اعتبر المحلل السياسي عبد الرحيم العلام، أن التقرير الرسمي الصادر عن لجنة الاستطلاع البرلمانية حول المحروقات، كافٍ لإحداث زلزال سياسي حقيقي وليس متوهما، وذلك بالرغم من كل الملاحظات المسجلة عليه، مضيفا أنه "لا يعقل أن يستمر الوضع كما هو عليه في ظل هذه الفضيحة الرسمية"، وفق تعبيره. وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن ما سماها ب"الفضيحة الرسمية" التي كشفها التقرير، لم تصدر عن جماعة العدل والإحسان أو النهج الديمقراطي أو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أو جهة دولية، بل لجنة منبثقة عن إحدى أهم مؤسسات الدولة. وقال العلام في تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك، إن التقرير المذكور كشف عن "فضيحة رسمية بشهادة رسمية تنضاف إلى فضيحة عدم تفعيل مؤسسة دستورية من شأنها مراقبة التنافسية رغم مرور سبع سنوات على التعديل الدستوري"، موضحا أنه "لو توفر النزر اليسير من الحرص على المصلحة العليا الحقيقية للدولة وإبعاد الوطن عن منطقة الزلازل، لكان الأمر كافيا لإحداث زلزال سياسي"، حسب وصفه. وتسائل بالقول: "كيف يستمر الوضع على ما هو بينما يسجل رئيس لجنة الاستطلاع أن شركات المحروقات استنزفت جيوب المواطنين وضاعفت أرباها أكث من 900 في المائة؟ وكيف لا يحدث زلزال سياسي واقتصادي وأشخاص لا يزالون في مناصبهم الحكومية بينما هو متورطون في الاغتناء غير الأخلاقي وغير المشروع، رغم أنهم استفادوا من الانحراف السياسي من أجل شرعنته؟". ولفت المحلل السياسي إلى أن هذه "الفضيحة يتحمل مسؤوليتها جميع من هم في السلطة من دون استثناء، سواء الذين حرروا قطاع المحروقات دون أن يتلقوا العلم السياسي والاقتصادي الواجب، وسواء الذين لم يراقبوا عمل الحكومة وتركوها تنحرف سياسيا، وسواء الذين غطوا على الإقطاعيين والجشعين والنهابين ومنحوهم المشروعية السياسية، وسواء الذين لم يُفعّلوا المؤسسات الدستورية ولم ينهضوا بواجباتهم القانونية والسياسية. وكان رئيس اللجنة الاستطلاعية البرلمانية حول "أسعار بيع المحروقات السائلة للعموم وشروط المنافسة بعد قرار التحرير"، عبد الله بوانو، قد فجر معطيات مثيرة حول قطاع المحروقات بالمغرب، حيث كشف أن هناك شركات تضاعفت أرباحها 996 في المائة منذ تحرير الأسعار سنة 2015. وقال بووانو في تصريح لجريدة "العمق" على هامش الجلسة المخصصة لمناقشة التقرير بلجنة المالية بمجلس النواب، أول أمس الثلاثاء، إن تقرير المحروقات فيه من المعطيات ما يحتاج التحليل واستخراج الخلاصات منه، مضيفا أنه ما كان يريده كرئيس ليس هو الموجود في التقرير. وأضاف أن "هناك فرق بين السعر الذي حددته الحكومة والسعر الذي تبيع به الشركات المحروقات السائلة، ويصل إلى درهم واحد في اللتر وإذا تم ضربها في 6.5 مليون طن من الاستهلاك ما بين الغازوال والبنزين فإن الرقم يصل إلى 7 مليار درهم في السنة". وتابع في السياق ذاته، قائلا: "عندما تبحث تجد أن الشركة على برا لم تحقق أرباحا ولديها خسارة وهنا لديه أرباح تضاعفت ثلاث مرات، وفي البورصة انتقلت من 300 مليون درهم إلى 900 مليون درهم إذن فقد تضاعفت أرباحه 300 مرة وهذا كله ما بين 2015 و2016". وأوضح أنه "إذا تم جمع هوامش الربح واحدا واحد سنتفاجئ أننا أمام 10 ملايير الدراهم من الأرباح"، مضيفا بقوله "نحن نريد أن تربح هذه الشركات لكن يجب مراعاة أن هناك شعب وأن هناك تأثير على القدرة الشرائية للمواطن"، لافتا إلى أنه "بعد سنة من التحرير تزايدة 500 محطة وقود". وحصلت جريدة "العمق" على التقرير التركيبي للمهمة الاستطلاعية المذكورة، حيث أوصى التقرير الحكومة بتكثيف جهود مراقبة قطاع المحروقات عن كثب ومحاربة كل الممارسات المشبوهة، وضرورة قيام مجلس المنافسة بتحليل وضبط وضعية المنافسة في سوق المحروقات، ومراقبة الممارسات المنافية لها وعمليات التركيز والاحتكار. وكشف التقرير أن "أول مستفيد من عملية رفع الدعم عن المواد البترولية وتحرير القطاع هو سياسة الدولة التي استفادت من توفير ما يزيد عن 35 مليار درهم سنويا، التي تشكل نفقات المقاصة والتي بلغت سنة 2012 مستوى قياسيا يقدر ب 56 مليار درهم، هذه الأغلفة المالية التي تمت إعادة برمجتها لخدمة القطاعات الاجتماعية وتوجيه الدعم المباشر نحو الفئات الأكثر حاجة".