31 ديسمبر, 2017 - 10:22:00 منذ ست سنوات ونيف وهم يعتصمون بقمة الجبل، نساء ورجال وشيوخ وأطفال، جاؤوا من مختلف الدواوير المجاورة لجبل "ألبان" ضواحي منطقة "إميضر" الأمازيغية بإقليم مدينة تنغير. حدث ذلك سنة 2011، عندما اعتصموا بالجبل ومن يومها رفضوا النزول منه إلى حين إيجاد حل لقضيتهم حول "الأرض والماء" ونهاية صراعهم مع شركة معادن "إميضر"، التي تُنقب جوار أراضيهم عن مواد خالصة للفضة وتستغل مياه القرية عبر أنابيب عملاقة تتسلق الجبل مثل ثعابين أسطورية. وقبل يومين من الآن، استقبلت "حركة إميضر" الاحتجاجية آخر معتقليها المفرج عنهم قبل يومين في جوّ احتفالي، قالت إنه تم ب"طعم النّصر"، بعد ان تعرض نشطائها لوابل من الاعتقالات وصفتها الحركة ب"التعسفية والمحاكمات الظالمة"، منذ انطلاق الاحتجاجات في فاتح غشت 2011 إلى اليوم. و يتعلّق الأمر هنا بالمعتقلين الثلاثة حميد ابركى و إيشو حمدان، اللذان تم اعتقالهما يوم 28 دجنبر 2013، و كذا المعتقل مصطفى فاسكا الذي تم توقيفه يوم 27 دجنبر 2014. أكبر حركة احتجاجية بعد الريف وتعتبر حركة إميضر من بين أكثر الحركات الاحتجاجية تعرّضا للاعتقال بعد حراك الرّيف، وأتت سياسة اعتقال ابناء إميضر من بين سياسات أخرى متعددة في إطار مقاربة أمنية شرسة واسعة فرضتها السّلطات على المحتجّين منذ انطلاق الاحتجاجات إلى جانب الحصار الاعلامي وتجاهل المطالب وغيرها من الممارسات الخارقة لحقوق الانسان والرّامية الى إخماد الاحتجاج و اقباره، إذ تم توقيف أول معتقلي الحركة (مصطفى أوشطوبان) يوم 5 اكتوبر 2011، وحكم عليه بأربع سنوات سجنا نافذة. وتم اعتقال ازيد من 30 شخصا بعد ذلك وعلى طول الست سنوات الماضية، من عمر الاحتجاج السلمي بإميضر والزج بهم في سجون الظلم لمدد تتراوح بين 12 و 48 شهرا، حيث تم الافراج عن كافة المعتقلين بعد انقضاء مدد الأحكام السجنية الظالمة في حقهم، و لعلّ آخرهم ممن غادروا السجون هم المعتقلين الثلاثة المفرج عنهم قبل يومين. محاكمات مطولة وتهم ثقيلة وفيما يخص التّهم المنسوبة الى معتقلي حراك إميضر، فالضابطة القضائية بمركزي الدرك الملكي بإميضر وتنغير اعتمدت مجموعة من التهم التي وصفتها الحركة ب"المفبركة" عبر "محاضر مزوّرة مبنية على شكايات كيدية"، مرفوعة بالأساس من طرف إدارة منجم إميضر و مجموعة من الأشخاص ذوي مصالح شخصية مشتركة مع الشركة المنجمية والسلطات المحلية. ومن بين التهم التي وجهت لهم : "تكوين عصابة إجرامية، الهجوم على المنجم، سرقة الفضّة و الترويج بها، الضرب والجرح باستعمال السلاح الابيض المقرونة بظروف الليل، التجمهر والتظاهر الغير مرخص له، عرقلة سير شركة معادن إميضر، قطع الطريق العمومية، التحريض على العصيان، عرقلة مشاريع تنموية بالمنطقة وتعييبها، والتحريض على الانقطاع عن الدراسة". "معاناة" داخل السجون وتقول "حركة على درب 96 – إميضر"، ان السلطات "لم تكتف بجرائم الاعتقال التّعسفي مع التعذيب والمحاكمات الجائرة في حق معتقلي إميضر، بل تمادت اياديها الغادرة عليهم ايضا داخل زنازنهم، ولعل ابرز الممارسات اللاانسانية التي عومل بها السجناء كانت التضييق عليهم و حرمانهم من ابسط حقوق السّجين خاصة الحق في التطبيب والافرشة و مهاتفة أهاليهم و غيرها من الخروقات". وضربت المثال بخطوات بعض المعتقلين، الذين دخلوا في أشكال احتجاجية ضدا على سوء معاملتهم من طرف ادارة السجن عبر الدخول في اضرابات عن الطعام ومراسلات عديدة لجهات معنية مختلفة. وعوض الاستجابة لمطالبهم، قالت الحركة في تقييمها للحراك، إدارة السجون "تعمدت ترحيلهم قسرا وتفريقهم على سجون مختلفة و بعيدة ممّا زاد من معاناتهم وكذا معانات عائلاتهم التي تتكبد عناء السفر و الزيارات الاسبوعية". قضاة "مرتشون" ودركيون "نصابون" علاقة بملفات اعتقال نشطاء "حركة على درب 96"، تم توقيف القاضي الذي حكم على أول معتقلي الحركة بأربع سنوات سجنا على خلفية "تلقّيه لرشاوى و التلاعب بالملفات القضائية"، ما دفعه إلى الانتحار بمكتبه في الرباط قبيل تقديمه للمحاكمة. كما تمّ توقيف رئيس مركز الدرك الملكي بإميضر، الذي قالت إنه "فبرك العديد من المحاضر المزورة في حق معتقلي الحركة"، والحكم عليه ب15 سنة سجنا نافذة بمعية اثنين من مساعديه على خلفية تورّطه في جرائم "النصب والاحتيال على المواطنين". سجل "أسود" من الإعتقالات الحركات الاحتجاجية في إميضر، لم تكن محدودة فقط داخل الفترة الأخيرة، التي أطرتها "حركة على درب 96"، منذ صيف 2011 إلى الآن، بل عرفت محطات احتجاجية سابقة واعتقالات عام ،1996 على خلفية الاحتجاج ضد سياسات شركة مناجم، بعد حدث هجوم الجيش على معتصم إميضر يوم 10 مارس من عام 1996، حيث تم الحكم على خمسة أشخاص بسنة من السجن كما حكم على شخص سادس بسنتين سجنا نافذة، وتوفي بعد إطلاق صراحه سنة 1998 إثر مضاعفات التعذيب الخطير داخل زنزانته الانفرادية بسجن ورزازات، يتعلق الامر هنا بلحسن أرحما الملقب ب"أسبضان". قبل ذلك بعشر سنوات، و بالضبط في سنة 1986، تم اختطاف ستة أشخاص من إميضر لمدة شهر واحد من دون ان يحالوا إلى اية جلسة محاكمة، بعد احتجاجهم ضد مشروع حفر بئر من طرف شركة مناجم بشكل غير قانوني، بغية استغلال المياه لصالح العمليات المنجمية، وتم الافراج عنهم من سجن ورزازات بعد انتهاء اشغال الحفر و بداية استغلال المياه من طرف المنجم. وبذلك، يكون حراك "إميضر"، الأطول في تاريخ الحركات الاحتجاجية في المغرب، والثاني بعد حراك الريف من حيث عدد المعتقلين. قادته "حركة إميضر"، منذ غشت 2011 ، دفاعا عن ملف اجتماعي واقتصادي وبيئي يعكس تصور ساكنة إميضر في النهوض بقطاعي الصحة والتعليم واحداث بنيات تحتية و محاربة التلوث المنجمي وسياسات نهب ثروات المعادن ورفع الاقصاء الممنهج على المنطقة على طول نصف قرن من استغلال واحد من أكبر مناجم الفضة في العالم.