10 سبتمبر, 2017 - 10:23:00 كشف عبد الرحمان اليوسفي، في معرض حديثه في حوار تضمنته إحدى الأطروحات الجامعية حول التأثيرات المتبادلة بين العوامل السياسية والنقابية وبين الممارسة الصحافية والاعلامية، أن النسخ الأولى لجريدة " العلم " الصادرة في 11 شتنبر 1946 التي قرأها البيضاويون، هي تلك التي تجشم عناء حملها في رزمة "كيس كبير" على متن القطار الرابط بين مدينتي الرباطوالدارالبيضاء . ونقل الكاتب الصحفي جمال المحافظ معد هذه الأطروحة، عن اليوسفي قوله في هذا الحوار بمناسبة اعداده لأول دكتوراه في الحقوق حول مسار وتحولات العمل النقابي في الميدان الصحفي، انه بمجرد صدور العدد الأول لجريدة " العلم" في أواسط الاربعينات، وكنت وقتها في مدينة الرباط، طلبت من الإخوان أن أحمل معي من الرباط إلى الدارالبيضاء رزمة من الجريدة". وأضاف اليوسفي قائلا في هذا الحوار الذي تضمنته ملاحق هذا البحث الجامعي بعنوان " النقابة الوطنية للصحافة المغربية من التأسيس 1963 الى دستور2011 " لقد كان أول عدد لجريدة " العلم " بعد صدورها، يقرأه البيضاويون هو ذلك الذي حملته على ظهري في القطار الرابط بين الرباطوالدارالبيضاء". وأوضح انه اضطلع في مرات عديدة، بتوجيه من الوطنيين المغاربة، بمهام مراسل "العلم" بالدارالبيضاء، حيث تولى تغطية عدد من الاحداث الهامة، منها المجزرة الرهيبة التي نفذتها القوات الاستعمارية بالباب الكبير بالمدينة والتي أزهقت فيها أرواح العديد المغاربة. ولدى استرجاعه لسيناريو هذه الاحداث الأليمة التي وقعت سنة 1947، قال اليوسفي انه "لازال عالقا بذهني لما زرت منزل أحد المواطنين، ويدعى المغربي، منظر الجثث المتناثرة في فضاءات هذا البيت " موضحا أن مما زاد من مصاعب مهمتي الصحفية الاختناق الذى اصابني نتيجة استنشاق الروائح المنبعثة من تلك الجثث المتراكمة في مختلف أنحاء الدار، وهالني رؤية الدم الغزير المتدفق منها". ومما زاد من هذه المعاناة هو "أنني، كنت منذ الصغر اتضايق حتى من التفكير العمل مستقبلا في الوظائف ذات الطبيعية والصحية، ولم يخطر ببالي خلال مساري أن أمتهن الطب أيضا، وذلك بسبب أنني كنت اتضايق من الروائح التي تعم المستشفيات، فبالأحرى استنشاق ما ينبعث من الجثث". ولكن على الرغم من هذه الظروف، يضيف اليوسفي، أنجزت في ذلك اليوم مراسلة حول زيارة الملك محمد الخامس إلى منطقة الباب الكبير سنة 1947. وفي معرض اجابته حول كيف جاء الى الصحافة، خلص عبد الرحمان اليوسفي الى القول أن " هذه الأمثلة سردتها لأبين لكم، أن اهتماماتي بميدان الصحافة كانت منذ أن كنت طفلا، حينما كنت أطلع على الجرائد التي كان يحملها أخي الأكبر من عمله بالمطبعة، ويتركها جانبا على المائدة فكان هذا هو أول لقاء لي مع الصحافة، فكان عمري آنذاك 12 سنة أي بالضبط في 1936 وهي السنة التي تقدمت فيها لاجتياز الشهادة الابتدائية "، فضلا عن " إدراكي للأهمية الخاصة التي تكتسيها الصحافة، لم يكن طارئا، وإنما كان منذ بداية وعيي في مرحلة الطفولة المبكرة". وباعتباره من مؤسسي النقابة الوطنية للصحافة المغربية تطرق عبد الرحمان اليوسفي رئيس التحرير السابق لجريدة " التحرير " لسان حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، في هذا الحوار المطول الى مختلف المراحل والمحطات التي رافقت إحداث أول اطار نقابي للصحافة الوطنية سنة 1963 فضلا عن السياقات والتحولات التي أثرت على هذه المنظمة المهنية والاشكالات والصعوبات التي واجهت الممارسة الصحفية في مغرب نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي. وتتضمن ملاحق هذا العمل البحثي الذى منحته لجنة المناقشة "ميزة مشرف جدا" حوارات مع أجيال النقابة فضلا عن اليوسفي كلا من عبد الكريم غلاب اول كاتب عام للنقابة، ومصطفى العلوي العضو بأول مكتب للنقابة، وهم من "جيل التأسيس" وأيضا محمد اليازغي ثاني كاتب عام للنقابة، ومحمد البريني عضو المكتب الوطني "جيل التأهيل والتنظيم"، ويونس مجاهد رابع كاتب عام للنقابة، وعبد البقالي الرئيس الحالي للنقابة، والبشير زناكي عضو المكتب الوطني للنقابة من جيل "التغيير في ظل الاستمرارية". وقد تضمنت هذه المقابلات شهادات وآراء هذه الأجيال المتنوعة من الصحفيين الذين اضطلعوا بمهام قيادة النقابة الوطنية للصحافة المغربية، ساهمت عمليا في تأسيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وتحملت مسؤولية قيادة هذه المنظمة الصحفية، ومنها من تحمل فيما بعد مسؤولية تدبير الشأن العام، خاصة في منتصف التسعينات.