المدير العام للأمن الوطني ينوه بنجاح بروتوكولات الأمن المواكبة لاحتفالات دخول السنة الجديدة 2025    ضحايا زلزال الحوز .. لفتيت يكشف تفاصيل عمليات النصب    تقرير يصنف المغرب ضمن أكثر الدول استهلاكًا للبن    صفرو: ثلاث مجموعات شركات رائدة عالميا في إنجاز محطات نقل الطاقة بواسطة الضخ تتنافس لنيل مشروع "محطة المنزل" للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب    بشار الأسد يتعرض لمحاولة اغتيال في موسكو    مالي ترد على تصريح عطاف وتتهم الجزائر بدعم "مجموعات إرهابية"    دوري أبطال إفريقيا.. الجيش الملكي يبحث عن الفوز على مانييما الكونغولي للاقتراب من التأهل إلى ربع النهائي    إختتام الدورة السادسة للمهرجان الدولي للسينما و التراث    الاتحاد السعودي يحسم مصير المدرب هيرفي رونارد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    المنظمة الديمقراطية للشغل تقيم الحصيلة السنوية لحكومة أخنوش    للمرة السادسة.. تأجيل محاكمة الوزير السابق محمد مبديع    السلطة الفلسطينية توقف عمل قناة الجزيرة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الإرتفاع    المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: 2024 الأكثر دفئا على الإطلاق    السلطات تمنع جماهير الوداد البيضاوي من التنقل إلى تطوان لمساندته أمام المغرب التطواني    اعتقال مقاول ومتابعة آخرين بتهمة النصب على متضررين من زلزال الحوز    مجموعة من التعديلات الضريبية تدخل حيز التنفيذ مع حلول السنة الجديدة    تنظيم الدورة الأولى لمهرجان أفلام الصحراء    كلشي بالمكتاب .. الدوزي يختتم 2024 بإصدار جديد    مواجهة قوية بين إنتر ميلان وأتلانتا في نصف نهائي كأس السوبر الإيطالي    الولايات المتحدة.. ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم نيو أورليانز إلى 15 قتيلا    هروب مسافرين مغاربة بعد هبوط اضطراري لطائرة تركية في مالطا    وفد سوري برئاسة وزير الخارجية يحل بالرياض في أول زيارة رسمية خارج البلاد    العلاقات الصينية – الافريقية حققت نتائج مثمرة في 2024 (متحدثة)    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    مليلية المحتلة تسجل انخفاضًا غير مسبوق في الهجرة السرية منذ التسعينات    أصوات تطالب بفرض ضرائب مالية في السنوات الأولى من الزواج    مسار استقلال السلطة القضائية في السياسات العمومية كتاب جديد للقاضي عبد الله كرجي    تتويج رحيمي بجائزة أفضل لاعب عربي محلي    دولي مغربي على رادار برشلونة    مشروع الغاز المشترك بين موريتانيا والسنغال.. نموذج للتعاون الإقليمي    كوريا: السلطات تحدد هويات جميع الضحايا ال 179 في حادث تحطم طائرة جيجو إير    "هجوم النيل الأزرق" .. موظفو الإغاثة يدفعون ثمن النزاع السوداني الدامي    زياش يلتقي بمعجبين مغاربة في دبي    صدمة جديدة .. الليغا تزيد أوجاع برشلونة    إصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة بطنجة (صور)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    الاتحاد المغربي للشغل يرفض مشروع قانون الإضراب ويطالب بتجريم العراقيل أمام حقوق العمال    أحكام ‬قضائية ‬‮‬ضد ‬‮"صناع ‬التفاهة" وارتياح ‬كبير ‬لدى ‬للرأي ‬العام    أسعار الذهب تسجل أفضل أداء سنوي منذ 2010    10393 عدد موظفات وموظفي الشرطة الذين استفادوا من الترقية برسم السنة المالية 2024    مباحثات مغربية قطرية من أجل تعزيز التعاون العسكري بين البلدين    أجواء هادئة في طنجة ليلية رأس السنة تحت حراسة أمنية مشددة لتأمين الإحتفالات (فيديو)    وفاة الكاتب الفرنسي باسكال لينيه الحائز جائزة غونكور عام 1974    دراسة: الصيام المتقطع يساعد في علاج اضطراب التمثيل الغذائي    باحثون يطورون علاجا آمنا وغير مسبب للإدمان لتسكين الآلام    الطهي يتجاوز الفواكه والخضروات باستخدام أجزاء الأشجار    تنبيه من خطورة عودة انتشار "بوحمرون" بالمغرب ودعوة إلى ضرورة التلقيح للقضاء عليه    دراسة: هذه المشروبات قد تحد من مخاطر الإصابة بالسرطان    فنانون مغاربة غادرونا إلى دار البقاء في سنة 2024    الدكتور فؤاد بوعلي ضيفا في حلقة اليوم من "مدارات" بالإذاعة الوطنية    باسل خياط يخالف مبادئه ويقع في الحب ضمن الدراما الاجتماعية الرومانسية "الثمن" على "5MBC"    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شخصية السنة/الدجاجلة: بين جغرافيا الجسد وسيكولوجيا السلطة !
نشر في العرائش أنفو يوم 30 - 12 - 2024


بقلم : عبد القادر العفسي
هذا المقال يُقدَّم لأغراض التثقيف والنقاش، وأي أحداث أو شخصيات مذكورة فيه هي خيالية أو تمثيلية ولا تعكس بالضرورة الواقع ! يُرجى مراعاة أن أي تشابه مع أشخاص أو أحداث حقيقية هو محض صدفة غير مقصودة! الهدف الأساسي هو إثراء النقاش وإضفاء نظرة تحليلية على الموضوع، دون التطرق إلى أي اتهامات أو استنتاجات قانونية، نوصي بقراءة المقال بروح منفتحة وتفسيره كوجهة نظر شخصية قابلة للنقاش !
بُحكى أنّ الدجاجلة مصدر البلاء و الابتلاء و أصل الداء للأمم : ففي التاريخ الطويل للإنسانية، يندر أن نجد أشكالاً بشرية تتفوق في تأثيرها السلبي ليس فقط بسبب ظروفها الاجتماعية أو السياسية، بل لأن بنيتها النفسية العميقة كانت مغلّفة بكمّ هائل من المشاعر العدائية، الناتجة عن شعورها العميق بالنقص، هذه الشخصيات غالبًا ما تستخدم السلطة كأداة لردم فجوة ذاتية، لتحويل كل عقدها الفردية إلى مآسي عامة .
الرئيس المُعين القزم/الدُجال الذي نتحدث عنه ليس مجرد نتاج مظهر فيزيقي غير مألوف، بل هو نتاج بيئة وثقافة مشوّهة ساهمت في صياغة كينونة مريضة، في مجتمع تُصنَّف فيه القوة والهيبة وفق معايير ظاهرية، تتحول هشاشة الشكل إلى بؤرة لتعقيدات نفسية عميقة؟ هذا الرئيس، الذي حمل على عاتقه شعورًا لا يُطاق بالدونية، وجد في السلطة الوسيلة الوحيدة لتدمير كل ما يذكره بعجزه، لكنه لم يكتفِ بتدمير المدينة كمكان مادي، بل استهدف أيضًا روحها، ثقافتها، طبيعتها، وحتى إنسانيتها .
يمكن أن يكون المظهر الفيزيقي محددًا قويًا للكيفية التي يختبر بها الفرد ذاته في سياق المجتمع، الرئيس المُعين هدا الذي ينتمي إلى أصناف الدجاجلة في قامته و مكنونه ، قد حمل على عاتقه شعورًا عميقًا بالاحتقار الذاتي، تراكَم نتيجة تعامل البيئة معه، في مجتمع تهيمن عليه صور القوة الفيزيائية والمظاهر المثالية، يصبح القصر الجسدي علامة يستغلها الآخرون للتقليل من قيمة الفرد، فيستجيب هذا الفرد بتحويل ضعفه إلى عدوانية، وبؤسه الداخلي إلى مشاريع انتقام .
هنا يظهر التقاطع بين علم النفس السياسي والفلسفة الاجتماعية، الإنسان الذي يشعر بالإقصاء بسبب شكله، يسعى أحيانًا إلى الانتقام من "المكان" التي جعلته يشعر بأنه غريب عنها، لا يعود هذا السلوك مجرد استجابة نفسية بسيطة، بل يتحوّل إلى مشروع سياسي مدمر .
فإذا أردنا فهم هذا الرئيس القزم المُعين من منظور تاريخي، فلا مفر من استدعاء شخصيات مثل "نابليون" و"هتلر"… اللذان تحولت عقد النقص لديهما إلى مشاريع هيمنة، كلاهما كان مدفوعًا بشعور عميق بالتهميش الشخصي، مما جعلهما يسعيان إلى التعويض عبر فرض السيطرة على الآخر، "نابليون": الذي لم يتجاوز طوله المتوسط، عبّر عن عقدته بمحاولة فرض قوانين تطال كل أوروبا، "هتلر" : الذي عاش حياة مليئة بالحرمان والإذلال في شبابه، أراد أن يبني "إمبراطورية آريّة" تعوّض عن نقصه الجسدي والوجودي .
هنا يمكننا رؤية النمط المتكرر: الأفراد الذين يشعرون بالدونية يحوّلون إحساسهم بالعجز إلى رغبة في التدمير، رئيس البلدية هدا الدُجال ليس استثناءً، بدلاً من أن يحتضن مدينته ويرى فيها فرصة لإثبات قيمته، يراها مرآة لضعفه، فيسعى إلى تشويهها بدلًا من بنائها ، الشخصية القزمة في هذا السياق غالبًا ما تكون مزيجًا من النرجسية المرضية والحقد المترسّخ :
النرجسية: يعوّض الرئيس المُعين عن شعوره بالنقص عبر تضخيم أهمية نفسه ومشاريعه الوهمية و التي تتقعد على الفساد و النهب …يعتبر أن أي انتقاد له هو تهديد لوجوده ذاته، فيرد عليه بالقمع أو الاستبداد أو الاختباء وراء حاضنته .
الحقد: تتجلى هذه السمة في الطريقة التي يدير بها شؤون المدينة، يختزل المدينة في ذاته، ويُسقط عيوبه الشخصية على محيطه، كل إنجاز يمكن أن يرفع من شأن الآخرين يُقابل بالعرقلة،لأن نجاح المدينة يعني هزيمته هو شخصيًا .
هذه الطبيعة المدمّرة لا تنبع فقط من ذاته المعذَّبة، بل من منظومة متكاملة تحيط به،بطانته ليست سوى انعكاس آخر لمرضه…هؤلاء الأشخاص، الذين ينتمون إلى نفس المنشأ الاجتماعي والنفسي، يشتركون معه في الحقد العميق على كل ما هو جميل وخلاق، نشأوا في بيئات تسودها القسوة، حيث القيم تتشوه، وحيث لا يوجد مكان للتعاطف أو البناء، مثل هذا النشوء يولّد كائنات تنتمي إلى عالم الظلام، ترى في النجاح تهديدًا وفي الطبيعة عدواً، وتسعى لتعميم القبح كحالة وجودية .
هؤلاء ليسوا مجرّد مستشارين أو مكتب التسيير، بل هم شركاء في الجريمة، إنهم يشكلون دائرة مغلقة من الحقد، يعزز كل منهم الآخر في سلوكياته العدائية، ما يفعله الرئيس المُعين ، يباركه هؤلاء ويبررونه، ومن خلال منظومتهم المشتركة، يتحول التدمير إلى إستراتيجية منهجية ، لكن الأمر لا يقف عند حدود السياسات أو المشاريع الفاشلة.. التدمير هنا يصبح شاملًا، يمسّ كل شيء، المدينة تفقد بريقها، أشجارها تُقتلع، نهارها يلوَّث، تاريخها يُنسى، وأهلها يُسحقون نفسيًا واجتماعيًا.. الرئيس القزم، في مرضه النفسي العميق، يرى الطبيعة عدوًا لأنها تعكس عجزه عن خلق شيء جميل، يرى في الإنسان خطرًا لأنه قادر على تحديه بوجوده الإنساني فقط .
نفسية هذا الرئيس المُعين مزدوجة منحطة: فهو مستبدّ مع الضعفاء، مستعبد أمام الأقوياء، هذا التناقض هو جوهره: يقسو على مدينته لأنه عاجز عن مواجهة قواه الداخلية الممزقة، ويخضع بخنوع لكل من يمنحه شعورًا زائفًا بالأمان، هذه العلاقة العبودية تُبقيه أسيرًا لمخاوفه، لكنها أيضًا تدفعه إلى أن يمارس أقصى درجات القمع على من هم تحت سلطته، وكأنه يحاول إفراغ كل طاقته السلبية فيهم ، لكن الرئيس المُعين القزم /الدُجال لا يمكن فهمه منفصلًا عن منظومته، بطانته: الفاسدة، قلية الأذب ، المتخلفة ملحوسة العقل ، خارجين عن القانون، مستهلكي شتى المخدرات ، المذمومة أخلاقهم و مسلكياتهم … ليست مجرد مجموعة أشخاص يشاركونه رؤاه، بل هم امتداد لنفسيته المريضة، البيئة التي نشأوا فيها مليئة بالحقد والإقصاء، وكل واحد منهم يحمل في داخله تاريخًا من الإحباطات الشخصية والاجتماعية، هذا التاريخ المشترك هو ما يوحّدهم، ويحوّلهم إلى أدوات للتدمير الجماعي .
في هذا السياق، تتحول جغرافية هذه المدينة إلى ضحية مزدوجة: ضحية لرئيس مُعين موبوء بروحه ونفسيته، وضحية لمنظومة كاملة تدعم هذا التدمير، كل مشروع يُلغى، كل شجرة تُقطع، كل إنسان يُهمَّش، هو جزء من هذا المخطط غير المعلن لتحويل المدينة إلى مرآة للقبح الداخلي الذي يعيشونه ، بل أًصبحت المدينة الضحية الأولى لعقدة هذا الكائن الفريد : المشاريع تتوقف، الخدمات العامة تنهار، والأولويات السياسية تتحول من خدمة المواطنين إلى تعزيز سلطة الفرد، المدينة تتحول من مساحة عامة إلى ساحة لصراعاته الشخصية مع نفسه بل حتى الشوارع أضحت انعكاس للتشوه الذي ينطبق على جوهره !
إن هذا التدمير ليس مجرد فعل سياسي، بل هو موقف فلسفي عميق تجاه الحياة، هؤلاء الأشخاص يرون في الجمال تهديدًا وجوديًا، لأنهم غير قادرين على فهمه أو خلقه، يرون في الطبيعة عدوًا لأنها تمثل النظام والتوازن، وهما أمران يفتقرون إليهما، يرون في الإنسان خطرًا لأنه قادر على التحدي، على الإبداع، على الحياة بشكل مستقل عن عقدهم المرضية .
ما تحتاجه المدينة ليس مجرد تغيير سياسي، بل ثورة على هذه العقلية، القزم الحقيقي ليس من يعاني من نقص جسدي، بل من يفتقر إلى الروح الكبيرة، إلى القدرة على البناء بدل التدمير، إلى رؤية الجمال بدل تشويه كل ما هو جميل، هؤلاء القادة ومنظوماتهم ليسوا سوى أمثلة تحذيرية على كيف يمكن للنقص أن يتحول إلى قوة مدمّرة إذا أُعطي السلطة !
لكن المسؤولية لا تقع عليهم وحدهم، المدينة التي تقبل أن تُحكم بمثل هذه العقلية تتحمل جزءًا من اللوم. الثورة ليست فقط ضد الرئيس المُعين وبطانته، بل ضد الخنوع، ضد القبول بالقبح كحالة دائمة، الإنسان قادر على التغيير، والطبيعة قادرة على الشفاء، والمدينة قادرة على أن تنهض من جديد، لكن هذا لا يتحقق إلا إذا واجه الجميع هذه المنظومة بحزم، إذا قالوا لا للقبح، لا للحقد، لا للدمار…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.