العدوي تقدم عرضا أمام مجلسي البرلمان حول أعمال المجلس الأعلى للحسابات برسم 2023/2024    أخنوش يترأس حفل بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة 2975    الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات: يتعين الحفاظ على مجهود الاستثمار العمومي ليلعب دور الرافعة للاستثمار الخاص    مصرع شاب في حادثة سير بالرشيدية    السيطرة على حريق جبل أغاندرو بالحسيمة ومسؤول يكشف الحصيلة    الفنان ياسين احجام يروج لشخصية المعتمد بن عباد    مندوبية السجون تكشف عن حصيلة جديدة للإصابات بداء 'بوحمرون' وسط نزلاء ونزيلات    غياب مدرب الجيش الملكي عن مواجهة صن داونز بعد خضوعه لعملية جراحية ناجحة    "الكاف" يضع المنتخب المغربي في القبعة الأولى الخاصة بقرعة كأس إفريقيا للمحليين    أشرف حكيمي يعلق لأول مرة على قضية إدارة والدته لأمواله    تداولات الإفتتاح ببورصة الدار البيضاء    مجلس الحسابات يحذر من تأخر إنجاز مشاريع الطاقات المتجددة ويدعو إلى تحسين الحكامة    انتشار "بوحمرون" في 13 مؤسسة سجنية: تسجيل 79 إصابة و27 حالة شفاء    العدوي: برامج محاربة الأمية لم تحقق الأثر المتوخى رغم رصد أزيد من 3 ملايير درهم    دعوات لتشديد المراقبة على الأسواق وخفض أسعار المواد الأساسية قبل رمضان    برئاسة مغربية.. انطلاق أشغال الدورة 24 لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي    3 آلاف شرطي يعتقلون رئيس كوريا الجنوبية المعزول    نادي مولنبيك البلجيكي يتعاقد مع بنجديدة على سبيل الإعارة    العثور على جثة ستيني داخل فندق بالحسيمة في ظروف غامضة    مديرية حموشي تفتتح مدرسة جديدة لتكوين حراس الأمن بمراكش    إضراب التنسيق النقابي يشل المنظومة الصحية..    اختيار جامعة محمد السادس لقيادة قطب الاستدامة بمنتدى مستقبل المعادن بالرياض    فاروق لايف: التغيير بدأ قبل حملة التنمر وسأجعله مصدر إلهام للآخرين    استثمارات خليجية تنقذ نادي برشلونة من أزمته المالية الكبرى    المبادلات التجارية بين المغرب وإسبانيا تحقق أرقاما قياسية    وفد من الجهاد الإسلامي يصل الدوحة    "جبهة دعم فلسطين" تنظم يوما وطنيا للتنديد بالتطبيع ووقف الحرب    اليوبي: الوضعية الوبائية "عادية" وفيروسات الموسم مألوفة لدى المغاربة    تسجيل 25 إصابة بداء بوحمرون في السجن المحلي طنجة    للمرة الثانية.. تأجيل إعلان ترشيحات جوائز الأوسكار بسبب حرائق لوس أنجلس    مؤتمر إسلام آباد يدعم تعليم المرأة    استضافة الجزائر لتنظيم كردي في تندوف يدخلها في مواجهة مع تركيا وسوريا الجديدة    رفض نقابي لإلغاء صفقة ومطالب بالتحقيق في اختلالات بجامعة بني ملال    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    تقرير يكشف أن 66 قضية أمام المحاكم تخص نساء ورجال التعليم خلال 2024    لا لتحجيم الحق في الإضراب!    العاهل الإسباني يؤكد على الطابع الخاص للعلاقات مع المغرب    الاتحاد العام للصحفيين العرب يؤكد مساندته للوحدة الترابية للمملكة ودعمه للحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية    بلقصيري تحتفي بالكتاب الأمازيغي والغرباوي في "آيض يناير"    إيض يناير 2975: الدار البيضاء تحتفي بالتقاليد والموسيقى الأمازيغيين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    رسميا.. "الكاف" يعلن تأجيل بطولة "شان 2024"    أرسنال يفتقد خدمات مهاجمه البرازيلي خيسوس بسبب الاصابة    الاتحاد العام للصحفيين العرب يجدد دعمه للوحدة الترابية ولسيادة المغرب على كامل ترابه    لجنة الأوراق المالية الأمريكية ترفع دعوى ضد إيلون ماسك بسبب "تويتر"    تساؤلات تطال مدونة الأسرة بشأن رهانات التعديل وإشكاليات المقاربة    العيون تحتفل بحلول "إيض إيناير"    الناظور.. افتتاح الدورة الثانية لمهرجان "انيا" للثقافة الأمازيغية    الزنيتي ينضم إلى الوصل الإماراتي    زيارة لتعزيز قطاع الصناعة التقليدية بجهة سوس ماسة : خطوة نحو التنمية    التردد الحراري.. تقنية حديثة لعلاج أورام الغدة الدرقية تُعوض الاستئصال    عروض الشهب الاصطناعية تُضيء سماء أكادير احتفالاً برأس السنة الأمازيغية 2975 (الفيديو)    تفشي داء بوحمرون يحيي أجواء كورونا في محاكم طنجة    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة سريعة ومختصرة في مقال رأي للدكتور طارق ليساوي حول زلزال الحوز
نشر في العرائش أنفو يوم 09 - 10 - 2023


محمد إنفي
المقال المقصود يحمل عنوان " لماذا أرى أن زلزال 8 سبتمبر 2023 يحمل للمغرب رسائل مشفرة ينبغي تحليلها وقراءتها بتمعن وتمحيص؟" (نشر في ٍموقع "رأي اليوم"، صحيفة عربة مستقلة، بتاريخ 20 شتنبر 2023 ).
بكل صدق، لو لم يذيل الدكتور ليساوي مقاله بعبارة "كاتب وأكاديمي مغربي"، لما كانليستوقفني ولمر في زحمة الكتابات الكثيرة عن الفاجعة دون أن يثير انتباهي ويستوجب منيهذا التوقف عنده لتقديم هذه القراءة المتواضعة.
وقبل الشروع في هذه القراءة، أشير إلى أن المقال المذكور، رغم أنه يدخل في صنف مقالات الرأي وليس مقالا أكاديميا، فإن صاحبه الذي يحمل صفة أكاديمي يتحتم عليه أن يحترم بعض خصائص الكتابة الأكاديمية، ولو في حدها الأدنى؛ خصوصا وأنه من المفروض أن يكونقد تشبع وتمرس بها خلال تحضيره للدكتوراه وممارسته للبحث والتدريس (أستاذ للعلوم السياسية والسياسات العامة)؛ وإلا فما الفائدة من الإشارة إلى هذه الصفة في آخر المقال، إذا لم يكن قادرا على الاستفادة من خصائصها في كتاباته الصحفية؟
أليس من المفيد للكاتب والقارئ أن تكون الكتابة الصحفية تحتوي على حد أدنى من الموضوعية؟ أليست الدقة مطلوبة في كل الكتابات؟ ألا تشكل سلامة اللغة شرطا أساسيا لوضوح الرسالة لدى المتلقي؟ أليست الرصانة مطلوبة في الشكل (أي الأسلوب) والمضمون (أي المحتوى)؟أليس الإقناع بالحجة والمنطق مطلوبا في كل الأحوال؟ وهذه الخصائص لا تقتصر على الكتابة فقط؛ بل هي مطلوبة أيضا في النقاشات والحوارات سواء كانت أكاديمية أو سياسية أو إعلامية.
فما مدى احترام الدكتور طارق ليساوي لهذه الخصائص في مقاله المذكور؟ لنبدأ بالعنوان. إنه بعيد كل البعد عن الدقة الأكاديمية في صياغته. فبداية السؤال "لماذا أرى أن…" تفيد أن المعني بالأمر يبحث لنفسه عنتبرير لما هو مُقدم عليه. فالمهم، حسب الصياغة، ليس الرسائل المشفرة التي يحملها زلزال 8 شتنبر 2023، وإنما الدافع الذاتي للاهتمام بهذه الرسائل. وبما أنها مشفرة حسبه، فلا بد من "تحليلها وقراءتها بتمعن وتمحيص". ألم يكن من الممكن صياغة العنوان بشكل أدق ومختصر من قبيل "زلزال 8 شتنبر 2023ورسائله المشفرة" أو "زلزال 8 شتنبر 2023وضرورة قراءة وتحليل رسائله بتمعن وتمحيص"؟ (شخصيا، أفضل المقترح الأول لاختصاره؛ وعند تحريره، يمكن للكاتب أن يُدخل ما يشاء من التعابير والأفكار).
أما المقال، في حد ذاته، فهو، في رأيي المتواضع، مهلهل شكلا ومضمونا. فلا أسلوبه جيد، ولا مضمونه مقنع. وبمعنى آخر، فليس فيه لا تمعن ولا تمحيص، وإنما مجرد كلام لتمرير أفكار مهزوزة منطقيا وبأسلوب ركيك.
لقد اكتشفت،من خلال المقال الذي نحن بصدده،جنسا جديدا من المقالاتالصحفية، يعود فيه الفضل للدكتور ليساوي الذي قد يُحدث ثورة في مجال تصنيف الأجناس الصحفية، وربما يدخل بهإلى موسوعة "غينيس" للغرائب والعجائب. فالمقال يبدأ بهذه الجملة: "حاولت من خلال مقال نداء إلى إخواني وأخواتي في العقيدة والوطن 'ديروا النية'..". ويورد الكاتب، هنا، ما أسماه مقال نداء (يا له من إبداع صحفي!) علىشكل قوسغير مفتوح وغير معلن عنه إلا عند إغلاقه. ويغطي هذا القوس ثلث المقال (أي صفحة كاملة)، ويستحق لوحده أن يكون موضوعا لقراءة متمعنة تعدد الأخطاء اللغوية، وتبرز الركاكة الموجودة في تعبيره،وتظهرتناقضاتأفكاره وسطحيتها، وتلقي الضوء، في النهاية، على تفككه شكلا ومضمونا.
ولولا خوفي من إثقال كاهل القارئ بصفحات عدة، لقمت بهذه المهمة. وحرصا على عدم تمطيط مقالي هذا أكثر من اللازم، أنصح القارئ بزيارة الموقع الذي نُشر فيهالمقالالذي نحن بصدد قراءته(انظر الفقرة الأولى)، ليقف بنفسه عن الخلل المنهجي للأكاديمي المغربي المسمى طارق ليساوي. فبدل أن يكتفي هذا الأخيربإدراج عنوان ما سماه "مقال نداء" في مقاله الجديد، مع ذكر تاريخ نشره والمنبر الإعلامي الذي نشره، فضل أن يثقل كاهل القارئ بصفحة كاملة كان يكفي الإحالة عليهافي المنبر الذي نُشرت فيه. وهذا دليل آخر على ضعف امتلاك قواعد الكتابة الأكاديمية.
ويبقى ما قلته عن اللغة والأسلوب وطريقة الكتابة – عندما تحدثت عن القوس الذي أغلقه الكاتب دون أن يكون قد أعلن عن فتحهلا قولا ولا رسما، وإنما أقحمه في المقال دون أية ضرورة منهجية أوترتيب منطقي – يبقى واردا في المقال كله؛ وأترك للقارئ أن يكتشف بنفسه الهفوات الكثيرة الموجودة في هذا المقالسواء من حيثالتركيب أو الأسلوب أو الأخطاء اللغوية. فحتى صياغة الأسئلة تشكو من الضعف وغياب الدقة في التعبير.
أما الرسائل المشفرة الواردة في العنوان، فقد حصرهاالكاتب في رسالتين مضحكتين في الواقع. الرسالة الأولى تضع تقابلا بين المغرب الأصيل الذي "تشم فيه عبق التاريخ والأصالة والتدين والتشبت بالأرض والوفاء للأصل.." و"المغرب الزائف، مغرب الأبراج والكورنيشات والمراكز التجارية والمهرجانات.."، وكأن"عبق التاريخ والأصالة" لا يوجد لا في مراكش ولا في الرباط ولا سلا ولا تطوان ولا شفشاون ولا مكناس ولا فاس ولا تازة ولا وجدة ولا غيرها من المدن العتيقة. ويسقط في نفسالتناقض الصارخ، وهو يقول، في الفقرة الموالية:"وعندما إنتفض المغاربة في كل ربوع المملكة من شرقها إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها، إنتفضوا للإستجابة لصرخة عميقة ومزلزلة ، الإستجابة للأصل وإنقاذه من الفناء في ظل موجة عارمة من التفاهة والإنحدار الأخلاقي و القيمي والإندحار الحضاري ، انحدار واندحار مدعوم من جهات مؤثرة".
لقد تعمدت أن أترك الأخطاء الإملائية واللغوية الكثيرة في تعبير الكاتب الذي يبدو متحمسا لتبخيس مغرب الحضارة والحداثة والتقدم (بالمناسبة، كلمة الحداثة تزعج تجار الدين ومحترفي الشعبوية)، وتقديس مظاهر التأخر المادي والتخلفالحضاري. وهكذا، سقط في تناقض فاضح، ربما جرَّه إليه الأسلوب الإنشائي الحماسي الانفعالي. وهنا، نسأله عن المغاربة الذين هبُّوا(وليس انتفضوا، كما قال) منكل ربوع المملكة: منأين جاؤوا؟أمن من المغرب الأصيل أم من المغرب الزائف؟ فهلا فكرت أيها الأكاديمي فيما تكتب؟ أم أنت من الذين يكتبون كيفما اتفق؟ أليس بمثل هذا الخطاب يُمارس التضليل على البسطاء؟ ألم تدرك بأنك من ضحاياهبسبب ماتعانيه من انفصام في الشخصية؟وهذا ما يقوله كلامك ووضعك الاعتباري كأستاذ جامعي، وليس أنا (وأعوذ بالله من قول أنا).
والرسالة الثانية أتفه من الأولى. فإذا كان تجار الدين والمآسي قد رأوا في الزلزال عقوبةإلهية بسبب الذنوب والمعاصي كما يزعمون، فإن الدكتور ليساوي متأكد من وجود "سر وراء هذا التزامن والمصادفة[بين 8 شتنبر 2023 و8 شتنبر 2021]، أي أن ما حدث يوم 8 شتنبر 2021 كان بدوره زلزالا بدرجة 8 على سلم ريختر السياسي، فمن تعرض للزلزال حينئد ليس بالضرورة حزب العدالة والتنمية، ولكن – والله أعلم- زلزلت في ذلك اليوم قيم النزاهة والمصداقية والتنافس الشريف من أجل خدمة الصالح العام، وزلزلت القيم الأصيلة للمجتمع المغربي".أما عن تزلزل الطبقات الفقيرة والمسحوقة، الوارد بعد ذلك، فإني أأجل الحديث عنه إلى حين قراءة وتحليل بيان حزب العدالة والتنمية.
خلاصة القول، إنني أجد في الدكتور طارق ليساوي نسخة طبق الأصل للدكاترة الجزائريين الذين يطلعون علينا في القنوات الجزائرية أو القنوات الدولية كمحللين وخبراء؛ لكن عجزهم يظهر جليا أمام المحللين الحقيقين، حتى وإن كانوا لا يتوفرونلا على مستوى دكتوراه ولا على درجة باحث.
وربما ليس صدفة، أن يختم الدكتور طارقليساوي مقاله بتوجيه"شكر خاصللجزائر حكومة وشعبا على تضامنهم اللامحدود واللامشروط معنا في مصابنا الجلل.."؛ وأعفي نفسي من التعليق على هذه السخافة.
مكناس في 6 أكتوبر 2023


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.