02 مارس, 2017 - 07:11:00 موضوع الدعوى و طلباتها و مستنداتها بإيجاز كبير: بتركيز كبير جاء في مقال الدعوى المرفوعة أمام المحكمة الإدارية بالرباط من طرف دفاع المدعين الذين هم الجمعية المعنية و ثلاثة من مؤسسيها الذين هم رئيسها و أمينة مالها و كاتبها العام . إن "جمعية اتحاد الطلبة من أجل تغيير النظام التعليمي" تأسست في نطاق الظهير رقم 376-58-1 المتعلق بتأسيس الجمعيات كما وقع تعديله و تتميمه ، و هو التأسيس الذي تم بتاريخ يوم الأحد 28 غشت 2015 بمقر اتحاد العمل النسائي الكائن ب 425 شارع الحسن الثاني – الرباط ، و هو الاجتماع التأسيسي الذي ، بعد مناقشته و مصادقته على النظام الأساسي للجمعية ، اختار مكتبا وطنيا للتسيير يتكون من رئيس و كاتب عام و أمينة المال . وجاء في مقال الدعوى بأنه تطبيقا للفصل 5 من قانون تأسيس الجمعيات ، فإن الجمعية، في شخص رئيسها ، تقدمت ، بواسطة مفوض قضائي ، بتصريح بتأسيس الجمعية إلى والي جهة الرباطسلا زمور زعير عامل عمالة الرباط ، و هو التصريح الذي أرفق بالوثائق التي ينص عليها الفصل 5المذكور و التي تشمل النظام الأساسي للجمعية ومحضر الجمع العام التأسيسي ولائحة أعضاء المكتب المسير و نسخ بطاقات التعريف الوطنية و بطاقات السوابق الخاصة بأعضاء المكتب و موافقة جمعية اتحاد العمل النسائي على احتضان اجتماعات و أنشطة الجمعية بمقرها . موقف الولاية المذكورة من التصريح بتأسيس الجمعية و مرفقاته: امتنعت الولاية المعنية ، من تسلم ملف التصريح بالتأسيس مع مرفقات فحرر محضر امتناع من قبل المفوض القضائي و هو المحضر المؤرخ في 28/10/2015 تحت رقم 309/2015 . و قد جاء في محضر الامتناع ما يلي: " استجابة للطلب نشهد نحن المفوض القضائي الموقع أسفله أننا انتقلنا بتاريخ يومه إلى مقر ولاية الرباطسلا زمور زعير و تحديدا مكتب الجمعيات رقم 317 الكائن بالطابق الثالث حيث وجدنا الموظف المسؤول حسب تصريحه ، و الذي لم يكشف عن اسمه ، و بعد أن أطلعناه على صفتنا و عرفناه بموضوع مهمتنا رفض التوصل بالوثائق الخاصة بتأسيس الجمعية المرفقة بهذا المحضر بدعوى أن الجهة المكلفة هي مكتب الضبط " . الجهات التي رفعت عليها الدعوى: إن الجهات التي رفعت الدعوى عليها ، كمدعى عليها هي: - ولاية جهة الرباط – سلا زمور زعير في شخص واليها عامل عمالة الرباط ، و ذلك باعتبارها مرتكبة الخطأ بامتناعها عن تسلم ملف التصريح بالتأسيس مع مرفقاته الأمر الذي ترتب عليه امتناعها ضمنيا من تسليم الوصل المؤقت المتبث إيداع ملف التصريح بالتأسيس مع مرفقاته و ذلك ضدا على مقتضيات الفصل 5 من قانون تأسيس الجمعيات . هذا مع العلم بأنه طبقا لمقتضيات الفصل 78 من قانون الالتزامات و العقود ( ق ل ع ) فإن : " كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه، لا بفعله فقط ولكن بخطإه أيضا ، و ذلك عندما يثبت أن هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر و كل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر . والخطأ هو ترك ما كان يجب فعله ، أو فعل ما كان يجب الامساك عنه ..." - الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة: وقد تم توجيه الدعوى ضدها ، كمدعى عليها ، باعتبارها مسؤولة عن أخطاء موظفيها ومستخدميها و مسؤوليها و ذلك تطبيقا للفصل 79 من قانون العقود و الالتزامات . - الوكيل القضائي للمملكة ، الذي تم إدخاله في الدعوى تطبيقا لمقتضيات الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية ( ق م م ) . المطالب الواردة في المقال الافتتاحي : لقد طلب المدعون ( الجمعية و أعضاء المكتب الوطني لتسييرها ) ما يلي : شكلا : قبول الدعوى. وموضوعا : القول و الحكم لصالح الجمعية : " جمعية اتحاد الطلبة من أجل تغيير النظام التعليمي" و ضد ولاية جهة الرباط – سلا زمور زعير في شخص واليها عامل عمالة الرباط والدولة المغربية ، في شخص رئيس الحكومة ، تضامنا بينهما ، و بحضور الوكيل القضائي للمملكة، بما يلي : أولا: بإلغاء القرار الضمني الصادر عن ولاية الرباطسلا زمور زعير في شخص واليها عامل عمالة الرباط ، و هو القرار المؤرخ في 28/10/2015 و القاضي برفض تسلم ملف التصريح بتأسيس جمعية " جمعية اتحاد الطلبة من أجل تغيير النظام التعليمي" و بالتالي ، ضمنيا رفض تسليم الوصل المؤقت المثبت التسليم ، مع ترتيب كافة النتائج القانونية على هذا الإلغاء . ثانيا: بأداء عشرة آلاف ( 10000 د ) درهم عن الأضرار المادية ، و مبلغ أربعين ألف (40000 د) درهم من قبل التعويض عن الأضرار المعنوية . ثالثا: بأن يكون الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل و بالفوائد القانونية ابتداء من تاريخ النطق بالحكم بالنسبة للمبالغ المالية . المستندات القانونية المرتكز عليها في الطلبات الواردة في المقال الافتتاحي : جاء في المقال ، بأن قرار رفض تسلم التصريح بتأسيس الجمعية لا يقوم على أساس من القانون و هو ضعيف التعليل المساوي لانعدامه لأنه : من ناحية: لأن الفصل 5 من قانون تأسيس الجمعيات لا يسمح للإدارة المعنية برفض تسلم ملف تأسيس الجمعية و تمكين المنتدب من الوصل المؤقت المثبت للتسلم . ومن ناحية أخرى: لأنه إذا كان للإدارة المعنية بتسلم ملف التصريح بالتأسيس ، أي اعتراض على التأسيس ، سواء من حيث الأهداف ، أو الأشخاص المسيرين، أو مسطرة التأسيس، فما عليها إلا الالتجاء إلى القضاء ، بواسطة النيابة العامة ، لابطال أو حل الجمعية ، كما يستنتج ذلك من مقتضيات الفصل 12 من الدستور ( وكذلك طبقا للفصل 7 من قانون تأسيس الجمعيات ) . ومن ناحية ثالثة: لأنه ، طبقا للفصلين 1 و 2 من قانون تأسيس الجمعيات ، فإن الجمعية هي " اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح فيما بينهم . و تجري عليها ، فيما يرجع لصحتها القواعد القانونية العامة التي تسري على العقود و الالتزامات "، وأنه : " يجوز تأسيس جمعيات الأشخاص بكل حرية ودون سابق إذن بشرط أن تراعى في ذلك مقتضيات الفصل 5 " . ومن ناحية رابعة : لأن الغاية من التصريح بالتأسيس هي فقط ، طبقا للفصل 6 من قانون تأسيس الجمعيات ، اكتساب بعض الحقوق الإضافية ، أما الوجود القانوني ( نشوء الشخصية المعنوية للجمعية ) فينتج عن الاتفاق بين المؤسسين على إنشاء الجمعية . ومن ناحية خامسة : لأن الجمعية راعت مقتضيات الفصل 6 المشار إليه ، و رفض تسلم التصريح بالتأسيس ومرفقاته لا يلغي ثبوت التصريح بالتأسيس و نتائجه سواء تسلمه أو لم يتم. وللتذكير فإن الحقوق التي تنتج عن التصريح بالتأسيس لدى السلطة المحلية واردة على سبيل الحصر في الفصل 6 المذكور و هي : - حق الترافع أمام المحاكم . - حق الجمعية في اقتناء بعوض و التملك و التصرف فيما يلي : 1 ) الإعانات العمومية . 2 ) واجبات انخراط أعضائها . 3 ) واجبات اشتراك أعضائها السنوي . 4 ) إعانات القطاع الخاص . 5 ) المساعدات التي يمكن أن تتلقاها الجمعية من جهات أجنبية أو منظمات دولية مع مراعاة مقتضيات الفصلين 17 و 32 مكرر من هذا القانون . 6 ) المقرات و الأدوات المخصصة لتسييرها و عقد اجتماعات أعضائها . 7 ) الممتلكات الضرورية لممارسة و إنجاز أهدافها . نوع الأضرار المادية و المعنوية التي ارتكز عليها المدعون لمطالبتهم بالتعويضات : حسب مقال المدعين الافتتاحي ، فإن : الأضرار المادية الناتجة عن الامتناع عن تسلم ملف التصريح بالتأسيس و بما نتج عن هذا الامتناع من عدم تسليم الوصل المؤقت ، تتجلى في : حرمان الجمعية من فتح حساب لها بأحد البنوك التي تشترط لفتح الحساب باسم أية جمعية الإدلاء بوصل التأسيس، بالإضافة إلى حرمانهم من ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفصل 6 من قانون تأسيس الجمعيات . أما الأضرار المعنوية فتتجلى في : حرمان الجمعية من مزاولة العديد من الأنشطة المتمشية مع أهدافها ، و هي الأنشطة التي لا يمكن مزاولتها بأحد القاعات العمومية لأنها تشترط الإدلاء بوصل التأسيس للإذن بالاستعمال ، و نفس الشيء الحرمان من ممارسة نفس الأنشطة بأحد القاعات الخاصة التي يشترط أصحابها، من أجل الإذن بالاستعمال ، الإدلاء بوصل التأسيس . المستندات الإثباتية المدلى بها من طرف المدعين لتبرير طلباتهم : هي تلك التي أرفقت بملف التصريح بالتأسيس و التي أدلى بها للمحكمة رفقة المقال الافتتاحي و التي أشرنا إلى نوعيتها أعلاه . منطوق حكم إدارية الرباط : وبتاريخ 18/02/2016 و تحت رقم 769 و في الملف عدد 685/7110/2015 قضت المحكمة الإدارية بالرباط بما يلي : في الشكل: بعدم قبول الطلب المقدم باسم جمعية " اتحاد الطلبة من أجل تغيير النظام التعليمي " و قبول ما عداه من الطلبات . في الموضوع : بإلغاء القرار المطعون فيه مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك و بأداء الدولة - ولاية جهة الرباطسلا زمور زعير - لفائدة الطاعنين تعويضا قدره ثلاثون ألف (30000.00) درهم مع تحميلها الصائر و رفض باقي الطلبات . وقد تم استئناف الحكم المذكور استئنافا أصليا من قبل الوكيل القضائي للمملكة بصفته هذه ونائبا على الدولة المغربية و والي جهة الرباطسلا – القنيطرة و عامل عمالة الرباط ، طالبا : من حيث الشكل: التصريح بقبول الطعن بالاستئناف . ومن حيث الموضوع : التصريح بإلغاء الحكم المستأنف و إبطاله . وبعد التصدي: التصريح بعدم قبول الطلب شكلا و عند الاقتضاء برفضه موضوعا . كما تم استئناف نفس الحكم استئنافا فرعيا ، من قبل دفاع المدعين الطاعنين ، و ذلك عبر مذكرة تضمنت شقين : الشق الأول : يتعلق بالجواب على الطلبات الخاصة بالاستئناف الأصلي . والشق الثاني: يتعلق بالطلبات الخاصة بالاستئناف الفرعي . وهكذا فقد طالبت مذكرة المدعين الطاعنين المستأنفين ، استئنافا فرعيا بما يلي : فيما يخص الاستئناف الأصلي : شكلا : إسناد النظر في قبوله . وموضوعا : رفضه . وفيما يخص الاستئناف الفرعي : طلبت المذكرة : شكلا: قبوله . وموضوعا : تعديل الحكم المستأنف ، جزئيا ، و بعد التصدي الحكم وفق المطالب المحددة في المقال الافتتاحي و على الخصوص بما يلي : 1 ) الحكم بالإلغاء و بالتعويض لصالح جمعية : " جمعية اتحاد الطلبة من أجل تغيير النظام التعليمي" وضد ولاية جهة الرباطسلاالقنيطرة في شخص واليها عامل عمالة الرباط و الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة و تضامنا بينهم . 2 ) رفع التعويض المحكوم به ابتدائيا إلى الحد المطلوب في المقال الافتتاحي . وبتاريخ 8 صفر 1438 الموافق ل 8 نونبر 2016 قضت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط ، تحت عدد 5105 و في الملف رقم 451/2016/7205 ، بما يلي: في الشكل : بقبول الاستئناف الأصلي ، و بعدم قبول الاستئناف الفرعي المقدم لفائدة الجمعية و بقبوله بالنسبة لنبيل بلكبير و من معه . و في الموضوع : بإلغاء الحكم المستأنف ، و تصديا برفض الطلب . والقرار الاستئنافي المذكور هو موضوع تعليقنا . وسنقتصر، في التعليق ،على نوعين من الحيثيات واردة فيه : النوع الأول: يتعلق بالحيثيات التي ارتكز عليها القرار للحكم بعدم قبول الاستئناف الفرعي المقدم لفائدة الجمعية ... النوع الثاني : و يتعلق بالحيثيات التي ارتكز عليها القرار من أجل إلغاء الحكم المستأنف ، وتصديا برفض الطلب . التعليق على حيثيات النوع الأول ( الاستئناف الفرعي ) : حاء في حيثيات القرار المتعلقة بالاستئناف الفرعي ما يلي : " وحيث إنه فيما يخص الاستئناف الفرعي المنصب على ما قضى به الحكم الابتدائي من عدم قبول الطلب بالنسبة للجمعية ، فإنه بالرجوع إلى مقال الاستئناف الفرعي يتبين بأنه لم ترد الإشارة إلى الجمعية باعتبارها مستأنفة فرعيا ، مما يجعل الاستئناف الفرعي – في شقه المنصرف إليها غير مقبول على حالته ... " . لكن، و على خلاف ما جاء في هذه الحيثية ، فإنه : من ناحية: فإن الدعوى مرفوعة من طرفين : الطرف الأول: الجمعية كشخصية معنوية ، في شخص رئيسها . والطرف الثاني: ثلاثة أشخاص ذاتيين ، يحملون : - صفة : مؤسس الجمعية . - وصفة : أعضاء المكتب الوطني المسير للجمعية و ضمن أعضاء هذا المكتب رئيس المكتب المسير لها . وتبعا لما ذكر فإن أعضاء المكتب الوطني المسير، و ضمنهم رئيس الجمعية ، عندما استأنفوا فرعيا الحكم الابتدائي لم يستأنفوه بصفتهم الذاتية فقط و إنما أيضا بصفتهم يمثلون الجمعية و يدافعون عن مصالحها . ومن ناحية ثانية : فقد ورد في الاستئناف الفرعي لنبيل بلكبير و من معه مطالبتهم الحكم بالإلغاء و بالتعويض لصالح الجمعية ... التعليق على الحيثيات التي ارتكز عليها القرار الاستئنافي من أجل إلغاء الحكم المستأنف وتصديا برفض الطلب : جاء في هذه الحيثيات ما يلي : "وحيث إن التصريح بتأسيس الجمعية يخضع لإجراءات شكلية منصوص عليها في الفصل5 من الظهير المتعلق بحق تأسيس الجمعيات المشار إليه سابقا ، من خلال إيداع الملف التأسيسي لدى السلطة الإدارية المحلية مرفقا بالوثائق المتطلبة في الفصل المذكور ، و كذلك وصل إيداع التصريح بعقد الجمع العام التأسيسي باعتبار أن ذلك الجمع العام من صنف الاجتماعات العمومية المنظمة بموجب الظهير الشريف رقم 377. 58. 1 الصادر بتاريخ 15 نونبر 1958 بشأن التجمعات العمومية كما تم تتميمه و تعديله ، وفقا لما أكدته محكمة النقض ( المجلس الأعلى سابقا ) بموجب القرار عدد 643 الصادر بتاريخ 25 شتنبر 2003 في الملف الإداري عدد 637/4/1/2002 عندما اعتبرت أن إعلان " الإدارة المطعون في قرارها عن أسباب رفضها و هي : 1) ان مقر الجمعية عبارة عن محل سكنى أحد أعضائها و لا يصلح مقرا لهذه الجمعية 2) عدم الإدلاء بوصل الإيداع للجمع التأسيسي الذي كان بمدينة فاس و المسلم من طرف السلطات المحلية هناك حسب بيانات المحضر المذكور ، و لا نزاع في أي السببين المذكورين ، فكان قرار الرفض موضوع الطعن مبنيا على سبب ثابت و كاف ، و هذا التعليل هو الذي يبرر ما قضى به الحكم المستأنف " ، مما حاصله أنه ينظر إلى الشروط الشكلية لتأسيس الجمعيات ليس فقط في ضوء القانون المتعلق بها فقط ، بل في ضوء القانون المتعلق بالتجمعات العمومية و بباقي القوانين الأخرى التي تكون قابلة للتطبيق على هذه الأوضاع . وحيث ما دام أن الإدارة قد عللت قرار الرفض من خلال أجوبتها أمام المحكمة بعدم استيفاء شروط و إجراءات التأسيس فإن قرارها المذكور يبقى مشروعا ، و الحكم المستأنف لم يكن صائبا عندما قضى بإلغائه ..." . ونحن ، من جهتنا نرى أن حيثيات القرار الاستئنافي المشار إليها لم تكن صائبة وذلك لما يلي : إن السبب المركزي الذي اعتمد عليه القرار الاستئنافي في إلغائه للحكم المستأنف هو كون القرار الضمني المتخذ من طرف ولاية جهة الرباطسلا زمور زعير و القاضي برفض تسلم ملف التصريح بالتأسيس إنما هو قرار مشروع ، و سبب مشروعيته هو كون المصرحين لم يدلوا ، رفقة التصريح ، بما يثبت أن الجمع التأسيسي للجمعية ، انعقد بدون أن يسبقه إخبار السلطة به ، كما ينص على ذلك الفصل 3 من الظهير رقم 377. 58. 2 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 الموافق ل 15/11/1958 و المتعلق بالتجمعات العمومية كما وقع تغييره وتتميمه . وفي رأينا فإن السبب المذكور المعتمد عليه في إلغاء الحكم المستأنف جانب الصواب و ذلك لعدة اعتبارات من بينها : الاعتبار الأول : حسب محضر الامتناع عن تسلم ملف التصريح بالتأسيس ، فإن الموظف المسؤول بمكتب الجمعيات رقم 317 بالولاية المعنية إنما رفض تسلم ملف التصريح بالتأسيس ليس بسبب عدم مراعاة مقتضيات الفصل 3 المشار إليه و إنما بسبب أن المختص بتسلم ملف التصريح بالتأسيس هو كتابة ضبط الولاية... الاعتبار الثاني: إن الفصل 5 من الظهير رقم 376-58-1 الخاص بتأسيس الجمعيات ، وهو الفصل الذي ينص على البيانات التي يجب أن يشتمل عليها التصريح بالتأسيس و المستندات التي ترفق بالتصريح ( نسخة من النظام الأساسي للجمعية + صور من بطائق التعريف الوطنية لأعضاء المكتب المسير للجمعية)، و بالتالي فإن هذا الفصل لا ينص على الإدلاء رفقة التصريح بالتأسيس ، بمستند مثبت إخبار السلطة المحلية بتاريخ ومكان انعقاد الجمع التأسيسي . الاعتبار الثالث: لا يمكن تطبيق الظهير رقم 377-58-1 المؤرخ في 3 ج الأولى 1378 الموافق ل 15/11/1958 كما و قع تعديله و تتميمه و الخاص بالتجمعات العمومية الاجتماع التأسيسي للجمعية ، لأن موضوع هذا الظهير ( ظهير التجمعات العمومية ) يختلف كل الاختلاف عن الظهير رقم 376-58-1 الخاص بتأسيس الجمعيات . ويتجلى هذا الاختلاف، على وجه المثال لا الحصر في : 1 ) في عدم وجود أي فصل في ظهير تأسيس الجمعيات ينص على إخبار السلطة المحلية بتاريخ و مكان انعقاد الاجتماع التأسيسي للجمعية و جدول أعمال الاجتماع ، بينما ، و على العكس من ذلك ، فإنه طبقا للفصل 3 من ظهير التجمعات العمومية فإن كل اجتماع عمومي يكون : " مسبوقا بتصريح يبين فيه اليوم و الساعة و المكان الذي ينعقد فيه الاجتماع و موضوع الاجتماع ..." . 2 ) إن الاجتماع التأسيسي للجمعيات هو اجتماع خاص بالمؤسسين الذين تجمعهم أهداف ووسائل عمل واحدة و جدول أعمال يتضمن المصادقة بعد المناقشة ، على نظام أسلسي يتضمن أهداف الجمعية و الأجهزة المقررة و المسيرة لها و مسطرة انتخابها ، و مصادر تمويلها . و تبعا لما ذكر فإن الاجتماع الخاص بتأسيسي الجمعيات يكون اجتماعا داخليا لا يجوز للعموم ، من غير المؤسسين حضور . وعلى العكس من ذلك فإن التجمعات أو الاجتماعات العمومية ، سواء تمت في الساحات والقاعات أو العمومية أو في ساحات و قاعات خاصة يكون مباحا حضورها للعموم و لا يجوز منع هذا العموم من حضورها ، كما يجوز للسلطة المعنية انتداب أحد موظفيها لحضورها ، ويكون من صلاحية هذا الموظف فض الاجتماع العمومي إذا طلب منه المكتب المنظم للاجتماع العمومي ذلك أو إذا وقعت اصطدامات أو أعمال عنف ، و الكل طبقا لمقتضيات الفصول 1 و 5 و 7 من ظهير التجمعات العمومية . الاعتبار الرابع : من بين الفوارق الجوهرية بين الاجتماع التأسيسي للجمعية و التجمع العمومي ، أن الأول يتم فيه الاتفاق بين المؤسسين على خلق جمعية ذات شخصية معنوية و هذه الجمعية تتصف بالاستمرار في العمل و الوجود من أجل تحقيق أهدافها . أما التجمعات أو الاجتماعات العمومية المباح حضورها للعموم ، بمختلف مشاربهم ، فهي مؤقتة لأن وجودها المادي والقانوني ينتهي في نفس اليوم و الساعة المحددين لانتهائها و لا تتمخض عنها أية شخصية معنوية. الاعتبار الخامس : لا يمكن الأخذ و الاحتجاج بقرار المجلس الأعلى الغرفة الإدارية المشار إليه في القرار الاستئنافي موضوع التعليق ( قرار رقم 637/4/1/2002) لأنه ، كما يقول الاجتهاد الفقهي و القضائي ، عند صراحة النصوص فلا محل للاجتهاد حتى و لو كان هذا الاجتهاد صادرا عن محكمة النقض ، خصوصا وأن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى كانت ، قبل خلق محاكم الاستئناف الإدارية بمقتضى القانون 03-80 الذي أصبح نافذا في 19/9/2006، لم تكن غرفة قانون و إنما غرفة موضوع من الدرجة الثانية ( ثبت في الموضوع على وجه الاستئناف ). و كما فصلنا في ذلك أعلاه ، فإنه لا وجود لأي مقتضى قانوني ، في ظهير تأسيس الجمعيات ، ينص على إخبار السلطة المحلية بتاريخ و مكان انعقاد الاجتماع التأسيسي، و أنه لا يمكن تطبيق الفصل3 من ظهير التجمعات العمومية على الجمع التأسيسي للجمعيات ، و لأن قرار المجلس الأعلى المحتج به اعتمد ، من جهة أخرى ، في إعطاء المشروعية لقرار رفض تسلم ملف التصريح بالتأسيس ، في كون مقر الجمعية عبارة عن محل سكنى أحد أعضائها ، مع أن الفصل 5 من ظهير تأسيس الجمعيات ينص ، فيما يخص البيانات التي يشتمل عليها التصريح بالتأسيس ، على مجرد ذكر " مقر الجمعية " بدون بيان نوع استعمال المقر ، الأمر الذي يعني أن مقر الجمعية يمكن أن يكون في نفس الوقت مخصصا للاستعمال السكني أو المهني أو النقابي أو الحزبي أو أن يكون مقرا لعدة جمعيات متعددة التوجهات ... الاعتبار السادس: حتى مع الفرض، جدلا، بان الفصل الثالث من ظهير التجمعات العمومية يطبق ايضا على الاجتماعات التأسيسية للجمعيات ، فطبقا للفقرة الأخيرة من الفصل الثالث المشار إليه ، فإنه : " تعفى من سابق التصريح المنصوص عليه في المقطع الأول من هذا الفصل الاجتماعات التي تعقدها الجمعيات و الهيئات المؤسسة بصفة قانونية التي تهدف بصفة خاصة إلى غاية ثقافية أو فنية أو رياضية و كذا الاجتماعات التي تعقدها . ومن المعلوم أن المدعية الطاعنة تحمل اسم "جمعية اتحاد الطلبة من أجل تغيير النظام التعليمي " و أن من بين اهدافها ، حسب نظامها الأساسي المدلى بنسخة منه للمحكمة ، هو : " العمل على إصلاح مقتضيات النظام التعليمي في أفق تغييره و الدفاع عن الحق في التعليم و عن بناء قوة اقتراحية قادرة على خلق بدائل للمنظومة التعليمية الحالية ، و فتح نقاش وطني حول قضية التعليم بمشاركة كل الفاعلين في هذا المجال ، و توعية و تكوين التلاميذ و الطلبة والمتدرسين و تحسين المجتمع بكل مكوناته و خلق فضاء للتعبير و الإبداع ..." ، و أن من بين الوسائل ، الواردة في النظام الأساسي للجمعية ، من أجل تحقيق الأهداف المذكورة : "المحاضرات و الندوات و المناظرات و مختلف الأنشطة التكوينية و التثقيفية ، و خلق نواد ثقافية وفنية والتوعية داخل المؤسسات التعليمية ..." . ومن المعلوم أن التعليم يعتبر وسيلة للوصول إلى العلم بكافة محتوياته و أنواعه هذه المحتويات التي تعني الثقافة بعينها . فالثقافة تعني كافة أنواع المعارف و الفكر ...و هكذا : فالثقافة لغة ، حسب " منجد اللغة العربية المعاصرة ص 165 " : هي التمكن من العلوم والفنون و الآداب – و غنى فكري و معرفة واسعة " . وهي : " المعارف المكتسبة التي تسمح بتنمية الذوق و حاسة النقد و قدرة الحكم على الناس في الأمور و الأشياء " . ومحتوى الثقافة و أهدافها و وسائلها حسب مواد إعلان مبادئ التعاون الثقافي الدولي الصادر عن المؤتمر العام لمنظمة الأممالمتحدة للتربية و العلم و الثقافة رسميا في دورته الرابعة عشر ، يوم 4 تشرين الثاني ، نونبر 1966 . و من بينها المواد الأولى و الثانية و الثالثة ، فإنه ".. من حق كل شعب ومن واجبه أن ينمي ثقافته ..." و "يجب أن تسعى الأمم جاهدة إلى تنمية الثقافة في شتى مجالاتها تنمية متوازية بل متزامنة قدر المستطاع ، بغية تحقيق التوازن المنسجم بين التقدم التقني لبني البشر و بين ارتقائهم الفكري و المعنوي " و انه " يشمل التعاون الثقافي الدولي جميع ميادين الأنشطة الذهنية و الإبداع المتصلة بالتربية و العلم و الثقافة " . وحسب إعلان مؤتمر مكسيكو للثقافة وهو المؤتمر الذي أشرفت عليه الأممالمتحدة : " فإن الثقافة ، بمعناها الواسع ، يمكن أن ينظر إليها اليوم على أنها جميع السمات الروحية و المادية والفكرية و العاطفية التي تميز مجتمعا بعينه أو فئة اجتماعية بعينها ، و هي تشمل الفنون والآداب و طرائف الحياة ، كما تشمل الحقوق السياسية للإنسان و نظم القيم و التقاليد و المعتقدات و أن الثقافة ، حسب نفس الإعلان هي التي تمنح الإنسان قدرته على التفكير في ذاته ، و هي التي تجعل منه كائنات تتميز بالإنسانية المتمثلة في العقلانية و القدرة على النقد و الالتزام الأخلاقي ، و عن طريقها تهتدي للقيم و نمارس الاختيار ، و هي وسيلة الإنسان للتعبير عن نفسه ، و التعرف على ذاته كمشروع غير مكتمل ، و على إعادة النظر في إنجازاته و البحث دون ثوان عن مدلولات جديدة و إبداع إعمال يتفوق فيها على نفسه " . وتبعا لما ذكر أعلاه ، فيما يخص مفهوم الثقافة ، فإن أهداف : "جمعية اتحاد الطلبة من أجل التعيير" تدخل في نطاق هذا المفهوم الأمر الذي يؤدي إلى عدم احتياجها إلى إخبار السلطة المحلية بتاريخ و مكان انعقاد اجتماعها التأسيسي ، حتى مع الفرض جدلا أن هذا الاجتماع التأسيسي تنطبق عليه مقتضيات الفصل 3 من ظهير التجمعات العمومية ... خلفيات امتناع السلطات المحلية من تسلم ملفات التصريح بتأسيس الجمعيات بدعوى خرق مقتضيات الفصل 3 من ظهير التجمعات العمومية : حسب التجربة المستمدة من المعاينة و التتبع ، فإن السلطات المحلية بمختلف أقاليم المغرب ، دأبت، في نطاق تعليمات النظام السياسي المخزني بالمغرب ، على التمييز بين نوعين من الجمعيات: النوع الأول: هو الجمعيات المتوقع منها موالاة النظام السياسي بالمغرب أو مهادنته و هذا النوع من الجمعيات تتسلم السلطات المحلية منه ملفات التصريح بالتأسيس و تسليمه فورا ، الوصل المؤقت المثبت لإيداع التصريح و بعده تسليمه الوصل النهائي ، و هما الوصلان المنصوص عليهما في الفصل 5 من ظهير تأسيس الجمعيات ، و بالتالي فإن هذا النوع من الجمعيات لا يكون مضطرا اللجوء إلى القضاء من اجل المطالبة بإلغاء قرار الامتناع من تسلم ملف التصريح بالتأسيس بما نتج عنه من رفض تسليم الوصل المؤقت ... النوع الثاني من الجمعيات : هو النوع الذي تتوقع السلطات منه ، بسبب نوعية أهدافه وهوية أعضائه المشكلين لأجهزته التسييرية و التنفيذية ، أن يكون مواجها للنظام السياسي و منتقدا للأوضاع وذلك، سواء على مستوى الأبحاث و التحليلات و الأنشطة أو على مستوى التوعية والتعبئة والمواقف ، و هذا النوع من الجمعيات هو الذي ترفض السلطات المحلية تسلم ملفات التصريح بالتأسيس المتعلقة به و بالتالي ترفض ، ضمنيا ، تسليمه الوصل المؤقت ، بدون تعليل هذا الرفض أو بتعليلات تافهة لا ترتكز على أساس من القانون و الواقع ، مثل التعليل الوارد في قضية "جمعية اتحاد الطلبة من اجل التغيير ( كتابة الضبط بالولاية هي المختصة بتسلم ملفات التصريح بالتأسيس ؟ !) . وهذا النوع من الجمعيات ، هو الذي يضطر اللجوء إلى القضاء من أجل إلغاء قرار الرفض و المطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية و المعنوية ... وعندما يلتجئ إلى القضاء يفاجأ ، و لأول مرة ، بعدة دفوع شكلية من بينها عدم إخبار السلطة المحلية بتاريخ و مكان و زمان انعقاد الاجتماع التأسيس للجمعية وأن عدم هذا الإخبار يعتبر خرقا لمقتضيات الفصل 3 من ظهير التجمعات العمومية . والسؤال الجوهري المطروح : ما هي خلفيات التمسك بتطبيق الفصل الثالث من ظهير التجمعات العمومية على اجتماعات تأسيس الجمعيات؟: إن الجواب على هذا السؤال الجوهري نسوقه فيما يلي: إن النظام السياسي المغربي يرمي من وراء تطبيق الفصل الثالث المشار إليه على الاجتماعات التأسيسية هو دفع من يرغب في تأسيس جمعية جادة إلى الإخبار بتاريخ و زمان ومكان التأسيس، و عندئذ سيطبق على الاجتماع التأسيسي ما يطبق على التجمعات العمومية الأمر الذي يعني أن الاجتماع التأسيسي سيصبح حضوره مباحا للعموم و للسلطة و سينتج عن هذا الحضور شيئان خطيران: الأول : تسرب ، باسم الإباحة العمومية في الحضور ، خصوم الجمعية الذين سيكون لهم الحق في مناقشة الأهداف و الوسائل المنصوص عليها في مشروع النظام الأساسي للجمعية ، والحق في انتخاب الأجهزة و الترشيح لها ، و بدون شك سيكون عددهم أكبر من عدد المؤسسين الأمر الذي سيخولهم ، ليس فقط تغيير أهداف الجمعية و إنما أيضا الهيمنة على أجهزتها التقريرية و التنفيذية . الثاني: إن تطبيق مقتضيات الفصل الثالث من ظهير التجمعات العمومية على الاجتماعات التأسيسية للجمعيات سيخول للسلطة المحلية إمكانية بعث أحد موظفيها لحضور الاجتماع التأسيسي و لفض هذا الاجتماع بعلة وقوع اصطدامات أو أعمال عنف ، و بذلك ينتهي ، في المهد ، خروج مشروع تأسيس الجمعية الجادة إلى الوجود القانوني و الفعلي . ويحسن التذكير ، بهذه المناسبة ، أن نفس السلطة المحلية بالرباط ، سبق لها أن منعت القضاة من عقد جمعهم التأسيسي لجمعية " نادي قضاة المغرب " و هو الجمع الذي كان مقررا عقده يوم 20 غشت 2011 بقاعة المدرسة الوطنية للصناعة المعدنية بالرباط ، وهو المنع الذي تم عن طريق قيام إدارة المدرسة ، بتعليمات شفوية من السلطة ، بإغلاق باب المدرسة في وجه القضاة المؤسسين ، الأمر الذي اضطروا معه إلى عقد جمعهم التأسيسي بساحة عمومية مجاورة للمدرسة . و في هذه الساحة ناقشوا و صادقوا على النظام الأساسي للنادي ، و فيها أيضا انتخبوا أجهزة النادي التقريرية و التنفيذية . و قد رفضت السلطة المحلية تسلم الوصل المؤقت المثبت لإيداع ملف التصريح بالتأسيس لممثل النادي الأمر الذي اضطر معه هذا الأخير إلى إثبات الإيداع بواسطة مفوض قضائي . من حسن الحظ أن أغلبية المحاكم الإدارية بالمغرب ، و في مقدمتها المحكمة الإدارية بالرباط ،دأبت على استبعاد الربط بين متطلبات الاجتماع التأسيسي للجمعيات وبين متطلبات التجمعات العمومية ، إلا أنه ، مع الأسف ، فإن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط لم تقر هذا الاتجاه فكانت بذلك مجانبة للصواب. الرباط في فاتح فبراير 2017