تصعيد خطير.. تقارير عن توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    من يحمي ادريس الراضي من محاكمته؟        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    ترامب يؤكد التصدي للتحول الجنسي    حداد وطني بفرنسا تضامنا مع ضحايا إعصار "شيدو"    "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    توقيف شخص بالبيضاء بشبهة ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير        تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفقيه بنصالح: الجمعية المغربية لحماية المال العام تنظم ندوة عمومية حول دورالقضاء في حماية المال العام

نظم الفرع الجهوي - جهة بني ملال خنيفرة - للحمعية المغربية لحماية المال العام ندوة عمومية حول : ' أي دور للقضاء في حماية المال العام ؟ " من تأطير ذ. صفي الدين البودالي عضو المكتب الوطني للجمعية وذلك يوم السبت 23 يناير 2016 بالفقيه بن صالح، وفيما يلي نص مداخلة ذ. صفي الدين البودالي
أي دور للقضاء في حماية المال العام؟
تقديم :
تعتبر عملية حماية المال العام من أهم الأولويات الاستراتيجية و السياسية لدول العالم لارتباط هذه العملية بمجموعة من الميادين الاقتصادية أو السياسية والاجتماعية . ولا يمكن حماية المال العام إلا بوسائل وآليات لها القدرة و القوة لتحقيق هذا الأهداف المرجوة من حماية المال العام .وقد عملت مجموعة من الدول في العالم على إحداث هذه الآليات تتجلى في المراقبة المالية و المسائلة و المحاسبة و الرفع من قوة القضاء و الدولة المغربية سعت من خلال إنشاء مؤسسات للرقابة المالية أي إنشاء المجلس الأعلى للحسابات ثم دسترته، ثم إنشاء المجالس الجهوية للحسابات و ما رافق ذلك من التنصيص على مدونة المحاكم المالية ( القانون رقم 62.99 بتاريخ 13 يونيو 2002 ) أربعة محاكم استئناف على الصعيد الوطني بالإضافة إلى الوعي بخطورة عدم حماية المال العام لدى المجتمع المدني و لدى الدارسين و المتتبعين للشأن المحلي .
و في إطار الوعي بالمسؤولية المجتمعية بالموضوع يتم مثل هذه الندوات التي تهدف إلى الكشف عن عمق خطورة الفساد و نهب المال العام في بلادنا . و لذلك أصبح من الضروري التصدي لهذه المظاهر، أي مظاهر الفساد ونهب المال العام. و إن كل المكونات السياسية و المدنية اصبحت أمام مسؤولية خطيرة من أجل حماية المال العام و إرساء مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة و القطع مع الإفلات من جرائم الفساد و نهب المال العام . إن هذا الطموح الذي يظل مجتمعيا بكل المقاييس لا يمكن تحقيقه دون نضال من أجل الكشف عن بؤر الفساد و دون قضاء قوي و مستقل و كفؤ من أجل محاسبة المسئولين عن الجرائم المالية .و إن التصدي للفساد و نهب المال العام يشكل جزءا لا يتجزأ عن النضال من أجل حقوق الإنسان الاقتصادية و الاجتماعية . لأن حقوق الإنسان تعتبر المقوم الأساسي لبناء دولة الحق و القانون ، لكن محاربة الفساد و نهب المال العام واقتصاد الريع تعتبر الرافعة الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة للرأس المال الطبيعي و البشري و يحتاج إلى قضاء متمكن وفاعل أساسي في هذا المجال ؟
و للوقوف على دور القضاء في حماية المال العام لا بد أولا :
من الوقوف على المفاهيم المرتبطة بالفساد و نهب المال العام الحقيقة و الأسباب
القضاء و الآليات الممكنة لحماية المال العام من النهب و التبذير ، أي المؤسسات الدستورية المنتخبة ،المجتمع المدني و الأحزاب السياسية.
1 المفاهيم المرتبطة بالفساد ونهب المال العام :
يعتقد عامة الناس في بلادنا بأن الفساد هو سلوك له ارتباط بالأخلاق و المال العام هو مال الدولة لها حق التصرف فيه كيف تشاء . و لذلك بات من الواجب أن نتعرف عن الفساد و عن المال العام من خلال المفاهيم المتعارف عليها عالميا:
إ الفساد لغة : هو ضد الصلاح ، أي فسد الشيء هو ضد صلح و يقال أفسد الشيء أي اساء استعماله .
الفساد اصطلاحا : هو إساءة استخدام السلطة الرسمية الممنوحة للشخص في مجال المال العام أو استغلال النفوذ أو التهاون في تطبيق القانون و قواعده أو المحسوبية و الزبونية و كل ما يلحق الضرر بالمصلحة العامة وتقديم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة .
ب الأسباب المرتبطة بنهب المال العام و مظاهره :
ضعف مؤسسات المجتمع المدني : لما يكون المجتمع المدني غائبا أو مغيبا
عدم احترام القوانيني المنظمة مثل قانون الصفقات أو قانون التدرج في الأسلاك الوظيفية ،
الجهل بحقوق الافراد وواجباتهم : أي لما تعمل الدولة على تكريس الأمية و الأمية السياسية
الفقر والحاجه يفرضان أحينا سلوكات تتنافي و مبادئ الخلاق الاجتماعية
الفساد السياسي :يعرف معجم أوكسفورد الإنكليزي الفساد بانه "انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة". كما أن الفساد السياسي بمعناه الأوسع هو إساءة استخدام السلطة الحكومية لأهداف غير مشروعة لتحقيق مكاسب شخصية.إلا أن الفساد السياسي تتنوع اشكاله من بلد لآخر و أن اكثره شيوعاً يتجلى في المحسوبية و الزبونية وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب. و يعتبر مدخلا أساسيا في تسهيل جرائم نهب المال العام و في تنشيط الجريمة من قبيل الاتجار في المخدرات و الممنوعات و التهريب و غسل الأموال .
ج بعض تجليات الفساد :
الرشوة و هي من مظاهر الفساد و تكرسه على جميع المستويات
اقصاء الكفاءات المؤهلة بفعل الوساطة لصالح الغير غير المؤهل أي وضع الشخص في المكان غير المناسب
استغلال الممتلكات العامة للمصلحة الخاصة
اساءة استخدام السلطة الرسمية و استغلال النفوذ من خلال ممارسات تتجلى في نهب المال العام
د المال العام :
هناك مجموعة من التعريفات الفقهية و القانونية بالنسبة للمال العام للدولة مثل :
أموال الدولة العامة هي الوسيلة المادية التي تستعين بها الجهات الإدارية على ممارسة نشاطها خدمة للصالح العام.
المال العام للدولة هو كل شيء تملكه الدولة من ثروات و من عقارات ومنقولات أو أي شخص اعتباري عام يكون مخصصا للنفع العام بالفعل أو بمقتضى القانون.
المال العام يكون مخصصا للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى القانون .
و من الملاحظ هو الاعتماد على القانون المقارن الفرنسي وخصائصه المؤرخة في 22/11/1790 لتحديد مستويات المال العام و المال العام القابل للحجز
القضاء و حماية المال العام :
1- لقد أجمعت الدول كلها على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد بان نهب المال العام والفساد أخطر من الإرهاب ، معتبرة في نفس الوقت بأنه لا توجد علاقة مباشرة بين الفساد و نظام الحكم . فالفساد كالفيروس موجود في دول انظمتها ديكتاتورية كما هو موجود في دول انظمتها ديمقراطية و انتشاره يعمل على زعزعة الاستقرار الاقتصادي و عرقلة النمو وزيادة الفقر ، لكن الفرق هو أن الدول ذات أنظمة غير ديمقراطية تعتبر حاملة للفساد و حاضنة له. أ أما الدول ذات الانظمة الديمقراطية التي يتكرس فيها فصل السلط ، و تجرى فيها انتخابات حرة ونزيهة تساعد على التداول السلمي للسلطة و سيادة حرية التعبير وتوجد فيها صحافة حرة وقضاء مستقل محايد عادل وكفء تكون بذلك ممارسة الفساد عملية صعبة و أحيانا غير ممكنة .
فأي قضاء لحماية المال العام ؟
إن القضاء يستمد قوته و كفاءته من المناخ الديمقراطي حيث يتمتع بالاستقلالية و بالنزاهة و بالجرئة . ففي الدول الديمقراطية لا يعرف القضاء الحدود الحمراء بالنسبة للفساد ونهب المال العام ، و نستحضر هنا دور القضاء في فرض احترام المال العام للدولة .في فرنسا مثلا تابع القضاء رئيس الدولة الأسبق شيراك لما كان عمدة لباريز كما نستحضر محاكمة الرئيس الألماني كول حول تبديد أموال عمومي ...
إذن فالقضاء هو الوسيلة الأساسية و الأهم لحماية المال العام و الحد من الظاهرة إذا كان يتمتع باستقلاليته وحياده و لا تأثير عليه او التدخل في شؤونه مع عدم تدخل السلطات الاخرى كالتنفيذية او التشريعية في ملاحقة المفسدين من أجل التأثير على القضاء او على المحققين او على رؤسائهم الاداريين . و يتطلب ايضا كفاءة المحققين القائمين بملاحقة ناهبي المال العام وقدرتهم على جمع الادلة التي تبثث إدانتهم من قبل المحاكم حين احالتهم عليها ، فاستقلالية القضاء و كفاءته و نزاهته مسالة حتمية و ضرورية لحماية المال العام و مكافحة الفساد بجميع أنواعه.
إن وجود نظام قضائي مستقل وفعال ونزيه من الأولويات في اية استرتيجية لمحاربة الفساد و حماية المال العام . و إن أي دور متخلف للقضاء يعطي نتائج عكسية اذ يقتنع كبار الفاسدين من ذوي النفوذ بأنهم بمنأى عن الملاحقة وانهم فوق القانون ، لذا فان استقلالية وشجاعة القضاة في التصدي لذوي النفوذ والسلطة في المجتمع ضرورية لتفعيل قوانين مكافحة الفساد وإلا فإنها ستظل عديمة الجدوى . إن قضايا الفساد و نهب المال العام غالبا ما تكون معقدة وموضع اخذ ورد ،تستدعي معرفة كبيرة بالقواعد القانونية و الالمام بالكثير من المعلومات التي تحيط القضية ، فضلا عن ذلك غالبا ما تنطوي قضايا الفساد و نهب المال العام على بعض الشخصيات ذات النفوذ القوي في المجتمع كما هو الحال عندنا لما ترشح المتابعون قضائيا بتهمة الفساد ونهب المال العام في الانتخابات الجماعية والتشريعية مستغلين تخلف القضاء و تعثره و ضعف إمكانيته . و قد احتلوا مقاعد جماعية و جهوية و تشريعية .
القضاء المغربي و حماية المال العام:
لا يمكن للمغرب أن يظل خارج المراقبة المالية الدولية و لا خارج التتبع من طرف المنظمات الدولية التي تهتم بالتنمية و بالنزاهة و الشفافية و مستوى التطور و لذلك وف السياق العام الدولي التي أصبح رهين العولمة ، لذلك حاول الاهتمام بجانب حماية المال العام و لقد عرف المغرب تطورا نسبيا على بالنسبة لعملية مراقبة المال العام و كذلك على مستوى توسيع نطاق الرقابة المالية من خلال تخصيص حيز هام لأجهزة القضاء المالي ضمن فصول الدساتير لاسيما دستور 1996 الباب العاشر منه ودستور المملكة الحالي 2011 الفصل 147 الذي اعتبر بأن المجلس الأعلى للحسابات هيئة عليا مستقل يتولى ممارسة اختصاصات ذات طبيعة رقابية قضائية حقيقية . كما تم تخصيص غرف بمحاكم الاستئناف متخصصة في الجرايم المرتبطة بالمال العمومي في مدن فاس ومراكش والرباط والدار للنظر في الجنايات المنصوص عليها في الفصلين 241 و256 من القانون الجنائي والمتعلقة بالغدر والرشوة والاختلاس والقضايا المرتبطة بها . و قد تلقى القضاة تكوينا في التحقيق حول الجرائم المالية والاقتصادية،
ويعتبر المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات قطب المحاكم المالية بالمغرب؛ تم تنظيمهما بموجب الظهير الشريف رقم 1.02.124 الصادر بتاريخ 13 يونيو 2002 بتنفيذ القانون رقم 99-62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية، الذي نص على مجموعة من المقتضيات المنظمة لهذه المحاكم وخاصة ما يتعلق بمسطرة البث في الحسابات ومسطرة التأديب المتعلقة بالميزانية والشؤون المالية.
و تتعلق مهام المجلس العلى للحسابات أساسا بمراقبة تنفيذ وطرق تدبير الميزانية العامة بصفة خاصة والمالية العمومية وطرق تنفيذ السياسات العمومية ذات الأثر المالي وللميزانيات بصفة عامة بالنسبة للمؤسسات العمومية الشبه العمومية و الجمعيات ذات المنفعة العامة و الأحزاب.
و من خلال تتبع أعمال هذا المجلس على مستوى الإنجازات الرقابية نلاحظ أنه قام بمجموعة من الأعمال المهمة تم إنجازها بكل مهنية المضمنة في تقارير سنوية تصدر إلى الرأي العام وتفضح الجرائم المالية المرتكبة بحق المال العام . لكن الملاحظ هو أن القضاء لم يكن مستعدا للحسم في العديد من الاختلالات المتعلقة بمظاهر الفساد المالي داخل العديد من الإدارات والمؤسسات العمومية والمجالس الجماعية والبلديات خلال السنوات الماضية 2012 ، 2013، 2014 و 2015 ، و يمكن تفسير ذلك بالقيود المفروضة على الرقابة القضائية التي تجعلها منها حبيسة النصوص و بعيدة التفعيل الحقيقي لسلطاتها كهيئة رقابية متخصصة ، فقلة الموارد البشرية المناسبة و المختصة و ندرة الوسائل اللوجيتيكية و المادية المرصودة للقضاء المالي من أجل أداء عمله ، بالإضافة إلى محدودية بعض النصوص القانونية والمقتضيات التنظيمية لهذا الجهاز و الوضعية الغامضة للقاضي المالي في السلم الإداري .
للقضاء في حماية المال العام دورا كبيرا في مواجهة مظاهر الفساد المالي والإداري و تطهير مختلف القطاعات من ممارسة الزبونية والمحسوبية والرشوة وتمرير الصفقات بشكل يتعارض و قانون الصفقات والتملص الضريبي وسوء التدبير وغياب الحكامة و ذلك في إطار منهجية تسعى لحماية المصالح العليا للمجتمع خاصة و ان القضاء لم يعد يفتقد إلى مرجعية دستورية لتأصيل مبدأ الاستقلالية حيث نص الدستور في الفصل 107 على أن السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية و عن السلطة التنفيذية . هذا التنصيص الدستوري دفع بجهات ولوبيات نافذة متعددة تتدخل في القضاء من أجل تعطيل دوره كأداة فعالة لتكريس العدالة الاجتماعية وتطبيق القانون .إن لوبيات الفساد و نهب المال العام في البلاد ، الذين راكموا ثروات ضخمة بفعل نهب المال العام ، يعملون جاهدين على طمس دور القضاء في مجال الجرائم المالية ، رغم أن التشريع الجنائي المغربي ينص على الجزاءات في حالة ارتكاب جرائم اقتصادية . و هذا رغم التنصيص على مبدأ المساءلة في مجال المسؤولية العمومية بصفة صريحة في الدستور الحالي .
و نسوق هنا مجموعة الأمثلة :
ملف القرض العقاري و السياحي ، ملف كمناف ، ملف صندوق الضمان الاجتماعي ، التعاضدية العامة ملف سوق الجملة للخضر بالدار البيضاء .... ملف المطارات
فالقضاء المغربي لا زال غير قادر على القطع مع الفساد حماية المال العام لعدة أسباب منها :
غياب المناخ الديمقراطي الذي تنمو فيه القيم و الأخلاق السياسية و الإنسانية
شيوع الوساطة و الضغط من طرف الجهات النافذة
حماية المال العام عملية ظلت غائبة عن المجتمع المدني مع أنه الأول المؤهل عن لضمان الرقابة على المال العام
غياب دور الأحزاب السياسية في حماية المال العام
غياب آليات الكشف عن النقط السوداء في نهب المال العام : هناك مؤسسات غير خاضعة للمراقبة المالية من وزارات السيادة و الصناديق التنموية و الجمعيات ذات المنفعة العامة و لذلك فإن القضاء هو بحاجة ماسة إلى تقوية شاملة لأسسه وتعزيز مكانته كسلطة قضائية تتمركز في موقع عال في دواليب الدولة ، وذلك من خلال تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة و تبسيط والمساطر المتبعة في إطار الرقابة ومنح صبغة زجرية تتجلى في عقوبات صارمة ورادعة لكل المرتكبين للمخالفات المالية كيفما كانت قيمتها وكيفما كان موقع مسؤوليتهم ، مما يؤسس لمبدأ العدالة الاجتماعية وترسيخ أمل المجتمع في التغيير والإصلاح من خلال متابعة مرتكبي الجرائم المالية وعرض ملفاتهم على القضاء المتخصص تكريسا لقاعدة عدم الإفلات من العقاب
إن عدم إصدار أحكام رادعة في حق المرتكبين للجرائم المالية ،يتعارض و مبدأ عدم الإفلات من العقاب مما يطرح تساؤلات متعددة منها :
أي قضاء قادر تحريك المتابعة الجنائية للمتورطين في الاختلاسات المالية و محاربته لظاهرة الإفلات من العقاب؟
فالرقابة المالية تكشف كل سنة عن عدد من الملفات المرتبطة بنهب المال العام و توضح الحجم الهائل للأموال العمومية المنهوبة والتي بلغت أرقاما قياسية البرنامج ألاستعجالي'( 3 مليار و نصف ) ، لكن تظل هذه العملية دون أية فائدة دون نتائج مريحة في غالب الأحيان في ظل الإفلات من العقاب و في إطار دولة لم ترق بعد إلى دولة الحق والقانون حيث تحقيق العدالة الاجتماعية ، .
خاتمة :
لا زال المغرب لم يحقق القطع مع الفساد و نهب المال بفعل قضاء لا زال يعاني من النفوذ و عدم الاستقلالية و عدم وضع أرضية للإصلاح الشامل لمنظومة القضاء ، حيث يجب أن يشمل مجموعة من العناصر المرتبطة بحماية المال العام مثل الانخراط في محاربة الرشوة بتخليق الحياة الإدارية والعامة، و تطوير منظومة التنظيم القضائي في أفق تمكين في المحاكم المالية جميع شروط النجاح سواء على مستوى المؤسسة أو القوانين المنظمة لها أو الإمكانيات المادية والبشرية .
بالإضافة إلى الدور الذي يجب أن يلعبه المجتمع المدني على مستوى الرصد و التبليغ و التوعية .
ذ.البدالي صافي الدين
عضو المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.