29 ماي, 2018 - 12:16:00 أماطت حملة مقاطعة لثلاثة منتجات في السوق المغربية، اللثام عن تقرير برلماني حول أسعار المحروقات والأرباح الكبيرة لتجارها، بعدما ظل حبيس رفوف البرلمان لعدة شهور. وتطال "حملة المقاطعة" غير المسبوقة، التي انطلقت في 20 أبريل الماضي، وتطالب بخفض الأسعار، شركة لبيع المحروقات يملكها وزير الفلاحة عزيز أخنوش. كذلك، تطال الحملة شركة مياه معدنية تملكها مريم بنصالح، الرئيس السابق للاتحاد العام لمقاولات المغرب، إضافة إلى شركة فرنسية للحليب ومشتقاته. أرباح كبيرة وأثار التقرير البرلماني موجة من الشد والجذب بين مكونات اللجنة الاستطلاعية البرلمانية-التي تم تكليفها بإعداده- إذ جاءت صفحاته خالية من أرقام توضح بشكل مباشر هامش أرباح الشركات المعدودة، التي تسيطر على سوق المحروقات بالبلاد. غير أن البرلماني عن حزب العدالة والتنمية عبد الله بوانو، الذي يترأس اللجنة البرلمانية الاستطلاعية حول المحروقات، فضل الخروج للصحافة، وقال إن "هناك شركات للمحروقات بالمغرب تضاعفت أرباحها ما بين 300 - 996 بالمائة منذ تحرير الأسعار في 2015". وأكد "بوانو" أن "هناك 11 شركة تستورد الوقود في المغرب، 4 شركات منها تستحوذ على 70 بالمائة من السوق، وإذا جمعنا هوامش ربح هذه الشركات سنتفاجأ أننا أمام عشرات مليارات الدراهم من الأرباح، وهناك شركات تضاعف ربحها منذ التحرير إلى 996 بالمائة". وأضاف أن هامش ربح هذه الشركات وصل إلى 17 مليار درهم منذ 2015. تراكم الأرباح من جانبه، قال الباحث "بلال التليدي"، إن البلاد تعيش ظرفية وصفها ب"الدقيقة"، مؤكدا أن الوضع يفرض على الحكومة "تقديم جواب لتهدئة الشارع والرأي العام بخصوص الارتفاع المهول لأسعار المحروقات". وأضاف التليدي أن التقرير "توقف عند اختلالات كبيرة فيما يرتبط بأسعار المحروقات". وشدد على أن خلاصة التقرير الأساسية هي أن "عملية تحرير الأسعار لم يستفد منها إلا أصحاب الشركات والدولة.. الدولة تخلصت من منظومة الدعم، والشركات استغلت فرصة عدم وجود مجلس للمنافسة ". وبعد أن قررت الحكومة المغربية عكس أسعار المحروقات دوليا، على الأسعار داخليا، وذلك بشكل جزئي (أو ما يطلق عليه المقايسة)، خلال شتنبر 2013 ، ألغت الدعم عن المحروقات في 2015. ويطلق على نظام الدعم بالمغرب "صندوق المقاصة"، ويدعم السكر والدقيق وقنينات الغاز ذات الاستعمال المنزلي. وأبرز التليدي أن غياب تفعيل مجلس المنافسة أدى إلى "نوع من الاحتكار والتركيز على تواطؤ في رفع أسعار البترول، على حساب القدرة الشرائية للمواطنين". احتكار من جانبه، رأى الباحث المعطي منجب، أن الحكومة لن تستطيع فعل "أي شيء لأنها لا تملك الوسائل السياسية لتطبيق سياستها وقراراتها، التي تضر النخبة المتحكمة اقتصاديا وماليا أو سياسيا". ويزعم منجب أن النظام الاقتصادي المغربي يبقى في جزء كبير منه "احتكار يعتمد السلطة السياسية لتضخيم أرباح وثروة جزء من الطبقة الاقتصادية". واعتبر أن النخبة النافدة اقتصاديا وماليا هي المستفيدة من هذا الوضع. وأعرب عن اعتقاده بأن "أي تحرك من الحكومة للحد من الأرباح المفرطة لشركات المحروقات بالمغرب، على حساب القدرة الشرائية للمواطنين، لا يمكن أن يتم إلا إذا تحرك الشارع في هذا الاتجاه". وقال رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، السبت الماضي، إن مقاطعة مواطنين لبعض المنتجات، احتجاجا على أسعارها، "حملت رسائل واضحة"، وأكد أن حكومته ستواصل اتخاذ قرارات لإنهاء الأزمة. وأوضح العثماني، على هامش لقاء لحزب العدالة والتنمية الذي يقوده، إن حكومته "اتخذت قرارات بخصوص الأسعار، وستواصل عملها في هذا الإطار"، مضيفًا أن قرارات ستصدر قريبا للسيطرة على أسعار المحروقات. وتابع: "نتحلى بالشجاعة الكافية فيما يخص الإصلاحات، وهي تحتاج إلى دراسة كافية، حتى لا يتم السقوط في سلبيات أخرى". وأكد العثماني أن الحكومة ستستمر في "السماع لصوت المواطنين، وليس لصوت اللوبيات والجهات التي تريد إفساد الحياة السياسية".