18 يناير, 2018 - 05:20:00 وجه المجلس الأعلى للتربية والتكوين، انتقادته لبطء العملي الحكومي في تنزيل الرؤية الإستراتيجية (2015 2030) لإصلاح التعليم، وفق ما جاء في المشروع الأولي لإعادة النظر في النموذج التنموي المغربي، الذي عرض أمام الجمعية العامة للمجلس. وجاء في تقديم لمشروع الوثيقة "مدرسة العدالة الاجتماعية مساهمة في التفكير في النموذج التنموي، أنه بعد مرور أكثر من سنتين على صياغة الرؤية الإستراتيجية 2015 2030 ،لا يزال تطبيقها الفعلي يعرف بعض التردد. وأضاف المجلس في الوثيقة التي حصل عليها موقع "لكم"، "يعد البطء الإداري، والعجز المتراكم الذي قاوم الإصلاحات المتتالية، من جملة العوامل التي كبحت بدء عملية التغيير". وأوضح المجلس في مشروعه الأولي لإعادة النظر في النموذج التنموي المغربي، أن أزمة التربية، أزمة بنيوية وأخلاقية، مشيرا لأنها تهدد مستقبل الأجيال الناشئة ومصير البلاد ، وتشكل تحديا للأمة. وتتجلى هذه الأزمة حسب الوثيقة التي يتنظر أن يصادق عليها أعضاء المجلس، في ضعف مكتسبات التلاميذ، وعدم ملاءمتها لحاجات البلاد الحالية والمستقبلة، ولسوق الشغل، وفي عملية التثاقف الشبه المعمم، وفي طبيعة القيم التي تلقنها المدرسة. وحسب الوثيقة ذاتها فإن أهم مظاهر أزمة التربية هذه، انعدام المساواة وتعميق الفوارق. وأشارت الوثيقة أن مهمة المدرسة هي فك الارتباط بين الفوارق الأصلية الاجتماعية والأساسية الموجودة بين التلاميذ ومستقبلهم الاجتماعي، مؤكدة على ان العجز التربوي يتفاقهم بالفوارق الاجتماعية التي تنتجها وترسخها المدرسة على كافة المستويات". وفي خلاصات الوثيقة، جاء أن معرفة الفوارق الكامنة في صلب نظام التربية، والاعتراف بها، يشكل الخطوة الأولى نحو تجديد نموذجنا للتنمية البشرية. أما الخطوة الثانية فتتمثل في الحد من إرث الفوارق المدرسية في إطار مقاربة شمولية تأخذ بالاعتبار الأبعاد الاقتصادية، والسياسية، والمؤسساتية، والثقافية، والسلوكية. وتبقى الخطوة الثالثة وفق خلاصات المجلس، التحدي الأبرز الذي على البلاد رفعه هو ظهور نموذج تربوي جديد يقوم على العدالة المدرسية، و يدفع البلاد إلى الانخراط في عملية التنمية الاقتصادية، وفي بناء مجتمع المعرفة. وفي تقييم أولى للإستراتيجية 2015- 2030، جاء في الوثيقة ان التقدم الكبير الذي أحرزه المغرب خلال العشريتين الأخيرتين على المستوى الكمي، وخاصة فيما يتعلق بولوج التعليم الابتدائي، لا يمكن أن يخفي الفوارق الاجتماعية، التي تزال تعيد إنتاج نفسها في الحقل المدرسي. ووفق الوثيقة، تدعو التحديات المرتبطة بتسليع (الصفة التجارية) التربية، دون الإضرار بوضع التعليم الخاص في التشكيلة التربوية، النظام التربوي إلى إيجاد الطريق لتفادي الفوارق التي تضر بالاختلاط والتماسك الاجتماعيين، اللذين يضمنان للبلاد استقرارها وسيرها بخطى ثابتة نحو النمو الشامل والتنمية البشرية المستدامة. وشددت الوثيقة على ان الاستحقاق الشخصي، يجب ان يعتبر هو الوسيلة الوحيدة، للارتقاء الاجتماعي من خلال مستوى وجودة التكوين المحصل عليه. وجاء في الوثيقة أن حظوظ الحركية من فئة اجتماعية إلى فئة أعلى، تعتبر محدودة بالنسبة للأشخاص ذوي الأصل الاجتماعي المتواضع، وبالنسبة للقرويين والنساء. وأشارت ان هذه الفئات أو الجماعات بالضبط، هي التي تعاني من صعوبات في الولوج والبقاء في التعليم، وفي النجاح المدرسي. والحال أن الترقية الاجتماعية هي عامل قوي من عوامل التماسك الاجتماعي مادام هذا الأخير يستلزم تكافؤ الفرص المنصف بين كل المواطنين. واكدت ان الرفع من جودة المدرسة، وتحسين خدماتها ومرد وديتها الاقتصادية والاجتماعية، دون إهمال أي شخص، ضرورة لا غنى عنها في منظور نموذج التنمية البشرية المنصفة و المستدامة. ووفق الوثيقة، فالتربية، باعتبارها القاعدة التي يقوم عليها هذا النموذج، تقتضي أن لا نتخلى عن طموح دفع جميع الأطفال نحو النجاح، بغض النظر عن أصولهم الاجتماعية أو الإقليمية، أو جنسهم أو وضعيتهم الشخصية. ودعت الوثيقة إلى جعل التنمية الثقافية، المتمثلة في الفنون والإنسانيات، رأسمال يتقاسمه الجميع على نطاق واسع، ويمكن من إعطاء الرأسمال البشري كل ثقله النوعي، وللتقدم التكنولوجي، الذي تولده الحداثة، وجها إنسانيا. وأشارت إلى ان نظام البحث الذي يعرف تنافسية على الصعيد الدولي، يدعو إلى إعادة تأسيس نمط إنتاج الرأسمال البشري، وتحريره من الفوارق، وذلك من خلال تمكين وبناء قدرات المواطنين، وتعبئتهم حول طموح مشترك، ألا وهو نموذج للتنمية البشرية المستدامة، يقوم على الابتكار والمعرفة والثقافة. وأكدت على انه لا ينبغي التخلي عن الطموح في مدرسة تكون محركا للارتقاء، ومصدرا للتماسك الاجتماعي، والابتكار والتنمية الاقتصادية، وتعتمد على الإمكانات والمؤهلات التي تتوفر عليها بلادنا. وأشارت ان مستوى الثقة الذي تحظى به المدرسة العمومية من قبل أغلبية السكان (%64) )على عكس ما تذهب إليه بعض الأفكار المسبقة، والإجماع الحالي حول ضرورة الإصلاح وإمكانيته، وتعدد المبادرات المواطنة لفائدة المدرسة، كلها تشكل وسائل كفيلة بتحقيق هذا الطموح. ويذكر ان الوثيقة تم اعدادها، من قبل كل من ربيعة الناصري ونادية البرنوسي ورحمة بورقية؛ كمشروع أولي لإعادة النظر في النموذج التنموي المغربي، وتم عرضها اليوم الخميس، على أنظار الجمعية العامة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.