15 ديسمبر, 2017 - 10:55:00 تحيي جماعة "العدل والإحسان"، أكبر تنظيم سياسي في المغرب من حيث عدد الأعضاء، السبت 16 دجنبر الجاري، الذكرى الخامسة لرحيل مرشدها عبد السلام ياسين، الذي يعتبر حسب العديد من المتتبعين للشأن السياسي الوطني، أحد أبرز معارضي النظام القائم في المغرب، حيث أعلنت الجماعة عن تنظيمها لعدد من الأنشطة مركزيا وعلى مستوى المدن والجهات كما دأبت على ذلك منذ سنة 2013 سنة وفاة ياسين. ويجد سؤال، ماذا تغير في جماعة "العدل والإحسان" بعد مرور 5 سنوات على رحيل مرشدها ؟ قوته وحجيته بحكم مكانة الراحل المركزية داخل الجماعة الأكبر في المغرب، سواء على المستوى التنظيري أو التنظيمي أو حتى على المستوى القيادي، فبالإضافة إلى أن الرجل كان ولا يزال منظرها الأول، ومؤسسها، وقائدها..حيث ارتبط مسارها ومواقفها وخرجاتها الميدانية والإعلامية به، فإن الجماعة ارتبطت بالراحل، لدرجة أن أصبح يقال "جماعة ياسين"، في إشارة إلى تنظيم "العدل والإحسان" . الجوري : لا يمكننا أن نتجاوز غياب رجل من حجم ياسين منير الجوري عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية للجماعة، اعتبر أن "رحيل عبد السلام ياسين لم يكن سهلا على العدل والإحسان، فهو مؤسسها وله فضل كبير عليها، كما أن شخصية الرجل الاستثنائية التي جمعت التربية بالعلم والفكر، والتنظير بالعمل والسلوك والقيادة والتأطير ستجعل غيابه واضحا وملموسا".
وأضاف القيادي الشاب بالعدل والإحسان في حديث مع موقع "لكم" أن "من اسثنائية الإمام ياسين أنه على الرغم من المميزات المشار إليها، فقد كان حريصا على بناء الجماعة بشكل مؤسسي، وترسخ ذلك في مختلف مجالات عمل الجماعة الوظيفية والجغرافية، ومعه كانت القرارات والمواقف تخضع لآليات الشورى والتداول والنقاش قبل أن تصبح رأيا يتوحد حوله ويلتزم به كل أعضاء الجماعة، لهذا بعد رحيل ياسين لم نشعر بأي ارتباك أو تردد على هذا المستوى". وأشار المسؤول السابق لشبيبة الجماعة إلى أن الجميع تابع كيف تم انتخاب أمين عام للجماعة بعد وفاة عبد السلام ياسين في ظرف وجيز، وكيف مرت العملية بشكل سلس وتلقائي، مضيفا إلى "أن التغيير الذي عرفه البناء التنظيمي للجماعة كان ورشا قد انطلق وتبلورت مخرجاته وبدأ تنزيله في السنوات الأخيرة من حياته رحمه الله، وقد كان شاهدا عليه". أما على مستوى توجهات الجماعة ومواقفها يقول المتحدث فقد بنيت على مرجعية نظرية كان للأستاذ عبد السلام ياسين مساهمة كبيرة فيها، لكن الانتقال من التنظير إلى العمل الميداني الذي يأخذ بعين الاعتبار السياقات والشروط الموضوعية بأبعادها السياسية والاجتماعية وغيرها، هذا الانتقال هو وظيفة مؤسسات الجماعة كل حسب تخصصه واختصاصه. ويعتقد الجوري في ذات الحديث مع موقع "لكم" أن واقع الاستبداد والفساد والتخلف الاجتماعي والتردي الحقوقي، بكل أسبابه ومسبباته وتطوراته التي تؤكد القاعدة، لا يزيد الجماعة إلا إيمانا بتوجهاتها وخياراتها التي لم تعرف أي تغيير مع رحيل الإمام عبد السلام ياسين، لأنه ليس هناك أي داع لتغييرها أمام استمرار نفس الخلفيات التي أفرزتها سواء على مستوى الرؤية التي تحكم الجماعة أو على مستوى الواقع المعاش. ليخلص عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية إلى أنه "لا يمكننا أن نتجاوز غياب رجل من حجم عبد السلام ياسين الذي بنى الجماعة بقلبه ودمه، مربيا ومفكرا وعالما وسياسيا ومدافعا عن الحق بثبات وصمود، وإن كنا لا نجد في الجماعة من يقوم مقام رجل استثنائي مثله فالجماعة بكل مؤسساتها تقوم ذاك المقام، وروحه تسري فيها وهي تسير على خطى ثابتة وواعية". حمادة : "هناك عدة تحولات على مستوى التفاصيل الصغيرة" أما الباحث منتصر حمادة عن مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، فقد قال أن "هناك عدة تحولات"، على مستوى ما أسماها "بالتفاصيل الصغيرة"، وإن كان يضيف في حديث مع موقع "لكم"، يصعب الحديث عن متغيرات كبيرة طالت أداء جماعة "العدل والإحسان" على مستوى الماكرو، أي موقفها من الانخراط في العمل السياسي/ الحزبي، والموقف النقدي من المؤسسة الملكية ومؤسسة إمارة المؤمنين، ولو أننا نعاين يقول المتحدث، تراجعاً في حدة النقد الموجه لرموز الدولة المغربية. ومن التحولات على مستوى التفاصيل الصغيرة التي أشار إليها الباحث "تبعات رحيل مؤسس ومرشد الجماعة، عبد السلام ياسين، لأنه لا أحد من القياديين في مجلس الإرشاد أو الدائرة السياسية مؤهل أن يُعوض مكانة الراحل. وأضاف "نُعاين أيضاً، القتل الرمزي الذي تعرضت له كريمة المرشد، نادية ياسين، مباشرة بعد رحيل عبد السلام ياسين، وهذا موقف/ خيار يُترجم أشياءً كثيرة حول موضوع الصراع على الرمزية والوجاهة، وهذه مسألة طبيعية لدى العقل السياسي الجمعي بشكل عام، وليس لدى الجماعة، من قبيل ما نُعاين لدى باقي الأحزاب السياسية، أو ما تابعه الرأي العام مؤخراً في الخلافات التنظيمية والصراعات على المناصب عند حزب "العدالة والتنمية" وحركة "التوحيد والإصلاح". وأضاف منتصر حمادة أن "هناك أيضاً دلالة إدماج الدولة لبعض القياديين من الجماعة في سلك التدريس الجامعي، (في الدارالبيضاء ومراكش مثلاً)، ونتحدث عن قيادات في الدائرة السياسية، فالأحرى إدماج أساتذة من الجماعة في جامعات أخرى". وختم الباحث حديثه مع موقع "لكم" قائلا، "الجماعة تعيش على واقع انتظارية كبيرة، تفسر انفصال بعض الأتباع عن الجماعة وأخذ مسافة، أو الانفصال من قبل مع الاحتفاظ ببعض الحنين والتعاطف كما نعاين مع باحثين وإعلاميين، وتزداد حدة الانتظارية، أخذاً بعين الاعتبار الموقف السلبي من العمل الإسلامي الحركي، بمقتضى نتائج تجربة الإسلاميين المعترف بهم في العمل السياسي/ الحزبي"، في إشارة إلى تجربة حزب "العدالة والتنمية" وذراعه الدعوي حركة "التوحيد والإصلاح" .