11 يناير, 2017 - 11:48:00 رغم مرور أكثر من 5 سنوات على ترسيم الأمازيغية لغة رسمية ثانية، وسط تجدد مطالبة هيئات سياسية ومدنية وحقوقية لمطلبها بجعل "رأس السنة الأمازيغية" عيدا وطنيا وعطلة رسمية مؤدى عنها، فإن الدولة ما تزال تتحفظ على الإقرار بذلك. فعلى بعد يوم واحد من الاحتفال ب"إض يناير" كما يكنيه الأمازيغ، الذي يوافق هذا العام ليلة يوم غد الأربعاء 12 يناير، الخميس 13 يناير 2017، يتجدد مطلب عدد غير يسير من الفاعلين والحقوقيين والسياسيين والنشطاء ولسنوات، وما يزال المطلب قائما إلى اليوم. فما الذي يمنع الدولة في المغرب من إقرار "إض يناير" عيدا رسميا وعطلة مؤدى عنها؟. سؤال نقله موقع "لكم" واستقى شهادات فاعلين ونشطاء أمازيغ في المغرب. تحفظ الدولة له مبرران اثنان الباحث في الثقافة الأمازيغية، الكاتب والناشط الحقوقي أحمد عصيد، حصر في تصريح لموقع "لكم" تحفظ الدولة في الاعتراف برأس السنة الأمازيغية رغم ترسيم الأمازيغية دستوريا في مبررين اثنين. الأول، الحاجة إلى تفعيل الطابع الرسمي للغة، وهو ما يحتاج إلى إخراج القانون التنظيمي الخاص بالتفعيل إلى حيز الوجود، حيث برّر الكثير من المسؤولين تقاعسهم عن القيام بواجبهم في تفعيل الدستور بانتظار القانون التنظيمي الذي ينبغي أن تضعه الحكومة، لكنهم لم يحركوا أي ساكن من أجل الدفع بمسلسل صياغة هذا القانون نحو الأمام. أما المبرّر الثاني، بحسب الباحث المغربي عصيد، فتعمل به "بعض اللوبيات التقليدية داخل الدولة، التي تعتبر أن أي بروز لرموز الثقافة الأمازيغية من شأنه أن يبخس رموز الثقافة العربية التي ترتبط بالدين ويحجبها، وذلك مثل رأس السنة الهجرية، فقد سمعت من يقول إن رأس السنة الأمازيغية هي مجرد ابتكار لمضايقة رأس السنة الهجرية، والحقيقة أنه لا شيء يربط بين الأمرين على الإطلاق". وعلى نفس الخطى، سار الإعلامي الأمازيغي عبد الله بوشطارت في تصريحه لموقع "لكم" بقوله: هناك لوبي قوي داخل الدولة يعادي الأمازيغية ويهمش هذا المطلب التاريخي للحركة الأمازيغية الذي لا يوافق الدستور ولا مسار الاعتراف بالأمازيغية ولا يخدم مصلحة المغرب"، داعيا الدولة إلى أن "تتخلص من عقدة التاريخ والأساطير المؤسسة، لأن الاعتراف بالسنة الأمازيغية وترسيمها عطلة وعيدا يبرز التعددية وينبذ كل أشكال الإقصاء واعترافا أيضا بثقافة استمرت لقرون ولمراحل ممتدة إلى ما قبل الميلاد". واستغرب بوشطارت مما أسماه "تعنت الدولة الخطير رغم ترسيم الأمازيغية وكون (إَض يناير) عيد شعبي يحتفل به لأزيد من ألفي عام بسبب غياب الإرادة السياسية للدولة في المصالحة مع الأمازيغية بعد خطاب أجدير". "فلا يعقل أن يتم تخليد يوم 11 يناير كل سنة وجعله عطلة سنوية مؤدى عنها، في مقابل تشجع الدولة على الاحتفال برأس السنة الأمازيغية وتنقل ذلك في وسائل الإعلام الرسمية لتكرس التخليد على الهامش وثقافة الواجهة وليست ثقافة العمق والمؤسسات"، بحسب تعبير بوشطارت. من جهته، أشار رئيس العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان بوبكر أنغير في تصريح لموقع "لكم" أن ذلك "مرتبط باستمرار بعض العقليات في الدولة والمجتمع، تتخوف من إيمازيغن، وهي تخوفات غير واقعية وغير مبررة، لأن الأمازيغ متشبتون بهويتهم وينشدون فقط الاعتراف والتقدير لتاريخهم الأمازيغي العريق". وجدد الناشط الحقوقي أنغير مطلبه إلى جانب إيمازيغن ب"الدعوة للاعتراف بالسنة الأمازيغية عيدا وطنيا وعطلة رسمية مؤدى عنها ما دام الدستور المغربي يقر الهوية الأمازيغية، وهذا الاعتراف سيقوي ارتباط المغاربة بثقافتهم وهويتهم الأصيلة ذات تاريخ وحضارة عريقين". على مستوى آخر، أوضح عصيد أن "رأس السنة الأمازيغية يرمز للعراقة التاريخية ولارتباط الإنسان الأمازيغي بأرضه، حيث عبّر الأمازيغ منذ القديم في كل بلدان شمال إفريقيا عن تقديرهم لخيرات الأرض وعن رغبتهم في استمرار الخصب والنماء الطبيعي وعن احترامهم للبيئة ولثمارها، ولهذا يتمّ الاحتفال بهذه المناسبة عبر طبخ جميع هذه الخيرات والثمار سواء منها الحبوب أو الخضراوات دفعة واحدة، ويتم ذلك بطرق مختلفة من منطقة إلى أخرى حيث يطبع التنوع الشديد هذه الظاهرة". النقاش العمومي ومطلب الاعتراف في الوقت الذي تشهد فيه الفترة الحالية نقاشا حادا حول مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالأمازيغية، والتي ينص عليها الدستور منذ 2011، وخاصة منها القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، أكد الباحث الأمازيغي أحمد عصيد على أن "هذه المشاريع التي لم تقم الحكومة بصياغتها إلا في الأسابيع الأخيرة من الولاية الحكومية، بل ولم تقم بوضعها بالبرلمان إلا في الساعة الأخيرة من هذه الولاية (يوم الخميس 06 أكتوبر 2016، أي قبل الانتخابات بيوم واحد)، مما يجعل مطلب الاعتراف برأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا ويوم عطلة أكثر بروزا وملحاحية". ويسير عصيد إلى أن "الأشكال التي تم بها التعبير عن ذلك من خلال الخروج إلى الشارع والساحات العمومية في تظاهرات ثقافية عبر ربوع المملكة، سواء في شكل كرنفالات أو في شكل تظاهرات فنية وثقافية في الفضاء العام منذ نهاية الأسبوع الماضي يجعل المطلب قائما وذي مشروعية. وصار الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يدمج المنتخبين، حيث تعمل العديد من الجماعات المحلية والبلديات على دعم الاحتفالات وتبنيها وهذا مؤشر إيجابي يدلّ على اقترابنا من الاعتراف برأس السنة الأمازيغية رسميا في بلادنا، على حد تعبير الباحث المغربي في الثقافة الأمازيغية أحمد عصيد. وتنامت في الآونة الأخيرة مظاهر الاحتفاء برأس السنة الأمازيغية ترعاها السلطات ويدعمها ماليا وماديا المنتخبون والمؤسسات الاقتصادية والحكومية وشبه الحكومية وسط تنامي العرائض الشعبية والمذكرات المطلبية كل عام، غير أن الدولة المغربية ما تزال إلى اليوم تتحفظ على إقرارها عطلة سنوية وعطلة مؤدى عنها.