بايتاس: ارتفاع الحد الأدنى للأجر إلى 17 درهما للساعة وكلفة الحوار الاجتماعي تبلغ 20 مليارا في 2025    "ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز".. قصصٌ توثيقية تهتم بالإنسان    إحباط عملية تهريب دولية للمخدرات بميناء طنجة المتوسط وحجز 148 كيلوغراماً من الشيرا    رابطة علماء المغرب: تعديلات مدونة الأسرة تخالف أحكام الشريعة الإسلامية    بايتاس: مشروع قانون الإضراب أخذ حيزه الكافي في النقاش العمومي    كربوبي خامس أفضل حكمة بالعالم    كمية مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي تبلغ بميناء المضيق 1776 طنا    وهبي يقدم أمام مجلس الحكومة عرضا في موضوع تفعيل مقترحات مراجعة مدونة الأسرة    وكالة التقنين: إنتاج أزيد من 4000 طن من القنب الهندي خلال 2024.. ولا وجود لأي خرق لأنشطة الزراعة    بايتاس يوضح بشأن "المساهمة الإبرائية" ويُثمن إيجابية نقاش قانون الإضراب    نجاة مدير منظمة الصحة العالمية بعد قصف إسرائيلي لمطار صنعاء    توقيف القاضي العسكري السابق المسؤول عن إعدامات صيدنايا    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الإغلاق على وقع الإرتفاع    خلفا لبلغازي.. الحكومة تُعين المهندس "طارق الطالبي" مديرا عاما للطيران المدني    احوال الطقس بالريف.. استمرار الاجواء الباردة وغياب الامطار    السرطان يوقف قصة كفاح "هشام"    الكلاع تهاجم سليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين المدانين في قضايا اعتداءات جنسية خطيرة    قبل مواجهة الرجاء.. نهضة بركان يسترجع لاعبا مهما    "الجبهة المغربية": اعتقال مناهضي التطبيع تضييق على الحريات    في تقريرها السنوي: وكالة بيت مال القدس الشريف نفذت مشاريع بقيمة تفوق 4,2 مليون دولار خلال سنة 2024    جلالة الملك يحل بالإمارات العربية المتحدة    ستبقى النساء تلك الصخرة التي تعري زيف الخطاب    مدرب غلطة سراي: زياش يستعد للرحيل    العسولي: منع التعدد يقوي الأسرة .. وأسباب متعددة وراء العزوف عن الزواج    تحديد فترة الانتقالات الشتوية بالمغرب    نشرة انذارية.. تساقطات ثلجية على المرتفعات بعدد من مناطق المملكة    حصاد سنة 2024.. مبادرات ثقافية تعزز إشعاع المغرب على الخارطة العالمية    المغرب يفاوض الصين لاقتناء طائرات L-15 Falcon الهجومية والتدريبية    "زوجة الأسد تحتضر".. تقرير بريطاني يكشف تدهور حالتها الصحية    330 مليون درهم لتأهيل ثلاث جماعات بإقليم الدريوش    أبناك تفتح الأبواب في نهاية الأسبوع    المحافظة العقارية تحقق نتائج غير مسبوقة وتساهم ب 6 ملايير درهم في ميزانية الدولة    بيت الشعر ينعى محمد عنيبة الحمري    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الثورة السورية والحكم العطائية..    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كرونولوجيا ساحة التحرير بالعرائش و محيطها العمراني
نشر في العرائش أنفو يوم 07 - 08 - 2017


محمد عزلي


تمهيد
هذا التحقيق مجهود شخصي، أردت من خلاله جمع المعطيات المتوفرة لدي من صور فوتوغرافية بالدرجة الأولي لوضع تصور عن التطور الكرونولوجي لساحة التحرير و محيطها العمراني، ففي غياب أرشيف مضبوط يوثق لنا بالدليل القاطع هذا الجزء الهام من تراثنا المعاصر، وجدت نفسي أغوص في متاهات الروايات الشفهية و الصور غير الموثقة و الإشارات المتفرقة من هنا و هناك و القراءات المتفرقة لإصدارات و منشورات إسبانيو العرائش مثل ( سيرخيو بارسي و لويس ماريا كازورلا ..) أو حتى من اجتهادات بعض الباحثين و المهتمين المحليين مثل ذ.محمد شكيب الفليلاح الأنجري،ذ. عبد الحميد بريري، ذ. حسام الكلاعي و آخرون.. كما استقيت الشيء الكثير من روايات والدي (علال عزلي من مواليد 1929) الشفهية و الذي عاصر مرحلة مهمة من تاريخ هذه المدينة بأحداثها و أماكنها و شخصياتها. اعتمادي في هذه الكرونولوجيا على الصور المؤرخة "على قلتها" كان حاسما لبناء هذا التصور، لأنه من خلال المقارنات بين الصور، كانت تلك المؤرخة هي الفيصل في تأريخ صور أخرى أعطتنا بشكل أوضح ثمار هذا التصور. تجدر الإشارة إلى أن هذا البحث قابل للتنقيح و المعالجة في حال ظهور دلائل و حقائق جديدة و الله و لي التوفيق.
تقديم
ساحة التحرير رمز و شعار مميز لمدينة العرائش، و هي مزار محبب لسكانها و زوارها، و مسرح مفتوح لأغلب التظاهرات و المناسبات و الأنشطة المحلية منها و الوطنية و الدولية، و مركز إشعاع ثقافي و حضاري و عمراني و تاريخي يخلد لجمال المدينة ذات الطابع الموريسكي الأنيق. لكن، ما الذي نعرفه عن هذا المكان ؟ كيف تطور مع دواليب الزمان ؟ و ما هي كرونولوجيا المجال و العمران ؟
قبل القرن العشرين
منذ بداية القرن 17 أي عند احتلال العرائش من الإسبان 1610، و إلى غاية بداية القرن 20 أي عند الاحتلال الثاني للعرائش من طرف نفس المستعمر 1911، كانت ساحة التحرير عبارة عن سوق عرف بأسماء عديدة و هي : 1 ( سوق دبارا ) كما هو الشأن بمدينة طنجة بمعنى السوق الخارجي، أما السوق الداخل أو السوق الداخلي فهو ما نعرفه اليوم بالسوق الصغير. 2 ( السوق الكبير ) و يقابله داخل المدينة السوق الصغير كما سبق و أشرنا. 3 ( الرحبة ) لأن أغلب الباعة كانوا يفترشون الرحبة أي الأرض المنبسطة المفتوحة. 4 ( سوق الخميس ) لأنه عرف بكونه سوقا أسبوعيا ينشط كل يوم خميس فكان البدو يحجون إليه من جل المناطق المجاورة لعرض منتجاتهم و بضائعهم. ( الصورة 1 ) أقيم هذا السوق خارج أسوار مدينة العرائش عند بوابتها الرئيسية بأمر ملكي مباشر من مدريد أصدره عاهل إسبانيا (فليبي الثالث) عند احتلال العرائش خلال القرن 17، و ذلك بغرض عدم السماح للمغاربة بالدخول إلى المدينة للتسوق خوفا من كل ما من شأنه تهديد التواجد الاسباني بالمدينة. إن تسمية (باب المدينة) هو اسم حديث، أما اسمه الأول فهو (باب الخميس)، نسبة إلى سوق الخميس الذي كان يقام بساحته. ( الصورة 2 ) كانت هذه الساحة شاهدة على معارك تحرير العرائش، من طرف المجاهدين الأبطال خلال تاريخنا الحديث، كالمجاهد ( العياشي ) و ( الخضر غيلان ) و القائد العسكري للمولى إسماعيل ( أحمد بن عبد الله الروسي ).. (1)
القرن العشرين
بعد احتلال إسبانيا للعرائش سنة 1911، شرعت سلطات الحماية في تنفيذ مشروع التوسعة " Ensanche " الذي جعل المدينة تنتقل بسرعة كبيرة إلى مصاف الحواضر العصرية و مدنية القرن العشرين، و قد شكل المجال العمراني لساحة التحرير بمسماه الحالي أحد أبرز فواكه المشروع، و فيما يلي ترتيب زمني للمباني الرئيسية المحيطة بساحة إسبانيا.
1) الكازينو العسكري 1914 / 1916 ( الصور 3 و 4 و 8 و 9 و 11 و 16) يتعلق الأمر بما أسموه الإسبان،EL CASINO ESPAÑOL أو EL CASINO MILITAR هكذا كان يعرف زمن الحماية، دشن عام 1914 و افتتح عام 1916 من قبل العقيد الإسباني الشهير قائد قوات الاحتلال الميداني للعرائش و القصر الكبير 1911، فرنانديز سيلفستر " Coronel Fernández Silvestre "، الذي نزل إلى العرائش خصيصا من مدريد حيث كان يشغل منصب مستشار الملك الحربي في هذه الفترة التي تزامنت مع الحرب العالمية الأولى، و كعرفان للمؤسس وضعت صورة تشكيلية زيتية كبيرة للعقيد وسط الصالة الكبيرة وبقيت هناك لمدة طويلة حتى بعد الاستقلال، عرف المبنى تعديلات إنشائية و مجالية و جمالية ليكتمل شكله عام 1918، عرف المبنى تعديلات أخرى و إصلاحات سنوات 1920، 1926، و 1964. اعتبر المكان طيلة مرحلة الاحتلال الإسباني ملتقى نخبة المدينة، حيث كان يشهد لقاءات قادة الجيش و ضباطه مع أباطرة التجارة و الصناعة و مستخدمي السلك الدبلوماسي أو القنصلي و الأطباء و المحامين و كبار الموظفين و أبرز شخصيات المدينة و أعيانها، كان يعتبر باختصار شديد " ملتقى النبلاء "، و من الطبيعي في مكان كهذا أن نجد كل الإمكانيات مسخرة لتحقيق أفضل شروط الراحة و الفخامة من المعدات و المرافق، سيتحول دوره الوظيفي بعد الاستقلال إلى دائرة إدارية إسبانية. وفي 11 فبراير 1964، و لأجل تجديد الحياة لهذا المبنى، شكلت لجنة إسبانية رفيعة المستوى بعد اجتماع و إدماج دائرة إسبانيا بالعرائش مع جمعية الإسبان بالعرائش، ترأسها كل من Pedro Gomendio بيدرو كومينديو، Pérez de los Cobos بيريز دي لوس كوبوس، José Torca Domínguez خوسي توركا دومينغيز، و Mariano Sabater Sendín ماريانو ساباتير سيندين.(2) هدمت البناية أوائل التسعينيات لتحل محلها عمارة سكنية، ( الصورة 5).
2) بناية سنترال 1918/1920 ( 6 و 7 و 8 و 10 و 11 ) اشتهرت هذه البناية ذات الهندسة الانتقائية ( Arquitectura Ecléctico ) باحتضانها لمؤسسات عرفتها ساكنة المدينة عبر أجيال القرن العشرين، فقد ضمت بنك بلباو و مطعم البئر Restaurante El Pozo ( الصورة 6 )، ثم اشتهرت ما بعد الاستقلال بنادي الموظفين و مقهى سنترال ( الصورة 7 )، هذا الأخير الذي كان بمثابة منتدى النخبة العرائشية من مثقفين و جمعويين و أساتذة و فنانين، و في هذا السياق نحيلكم لقراءة قصة قصيرة عن نوستالجا هذا المكان كتبها الأستاذ عزيز قنجاع تحت عنوان (يوم صارت مقهى سنطرال جنة)(3). شيد المبنى بعد اكتمال بناء الكازينو سنة 1918 في مرحلته الإنشائية ( الصورة 4 )، ليظهر سنه 1920 في كامل جاهزيته ( انظر الصورة 8 ).
3) بناية سيرفانتيس 1918/1921 ( الصور 8 و 9 و 10 و 11 و 16) يتعلق الأمر ببناية ذات نمط معماري نيو عربي، تتألف من مجموعة من تشكيلات الأقواس على شكل حذوة حصان مدببة، تحيل على النمط المعماري الموحدي، كانت في الماضي تنتهي ببلاط أخضر اللون على لوحات المفاتيح، لم يعد بارزا اليوم ضمن المنظر العام للبناية، تنتظم أقواس النمط الموحدي في مجموعة من الصواعد المعمارية وعلى طول الطابق الأرضي، تحيل على أسلوب بناء الأبراج بمدينة قرطبة الأندلسية، تنتهي ببروزات معمارية ذات شكل نباتي. البناية تم المزج فيها بين الأشكال الهندسية المعمارية العربية الأصل مع المكونات الإنشائية التي تطغى على العمارة الأوربية، تظهر لنا في فتحات النوافذ المستطيلة الشكل التي نجد نظيرا لها في بنايات المدينة العتيقة للعرائش، أيضا نسجل استخدام القرميد الأخضر في تزيين الواجهة المطلة على ساحة التحرير وتشكيلة النوافذ الأوربية نقلا عن العمارة المغربية الأندلسية، البناية المعروفة بعمارة السيرفانطس تتوفر على 04 مداخل رئيسية، و04 وحدات سكنية كبرى تتفرع عنها مجموعة من الشقق العصرية، والواجهة المطلة على الساحة كانت ذات طبيعة وظيفية خدماتية إذ ضمت فندق السيرفانطس. وهي اليوم تعرف بمقهى الوجه الجميل، مع العلم أن الفندق لازال هناك و تحت نفس الاسم. (4) بنيت في الفترة ما بين 1918 و 1921 حسب المقارنات التي قمنا بها على مجموعة الصور الفوتوغرافية التي أكدت عدم وجود البناية قبل انتهاء بناء الكازينو عام 1918 ( الصورتان 3 و 4 )، و من جهة أخرى ظهرت البناية كاملة جاهزة سنة 1921 و هو نفس العام الذي سيشهد بداية أشغال تشييد فندق إسبانيا و بناية ليكسوس ( الصور 8 و 10 و 11 ).
4) بناية فندق إسبانيا 1921 ( الصور 10 و 11 و 12 و 16) شيد المبنى بهندسة انتقائية ( Arquitectura Ecléctico )، بدأت أشغال البناء سنة 1921 ( الصورة 11 و 16)، شيد ليكون فندقا فاخرا من طرف Doña Amparo Mas السيدة أمبارو ماس التي قضت من جراء حادث سير، خلفها و أكمل مسيرتها ابنها Federico فيديريكو ( الصورة 13 )، نزل به كبار الشخصيات و المشاهير من علية القوم خلال مدة خدمته و إلى غاية يومنا هذا أبرزهم الزعيم الإسباني الجنرال فرانكو الذي زار العرائش عدة مرات و كان في كل مرة ينزل بهذا الفندق تحديدا، كما كان المكان المفضل لدى الكاتب الفرنسي الشهير جان جوني الذي توفي و دفن بمدينة العرائش (5)(6).
5) مبنى ليكسوس 1921 ( الصور 10 و 11 و 14 و 16) بدأت أشغال البناء سنة 1921 بالتوازي مع فندق إسبانيا إلا أن تشييده استغرق وقتا أطول من قرينه ( الصورة 11 و 16). بناء جميل بهندسة نيوعربية ( Néo Arabe ) يعتقد الدكتور أنطونيو برافو نييتو المتخصص في تاريخ الهندسة أنه من أعمال المهندس كوتييريس ليسكورا، فيه مزج عبقري بين العمارة الأندلسية و المغربية الموحدية، خصوصا في تشكيلات النوافد التي تأخد شكل حدوة حصان يزخرفها زليج أخضر و شرفات على الطريقة الكلاسيكية المنتشرة في الأندلس. كان مشهورا زمن الحماية بمقهى و حانة La Vinícola فينيكولا، ثم المقهى المغربي الإسباني Café Hispano-Marroquí و بجانبه Casa Martínez عند مارتينيز حيث كان المكان ملتقى تجار الجنسيتين من أرباب المواشي و السلع الاستهلاكية بالجملة ( لحوم، جلود، قمح، صوف، قطن... و خاصة الفلين و البيض اللذان كانا يصدرا إلى إسبانيا انطلاقا من الميناء التجاري النشيط للمدينة عبر خط " العرائش / قادش " ) فكان من الطبيعي أن تجد بالمكان تشكيلة من رموز السلطة المحلية كالباشا الريسوني و أعوانه، و سلطات الحماية ممثلة في بعض عساكرها خصوصا من الفاسدين الذين يستغلون نفوذهم للضغط على أصحاب الرساميل المغربية و بالتالي ابتزازهم و فرض أتاواتهم المجحفة، و نسجل في هذا الصدد أن معظم هؤلاء المغاربة الذين عرفوا بعين المكان بسيطرتهم على تجارة الجملة القادمة من بوادي المنطقة كانوا بربر الريف ( روافة ) ، و كان على كل تاجر منهم أن يجد له حماية مناسبة و إلا فإنه معرض لا محالة للتضييق و الظلم.(7) رممت البناية و أعيد تأهيلها سنة 2015 محافظة على شكلها الإنشائي و أعيد إصلاح الفضاء السفلي كاملا ليشكل ما سمي في عهد الاستقلال و يعرف حاليا بمقهى و مطعم ليكسوس. 6) مبنى الكتبية 1921 / 1922 عرفت البناية في أوساط العامة زمن الحماية بالبناية الوسطى Edeficio Central و هي اليوم معروفة بمقهى الكتبية كما هو واضح في ( الصورة 15 )، مدرستها الهندسية نيوعربية، بنيت بعد بداية التشييد في فندق إسبانيا و ليكسوس، حيث يظهر مكانها شاغرا أثناء عملية تشييد البنايتين المذكورتين ( الصورة 11 ) سنة 1921، ثم بين 1921 و 1922 تظهر فيها ملامح واضحة للقطعة الأرضية لمبنى الكتبية و هي في طور التجهيز لوضع الأساسات، بينما الأشغال في فندق إسبانيا و مبنى ليكسوس في مراحل متقدمة ( الصورة 16 ). لا يختلف شكل المبنى عموما عن التشكيلة الهندسية المميزة لساحة التحرير رغم أنه يحظى بشخصيته المستقلة و طابعه المتفرد شأنه شأن باقي المباني أيضا، وهو آخر ما بني في النصف الجنوبي من المجال العمراني لساحة التحرير. اشتهرت البناية في عهد الحماية بوجود أشهر محل لبيع و خياطة الملابس الجاهزة للمدنيين و العسكريين على السواء ( مي ساستري Mi Sastre ) كما اشتهر فيها أيضا ( مقهى و حانة سيلفا Cafe Bar Selva ) أو ما عرف بعد الاستقلال ب ( بار الكعبوري )، تطبع المكان بزبناء الطبقة الوسطى ممن تسمح لهم إمكانياتهم من احتساء المشروب و ممارسة ألعاب الحظ خاصة تلك المتعلقة بنتائج كرة القدم، المكان كان أيضا مقرا لنادي باطروناطو العرائش الرياضي الذي تحول إلى نادي العرائش لكرة القدم و الذي سيصبح بعد الاستقلال نادي شباب العرائش.
7) ساحة التحرير 1923 (الصور 28) بدأت سلطات الحماية ببناء السوق المركزي ( البلاصا )(7) عام 1924 لتضع حدا نهائيا لحقبة سوق الرحبة بباب الخميس ( باب المدينة )، و بداية من سنة 1923 ستصبح ساحة إسبانيا ثم ساحة التحرير بعد الاستقلال، انظر الصور ( 1-2-3-11-12-16-17-18-19-20-21-22-23-24-25-26-27 ) للتعرف على التطور الكرونولوجي لشكل الساحة منذ بداية القرن 20 قبل الاحتلال إلى الآن، ( سوق، ثم ساحة ترابية فارغة، ثم فضاء للألعاب و الترفيه مع أماكن استغلت من طرف المقاهي، ثم تهيئة الساحة ذات النافورة الكولونيالية و الحدائق و الأشجار على الطريقة السائدة في الأندلس حيث الفن و الأناقة و الذوق الرفيع من تشكيلة الرسومات الملونة إلى الصور الرخامية التي تصور أهم معالم المدينة ، ثم إعادة التهيئة أواخر الثمانينات بالنافورة الزليجية الزرقاء مع تقليص كبير من حجم مساحة المناطق الخضراء في الساحة، ثم إعادة التهيئة سنة 2008 لتصبح ساحة صلعاء من الخضرة بنافورة لا ملامح لها مع تشويه لشكل الساحة حيث ألغي ممرها الشمالي، مما جعلها تفقد شكلها و دورها و جماليتها و روح مجالها، ثم إعادة التهيئة مرة أخرى سنة 2015 لتحسين شكلها و إعطائها بعض الرونق بتحديد شكل للنافورة و إضافة حيز بسيط من الاخضرار و الإنارة) و في سنة 2017 أعيد تهيئة الساحة مرة أخرى لكن في اتجاه استرجاع الشكل العام النموذجي الأول بفارق تغيير الذوق الكولونيالي بآخر مغربي إسلامي تراثي روعي فيه عودة الشكل الأصلي للنافورة الرئيسية و الأعمدة المرافقة كما عادت الخضرة إلى المجال الداخلي و الخارجي بإضافة مساحات خضراء و مجموعات من النخل الجديدة التي أضيفت على القديمة لتعطينا في النهاية شكلا أنيقا بالليل و النهار يتناسب إلى حد ما مع نمطية المجال و المحيط العمراني الموريسكي الجميل. 8) مشور الأقواس و باب المدينة الجديد (الصور من 20 إلى 27) يتعلق الأمر بما كان الإسبان يسمونه (باسيو دي يوبيا) (Pasillo de lluvia) بما معناه ممر واقي من الأمطار، و هي بناية من أقصى يمينها إلى أقصى يسارها تشكل النصف الشمالي لمحيط ساحة التحرير، و هي اللبنة الأخيرة و جوهرة العقد التي تزين المجال برمته، تعد مشروعا واحدا للمهندس خوسي لاروسيا ( Jose Larrucea ) استوحاها من شكل السوق الصغير الذي يتموقع مباشرة خلفها يفصلهما سور القرن 17، تتكون من بنايتين أساسيتين جانبيتين بنيتا على مرحلتين، الأولى نهاية العشرينيات (الصورة 20) و الثانية سيستكمل فيها الجزء الغربي في الثلاثينات ( الصورة 22) يتوسطهما الجزء الأجمل و الأهم و هو باب المدينة الجديد، تشكل البناية في مجملها الحلقة الأجمل في المجال العمراني لساحة التحرير. تتشكل البناية من 30 محل تجاري من طابق واحد أرضي، 16 محل شرق باب المدينة و 14 غربها، خلف أروقة مسقفة بعقود يعلوها 46 قوسا، 22 غربا و 24 شرقا إضافة إلى القوس 47 الأكبر و الأشهر و هو قوس باب المدينة المعاصر، تقف على ما مجموعه 55 عمود، 25 غربا و 30 شرقا إضافة إلى عمودي باب المدينة منفتحين على ساحة التحرير، فكان أسلوب بناءه المعماري على الطراز الكلاسيكي الحديث "Néoclassique ". يعلو هذه الأروقة مجمع سكني من طابق واحد باستثناء الواجهة المطلة على شارع محمد الخامس و المستمرة إلى غاية مطعم التجاري تتكون من طابقين (الصور 20-21-22)، هذه المساكن لها 9 مداخل للولوج، 6 شرق باب المدينة و 3 غربا، بنيت بادئ الأمر بشرفة عريضة على طول المشور كما توضحه نفس الصور (20-21-22)، ثم سيتوسع المبنى في مرحلة لاحقة على حساب الشرفة ليلغيها نهائيا فتصلنا أخيرا على النحو الحالي كما هو واضح في الصور من 23 إلى 27. ملاحظة : البيانات التفصيلية بأرقامها سجلناها بالمعاينة النظرية الميدانية.

صورة 1، السوق الخارجي ( ساحة التحرير حاليا )
صورة 2، باب الخميس و هو الباب الرئيسي سابقا ( باب المدينة )
صورة 3، الكازينو العسكري أيام سوق الخميس و قبل تشييد بناية سرفانتيس
صورة 4، تثبت وجود الكازينو دون وجود بقية مباني ساحة التحرير المعاصرة
صورة 5، العمارة السكنية التي حلت محل الكازينو
صورة 6، مطعم سنطرال
صورة 7، مطعم البئر El Pozo
صورة 8، مبنى سنترال سنة 1920 مكتمل بينما مبنى سرفانتيس في مراحله النهائية قبل عملية الطلاء.
صورة 9، بناية سرفانتيس بجانب الكازينو في فترة سوق الرحبة
صورة 10، أشغال بناء فندق إسبانيا و مبنى ليكسوس بالتوازي سنة 1921
صورة 11، أشغال بناء فندق إسبانيا و مبنى ليكسوس بالتوازي سنة 1921، بينما بناية سنترال تعج بالحركة، أما بناية سرفانتيس فقد جهزت للتو و تعرف آخر اللمسات قبل التسليم.
صورة 12، فندق إسبانيا سنة 1926
صورة 13، السيدة أمبارو مؤسسة فندق إسبانيا مع ابنها فيديريكو صورة 14، مبنى مقهى ليكسوس بعد الترميم و إعادة التأهيل
صورة 15، مبنى الكتبية أو البناية الوسطى Edeficio Central حاليا
صورة 16، بين 1921 و 1922 تظهر فيها ملامح واضحة للقطعة الأرضية لمبنى الكتبية و هي في طور التجهيز لوضع الأساسات، بينما الأشغال في فندق إسبانيا و مبنى ليكسوس في مراحل متقدمة.
الصورة 17، ساحة التحرير قبل 1911
الصورة 18، ساحة التحرير بعد فترة السوق 1924
الصورة 19، بداية تأهيل الساحة أواسط العشرينيات
الصورة 20، شكل الساحة في الثلاثينات
الصورة 21، الأربعينات
الصورة 22
الصورة 23، ساحة التحرير بعد الاستقلال
الصورة 24، السبعينات
الصورة 25، التسعينات
الصورة 25 مكرر، تهيئة 2008، ساحة التحرير بنسخة صلعاء
الصورة 26، سنة 2016
الصور 27، 2017
الصور 28، سنة 1923، بداية تهيئة ساحة إسبانيا مع ملاحظة اكتمال بناء كل البنايات الجنوبية (الكازينو، سنطرال، سيرفانتيس، إسبانيا، ليكسوس، و الكتبية) و عدم وجود مشور الأروقة الشمالية حيث لازال سور القرن 17 واضحا بجانب الباب القديم للمدينة كما يلاحظ عدم وجود السوق المركزي (البلاصا) الذي ستبدأ أشغال البناء فيه عام 1924
1. انظر مقال ( ماذا نعرف عن ساحة التحرير ) العرائش أنفو 17 ماي 2016. 2. انظر مقال ( الكازينو العسكري الاسباني بالعرائش ) بتاريخ 11 نونبر 2016 http://larachearchives.blogspot.com 3. انظر مقال ( يوم صارت مقهى سنطرال جنة ) http://larachearchives.blogspot.com/2017/07/blog-post.html 4. انظر مقال ( مبنى سيرفانتيس بالعرائش ) ذ. محمد شكيب الفليلاح الأنجري بتاريخ 15 نونبر 2016 http://larachearchives.blogspot.com 5. El Hotel España. http://larache-historia.blogspot.com 03/01/2010. 6. http://www.hotelespanalarache.com 7. شهادة شفوية من الحاج علال عزلي مسجلة بخزانة المرئيات في جريدة العرائش أنفو الإلكترونية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.