بقلم عبد النبي التليدي سبق في المغرب أن توافق الملك والشعب عقب الحراك الشعبي للمغاربة في 20 فبراير 2011 على دستور جديد بواسطة الاستفتاء وصار أسمى تعاقد بينهما باعتبار أن الدستور هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة ، بعدما نص في تصديره على : -* أن المملكة المغربية وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون تواصل بعزم توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة مركزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة وارساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بالامن والحرية والكرامة والمساواة وتكافئ الفرص والعدالة الاجتماعية ومقومات العيش الكريم في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة *. -*وان الملك رئيس الدولة وممثلها الاسمى ورمز وحدة الأمة وضامن دوام الدولة واستمرارها والحكم الاسمى بين مؤسساتها يسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية وعلى صيانة الاختيار الديموقراطي وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة * الفصل 42 من دستور يونيو 2011. جيد على اية حال , استحسن الامر وتفاءل المغاربة و قالوا باسم الله : , لان مصلحة الوطن وارادة التغيير في اطار الاستقرار افضل واصلح ، و لعلنا نثبت فعلا الاستثناء المغربي الذي تم التشهير به رسميا , ونحقق التغييرالمطلوب في اطار الاستقرار بالتزام مسؤول واخلاص كامل للوطن , من اجل انهاء الاستبداد واسقاط الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية في اطار دولة الحق والقانون ... ولكن منذ هذا التوافق الذي سجله التاريخ بتفاؤل كبير رغم تحفظ البعض لاسباب ذاتية او موضوعية ابانت عنها لاحقا سياسة حكومة عبدالاله بنكيران التي انبثقت عن الدستور المذكور, في شتى المجالات الاجتماعية والاقتصادية التي خيبت الامال وعجزت عن تحقيق الاهداف التي كانت مطلوبة فتفاقمت مشاكل الوطن كما تم تفصيل الكتابة عنها في مقالات كثيرة.... و إلى هذا التاريخ الذي يسجل علينا فيه بكل التشاؤم المشروع و بمداد اسود ، ما لم نكن نعتقد الوقوع فيه قبل شهر رمضان هذا , لما شاهدنا فيه كما شاهد كل العالم من بداية الخروج الذي اثار تساؤل المواطنين , عن حلم الاستثناء المغربي الى واقع مخيف اتسم بالعنف و اللاقانون وباهدار لحقوق الافراد و الجماعات ، وتعد على الحريات الفردية والجماعية واستعمال لاشكال مختلفة من العنف اللفظي والمرئي وفي الشوارع واقتحام البيوت والتهديد بهتك الاعراض وبالقتل ، وبقول ما لا يجب ان يقال من كلام الفحشاء والمنكر الى استعمال القوة المفرطة ضد المواطنين العزل وتلفيق للتهم من التخوين و بألعمالة للخارج وإثارة الفتن وتهديد للناس وتخريب لممتلكاتهم واعتقال الكثير من الشباب والمراهقين و احالة عدد منهم على المحاكم في ظروف غير انسانية ولا عادلة ومخلة بالكرامة وحاطة من عزة النفس الى غير ذلك من المظاهر التي لا تستقيم مع مقتضيات الدستورالذي اتفق عليه الملك والشعب . و هكذا مع الاسف الشديد اصبحنا نشاهد مظاهر لحرب حقيقة كتلك التي لم يشاهدها المغاربة الا في القنوات التلفزية ، يتمخض حاليا عنها هذا الوطن بشكل متسارع ولا عاقل , ناتجة : - عن مشاكل سياسية أضحت تعبر عن قمة الاستهتار داخل المؤسسات ونموذجا في التخلف الفكري والتربوي وفي الانحلال الخلقي وفي عدم الالتزام و بالبعد عن القيم دينية ووطنية... - وعن مشاكل اجتماعية خطيرة مست الأغلبية المطلقة للشعب المغربي ادت الى مشاكل امنية اخطر والى كثير غيرها عمت كل ارجاء المغرب لا مجال لحصرها لانها اضحت عامة وشاملة وبارقام واحصائيات لا ياتيها الباطل مهما حاول المفسدون ممن يتحملون المسؤولية عنها... - وعن مشاكل اقتصادية ادت فعلا الى جلطة دماغية قبل حصول السكتة القلبية لاسباب شتى منها استفحال كل انواع الفساد والريع والرشوة والظلم والقهر والسرقة وتهريب الاموال والنصب على الافراد والجماعات وعلى المواطنين وسوء توزيع الخيرات الفاضح والمفضوح في الداخل والخارج الى حد لم نكن لنتخيله لثقة المغاربة في مؤسساتهم كما جبلوا عليها عبر تاريخهم , او يمكن الصبر علي هذه المظاهر المخزية خاصة لانها صارت صادمة وثابتة ومعلومة وغير خافية من خلال الفوارق الكبيرة جدا بين الحاكمين والمحكومين وتتزايد تزايدا مهولا ومخيفا ، من دون عقل او حرص على مستقبل المغرب وبقائه . وكان هذه الارض اضحت ضيعة كبيرة تهيكل بحسب رغبة الغني الغالب والقوي وتستغل بما يفيد الاقلية التي ازدادت الغنى الفاحش , ويضر بالاغلبية المطلقة التي جاع ومرض وجهل وتسول سوادها وهاجر عدد منهم وتعاطت للدعارة كثير من بناته ونسائه حتى اضحى المغرب مضرب المثل بها في الخارج. وعن غيرها من المشاكل التي لا يمكن حصرها لان الوطن كما يقال عند العامة ٌ مسقي بمغروفة واحدة ٌ. هذه المشاكل التي اضطرت الشباب هناك في الريف الى رفع اصواتهم و الاحتجاج السلمي عليها بشكل مسؤول ومنظم لعل المسؤولين يحاورونهم ... كما اضطرت مواطنين الى التضامن في مختلف الاقاليم على , معهم خاصة وانهم يحسون بمثل ما احس به اولائك هناك في الشمال من حكرة واهمال ولا مبالاة بعد ان اعياهم الانتظار وتحقيق المشاريع على ارض واقع فضح سياسة الدولة والمسؤولين مركزيا واقليميا ووعود ظهر انها كاذبة ومتحايلة لان الامر قضي للبعض دون الباقي . فما كان الا ان واوجت الدولة اولائك في الريف وهؤلاء في بااقي انحاء الوطن بالمنع من التظاهر السلمي وبالقوة وبكل ما يشاهده الجميع من دون استثناء في الداخل والخارج كما اسلفت القول . فلماذا حدث كل هذا وصار يهدد الجميع حاضرا ومستقبلا لان اسلوب التعامل معه غير حليم وله عواقب مضادة وخطيرة ؟ ومن المسؤول عن هذه الاوضاع ومن المسفيد منها ؟ ولماذا لم يقع الالتزام بما اورده الدستور في تصديره ؟ ومن هي الجهة التي اخلت بالتزاماتها الدستورية وأهملت اما عن قصد او عن غيره وعرقلت تنزيل الدستور وتنفيذ بنوذه من اجل وطن جديد يتمتع فيه الجميع بحقوقه فيه وبخيراته منه ؟ واحلفت وعدها مع الوطن والتاريخ ؟ فكان ان اصبحنا على شفا حفرة او نكاد نكون فيها ؟ علما بان الدستورهذا قد ربط المسؤولية بالمحاسبة ؟ والا يجب على الملك باعتباره* ضامن دوام الدولة واستمرارها ...وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات ...* حسبما نص عليه ايضأ الفصل 42 من دستور المملكة , والحالة هذه , اعمال اختصاصاته الواسعة في سبيل الحفاظ على مكتسبات الجميع التي اقرها الدستور الذي تم التوافق حوله بشبه اجماع الشعب ؟ ، ومن اجل منع الضرر عن شعبه وتفادي كل ما من شانه ان لا يجعل المواطنين امنين في وطنهم وعلى ارزاقهم وعلى اولادهم ومنع كل اسباب اثارة الفتن والقلاقل وما قد يترتب عنها من عواقب وخيمة سياسية بالخصوص ؟ علما بان المغاربة قد توافقوا على ان * نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية ديموقراطية برلمانية واجتماعية * مثلما نصت على هذا الفقرة الاولى من الفصل 1 من دستور يونيو 2011 ؟ وعلى ان الملك رئس الدولة وممثلها الاسمى...حسب منطوق الفقرة الاولى من الفصل 42 منه ايضا ؟. فالوطن ينادي الحميع الى تحمل المسؤولبة العظمى لان اعمال العقلاء منزهة عن العبث , ولا يجب ان نكون كمن قال فيهم المالك الخالق ( وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بايديهم وايدي المؤمنين فاعتبروا يا اولي الابصار) صدق الله العظيم وهوخير الماكرين. والله من وراء القصد و به التوفيق.