هناك اليوم أربع مؤشرات خطيرة تفرض الانكباب على إحداث إستراتيجية مندمجة لمحاربة المخدرات في المغرب: ● المؤشر الأول: أن هناك تقارير دولية، وبشكل خاص أممية، تستمر في تصنيف المغرب من بين الدول الأولى التي تنتج القنب الهندي، وأنه ما يزال يشكل مصدرا هاما للأسواق الأوربية، ومن ذلك التقرير السنوي للهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، الذي صدر في أواخر الشهر الماضي، والذي رغم اعترافه بالمجهودات التي قامت بها السلطات المغربية في سبيل مكافحة زراعة وإنتاج القنب والاتجار به، إلا أنه اعتبر أن المغرب ما يزال يشكل مصدرا هاما للأسواق الأوروبية و معبرا للتخزين والتهريب وأكبر منتجي دول العالم من الحشيش، واستند في ذلك على ما كشفته بيانات الأسعار والحجز في أوروبا التي تشير إلى انخفاض طفيف في تدفق القنب من المغرب السنة الماضية. ● المؤشر الثاني: تواتر عمليات الكشف عن شبكات الاتجار الدولي في المخدرات، وفي هذا السياق يمكن أن ندرج تمكن الفرقة المركزية لمكافحة المخدرات من تفكيك شبكة دولية لتهريب المخدرات يقودها اثنان من المواطنين الإسبان كانت تقوم بنشاطاتها بالتنسيق مع كترتيلات المخدرات في أمريكا اللاتينية، وتمكن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لمحاربة الشبكات الإجرامية المتخصصة في التهريب والاتجار الدولي في المخدرات أول أمس الثلاثاء من تفكيك شبكة إجرامية دولية متخصصة في تهريب المخدرات، تكون جزءا من المافيا الدولية وتنشط بين المغرب، وليبيا، ومصر. ● المؤشر الثالث: يتعلق بتزايد الإقبال على المخدرات، فحسب بلاغ لوزارة الصحة صدر في يونيو 2009، فإن 2.8 في المائة من السكان البالغين في المغرب يعانون من إدمان المواد المخدرة، وأن العينة الأكبر توجد في صفوف الشباب، مع توجه متزايد نحو استعمال المخدرات القوية عن طريق الحقن، فيما أفاد التقرير العالمي للمخدرات لسنة 2009 أن 7000 مغربيا يتعاطون لمخدر الكوكايين، وهي المعطيات التي تفيد بأن المغرب لا يشكل فقط معبرا للمخدرات، بل يعتبر أيضا سوقا رائجة تهدد المجتمع بالإدمان. ● المؤشر الرابع: وهو التحدي الذي تمثله هذه الوضعية على مستوى مصداقية المغرب في علاقاته بجيرانه سواء في الشمال أو في إطار الجوار المغاربي، إذ تشكل مكافحة زراعة وإنتاج القنب الهندي، ومحاربة الاتجار فيه ومنع محاولات تصديره أحد الالتزامات الدولية التي تتطلب جهودا كبرى للوفاء بها، وهو التحدي الذي يتعاظم حجمه خاصة وأن تقارير أممية صارت تصنف المغرب إلى جانب كل من نيجيريا وموريتانيا كمعبر لجميع أنواع المخدرات القادمة من أمريكا الجنوبية في اتجاه الأسواق الأوربية. إنه رغم المجهود الكبير الذي تقوم به الأجهزة الأمنية لمحاربة الاتجار الدولي في المخدرات، ورغم الجهود التي قامت بها الدولة في محاربة زراعة القنب الهندي، والتي نالت اعترافا دوليا في العديد من التقارير، إلا أن الوضع الجغرافي للمغرب باعتباره منطقة العبور لأوربا، والتحديات التي تطرحها محاربة زراعة القنب الهندي في المناطق التي لم تدخلها التنمية، والتطلعات الإستراتيجية للشبكات الدولية التي تراهن على المغرب باعتباره منطقة عبور أساسية للمخدرات من أمريكا اللاتينية إلى أوربا، كل ذلك أصبح يلح على ضرورة أن يتم التفكير في استراتيجية مندمجة لا تتحمل الدولة وحدها المسؤولية في إنتاجها وتفعليها، وإنما يتطلب الأمر أن يكون المجتمع بمكوناته وقواه الحية في قلب هذه الاستراتيجية، وأن تنفتح الاسترتيجية لتضم، إلى جانب المقاربة الأمنية، المقاربة التربوية والتثقيفية والدينية والصحية والتنموية، ويضطلع الدعاة والعلماء والمدرسة وأطر وزارة الصحة بدورهم في محاربة هذه الظاهرة، وتتحمل الدولة والجماعات المحلية مسؤوليتها في تنمية المناطق التي تحارب فيها زراعة القنب الهندي.