ماكرون: موقف فرنسا من قضية الصحراء المغربية بصدد تحريك مواقف بلدان أوروبية أخرى    المصادقة على تعيينات في مناصب عليا    "ترانسبرانسي" تطالب بالإفراج عن عبد المومني وتؤكد أن إسكات الأصوات المعارضة ليس حلا    بايتاس: كلفة الحوار الاجتماعي بلغت 45 مليار درهم وقانون الإضراب عالق منذ حكومة بنكيران    فيضانات إسبانيا.. تسجيل حالة وفاة واحدة بين أفراد الجالية و25 مغربيا في عداد المفقودين    ملف طلبة الطب.. بايتاس يؤكد عدم وجود مستجدات والحل بيد الوسيط    المنتخب المغربي للفوتسال يواجه فرنسا وديا يوم 5 نونبر القادم    بشأن الإجراءات التي اتخذتها وزارة الشؤون الخارجية في سياق فاجعة الفيضانات التي ضربت منطقة فالانسيا بالجنوب الشرقي لإسبانيا    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يُكرم الراحلة نعيمة المشرقي، والممثل الأمريكي شون بين، والمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ    المحكمة تقرر تأجيل محاكمة "الستريمر" إلياس المالكي    تلميذة تفارق الحياة في حادث مأساوي داخل مدرسة بالحسيمة    "مراكش إير شو 2024".. توقيع عدة اتفاقيات شراكة في مجال صناعة الطيران    الكاتب المغربي عبد الله الطايع يفوز بجائزة "ديسمبر" الأدبية    مريم كرودي توثق رحلتها في ورشات الشعر بكتاب "الأطفال وكتابة الأشعار.. مخاض تجربة"    مؤشر "مازي" يسحل تراجعا بورصة البيضاء    الشرطة الألمانية تطلق عملية بحث مكثفة عن رجل فرّ من شرطة برلين    حماس ترفض فكرة وقف مؤقت لإطلاق النار وتؤيد اتفاقا دائما    اعتقال إسرائيليين بتهمة التجسس لإيران    استمرار البحث عن مفقودين في إسبانيا جراء أسوأ فيضانات منذ 50 عامًا    يهم الصحافيين.. ملفات ساخنة على طاولة لجنة بطاقة الصحافة المهنية    موسم أصيلة يحتفي بمحمد الأشعري، سيرة قلم لأديب بأوجه متعددة    "ماكدونالدز" تواجه أزمة صحية .. شرائح البصل وراء حالات التسمم    مباشرة ‬بعد ‬تجديد ‬الرئيس ‬الفرنسي ‬التأكيد ‬على ‬موقف ‬بلاده ‬الداعم ‬لمغربية ‬الصحراء    وضع الناشط فؤاد عبد المومني تحت الحراسة النظرية للاشتباه في نشره أخبارا زائفة حسب النيابة العامة    طقس الخميس.. امطار ضعيفة بالريف الغرب وغرب الواجهة المتوسطية    موقع "نارسا" يتعرض للاختراق قبل المؤتمر العالمي الوزاري للسلامة الطرقية بمراكش    بنك المغرب يعتمد مواثيق ومدونات جديدة لتنظيم عمل المؤسسات الائتمانية    مولودية وجدة ينتظر رفع المنع وتأهيل لاعبيه المنتدبين بعد من تسوية ملفاته النزاعية    الرابطة الإسبانية تقرر تأجيل بعض مباريات الدوري المحلي بسبب إعصار "دانا"    شركات متوقفة تنعش حساباتها بفواتير صورية تتجاوز 80 مليار سنتيم    اعتقال ومتابعة صناع محتوى بتهمة "التجاهر بما ينافي الحياء"    مصطفى بنرامل ل"رسالة24″: النينيا وليس الاستمطار الصناعي وراء الفيضانات الكارثية في إسبانيا    لبنان.. ميقاتي يتوقع إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مع إسرائيل في غضون أيام    الطاقة الخضراء: توقيع اتفاقية شراكة بين جامعة شعيب الدكالي وفاعلين من الصين    "فيفا" يعلن عن أول راع لكأس العالم للأندية 2025    توقيف شخص بسلا يشتبه تورطه في جريمة قتل    مصرع شاب في حادثة سير بتازة    مندوبية التخطيط تسجل انخفاضا طفيفا في أسعار إنتاج الصناعة التحويلية    مانشستر سيتي وتشيلسي يودعان كأس الرابطة الإنجليزية    منفذو الهجوم الإسرائيلي على إيران يتحدثون للمرة الأولى    دراسة: الفئران الأفريقية تستخدم في مكافحة تهريب الحيوانات    إسرائيل تدعو لإقالة خبيرة أممية اتهمتها بشن حملة "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين    القروض والأصول الاحتياطية ترفعان نسبة نمو الكتلة النقدية بالمغرب إلى 6,7% الشهر المنصرم    وزير: الإنتاج المتوقع للتمور يقدر ب 103 آلاف طن في الموسم الفلاحي 2024-2025    التحكيم يحرم آسفي من ضربة جزاء    متحف قطر الوطني يعرض "الأزياء النسائية المنحوتة" للمغربي بنشلال    الخنوس يهز شباك مانشستر يونايتد    الحدادي يسجل في كأس ملك إسبانيا    تكريم نعيمة المشرقي والمخرجين الأمريكي شون بين وديفيد كروننبرغ    الممثل المصري مصطفى فهمي يغادر دنيا الناس    دراسة: اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    إطلاق حملة وطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عطاء الله مهاجراني "الشرق الاوسط": الحكام المستبدون دائما ما يشعرون بالوحدة
نشر في مغارب كم يوم 11 - 04 - 2011

من الواضح أنه يمكن تقسيم حياة جميع الديكتاتوريين إلى قسمين: الفترة التي يتولون فيه مقاليد السلطة، والفترة التي يفقدون فيها السلطة. واستطاع غارسيا ماركيز أن يقدم وصفا للعالم الداخلي للديكتاتوريين بشكل أفضل من غيره، عندما وصف روح الديكتاتوريين.
وفي روايته الرائعة: خريف البطريرك، يشرح ماركيز آراءه عن الديكتاتوريين، ويعد كتابه بمثابة قصيدة مميزة عن الانفراد بالسلطة. وحينما نتحدث عن الاستبداد والديكتاتوريين، سينصب الجزء الأساسي من مناقشتنا حول مفهوم السلطة. فالسلطة تسري كالدماء في عروق الديكتاتوريين. وقلوبهم تعمل وتدق بفعل هذه السلطة. يتبنى ماركيز نظرية تنم عن عمق شديد في التفكير في هذه الرواية. ويؤمن بأن هناك علاقة وثيقة بين أي ديكتاتور وبين أتباعه والموالين له. وحينما يستحوذ أي ديكتاتور على السلطة بأكملها، سيفقد علاقته بالواقع. ويشير هذا إلى فترة مميزة من فترات حياته؛ ومن هذه الفترة فصاعدا، لا يمكن لأي أحد أن يقول أي شيء ضده. فكل شخص يجب أن يطيعه. وقد ذكر أنه في إحدى المرات تحدث أحد الصحافيين إلى حافظ الأسد قائلا: «لقد سمعت أن المحيطين بك يقولون لك نعم دائما». فعاجله الأسد بسرعة بالرد قائلا: «لا ليس هذا صحيحا، فعندما أقول لا، يقولون جميعا لا!».
لقد ألف ماركيز هذه الرواية اعتمادا على حياة ثلاثة ديكتاتوريين: جوستافو روخاس بينيلا من كولومبيا، والجنرال فرانكو من إسبانيا، وخوان كوميز في فنزويلا. غير أن الرواية تبدو وكأنها بطاقة هوية لجميع الديكتاتوريين. على سبيل المثال، عندما قال عمر توريخوس - القائد الفعلي لبنما - إن هذه الرواية هي أفضل الروايات التي قرأها في حياته على الإطلاق، سأله ماركيز: لماذا؟ فهمس عمر في أذن ماركيز قائلا: لأننا جميعا على نفس الشاكلة!
في هذه الأيام، يفكر الجميع في مستقبل القذافي. كيف يمضي أيامه ولياليه؟ كيف ينظر للعالم؟
وفي الفصل الأخير من القصة، وصف ماركيز كيف ينظر الديكتاتور إلى أوراق الخريف المتساقطة أسفل قدميه. فهو يستمع إلى وقع أقدامه على تلك الأوراق، معتقدا أن ربيع الحياة قد زال الآن وحل الخريف. على النقيض، ينظر القذافي إلى أوراق الشجر الجديدة والأزهار المتفتحة نظرة مختلفة فهي الربيع؛ ربيع الجيل الجديد في ليبيا. هل سيغير تفكيره؟ هل يعتقد أن الحياة لها وجه آخر أيضا؟
للقذافي فريق عمل خاص يصمم ويصنع له ملابسه المميزة؛ عباءة شديدة التميز بجميع الألوان: الأخضر والبني والأحمر الداكن والأرجواني. وهناك تباين بين ألوان عباءته وألوان غطاء رأسه. إنه يبدو أشبه بموديل. فهو يرغب في الظهور بصورة الشخص المميز. فهو ملك ملوك أفريقيا. وتبدو ثيابه أشبه بسماء شديدة الظلمة وملبدة بالغيوم، مما منعه من رؤية الحقيقة. هذا هو الفصل الأخير في حياته؛ فقد تمزقت العلاقة بينه وبين الحقيقة؛ فأحلامه ورغباته تنصب على تفتيش منازل جميع الليبيين للبحث عمن هو ضده. لكنه في حقيقة الأمر يفقد سيطرته على المدن الليبية، واحدة تلو الأخرى.
ويوضح هذا المواجهة الغريبة بين الأحلام والحقيقة. والأشبه بالتناقض بين الربيع والخريف، بين أوراق الشجر الخضراء وأوراق الشجر الصفراء، والتي ستذهب مع أول رياح قوية تهب. في عام 1996، أمر القذافي بقتل 1200 سجين سياسي في سجن أبو سليم. ويعد هذا أول مثال على كيفية نجاح القذافي في تولي مقاليد الحكم. وفي وقتنا الحاضر، خرج إلى الشوارع أطفال الضحايا الذين كانوا محتجزين وتم قتلهم على يد قوات القذافي، للثورة ضد نظام القذافي.
ومجددا، عادت أفعال القذافي تطارده مرة أخرى. لذلك، سيجد نفسه وحيدا. وفي ديسمبر (كانون الأول) 1989، أتى نيكولاي تشاوشيسكو لزيارة إيران. وفي 21 ديسمبر، عقد اجتماعا ضخما في طريق يعرف الآن باسم ميدان الثورة. ومرة أخرى، عاد تشاوشيسكو لإيران مجددا. ويروي الرئيس الإيراني رافسنجاني أنه عرض على تشاوشيسكو البقاء في إيران لبضعة أيام أخرى. وعلى الرغم من ذلك، استجاب، لا توجد مشكلة، فجميع الأفراد الذين قد احتشدوا في الميدان هم أنصاري. وذكر أنهم أحبوه، لذلك، عاد مجددا إلى رومانيا.
غير أن الأمور لم تسر على النحو الذي تخيله. فتظل صورة التعبير الذي ارتسم على وجه تشاوشيسكو الدال على عدم فهمه عندما بدأت حشود الشعب في الاحتجاج ضده وتحديه، إحدى اللحظات المميزة لانهيار الشيوعية في أوروبا الشرقية. وخلال فترة الثورة، نشرت الصحف الغربية تقديرات لأعداد من قتلوا على يد الشرطة جراء محاولتهم دعم تشاوشيسكو وقمع الثورة. وسرعان ما ازدادت أعدادهم بسرعة ليصل إلى 64.000 ضحية.
وفي يوم الاحتفال بأعياد الكريسماس، 25 ديسمبر، حكم على الاثنين بالإعدام من قبل محكمة عسكرية بسبب تهم تتنوع ما بين جمع الثروات بشكل غير مشروع إلى الإبادة الجماعية، وتم إعدامه هو وزوجته في تارجوفيست.
ويوجد فيلم يعرض تنفيذ حكم إعدام تشاوشيسكو وزوجته على موقع «يوتيوب»، ويظهرهما وهما يرتعشان ويبكيان، فلم يكونا يتخيلان أن يمرا بمثل تلك اللحظات المرعبة في حياتهما. كان هذا هو الوجه الآخر لحياة الديكتاتوريين. ويمكننا دائمًا أن نرى كيف يتطور الجانب العقلي والروحي لدى الحكام الديكتاتوريين المستبدين. وكالأشخاص السكارى، يعجز الديكتاتوريون عن إدراك الحقيقة. فلا يمكنهم أن يشعروا أو يفهموا المسافة بين أنفسهم وبين الحائط المنصوب أمامهم. ونتيجة لذلك، أحيانا ما يصطدمون بهذا الحائط! يعيش الديكتاتوريون في عالمهم الخاص. وهم يعجزون عن رؤية الأعلام الحمراء وتفسير الإشارات. وبعدها، عندما يواجهون الحقيقة في نهاية الأمر، يكون قد فات الأوان.
وتعتبر قصة فرعون مثالا وثيق الصلة بموضوعنا. فقد كان يقتل أبناء بني إسرائيل وكان يعذب الناس ويخدعهم بسحرته؛ ولكنه في الوقت نفسه، كان يستمتع بحياته، فقد ورد في القرآن الكريم قوله: «فقال أنا ربكم الأعلى» (سورة النازعات/ آية 24). على الجانب الآخر، يعتبر نفسه الإله والحقيقة المؤكدة في الدين، ولذلك، كان قلقا من رسالة موسى عليه السلام. وتتضح مخاوفه في الآية القرآنية التالية:
«وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ» (سورة غافر/آية 26).
ولهذه القصة فصل أخير، الذي يعرض غرق فرعون في النيل، وهو ما يأتي في الآية القرآنية:
«وجاوَزْنا ببني إسرائيل البحر، فأَتْبَعهم فرعونُ وجنوده بَغْيا وعَدْوًا، حتى إذا أدركه الغرق قال: آمنتُ أنه لا إله إلاّ الذي آمنَتْ به بنو إسرائيل، وأنا مِن المسلمين. الآن وقد عصَيْتَ قبْلُ وكنتَ من المفسِدين. فاليومَ ننجِّيك ببدنِك لتكون لمَن خلْفَك آيةً».
يعتبر فرعون نموذجا لكل الديكتاتوريين. ومثلما همس عمر توريخوس في أذن ماركيز: كل الديكتاتوريين على شاكلة واحدة. فهم جميعا وحيدون. وأود أن أضيف شيئا، أن الديكتاتوريين أناس فقراء أيضا، فبمجرد أن يفقدوا سلطتهم، يخسروا حساباتهم في البنوك أيضا بالتبعية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.