وكانت الاتصالات التي تم رصدها بين الوحيشي وزعيم «القاعدة» أيمن الظواهري من بين الأسباب التي دفعت الولاياتالمتحدة إلى إغلاق 19 سفارة وسحب الموظفين غير الأساسيين من اليمن، حيث تشن هجمات بطائرات من دون طيار لقتل عناصر التنظيم.