ياسين عدنان كنت منذ البداية مساندًا للأساتذة المتدرّبين في معركتهم ضد المرسومَيْن. أوّلا لنتّفق على أنّ خفض المنحة كان مفاجأة غير مدروسة تعكس التخبّط أكثر من أيّ شيء آخر. لكن القرار الصاعق غير المفهوم يبقى قرار الحكومة القاضي بفصل التوظيف عن التكوين.
القرار مستفزّ ليس فقط لأنّه أخذ الأساتذة على حين غرّة، فهم لم يُشعَرُوا به منذ البداية، ولكن أيضًا لأن الخصاص المهول يستدعي مضاعفة التكوين والتوظيف معًا، لا خفض التوظيف والتشويش على جودة التكوين بهذا الشكل. ومع ذلك، فللحكومة تبريرات تستحقّ أن نسمعها منها، مثلما من حقّ الأساتذة المتدربين الاحتجاج على المرسومَيْن في إطار القانون. لكن أن تنتقل الحكومة من التبرير إلى التنكيل بأساتذة الغد وسحلهم وإراقة دمائهم في الشوارع فهذا أمر مُخْزٍ. والمخزي أكثر أن الحكومة، من خلال قوات الأمن التي أطلقتها على أساتذة الغد، بدت كمن يستأسد على ضعيف.
والحقيقة أننا كمواطنين صرنا نشعر أن قوات الأمن بدأت تستأسد فقط على الفئات المثقفة المتعلمة، فيما تتحوّل مع الأسف الشديد إلى نعامة في الملاعب أمام ميليشيات التشرميل الكروي العنيفة. ولا نخفي أننا تعاطَفْنا كمواطنين مع رجال الأمن الذين تعرّضوا للضرب والتنكيل في ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء مؤخّرا، وكما نتمنّى لو أن قوات الأمن ووزارة الداخلية بلورَتْ خطة حازمة لمواجهة ظاهرتَيْ العنف والانفلات الأمني في الملاعب، فإذا بهم يتركون كل ذلك ليقوموا باستعراض قوتهم أمام أساتذة مسالمين. هو البيت الشهير الذي قيل عن الحجّاج مرّةً يَصْدُقُ على حالة الحكومة المغربية -ووزارة داخليتها- اليوم: أسدٌ عليّ وفي الحروبِ نعامةٌ / ربداءُ تُجفِلُ من صفير الصافر هلا برزتَ إلى “غزالة” في الوَغى / أم كان قلبُكَ في جناحَيْ طائر؟ وأخيرًا، وبما أن حكومة الأستاذ عبد الإله بنكيران ما زالت لم تعترف بَعْدُ بمسؤوليتها عن هذه الكارثة، ولم تعتذر للمغاربة، فاسمحوا لي أيها الأصدقاء أن أعرب عن خجلي مما حصل باعتباري مواطنا مغربيا، وأن أعتذر باسمي الشخصي لكل الطلبة الأساتذة الذين أُريقَتْ دماؤهم… إذا أصرّت الحكومة على التنكّر لمسؤوليتها المباشرة عن هذا الحادث المخزي فهذا شأنها، لكن ربما علينا كمواطنين أن نتحمل مسؤوليتنا جميعا فيما حصل.. ونعترف.. ونعتذر.. نعتذر بصدق للضحايا.. وذلك أضعفُ المواطنة.