أول ظهور لمفهوم المسيرات الاحتجاجية أو التظاهر في معناه الحديث كان في منتصف القرن التاسع عشر، وكان أول من استعمل هذا المفهوم هو الكاتب الأمريكي ديفيد هنري ثورو، في مقال شهير له نشر في 1849، بعنوان "العصيان المدني". ودعت الجمعية المغربية لحماية المال العام، لمسيرة شعبية في الدارالبيضاء، يوم أمس الأحد 14 أكتوبر الجاري، احتجاجا على ما أسمته ب"الفساد، والرشوة، ونهب المال العام، وربط المسؤولية بالمحاسبة"، وقد شارك فيها أحزاب اليسار، ونقابات، وجمعيات حقوقية. كما سبق لنفس الجمعية أن قدمت ثلاث شكايات في مناسبات وتواريخ مختلفة لوزير العدل والحريات سابقا، ورئيس النيابة العامة، ووكيل الملك لمحكمة الاستئناف بالرباط بخصوص اختلالات البرنامج الاستعجالي المخصص لإصلاح التعليم، وإلى حدود تاريخ مسيرة الدارالبيضاء السالفة الذكر، لا اعتبار ولا استجابة أبداها القائمون على مساءلة ومحاسبة المتورطين في هدر المال العام، ولا جزاء ولا عقوبة ألحقت بهم، فهم أحرار يسيرون في شوارع الرباط وغيرها من المدن، يقضون عطلهم خارج الوطن، قابعين على كراسيهم الوظيفية، ويتمتعون بالحرية في الوقت الذي ذهبت فيه أموال الشعب هباء.وفق ما أسرته المصادر. ويرى متتبعون رغم أن هذه المسيرة تعد أحد أهم أشكال التعبير عن آراء المواطنين ومطالبهم، وأن خروجهم إلى الشارع ما هو إلا طلبا لإحقاق حق مساءلة ومحاسبة "الفاسدون والمرتشون و ناهبو المال العام" ، وتعبير عن حالة من عدم الرضا في الوقت الراهن على الفساد، لكن تبقى محدودية التأثير، حيث يرون أن تأثيرها في عملية اتخاذ القرار، هو محدود بطبيعته، لأن المسؤولين على المحاسبة والمساءلة يرون بدورهم أن الأولوية يجب أن تكون لاستقرار الدولة، والحفاظ على الوضع القائم، وليس إشراك المواطنين في عملية اتخاذ قرار مساءلة ومحاسبة المتورطين في هدر المال العام. و من الأسئلة الحارقة التي يطرحها المتتبعون، هو مدى إصرار المنظمين للمسيرة على الاستمرار في هذا السلوك، مهما تكن التكلفة المترتبة على ذلك، ومواقف الأحزاب الوطنية الأخرى والنقابات وجمعيات المجتمع المدني تجاه هذا السلوك ومحصلة التفاعل مع هذه المسيرة وما سينتج من استجابة؟ وفي حالة الاستجابة، ألا تكون فقط استجابة رمزية (الاستجابة دون الاستجابة)؟، حيث قد لا يستجيب المسؤولون على "محاربة الفاسد والرشوة وهدر المال العام" بشكل حقيقي لما يطالب به المشاركون في المسيرة، وقد يكون ذلك بهدف إسباغ البراءة على الرؤوس الكبار والاكتفاء بتقديم الرؤوس الصغار أكباش فداء، وفق تعبير متتبعين. وتابع المتتبعون، أن هناك تخوف باحتمالات استغلال البعض من المشاركين في هذه المسيرة الشعبية لتحقيق مكاسب سياسية خاصة بها، لا سيما وأن هناك من ألف إلى حد ما قدرته على توظيف المسيرات والاحتجاج والتظاهرات، على النحو الذي يخدم مصالحه الخاصة في المقام الأول. وقالت المصادر، نحن نأسف على هذا الترخي في مساءلة ومحاسبة ناهبي المال العام، نحن نريد ربط المسؤولية بالمحاسبة وفقا لدستور المملكة، نريد قانونا يؤمن إيمانا كاملا بالعدل، رسائل عديدة (تقاعد البرلمانيين، الجمع بين التعويضات، تفويت الأراضي لخدام الدولة، إفلات أبناء كبار المسؤولين من الجزاء، إفلات مسؤولين مركزيين وجهويين بوزارة التربية الوطنية من الزلزال الملكي، .....)، توحي بأن المستقبل غير طيب، وأنه من الوارد، والوارد جدا، أن يفلت كبار المتورطين في نهب المال العام من العقاب، لذلك ليس غريبا أن نرى الموطنون في مسيرات من القرى اتجاه المدن، ومن الساحات إلى قبة البرلمان،....الخ، والمواطنين شيبا وشبابا، نساء ورجالا يرتفع غضبهم بخصوص عدم الاستجابة لمطالبهم المشروعة والتي نص عليها القانون المغربي.