ماري ڤيردييه، ترجمة سعيد السالمي 25 أكتوبر, 2018 - 01:36:00 "الشرطة هي التي تجري التحقيقات".. كم مرة سمع الصحفي هشام المنصوري هذه الجملة من عناصر الشرطة عندما كان يدير برنامج التكوين في الجمعية المغربية لصحافة التحقيق؟ "اتهمونا بتكوين الشباب على استعمال الهواتف الذكية والانترنت، وهو ما جلب لنا متاعب كثيرة"، هكذا يقول الصحفي الذي لجأ إلى فرنسا وحصل فيها على اللجوء السياسي بعد سنتين من الاجراءَات. لقد واجه متاعب خطيرة كلفته ملاحقة أمام المحكمة منذ سنة 2015 بتهمة "المس بالامن العام للدولة" على غرار خمسة صحفيين آخرين ونشطاء حقوقيين، منهم المؤرخ والصحفي المعطي منجب المعروف بمواقفه المزعجة للنظام، فضلا عن آخرين يتابعان بتهمة تلقي التمويل من الخارج دون ترخيص. تأجيل المحاكمة 12 مرة السبعة المتابعون في حالة سراح مؤقت ثلاثة منهم غادروا المغرب تم استدعاؤهم اليوم الاربعاء 24 اكتوبر من طرف محكمة الاستئناف بالرباط، وتم تأجيل محاكمتهم، التي سبق أن أجلت 12 مرة، الى 30 يناير 2019. وعن هذا التأجيل يقول هشام "الملف غير مكتمل، وهذه التأجيلات تضع سيف ديمقليس فوق رؤوسنا". عندما كان طفلا في قريته القريبة من ورزازات، ولانه كان نحيفا وصغير القامة فقد كان يستعمل قلمه للدفاع عن نفسه، وكان دفتره الساخر يجوب القسم. عن هذه الفترة يقول هشام والابتسامة على محياه: "كان "الجميع يسعى الى كسب صداقتي". مدونته "سراق الزيت" وتابع قائلا: "كانت الصحافة تبدو مستقبلا مستحيلا بالنسبة لساكنة الجنوب والقرى". لقد أشبع هشام شغفه بالكتابة منذ بداية الالفية على مدونته "سراق الزيت"، حيث كان هشام يبلغ العمر 20 سنة عندما كانت نسائم حكم الملك الشاب محمد السادس تهب على المغرب. وعن مدونته يقول : "أطلقت عليها اسم الصرصور لأننا نعامل مثل الصراصير، ولان الصراصير تبقى على قيد الحياة مهما كانت الظروف، وضدا فيها. ما كنت أكتبه في تلك الفترة، لو قيل اليوم، ومنذ ان اغلق قوس الانفتاح بين 2008 و2009، لتسبب لصاحبه في السجن". أثار المدون الشاب انتباه بعض الصحف فألحقوه بركب الصحافة، وبعد ذلك التقى بالأستاذ الجامعي المعطي منجب، رئيس جمعية "الحرية الآن" التي تعنى بالدفاع عن حرية التعبير في المغرب. الجمعية المغربية لصحافة التحقيق التي أسست سنة 2009، ستحظي باعتراف السلطة سنة 2011، يومان بعد تشكيل حركة عشرين فبراير، التي رأت النور في أعقاب الثورة التونسية، وأصبح بيت هشام مقراً غير رسمي للجمعية. ومع الانتشار الذي عرفته شبكة الصحفيين الاستقصائيين في جميع أنحاء البلاد، حيث باتت تغطي 13 مدينة سنة 2013، تزايدت عمليات التضييق التي اتخذت في الاخير منحى كارثيا. الخوف الشديد في فترة السجن بات عملاء المخابرات يقتحمون مقر الجمعية، كما تمت قرصنة موقعها واستبدلوه بمحتويات إباحية، وتعرض هشام لاعتداء عنيف يوم 24 سبتمبر 2014 من طرف جماعة من الرجال يبدو من مظهرهم أنهم مهنيون. ويوم 17 مارس 2015، انتهزت الشرطة فرصة علاقة مهنية جمعته بامرأة انفصلت عن زوجها، فكسروا الباب، من دون مذكرة إيقاف، وأجبروهما على إزالة ملابسهما، والاستلقاء معا في السرير، واتهم هشام بممارسة الزنا في حالة تلبس، وحوكم بعشرة أشهر سجنا نافذة قضاها رفقة سجناء الحق العام. وعن تلك الفترة يقول هشام: "بدأ الانتقام من فترة السجن من خلال أشخاص خطيرين ومعارك لا متناهية. كنت أشعر بخوف شديد ولا ادري كيف استطعت ان ابقى على قيد الحياة بعد تلك الاشهر العشر التي لم أكن أرى فيها إلا الظلام من حولي. إذاك اتخذت قرار مغادرة المغرب ولن انسى أبدا ما فعلته بي بلادي". اما والداه فقد غادرا قريتهما هربا من ضغط الجيران. يكتب مذكراته في السجن عندما كان هشام معتقلا، تلقى الاستدعاء على خلفية القضية الثانية التي بات يتابع من أجلها. وعن هذه الدعوى يقول: "لو كانت هناك قرائن على مسي بأمن الدولة، لن أتمكن من مغادرة المغرب أصلا، ناهيك أن فرنسا كانت سترحلني إلى المغرب بمجرد وصولي إليها". هشام يبلغ الآن من العمر 38 سنة. يحاول بناء حياته من جديد في باريس، كما أنه يكتب ذكرياته من خلال اليوميات التي كان يدونها في زنزانته، ويتابع دراسته في العلوم السياسية. وعن مشاريعه بعد ذلك؟ قال "تعلمت في السجن ألا انظر بعيداً جداً". - المصدر: صحيفة "لاكروا"