بقلم الدكتور أحمد الريسوني هيبة الدولة يعرفها المواطنون جيدا وترتعد منها فرائصهم على بعد مسافات؛ لكونها محمية بالقوانين وبما فوق القوانين، محمية بالقوانين الاستثنائية والتدبير الاستعجالية، محمية بالأجهزة العادية والأخرى الخفية. لكن ما الذي أصابها هذه الأيام؟ وأين ذهبت؟ نساء لقيطات مأجورات، يتحدين الدولة وهيبتها بمنتهى الوقاحة والجسارة، ويخترن لذلك مكانا له ما له من قدسية دينية، وحرمة تاريخية، ورمزية سياسية. تحديْن القوانين والسيادة والسياسة. ثم انصرفن بكل ثقة وطمأنينة وأمان… فماذا فعلت هيبة الدولة وأجهزتها العتيدة؟ قالت لنا الوزارة الوصية: إنها أخرجتهن من البلاد، علما بأنهن ضبطن في المطار لمغادرة البلاد، بعدما أَدَّيْن ما أُرسلن لأجله. السؤال الذي حيّر الناس هو: أليس في البلد قوانين جنائية تم انتهاكها بتبجح سافر؟ أليس في البلد محاكم مختصة هي التي تقرر في شأن أفعالهن؟ ألسنا في دولة القانون؟ أم أن الفصول القانونية والسلطة القضائية والأجهزة المهيبة، لا تمتد يدها ولا تنزل سطوتها إلا على المواطنين “الغلابة”؟ أسدٌ عليَّ وفي الحروبِ نعامةٌ … ربداءُ تجفلُ من صفيرِ الصافرِ لكن ما هو أشد وأمَرُّ، هو شواذُّ آخرون، سفراء فوق العادة، جيئ بهم ضيوفا معززين مكرمين في موازين الفساد، وجُمع لهم الناس بمختلف وسائل التهييج الدعائي والضغط النفسي، ونصبت لهم المنصات الشامخة، لكي يصعدوا فوقها، ويدوسوا القانون والسيادة والكرامة، تمجيدا وترويجا لشذوذهم وقذارتهم، ثم إذا بهم يتسلمون أجورا خيالية على ذلك من أموال المغرب والمغاربة، ورغم أنف المغرب والمغاربة… وفي السنة الماضية جاؤونا بإحدى هؤلاء الساقطات، ويسمونها الفنانة المصرية…، فلما ظنت أنها قد تمكنت من عواطف الناس وغرائزهم، قامت تهتف فيهم: يحي الرئيس السيسي، وكأنَّ البلد ليس فيه من يُهتف له وينادى به، حتى جاءت هي لتهتف لنا برمز من رموز الغدر والقتل والغصب؟ كنا دوما نشمئز وننفر من تلك “الهيبة المضخمة المفزعة”، لكننا هذه الأيام افتقدنا هيبة الدولة كيفما كانت، حتى أخذتنا الغيرةُ والشفقة عليها وعلى اختفائها في ظروف غامضة.