كتبنا قبل ستة شهور بالضبط أن الملياردير روبرت موردوخ، اليهودي الاسترالي الأصل الذي يحمل الجنسية الأمريكية ويملك نصف الكرة الأرضية بكل صحفها وفضائياتها ( 300 جريدة وصحيفة على الأقل في كل أنحاء العالم) رئيس عصابة قطاع طرق عالمية تريد أن تستحوذ على العالم باستغلال مهارات وكفاءات الإعلام. وبمساهمة متواضعة حاولنا فضح "مملكته" الإعلامية "نيوز كورب" التي تضم كلا من صحيفة التايمز اللندنية التي تعتبر أحد رموز الإمبراطورية الإعلامية والتي تشمل "صاندي تايمز" و"فاکس نيوز" و "وول ستريت جورنال" و "نيوز اوف دورد" و"بي سكاي بي" التي تتضمن قناة "ناشيونال جيوغرافيك". وكل ما قامت به هذه المؤسسة الشيطانية هو تحرير الأكاذيب ونشر التزوير ومساندة الحرب على العراق بدون استثناء لإرضاء مالكها الطاغية الفولاذي "الستاليني" أو كما يلقبه البعض الإمبراطور-الشيطان. هذا الرجل يحسب على اليمين المتطرف في المجتمع الأمريكي وتطرفه ينبع من عدد من العوامل منها ما يسمى بالأصولية المسيحية. وهو فاشي بالدرجة الأولى في إيديولوجيته وسلوكه السياسي ويتلبس بالديانة المسيحية لامتلاك العديد من المؤسسات الإعلامية الكبيرة في الولاياتالمتحدة والتي تؤثر بشكل فعال في تشكيل السياسة الأميركية. كما أنه متشبع بالفكر الصهيوني العنصري وملتزم بكافة توجهاته ومبادئه ويتمتع بعلاقات وثيقة باللوبي الصهيوني-الإسرائيلي داخل الولاياتالمتحدة ويساند سياسات إسرائيل بلا حدود أو شروط وله روابط مع كبار الرأسماليين الأكثر غنى في أمريكا والعالم، بمن فيهم بعض العرب (أمير سعودي واحد يملك 7 في المائة من "نيوز كورب")، الذين لديهم وجهات نظر يمينية متطرفة، ويحمل عداءاً متميزاً للمسلمين والإسلام، كما أنه كان أول من ساند الغزو الأمريكي للعراق. فكل صحفه وفضائياته، معروف عليها نشر السموم وخلق الفوضى والاتهامات المزيفة والتشهير بالأقليات ولاسيما المسلمين واختلاق القصص العارية من الصحة وشن الحملات الإعلامية الشرسة التي تستهدف تشويه الأقلية المسلمة في بريطانيا. كما شنت شبكته الفضائية العنصرية الأمريكية "فوكس نيوز" هجوماً شديداً على الرئيس الحالي باراك أوباما حين ترشيحه لمنصب الرئاسة، واتهمته بشتى التهم ومارست في حقه أبشع تدليس بل تزوير للحقائق والتاريخ، وكان أحدها أنه تلقى تعليماً إسلامياً أصولياً في إحدى المدارس في ماليزيا، تبين لاحقاً أنه خبر مزيف. هذا الرجل-الشيطان تحول إلى رجل-نووي حيث سُجّل عنه قوله مرة "نرى النظام في إيران الذي يدعم حزب الله وحماس الآن في طريقه للحصول على سلاح نووي" في محاولة واضحة لإشعال فتيل حرب جديدة على إيران. ونشرت جريدته التايمز اللندنية في 14 ديسمبر 2009، بعض "الوثائق السرية" التي حصلت عليها من "جهات استخباراتية" تثبت أن إيران تعمل على اختبار مكون رئيسي ونهائي لقنبلة نووية. وهذه الوثائق، حسب الجريدة، تؤكد "بالحجج الدامغة" أن لإيران خطة مدتها "أربع سنوات لاختبار عنصر أساسي من عناصر السلاح النووي" وهذا ما يدل على أن النظام الإيراني "نظام عدائي". وسرعان ما انكشف أمر هذه الوثيقة. فأول من درسها عن كثب ليس إلا المخابرات المركزية الأمريكية التي خلصت إلى النتيجة المخزية بأن "الوثيقة" التي نشرت في صحيفة التايمز اللندنية، والتي تزعم أنها تصف خطة إيرانية لإجراء تجارب على ما وصفته الصحيفة بأنه "تطوير التكنولوجيا العسكرية المنظمة التي يديرها العالم الإيراني محسن فخري زاده لصنع سلاح نووي، كانت وثيقة مزورة ومصطنعة تماما". وأضافت الوكالة المركزية "إنه لا علاقة للولايات المتحدةالأمريكية بتزوير الوثيقة، وبان إسرائيل هي المشتبه به الرئيسي". وختمت " لا يستبعد وجود دور بريطاني في تلفيق الخبر". هكذا يلوث روبرت موردوخ الصحافة البريطانية الملتزمة بمساعدة الموساد الإسرائيلي والمخابرات البريطانية لبث بذور الفرقة والتشويش والتعتيم التي تغطي الدوافع والنيات الحقيقية لمنطقه الجنوني الذي يروج للحرب والعنف والانقسامات بتحريف الحقائق. ونجح في توجيه الإعلام البريطاني نحو غايات وأهداف محددة بتركيب مؤسسات متخصصة في المواد السوقية التافهة، بخط واضح يقوم على اللاأخلاقية. فسقط الضمير المهني البريطاني الذي يقوم عليه العمل الصحفي وتحول إلى إستراتيجية معينة تقوم على تحريف الحقائق والأخبار التي تتسبب في الحقد والكراهية والتطبيل للحرب وإلغاء عقول البريطانيين والطريقة الصحيحة التي يفكر بها المجتمع البريطاني. فتحولت اغلب الصحف البريطانية إلى لعب دور سلبي متميز في قطاعات الإعلام المختلفة. وأصبح همها الأول بعد أحداث سبتمبر 11، 2001 المأساوية زرع الخوف والكذب والتدليس ونشر ثقافة الخداع والفزع في كل بيت من بيوت البريطانيين وفي كل زقاق من أزقتها وفي كل محطة من محطات القطارات أو الطائرات أو المترو. لكن الرأي العام البريطاني فطن الحيلة واجبر هذا البارون على إغلاق واحدة من أقدم وأوسع وأقوى وسائل الإعلام انتشارا في تاريخ بريطانيا، "نيوز اوف دورد". وهذه الجريدة هي في الحقيقة ليست أكثر من جريدة صفراء متخصصة في قصص المشاهير والجنس والقتل والاختفاء تستخدم علاقات لا أخلاقية، وصلات وطيدة لا قانونية مع الشرطة للحصول على معلومات استخباراتية حول التحقيقات الجارية فيما يتعلق بالإجرام والقتل والاختفاء ومشاكل المشاهير، الخ. إلا أن الجريدة ذهبت بعيدا هذه المرة حيث قرصنت الهاتف المحمول لضحية قتل وسرقت منه رسائل صوتية وخطية ونشرتها على أعمدة جريدتها وأعطت انطباعا بان الضحية لا تزال على قيد الحياة حتى يتسنى لشركة التامين التنصل من مسؤوليتها. وهذه القضية ليست أكثر من اكتشاف ورم خبيث ستفضحه الأيام القادمة مع المزيد من الفحوص الدقيقة انه سرطان يحتاج لعملية جراحية خطيرة. وهذا النمط من السلوك هو الذي تنتهجه العديد من جرائد وفضائيات هذا الشيطان لتخدير وتمويه ضمائر بني البشر. ولم يعد غريبا على صحفي هذا المارق أن الأولوية عندهم هي النجاح والبطولات الشخصية وليست المسؤولية الاجتماعية. ولا يمكن لأي إنسان القيام بهذا العمل إلا إذا كان فاقد الرشد أو مجنونا. ويفترض في الشرطة التعرف على أعمال الإجرام وملاحقة الجناة وتقديمهم إلى العدالة. كما يفترض في الصحافة توعية الجمهور، وتسهيل فتح قنوات التواصل للوصول إلى الحقيقة بكل شفافية. لكن بدلا من ذلك، نعتر على الشرطة البريطانية تتواطأ مع شركة متعددة الجنسيات تعمل فوق القانون وبدون أخلاقيات أو قيم التي تفرضها المهنية الإعلامية مقابل الامتيازات والمصالح الشخصية المختلفة. وبذلك تحولت الصحافة على يد موردوخ إلى بوليس سري يمارس الرقابة والفساد والكذب والاحتيال والتزوير. كما صنع موردوخ صنفا من الهلع الأخلاقي وآلة بشعة من "البلطجية" لترويع السياسيين وإجبارهم على قبول الأمر الواقع وإرهاب الصحفيين الخارجين عن السرب وإذلال الأقليات داخل المجتمع البريطاني. وقد تعفنت بالفعل الثقافة السياسية والمناخ الاجتماعي البريطاني بسبب طغيان هذه الشخصية، حيث تم إخضاع حياة الكثير من الناس للأكاذيب لفترة طويلة. والآن على الرأي العام البريطاني، وربما العالمي، خلال الأسابيع القليلة الآتية أن يضع حدا لفساد هذا الطاغية وان يتخلص من مفسدة مؤسسته الإعلامية. غالبا ما ينفي مردوخ انه يملك معظم وأقوى وسائل الإعلام في العالم، تماما كما ينفى معمر القذافي انه يتحكم في مصير ليبيا والليبيين بالنار والحديد. وهذه الروايات هي مجرد علامات للسمات السلطوية المجنونة التي يطبعها الغموض والانفصام. والمقربون من موردوخ يصفونه على انه وحش على نطاق عالمي يتميز في نشاطه المعتاد بالعنف والغطرسة والخداع. أما ماتيو فرويد، رجل علاقات الأعمال العامة المتزوج باليزابيت ابنة روبرت مردوخ، وحفيد سيغموند فرويد، عالم النفس المشهور ومؤسس مدرسة التحليل النفسي، فيقول باستغراب عن صهره انه يعتقد بنفسه فعلا الأشياء التي تكتب في صحفه. ومع الأسف سيترك موردوخ وراءه مردوخات آخرين، كما سيترك القذافي قذادفة آخرين ينشرون الطاعون والأوبئة في كل أرجاء العالم ويتنكرون لذلك!