15 فبراير, 2017 - 05:53:00 تشير الوقائع والأحداث التي تجري حاليا في المشهد السياسي المغربي، إلى دخول السلطة السياسية في البلد إلى مرحلة جديدة في علاقتها مع "الفاعل الإسلامي" سواء منه المشارك في السلطة أو المعارض للنظام السياسي، خصوصا بعدما تسربت معلومات عن كون وزارة الداخلية تسعى مؤخرا إلى تصنيف كلا من حركة "التوحيد والإصلاح" وجماعة "العدل والإحسان" ضمن الجماعات التي ترغب السلطات في مراقبة أعضائها وجمع كل المعلومات المتعلقة بأنشطتهم . معطى خلق حالة ارتباك في صفوف كبار قيادات العمل الإسلامي بالمغرب، وخوف من استغلال خطابات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، الذي لا يخفي عدائه للإسلام والاسلاميين بمختلف تياراتهم، وجعل أغلب المحللين والمهتمين في المنطقة يعتقدون أن السلطات في شمال إفريقيا والشرق الأوسط سوف تسعى إلى تضييق الخناق على الإسلاميين في حالة استمرت سياسة ترامب الخارجية على نهج شن حربها ضد ما تصفه ب "التطرف الإسلامي" الذي لاتفرق فيه بين إسلاميين معتدلين ومتطرفين يتخذون الإسلام غطاء لأعمالهم الإجرامية. لكن في الوقت ذاته، هناك من المحللين من يعتبر أن حالة "التضييق" والاستهداف المباشر وغير المباشر للحركات الاسلامية سيقويها وسيزيد من شعبيتها، على اعتبار أن "خطاب المظلومية" والاحتقان الاجتماعي المتزايد سيشكل فرصة للاسلاميين للتواجد أكثر بين الفئات الشعبية، مؤكدين على أن الوضع الداخلي اذا استمر على ما هو عليه سيقدم خدمات مجانية للاسلاميين لإعادة ترتيب بيتهم الداخلي. منجب: قوى في السلطة تجد فرصة صعود ترامب مناسبة لتصفية "الاسلاميين" المعطي منجب، المفكر والمؤرخ المغربي، يرى أن بعض الأحداث والوقائع التي عرفتها المملكة مؤخرا تشيرا بأن بعض مراكز القوى داخل النظام السياسي تعتبر أن دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي الحالي، فرصة مناسبة لتصفية الحسابات مع التيارات الإسلامية، خصوصا وأن "فترة أوباما السابقة ركزت على سياسة دعم صعود الأحزاب التي لها امتداد شعبي ومنها الأحزاب الإسلامية"، يشرح منجب بالقول: "تلك الفترة لم تتمكن بعض مراكز القرار في السلطة في استئصال الاسلاميين". منجب، قال في حديثه مع موقع "لكم"، إن "صعود دونالد ترامب، استفادت منه بعض مراكز القوى بالمغرب، التي بدأت في التماهي مع سياسة ترامب سواء في قضية منع النقاب التي جاءت مباشرة بعد صعود ترامب"، مضيفا " كذلك معطى تعثر تشكيل الحكومة وإعفاءات في صفوف أعضاء وقيادات العدل والاحسان من مناصب المسؤولية في وزارات بدون علم رئيس الحكومة". المتحدث، أوضح أن "سياسية ترامب لم تستقر بعد"، مبرزا ذلك في "وجود تناقضات كبيرة في السياسية الخارجية واختلاف بين كبار مسؤوليها حول مواضيع كثيرة منها علاقة أمريكا بإيران وبالإسلاميين"، ليستطرد بالقول: "إن هذه الحالة قد تتطلب سنوات حتى يتضح جليا ما إذا كانت ترامب سيتسمر في عدائه للإسلاميين أم سيتراجع؟". المتحدث أكد أن النظام السياسي سيستفيد في الأشهر الأولى من هذا التخبط الحاصل داخل الإدارة الأمريكيةالجديدة، من أجل " استهداف الأحزاب المنتقدة للنظام، سواء التي تشتغل خارج اللعبة السياسية أو تلك المشاركة"، موضحا بأن "الوضع الحقوقي تضرر طيلة هذه الفترة"، مشير إلى أن الدولة تعمل حاليا على "تكسير عظام المجتمع المدني المعارض". العلام: ليست هناك انتكاسة للاسلاميين عبد الرحيم العلام، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، أكد على أن حالات الإعفاءات التي تعرض لها نشطاء جماعة "العدل والإحسان"، والتضييق على "العدالة والتنمية"، وغيرها من الوقائع التي يٌستهدف فيها الإسلاميين، لن "يشكل نكسة بالنسبة لهم"، على اعتبار أن "تاريخ هذه الحركات الإسلامية يفيد أن كلما اشتدت الضربات ضدها وانتشر خطاب المظلومية في صفوفها إلا وازدادت قوتها وشعبيتها" على حد تعبيره. العلام، أوضح في تصريح لموقع "لكم"، أن "التجربة أثبتت أن الحركات الراديكالية لا تضرها التضييقات وإنما الذي يقض مضجعها هو مسلسل الإدماج ومحاولة استقطاب قياداتها إلى جانب قوى السلطة". المتحدث، قال إن" الأمر في اعتقاده مرتبط بتقليد النموذج الإردوغاني، في تعامله جماعة كولن، وهو ما يحدث اليوم ما الجماعات الاسلامية بغية منع امتدادها في الدولة"، مضيفا: "في حالة جماعة العدل والاحسان، النظام السياسي يريد تجفيف منابعهم داخل المؤسسة الرسمية في فترة الفراغ الحكومي التي تشهده بلادنا". وأكد العلام، أن الاجراءات التي اتخدث إلى حدود اليوم في حق الإسلاميين واستهداف بعض الحقوقيين، تشبه الإجراءات التي تتخد في وضع سياسي كحالة طوارئ، موضحا: "في أخير المطاف الهاجس التركي حاضر في ذهن النظام السياسي"، مؤكدا أنه فيما يخص حالة "البيجيدي"، النظام لا يرغب في التخلص من قوتهم، بل " سيعمل على خلق مشاكل بينه وبين العدل والإحسان"، لأن "تجربة العدالة والتنمية في الحكومة استفادت فيها الحركات الاسلامية، وخير مثال أن الوزارات التي يترأسها البيجيدي والتقدم والاشتراكية لم تشهد حالات الإعفاءات". شقير: السلطة اعتمدت على مقاربة إفراغ محتوى فوز الاسلاميين في الانتخابات من جانبه، أكد المحلل السياسي محمد شقير، أن محاولات إقصاء الإسلاميين لم تكن وليدة اليوم، فهي استمرارية لما قبل "الربيع العربي"، موضحا أن "التجربة المغربية كانت متميزة في تعاملها مع الاسلامين في مرحلتين أساسيتين، المرحلة الأولى كانت مع رئاسة "العدالة والتنمية" للحكومة، والمرحلة الثانية التي لا زال الجميع يعيش مخاضها مرتبكة بفترة ما بعد 7 أكتوبر". شقير، قال في اتصال مع موقع "لكم"، إن مرحلة ما بعد اكتوبر حاولت السلطة احتواء حزب "العدالة والتنمية" من خلال المراهنة على حزب "الأصالة والمعاصرة" وتمكينه من جميع الوسائل ليظفر برئاسة الحكومة، وهو الأمر الذي لم يتم"، مضيفا: "لذلك تم الاعتماد على مقاربة أخرى متمثلة في إفراغ الفوز الانتخابي للبيجيدي وتكسير كل مبادرة قد تمكن بنكيران من التحكم في تسيير الحكومة". المتحدث كشف أن هذا الرهان سيتقوى بمحاولة إضعاف موقع رئيس الحكومة، والحد من امتداد التيار الإسلامي، "حيث يرى البعض من دوائر القرار أنه قد يشكل منافسة لامتداد القصر" يضيف الباحث السياسي، الذي أكد أن هذه المقاربة لا تريد إقصاء "البيجيدي" بل فقط محاولة احتوائه. وأشار المحلل السياسي، في حديثه للموقع، إلى أن التضييق على جماعة "العدل والإحسان" "يدخل في سياق آخر، مرتبط بتشديد الخناق عليها، خصوصا وأنها مؤخرا أعلنت عن نيتها في الحوار مع السلطة"، مؤكدا على أن صعود ترامب لعب دور كبير في هذا المخاض بدءا بتعطيل مشاورات تشكيل الحكومة، ثم الإجراءات المتخدة ضد جماعة "العدل والإحسان"، ثم تضييق الخناق على "التيار السلفي" "الذي استعملته السلطة ضد البيجيدي في وقت سابق" يضيف المتحدث.