ما معنى أن يظل المغرب من دون تشكيل حكومة منذ الانتخابات التشريعية ليوم 07 أكتوبر 2016 ؟ رغم انه يعتبر دولة من دول العالم الثالث المتخلف," أو لأنها منها لهذا تخلف عن تشكيلها ؟ ," وليست كآية دولة أوربية أو غيرها في المجال الديموقرطي وفي الجكامة الجيدة من حيث التجدر" لمن يعمل على المقارنة بيننا وبينها ", مما يوجب العمل أكثر وبإخلاص ظاهر و جاد وذؤوب ومستمر, والانكباب الحقيقي على القضايا المختلفة للوطن وللمواطنين و التدبيرالمسؤول للمرافق العامة و التسيير الجدي للمؤسسات الحكومية ويفرض أيضا السهر على ( الاختيار الديمقراطي للمملكة المغربية في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون ...الخ) كما ورد في تصدير مشروع الدستور الذي تمت بناء عليه الانتخابات التشريعية هذه وسابقتها بعد أن اختار بفضله الإصلاح و التغيير في إطار الاستقرار عقب عرض مشروعه بظهير على الشعب من اجل الاستفتاء يوم فاتح يوليوز 2011 الذي وعد به الملك المواطنين في خطابه يوم 09 مارس 2011 ... وتمت الموافقة عليه بالأغلبية المطلقة للناخبين , مما يحمل الجميع مسؤولية كبرى من دون استثناء ويجعله واجبا على كل مواطن الالتزام به واحترام كل مقتضياته لان العقد شريعة المتعاقدين وأعمال العقلاء منزهة عن العبث وان شرف الأمم يقاس بمدى احترام الناس فيها لعهودهم وللقوانين لما في هذا الالتزام والاحترام من خير للجميع واطمئنان الكل على وطنه وعلى حقوقهم فيه. خاصة وان تحديات كبيرة تواجه الوطن سواء في الداخل حيث انتظارات الناس على اختلاف مستوياتهم وانشغالاتهم تتعاظم يوما بعد آخر وفي كل مجالات الحياة وبالخصوص منها ذات التأثير الكبير على العلاقات بين الحكومة والشعب بمختلف فئاته وعلى الأوضاع الاجتماعية وعلى الأمن والاستقرار فيه..أو سواء في الخارج من خلال العلاقة بين المغرب وبين كثير من الدول في العالم التي تربطنا بها علاقات مصالح سياسية واقتصادية او جغرافية وخاصة في إفريقيا حيث التحدي اكبر بسبب قضية الصحراء المغربية الذي يتزايد مع قرب انعقاد المؤتمر السنوي للاتحاد الإفريقي في شهر يناير2017 وبسبب قرار المغرب استرجاع مقعده في هذا المنتظم الإقليمي الذي تخلى عنه خطا مما يلزم لهذا الاستقرار السياسي والتهييء الجيد والكفاءة العالية والمصداقية في القول والعمل ... وكذا مع المنظمات الإقليمية الأخرى والدولية والمؤسسات المالية العالمية. وما معنى أن يظل مجلس النواب عاطلا وكأنه غير موجود ولم ينتخب ؟ وقد قال الدستور في الفصل 2 منه ( السيادة للأمة...تختار ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم ) وبين أيضا واجباتهم الدستورية وسلطات البرلمان وهي كثيرة التي يرى الجميع إنها معطلة لتعطل تشكيل الحكومة رغم إن السلطتين مستقلتين من حيث نظامهما واختصاصاتهما و رغم ترابطهما وتكاملهما في الغاية من وجودهما , مع العلم أن جلالة الملك قد افتتح السنة التشريعية من الولاية البرلمانية الجديدة في وقتها يوم الجمعة 14 أكتوبر 2016 وألقى خطابا قدم لهم فيه ما يشبه خريطة طريق وبرنامج عمل وأشعرهم بقوله : ( فالمرحلة التي نحن مقبلون عليها أكثر أهمية من سابقاتها , فهي تقتضي الانكباب الجاد عل القضايا والانشغالات الحقيقية للمواطنين , والدفع قدما بعمل المرافق الإدارية , وتحسين الخدمات التي تقدمها ) , هذه العطالة عن واجبات النواب قائمة رغم ضمان حقوقهم كل حقوقهم المالية التي تحتسب لهم من الميزانية العامة والامتيازات المختلفة . يحدث هذا التأخر في تشكيل الحكومة وفي ممارسة مجلس النواب لسلطاته رغم قيام الملك بتنفيذ التزامه الدستوري الوارد في الفصل 47 من الدستور عندما عين الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وكلفه بتشكيل الحكومة باعتباره ( الحزب السياسي المتصدر لانتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى اساس نتائجها ) يوم 10 أكتوبر 2016 . ورغم أن زعماء أحزاب الكتلة الديمقراطية قد عبروا عن رغبتهم بالمشاركة في الحكومة المرتقبة إلى جانب الحزب المذكور أعلاه وهم زعماء حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، وهي الأحزاب التي تتوفر مجتمعة على 203 مقعدا تمكنها من تحقيق الأغلبية المطلقة كما يقتضيها الدستور..بعد أن رفض حزب الأصالة والمعاصرة الحاصل على المرتبة الثانية من حيث عدد المقاعد ب 105 مقعدا المشاركة في حكومة عبدالاله بنكيران لأسباب إيديولوجية وشخصية بالأساس بينما حزب الأحرار لم يحصل على عدد من المقاعد تمكنه , رغم أهميته كما يظهر , من لعب دور كبير ومؤثر رغم تحالف حزب الاتحاد الدستوري معه بمقتضى اتفاق بينهما . لهذا ما فتئ كثير من المهتمين بالشأن الوطني والمراقبين السياسيين يتساءلون عن الأسباب الكامنة وراء تأخر بنكيران في تشكيل حكومته من أحزاب الكتلة ووراء تحميل المسؤولية فيه لعبد العزيز اخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار . ويتساءلون مقابل هذا , ورغم الاتهامات الصادرة , عن أسباب اهتمام رئيس الحكومة المكلف اشد الاهتمام بهذا الحزب وعن انتظاره له الذي طال وعن تودده إليه لعله يشارك في تشكيلته الحكومية . يظهر أن السيد عبدالاله بنكيران حريص على حساباته الشخصية والحزبية أكثر من حرصه على البرنامج الحكومي و يريد أن يضمنها لشخصه ولحزبه ولمستقبله داخل الحكومة من شانها أن تحقق تطلعات حزبه واجنداته وعلاقته المستقبلية أيضا مع القصر, فاقتصاره على حكومة يوجد بها شباط ولشكر ربما لا يطمئنه بل يخيفه بالنظرالى تاريخ علاقته بهما على الأقل القريب كما إن تحالفه مع أحزاب الكتلة ضمن حكومة واحدة ربما لا ينظر إليه بتفاؤل سياسي اذا لم ينظر البعض اليه في دوائر القرار بعين الرضا . لهذا فهو يفضل و يعمل , ولو تأخر تشكيل الحكومة لأشهر أخرى ,على أن تكون حكومته شاملة لمن يرى فيهم بر أمانه طيلة ولايته وإمكانيات مساعدته في بقائه بالسلطة , وبالخصوص منهم المقربين من دوائر الفرار والمتمتعين بوسائل التأثير من جاه ومال وقرب ومنهم رجال حزب التجمع الوطني للأحرار وعلى رأسهم الملياردير اخنوش ليس بناء على تقارب في البرنامج والافكاروالاهداف الممكن تنفيذها , وهو ما يعتبر" البرنامج " شبه مغيب تقريبا من طرف بنكيران ولا يتحدث عنه إلا لماما وإذا اقتضت الحاجة في القول لان برنامجه أظهره بالفعل أثناء ولايته السابقة التي كانت ولاية ضرب كثير من مكتسبات الوطن والمواطنين التي تحققت بفضل نضالات الأجداد والآباء منذ رجوع المرحوم محمد الخامس من منفاه عندما قال : ( رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر) في الحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وفي موضوع الحريات العامة , ومن ارتفاع الديون وتزايد الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والعجز المالي الذي زاد ب 18 في المائة سنة 2016 إلى أن وصل إلى ما يفوق 166 مليار درهم حسب اخر تقرير لمكتب الصرف , وكثير من المشاكل التي لا حصر لها في كل قطاع ومجال ودافع عنها وعن سياسته فيها بكل ما أوتي من براعة في القول والقوة في الرد والتحدي بالكلام والتحوير والتوجيه من دون تخطيط أو برنامج واضح ومعقول من دون أن أقول اكثرمما قد يعتبره البعض تحاملا مجانيا و أصبح ظالما لنفسي و لغيري.. سواء أمام البرلمان أو من خلال علاقته بالنقابات التي اعتبرها وكأنها غير كائنة أو مهمة ومع باقي الهيئات ومكونات المجتمع وفي تجمعاته وداخل حزبه ... "وإنما بغاية تنفيذ البرنامج اللي فراسو " و اللي فيه صالحه ويرضي الآخرين من ذوي الجاه والمال في الداخل أو عند المؤسسات الدولية وغيرها .إلى حد يمكنه أن يرفع يده عن كل شيء في الوطن وعن كل القطاعات الاجتماعية الأساسية لحياة المواطنين ولسر بقاء الوطن ودوامه من تعليم الذي يريد خوصصته حتى يصبح تعليما طبقيا لا يستفيد منه إلا الأغنياء , اما الفقراء" فلهم الجنة في الآخرة " ولهم في الدنيا أن يصبروا على سوء أوضاعهم في الجهل والبؤس والمزيد من الفقر ولا حول ولا قوة إلا بالله , إلى قطاعات الصحة والخدمات والشغل التي تصير في خبر كان لأنه ليس للسيد بنكيران الإمكانيات المالية لتغطية مصاريفها وتكاليفها كما يدعي ويقول وكأنه رزاق المغرب وخازنه , فما اظلمه... إن هذه الوضعية الساكنة / المتحركة التي يوجد عليها المغرب ليست عادية لان تحديات تنتظره خارجية , سياسية خاصة في موضوع الصحراء المغربية واختياره العودة إلى مقعده الشاغر بالاتحاد الإفريقي الذي صار خيارا استراتيجيا على ضوء الزمن الذي قضاه الملك في كثير من الدول الإفريقية من غربها إلى شرقها وجنوبها وبالنظر إلى البرامج التي خصها بها سواء في مجالات الاستثمار الذي هم كثيرا من القطاعات الاقتصادية من تجارية وفلا حية وصيد بحري إلى منجمية و صناعية وبنكية أو في الميادين الثقافية أو من خلال الاتفاقيات والمعاهدات السياسية وفي المجالات الإنسانية والثقافية وفي الحقل الديني ... كما أنها حالة غير مسؤولة ولا مقبولة تعبر عن عدم تقدير للدستور ولا لانتظارات كثير من المغاربة الذين قاموا بواجب التصويت باعتباره واجبا وطنيا، الأمر الذي يعتبر في غير صالح سمعة الوطن في الخارج وفي غير صالح العمل السياسي في الداخل وبالخصوص في وسط الشباب الذي اخذ اتجاهات أخرى وصار سلبيا داخل وطنه , ولا يشجع المواطنين على الانخراط في الأحزاب السياسية وفي الشأن العام وعلى التصويت مستقبلا. لذلك رأينا كيف صار الجميع في المغرب وحتى في الخارج يتساءل عن خلفيات هذا التأخر في تشكيل الحكومة بل أضحى مثيرا لقلق المواطنين عامة ولكثير من أصحاب المصالح من مستثمرين مغاربة وأجانب أيضا ,خاصة مع التأخر في صدور القانون المالي للسنة المالية 2017 والاقتصار على إصدار مرسومين من طرف مجلس الحكومة المكلفة بتصريف الأعمال يوم 15 دجنبر 2016 يتعلقان بفتح الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها وباستخلاص بعض المداخل المالية لسنة 2017 , ومثيرا للتساؤل ولكثير من القيل والقال ولعدد من التأويلات والإشاعات والرؤى المختلفة التي أضحت تطرح كحلول لهذه الوضعية السياسية التي لم يسبق لها أن كانت بمثل ما عليه هذه المرة. فهل عجز السيد عبدالاله بنكيران عن تشكيل الحكومة فعلا ؟ أم انه غير واثق من نوايا بعض زعماء الأحزاب الذين وافقوا على مشاركتهم فيها وبالخصوص بعد تنصيبها ؟ أو انه يريد بكل إلحاح وبأي ثمن ضمان مشاركة حزب الأحرار فيها لما لهذا الحزب من علاقات سياسية وإدارية ومع رجال المال والأعمال ومن قرب كثير من رجالاته من دوائر القرار وتوفره على كفاءات كثيرة ومعروفة بإمكانها أن تحقق المبتغى من خطاب دكار في السنغال الذي ألقاه عاهل البلاد يوم 06 نوفمبر2016 بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء مما من شانه أن يضمن له البقاء رئيسا للحكومة وطيلة خمس سنوات القادمة ؟ إن الجواب الحقيقي عن هذه الأسئلة يوجد عند السيد بنكيران الذي كان عليه أن يتحمل كامل مسؤوليته وان يخبر الشعب المغربي في الأجل المعقول بمال المهمة التي أناطته بها جماعة المصوتين الذين صوتوا لصالح حزبه وكلفه بها ملك البلاد عملا بالدستور ، وذلك حتى يبقى عند رأيه الذي قال فيه مرارا " يجب احترام إرادة الناخبين " من جهة وعند مستوى التزام الملك بالدستور الذي على أساسه كلفه بتشكيل الحكومة من جهة ثانية وعند تطلعات الشعب الذي يرغب في الخروج من هذه الوضعية الغير مطمئنة التي تضره كثيرا ولا تنفعه بالبثة من جهة ثالثة وله أن يقترح ما يراه مناسبا دستوريا وسياسيا للخروج من هذه الحالة الاستثنائية والمخيبة للآمال لأنها مضيعة أخرى للزمن المغربي كما ضاعت مصالح كثيرة للشعب ولمستقبل الوطن الأهم من أية حكومة عشوائية في التشكيل وفي والبرنامج والتدبير سواء السابقة منها التي يتحمل المسؤولية الكاملة عنها وحده أو التي قد يخرج بها إلى العلن من دون أي برنامج لإنقاذ البلاد والعباد من العبث السياسي ومن الأزمات التي تستفحل... إما أن يرهن المغرب في هذه الشرنقة فليس في صالح الوطن وليس في صالحه هو اوحزبه لان الوطن للجميع وفوق أي اعتبار سياسي خاص أو حزبي ضيق أو شخصي ، مما يدفع ، بدافع الحرص على المصلحة العامة للوطن ( وضمان دوام الدولة واستمرارها و وحسن سير مؤسساتها وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي وحقوق المواطنين والمواطنات والجماعات ...الخ ) عملا بالدستور الذي يعتبر تفعيل مقتضياته مسؤولية وعملا وطنيا ...، إلى أعمال المقتضيات التي توجد بين ثنايا دستور 2011 الذي توافق عليه الملك والشعب وكل المكونات من الفاعلين الحزبيين والنقابيين ومن المجتمع المدني عقب الحراك الجماهيري الذي عاشه المغرب وأعقبه خطاب الملك يوم 09 مارس 2011 الذي وعد فيه الشعب بدستور جديد للدولة ...وذلك من اجل الخروج من حالة لا حكومة صالحة ولا استقالة مقدمة , والله من وراء القصد..