غريب أمر بعض المحسوبين على الدبلوماسية المغربية بلندن. يتشدّقون بالفرنسية، وتكوينهم الفرنكفوني، ويتظاهرون بمسايرة الرّكب الحضاري الغربي. يروّجون لمغرب المساواة، والتّعايش، والتّسامح، والإنفتاح، والإعتدال، ولكن تجدهم يعاملون أبناء جلدتهم بعقلية إقطاعية، إقصائية، مستبدّة، تنمّ عن كره دفين، خاصة لأصحاب الآراء والمواقف الحرّة من أبناء وبنات الجالية، الذين لا ذنب لهم سوى التّعبيرعن رغبتهم في الدّفاع عن حقوق المهاجرين وعن المصالح العليا للبلاد في إطار الدبلوماسية الموازية. إنّ ما تعانيه الجالية من تهميش، وإقصاء ممنهجين، وتدخّل سافر في شؤونها لامتداد لسياسة باتت متجدّرة في عقلية بعض دبلوماسيّينا، الذين أثبتوا أنّ تحسين وضع الجالية هو آخر إنشغالاتهم. فعوض الإسهام في جمع الشمل، وتسهيل، وتشجيع التّقارب بين مغاربة المهجر، بشكل يؤسّس لخلق لوبي موحّد ومتماسك يخدم المصالح العليا للبلاد، خاصة مع تزايد مكتسبات أعداء الوحدة الترابية ببريطانيا، ترى دبلوماسيّينا يمارسون كلّ أساليب الإقصاء والتّمييز والتّشويش، والتّفرقة للحيلولة دون مطالبة الجالية بحقوقها المشروعة. من هذا المنبر نودّ تذكير الجهات المعنية بما جاء في الخطاب الملكي: "انتهى وقت إزدواجية المواقف، والتملّص من الواجب،" وندعوهم إلى مراجعة قائمة مهامهم والتحلّي بروح المواطنة والمسؤولية في مزاولتها، بعيدا عن أساليب التّسلّط، لما لها من عواقب وخيمة ليس فقط على صورتهم في ذاكرة الجالية، حيث ستنضاف أسماءهم إلى قائمة من سبقوهم ممّن أساؤوا للجالية، بل على صورة ومستقبل البلد، وعرقلة مساعي صاحب الجلالة الإصلاحية. وكنموذج عن مدى إستهتار المسيّرين الفعليّين للسّفارة المغربية بلندن، نائب السفير والملحق الثقافي، بمشاعر أفراد الجالية، إقدام السّفارة على تقديم هديّة لصاحبة الحفل الفاشل، زعما أنّ الهديّة من السّفيرة. نستغرب أن يكون هذا الفعل الشّنيع والعلني من صنع معالي السّفيرة، بعد الرّسالة المفتوحة التي بُعثت لها إحتجاجا على إستقدام السّفارة للمدعوّة بالدّاودية. نشكّك فعلا في أن تكون السّفيرة وراء هذا الأمر المستفزّ لمشاعر كلّ مغربي ومغربية، خاصّة وأنّ السّفيرة، خرّيجة جامعة أوكسفورد، تمثّل أعلى سلطة تمثيلية للبلد بالمملكة المتحدة، ناهيك عن إنتمائها للعائلة الملكية. فكيف لسيّدة في هذا المقام وهذه المكانة أن تكرّم هاوية إمتهنت الغناء السّاقط في المراقص والمرافق المشبوهة، بل استفزّت مشاعر المغاربة، رجالا ونساء، بكلامها النّابي، وإيقاعها الدّخيل?