ب 20 مارس, 2017 - 05:34:00 يقول المؤرخ بيار فيرمرين المتخصص في المغرب العربي، إن شبكة المتطرفين الفرنسية البلجيكية التي نفذت اعتداءات باريسوبروكسل في 2016، كانت تتركز حول منطقة مولينبيك ببروكسل. وأضاف أن سكان هذه المنطقة يتحدرون من منطقة الريف الجبلية الفقيرة في شمال المغرب التي عرف أهلها بتاريخ طويل من التمرد على السلطات وممارسات ترتبط بتجارة القنب الهندي. س : لماذا شكل أهالي الريف خصوصا حاضنة للجهاديين في أوروبا؟ ج : الأسباب عديدة ومتشابكة. وبنيت حياة هؤلاء الناس تاريخيا حول المحن والمعاناة. وبين الاكتظاظ السكاني والزلازل والإخضاع، دفعت منطقة الريف غاليا ثمن وضعها المهمش وتمردها التاريخي. ومثل الدين في قراءته الأكثر تشددا، والأعمال غير القانونية والإجرامية، ملاذا لهم وعلاجا لتلك الآلام، ما جعلهم في وضع تقوقع على الذات وانغلاق قبلي وأسري. ولا يفلت أبناؤهم وحتى أحفادهم المولودين في أوروبا من هذا التاريخ. وبين هؤلاء أطفال ضائعون تنظموا في شبكات تضم رفاقا لهم عملت في نشاطات إجرامية، قبل الانغماس في التطرف الإسلامي في بلجيكا وفرنسا وداخل تنظيم "الدولة الإسلامية". وكان من السهل على مجندي المتطرفين في الشرق الأوسط أن يوقعوا بهؤلاء الشبان الضائعين القريبين من الانحراف. ونجحوا في زرع الشعور بالذنب فيهم قبل أن يزينوا لهم التوبة والاستشهاد. س : لماذا وكيف انتقلوا من تجارة القنب الهندي إلى التطرف الديني؟ ج : لا ينبغي النظر إلى رابط منطقي، والأمر خليط من الصدفة والضرورة. صدفة الالتقاء بمجموعات شريرة، وضرورة اتقان استخدام السلاح وعبور الحدود وعالم التهريب بهدف التمكن من تنفيذ عمليات حربية وحتى إرهابية. وكتب الكثير عن تطرف الجهاديين في سوريا، إلا انه ليس هذا التطرف هو الذي ضرب باريسوبروكسل. بل الخداع مع تصميم صامت وبدون أخطاء على غرار المجموعة التي نفذت اعتداءات 11 شتنبر. ما صنع قوتهم هو التنظيم والقدرة على عبور الحدود وإقامة شبكة مخابىء وتحويل الأموال ونقل الأسلحة وغيرها. وكل هذه الأشياء يتم تعلمها في عالم الجريمة المدرب على تمرير آلاف الأطنان من الحشيش عبر أوروبا لتغذي الأنشطة الاقتصادية للمدن. واستثمر هؤلاء مهاراتهم في حرب ابتكرها الضباط السابقون لصدام حسين. س: ما هو الحل لمواجهة مهربي المخدرات من الريف (80 بالمائة من المخدرات المستهلكة في أوروبا)؟ ج : هذه مسألة تتعلق بالسياسات الكبرى. ولا تفيد فيها ملاحقة المنحرفين الذين يوزعون سنويا آلاف الأطنان من المخدرات بقيمة تصل إلى مليارات الدولارات، سيبقى منها دائما ما يكفي لتغذية الشبكات والمافيا. الحل يكمن في بحث الأمر والتفاوض مع المغرب الذي هو دولة قوية ومركزية، فمافيات الريف كما تسمى في المغرب تطرح مشاكل لهم (المغاربة) أيضا، كما تشهد هذه المنطقة أعمال عنف متكررة. والمغرب هو البلد المتوسطي الذي يتلقى أكبر قدر من المساعدات من أوروبا، وهناك إذن هامش تفاوضي. لكن يتعين أن يتم التوصل إلى اتفاق يربح فيه الجميع. وعلى أوروبا أن توافق على ما يلي: في مقابل اجتثاث المغرب لزراعة القنب الهندي من أراضيه، يتعين أن يحصل على مساعدة دائمة وناجعة لبسط الاستقرار في منطقة يقطنها خمسة ملايين نسمة. وسيكون من شأن ذلك زعزعة الشبكات بما يتيح لقوات الشرطة أن تعيد تنظيم نفسها لمواجهة التهريب. وسيتم عندها على الأقل القضاء على الأضرار الاجتماعية والفكرية والنفسية والمدرسية والإجرامية التي تطال ملايين الشبان الأوروبيين (من مرسيليا إلى بروكسل).