منذ أن أطلت جائحة كورونا.. بل وحتى قُبيل أن تطل ” الخبيثة”، برأسها البشع على بلدنا الغالي، تجند المغرب قيادة وقاعدة، للتصدي لها ومحاصرتها، والقضاء عليها.. اجتماعات ماراطونية إعدادية وأخرى تقييمية، وحتى ساعات متأخرة وبشكل يومي.. بمجموع تراب المملكة، مركزيا وجهويا وإقليميا، بل وحتى على مستوى كل دائرة دائرة، وكل ملحقة إدارية، ملحقة.. اجتماعات لا تكاد تتوقف أو تنقطع.. فالتعليمات الملكية السامية، تجلت وتتجلى على كل المستويات والأصعدة، بداية من إحداث صندوق مواجهة فيروس كورونا، ومرورا بنزول القوات الملكية المسلحة، إلى شوارع مجموعة من المدن.. وتوجه فيالق من الأطقم الطبية العسكرية، إلى المستشفيات المدنية، لإدخال الدفء والانضباط العسكريين عليها.. والشروع في بناء مستشفيات ميدانية؛ وبالباقي من تحركات الخير ما زال يأتي بمشيئة الله، حسب المستجدات المرتبطة بهذا الوباء.. لن نكون مجبرين، في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، على الحديث عن الأغلفة المالية الضخمة، التي تتطلبها هكذا عمليات عملاقة، والتي رُصدت لهذه الغاية؛ فالأرقام على أهميتها وضخامتها، ليست موضوع هذا النداء الآن؛ فما يهمنا هنا، هو الوقوف لحظة تأمل، للتفكير بصوت مرتفع، فيما مدى التزامنا كشعب، وكمواطنات ومواطنين، بالإجراءات الاحترازية والوقائية، التي جاء بها ”الحجر الصحي” كقرار استباقي، رفعت لأجله لنا أوروبا القبعة، وانبهر به أعداء وحدتنا الترابية، قبل ”الغابطين” أو ”الحساد” على الاستقرار والأمن اللذين ننعم بهما.. ”حجر صحي” الهدف المهم منه: محاصرة هذا الوباء والقضاء عليه.. والأهم من كل هذا وذاك، حماية الأنفس والأرواح، والحفاظ على صحة وسلامة كل المغاربة؛ فإذا كانت كل المؤسسات العسكرية والمدنية المغربية، المتواجدة في الصفوف الأولى، لمواجهة هذا الوباء الفتاك بحكم طبيعة عملها قد رفعت العلم الوطني عاليا، تعبيرا منها عن حسها الوطني الرفيع، ومعه رفعت لواء التحدي، هو الآخر عاليا، منطلقة إلى الأمام، من غير أدنى تردد، للتضحية بالغالي والنفيس، من أجل سلمة الوطن وصحة المواطنات والمواطنين، فعلينا أن نساعدهم في القيام بمهمتهم النبيلة هاته، وذلك من خلال على الأقل الالتزام بالمكوث في بيوتنا، حتى تمر فترة ”الحجر الصحي” بسلام.. لقد أثلج صدورنا في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان هذه التضحيات الجسام الذي يقوم بها الخط الأمامي/خط المواجهة الأول، معرضا حياة كل المشكلين له، وحياة أسرهم وعائلاتهم، لخطر العدوى.. خطر الموت؛ وقد دونت مواقع التواصل الاجتماعي على الخصوص، للحظات جد مؤثر، تصور شرفات ونوافد المنازل والشقق، والواقفين بها أو المطلين منها، وهم يرددون مع نساء ورجال الشرطة ورجال السلطة وأعوانها، في جو امتزجت فيه الدموع بترديد النشيد الوطني تحت التحية العسكرية، لممثلي الإدارات الرابضة بالطرقات والأزقة، خدمة للمصلحة العليا للبلاد.. أجواء لم يشهدها المغرب، منذ سنة 1975، تاريخ انطلاق المسيرة الخضراء المظفرة.. وفي الوقت الذي عرف فيه تطبيق ”الحجر الصحي” نجاحا منقطع النظير، وتجاوبا كبيرا للساكنة، مع السلطات المحلية، في العديد من جهات وأقاليم المملكة؛ يتفاجأ الجميع بحالات شاذة، لا تمت لأخلاق المغاربة بأية صلة.. تصرفات ”لمنعدمي الضمير والحس الوطني”، وصلت بهم الوقاحة إلى رشق رجال وأعوان السلطة، ورجال الأمن بالحجارة، في منظر يندى له الجبين.. شرذمة تحاول إثارة الفتنة والبلبلة، إلى جانب محاولتها التشويه بالأحياء التي تعرف مثل هذه الوقائع، والتي هي بريئة من هكذا تصرفات؛ وفي خضم هذه الأجواء الاستثنائية، تطالعنا بعض الهيئات وهذا رأيها، ولها الحق في ذلك بوقوفها إلى جانب ”خارق الحجز”، ضد ”قائد” تعامل بنوع من الصرامة الزائدة عن حدها، والمقبولة في ذات الوقت، بالنظر إلى حساسية المرحلة، ارتباطا مع مواجهة عدو فتاك غير مرئي، وسريع الانتشار؛ وبناء على هذا المدخل المقتضب، وهذه المقدمة المختصرة، فإن المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، وهو يعيش هذا الوضع الاستثنائي العالمي الخطير، وهو يتقاسم مشاعر المواطنة الصادقة، والحس الوطني الرفيع، مع كل المغاربة، والقوى الوطنية الحرة، والضمائر الحية، يتبنى ما يلي: 1/ يثمن عاليا المبادرات الملكية السامية، التي لا يمكن حصرها في هذا ”الحيز الزمكاني الضيق”، والتي تعكس عطف جلالته وحرصه، على صحة وسلامة كل المغاربة، بما فيه الجالية المغربية المقيمة بالخارج؛ مبادرات مولوية، همت كل الجوانب الصحية، والاقتصادية، والاجتماعية، والنفسية.. 2/ يرفع القبعة عاليا، مقدما تحية حقوقية كونية عالية وخاصة، لكل مكونات جبهة المواجهة، المتصدية بكل مسؤولية، ونكران للذات، وتقديم للمصلحة العليا للوطن، وتضحية بالغالي وبالنفيس.. والمواجِهة بكل بسالة وبطولية، لعدو كاسح غير مرئي، قهر أعظم الدول عسكريا واقتصاديا، وألحق بها خسائر بشرية واقتصادية ومالية.. إلخ؛ نساء ورجال، منهم من هم مصابون بأمراض مزمنة، أو أنهم في عطل إدارية عادية، أو مرضية.. أو يعيشون ظروفا عائلية أو مالية خاصة.. ومع ذلك آثروا على نفسهم أمن واستقرار البلاد، وسلامة وصحة العباد، فعادوا طواعية إلى مواقع عملهم، مُلبين نداء الوطن، ومتناغمين مع قرارات رائد الوطن.. فَمِن الجبن والعار، أن نمر هنا مر الكرام، على ”جبهة المواجهة” الوطنية هاته، دون أن نذكر أعضائها على سبيل المثال لا الحصر علما أن مكوناتها، قد تمتد إلى جنود خفاء نجهلهم؛ فمعذرة مسبقا، إن نسينا ذكر أحد منكم أيها الشجعان.. فجميعكم ”تاج على رؤوسنا”.. إذا فتحية حقوقية كونية عالية وخاصة، ملؤها الحب والود، والتقدير والاحترام، مرفوعة إلى كل من: القوات الملكية المسلحة، بكل مكوناتها، وخاصة الأطقم الطبية منها؛ الدرك الملكي؛ الأمن الوطني، بكل فرقه وبكل تخصصاته؛ السلطات المحلية، ممثلة في رجال السلطة، السادة الولاة والعمال، والباشاوات ورؤساء الدوائر، والقواد، و”الخلفان”.. وكذا السادة أعوان السلطة، الشيوخ والمقدمين، عيون الوطن التي لا تنام، والتي كان لها الفضل دوما في إحباط كل الأخطار المحدقة بأمن واستقرار البلاد، خاصة التحركات الإرهابية، التي كان لهم عظيم الفضل، بعد الله في صردها، وكشفها في مهدها..؛ نساء ورجال القوات المساعدة، ونساء ورجال الوقاية المدنية؛ الأطر الطبية لوزارة الصحة؛ وأطباء القطاع الخاص، الشرفاء، الذين انضموا تطوعا وطواعية إلى زملائهم ميدانيا؛ الجماعات الترابية؛ الشركات المواطنة، وعلى رأسها العملاق الاقتصادي الوطني ”مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط'.. إلخ؛ شركات النظافة، بنسائها ورجالها؛ هيئات المجتمع المدني، التي أبت إلا أن تنخرط في هذه العملية الوطنية بامتياز، من خلال الدور التحسيسي والتوعوي المهمين اللذين تقوم بها، من أجل إنجاح ”الحجر الصحي”، والخروج بوطننا العزيز، أرضا وساكنة، إلى بر النجاة والصحة والعافية؛ الطبقة الكادحة، مياومو المقابر، وتغسيل ودفن الأموات، رحمة الله عليهم جميعا؛ والذين نحسبهم شهداء عند الله؛ 3/ يرى أنه قد أصبح لزاما والعالم يعيش تمدد وانتشار هذا الوباء القيام بعميلة تعقيم واسعة ويومية، للعناصر البشرية المكونة لجبهة المواجهة، لفيروس كورونا، ولمعداتها اللوجيستيكية؛ إلى جانب إخضاع كل مكونات هذه الجبهة لتحاليل طبية، وفحوصات مخبرية، على رأس كل ثلاثة أيام مثلا، على اعتبار أن هذه المكونات المناضلة، متواجدة بشكل يومي ودائم ميدانيا وعمليا، وبالتالي فهم معرضون أكثر من غيرهم، للإصابة بهذا الفيروس، وما قد يترتب عنه لا قدر الله من حمله، عن غير قصد إلى عائلاتهم وأسرهم وأزواجهم وأبنائهم..؛ 4/ يدعو الجهة المسؤولة على تدبير صندوق مواجهة جائحة كورونا، إلى التفكير في تخصيص تعويض عن جسامة وخطورة الأعمال والمهام التي تقوم بها مكونات جبهة المواجهة، تحفيزا لها، واعترافا وطنيا بتضحياتها؛ 5/ يندد بكل التصرفات اللا مسؤولة، والأفعال المنحطة، التي لا تمت بصلة، لا لتربية المغاربة، ولا لشهامتهم، ومطالب بالتعامل معها بالحزم المطلوب، والغلظة الموازية لها؛ 6/ يشد بحرارة على أيدي السلطات المحلية، ويدعوها للتعامل بكل صرامة وبكل حزم، مع كل من سولت له نفسه، خرق ”الحجر الصحي”، ورفضه الامتثال للتدابير الاحترازية أو الوقائية المرتبطة بهذه المرحلة العصيبة؛ 7/ نعتبر الحق العام والمصلحة العليا، فوق جميع الحقوق الفردية، ولن نسمح أن يستهتر أيا كان، ”بحق الجميع” في السلامة والصحة والعافية، مقابل أن يتجاوز الحدود الموضوعة قانونا، لتدبير هذه المرحلة، بدعوى ممارسة حقه الخاص؛ ذلك أن ”خرق القانون في بعض الأحيان يكون محمودا، إذا وُظف من أجل احترام القانون”، ومن هذا المنطلق، فإننا لا نكتفي بتأييد استعمال القوة من طرف رجال السلطة، من أجل احترام ”الحجر الصحي”، وبالتالي احترام المصلحة العامة والمصلحة العليا للوطن، بل ندعو رجال السلطة، إلى استعمال القوة من أجل كبح الحالات الشاذة، ”والشاذ لا يقاس عليه”، كما تقول القاعدة القانونية؛ 8/ ندعو كافة المغاربة، على اختلاف مواقعهم الاجتماعية، إلى ضرورة التقييد الحَرفي، بالتدابير والإجراءات الوقائية والاحترازية، المرتبطة بهذه المرحلة العصيبة، مرحلة التجند الطوعي، والانخراط في هذه العملية الوطنية الإنسانية، بكل مسؤولية ووطنية، تسهيلات لمهام الساهرين على الشأن العام..؛ 9/ نؤكد مرة أخرى، أن همنا الكبير والرئيس، هو بناء إنسان مغربي مشبع بقيم المواطنة الصادقة، وبمبادئ الوطنية الجياشة، في ظل احترام هيبة الدولة، ومؤسساتها.. إنسان مغربي واع بمسؤولياته وواجباته، ثم مطالب بحقوقه، بطرق سليمة، ملؤها الاحترام المتبادل، والتفان والإخلاص في العمل، انسجاما مع شعار ” معا جميعا.. من أجل مواطن كريم في وطن عادل”؛ ليظل المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، مادا يديه لكل القوى الحية، والضمائر الحية في هذا البلد المعطاء، من أجل العمل بشكل تواصلي وتشاوري والتقائي، خدمة للأرض ومن عليها. رئيس المنتدى الوطني لحقوق الإنسان