عبدالنبي التليدي مقال اضطررت الى التفصيل فيه بغرض الرد على تعقيب صديق يسالني فيها عمن قال لي ان ( الملك والشعب توافقا عليه ) اي على الدستور بعد ان تساءلت في تدوينة لي عمن خان الدستور الذي توافق عليه الملك والشعب ؟ . في نظري ان اعمال العقلاء يجب ان تبقى بعيدة عن عبث العابثين في المجال السياسي خصوصا في الشان العام والمصالح العليا للوطن وللمواطنين في الانظمة السياسية التي تؤسس بناء على التعاقد السياسي بين الحاكم والمحكومين مع العلم ان القانون المدني الذي يختص بتنظيم المعاملات العادية بين الناس يعتبر العقد شريعة المتعاقدين ، فما بالك بالدستور الذي يعتبر اسمى تعبير عن ارادة الامة يفترض تنزيل مقتصياته واحترام المقاصد من ورائه وتحقيق الغايات من وراء تشربعه على ارض واقع البلاد والعباد واهمها بناء دولة المؤسسات والحق والقانون واقرار مبدء ربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الافلات من العقاب . وهكذا اريد ان اؤكد ان توافقا وقع بين الملك والشعب على دستور يونيو 2011 بعدما عرضه عليه الملك للاستفتاء ، واشهد بصفتي مواطنا معنيا بالشان العام لوطني انني صوتت لصالح اقراره والتزمت به مؤملا من وراء ذلك تنزيله ابوابه تنزيلا نزيها وبكل اخلاص وتحقيق الاهداف العامة والكاملة منه ، وتمخضت عنه الانتخابات التشريعية التي تلتها حكومة بنكيران وفضل المسؤولون وصف الحاصل " بالاستثناء المغربي" ! الذي طبل وزمر له الاعلام الرسمي .لكن امور تدبير المرحلة لم تكن في مستوى تطلعات الشعب الذي طالب اثناء الحراك الاجتماعي في 20 فبراير وما تلاها ، باسقاط الفساد وبمؤسسات تحترم فيها ارادته بصفته صاحب السيادة حسبما اقر الدستور المذكور ... وقد تبادل رئيس الحكومة الاتهام مع المتحكمين الذين وصفهم بالتماسيح والعفاريت بينما عاب عليه اخرون بنزوعه الى التمكن والرغبة في تغلغل حزبه وصحبه في مفاصل الدولة والاستئثار بالسلطة والثروة بعد نيل رضا الملك الذي عمل بنكيران بكل الوسائل والتدابير من اجل ترضيته الى حد التنازل عن اختصاصاته التي اقرها له الدستور الذي اصبح يسمى رئيس الحكومة عوض الوزير الاول ..وبذلك دخل المغرب مرحلة التراجع عن مكتسبات هذا الدستور السياسية بعدما اضحى بنكيران يصرح بكون الملك هو رئيسه وانه مجرد موظف لديه حسبما عبر مرارا ، ووقع الاجهاز على كثير من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والققافية للمغاربة وقررت الحكومة رفع يدها عن التعليم وعن الصحة وعن الخدمات وارتفعت نسبة البطالة وانتشر الفقر وسادت الجريمة وارتفعت المديونية وغرق المغرب في الديون واضحى اقرب الى الافلاس وارتفت الاسعار التي لم توازيها الاجور في الارتفاع التي توقفت الحكومة عن الزيادة فيها ؛ فتفاوتت الفوارق الاجتماعية بشكل حاد ووقع التضخم الذي لم يسبق له مثيل ، بالاضافة الى التراجع المخيف والمقلق في ميدان الحريات العامة بعد ان ووجه المحتجون بالعنف المبالغ فيه وبالاعتقال وحكم على عدد من الشباب بالسجن من خلال احكام قاسية وفضل كثير منهم الهجرة السرية خارج المغرب وطالب بعضهم باللجوء السياسي في اوروربا .واخيرا وليس اخرا تحولت حكومة دستور ما بعد الربيع المغربي الى حكومة خريف في المغرب محكومة ومنفذة لما يرضي الاسياد والاغنياء في الداخل وفي الخارج لما يملى عليها ! والبرلمان تحول الى غرفتي نوم عميق والبحث عن الزيادة في المعاشات وادامتها وعن الامتيازات والريع لا اهتمام لهما كسلطتي تشريع وتنفيذ بمشاكل الناخبين وهموم الشعب وقد اضحت مؤشرات التخلف واسباب القهر والظلم والمعاناة جد مرتفعة في شتى القطاعات الى الحد الذي اثرت فيه على النفسيات والعقول بشهادة وزير الصحة امام البرلمان الذي صرح بان 45 في المائة من المغاربة يعانون اضطرابات نفسية وعقلية ، كما تبوا المغاربة الرتبة العالمية في الانتحار ناهيك عما صار يعرفه المغرب من مشاكل في الامن وفي عدم الاستقرار ومن فساد تجاوز كل الحدود في البر والبحر باشكال لم تحدث في التاريخ القريب للمغرب مما اثار الاستياء العام والقلق الحقيقي والمبرر على مستقبل المغرب في الافق ..
وامام هذا الحد الخطير الذي ينبئ بعواقب وخيمة الا يجدر بي وبغيري من المواطنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله والوطن عليه وما بدلوا تبديلا او تنكروا لالتزامهم الدستوري ، طرح السؤال عمن خان العهد الذي تعاهدنا عليه كمغاربة عقب خطاب 09 مارس 2011 الذي القاه ملك البلاد ووعد فيه الشعب بدستور جديد للدولة وافق عليه الشعب وتم انتخاب برلمان جديد على اساسه وتمخضت عنه حكومة جديدة باشرت مهامها ، ثم فشلت فشلا ذريعا وكاملا وفشل معها المغرب في اقرار الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة وهي المطالب التي كانت منشودة لمغرب اليوم والمستقبل لكن عيون المفسدين كانت متربصة وارادتهم الخبيثة المناوئة كانت تستعد للاجهاز على كل بوادر الاصلاح قد يظهر في الافق فحولت المغرب الى خريف تدروه رياح قد تاتي على الاخضر واليابس !.ان الخروج من وضعنا الحالي يوجب البحث عن المسؤؤل عنه وكثيرا من النقد الذاتي وكل الصراحة في قول الحق ويفرض ان نجمع على ان هناك من خان الدستور الذي توافق عليه الملك والشعب في مرحلة مراحل تاريخ المغرب الحديث ونطالب بالمحاسبة لان الجرم خطير باعتباره جرما اصاب شاننا العام في وطننا وصار مهددا لكياننا السياسي ولمستقبلنا في الامن والبقاء ولحقوقنا وحقوق ابنائنا فيه عاجلا واجلا وخيب ظن الاجداد والاباء الذين جاهدوا بارواحهم وباموالهم في سبيل الاستقلال الكامل ومن اجل الاستقرار الدائم وتحقيق العدالة والكرامة...والله من وراء القصد.