ب 09 نوفمبر, 2016 - 07:05:00 يقترب الملياردير الاميركي الشعبوي دونالد ترامب الذي لا يملك اي خبرة سياسية من الفوز الاربعاء في الانتخابات الرئاسية، في زلزال سياسي غير مسبوق يغرق الولاياتالمتحدة والعالم في مرحلة غموض قصوى. وسجلت الاسواق تراجعا كبيرا بشكل تدريجي مع توارد المعلومات من وسائل الاعلام الاميركية عن نتائج هذه الامسية الانتخابية الطويلة الاستثنائية. وبعد ثماني سنوات على انتخاب باراك اوباما اول رئيس اسود، الذي اثار موجة آمال كبرى في جميع انحاء البلاد، يبدو المرشح الجمهوري الشعبوي (70 عاما) الذي طالته فضائح جنسية ويعبر عن مواقف معادية للاجانب، في طريقه للفوز على الديموقراطية هيلاري كلينتون التي كانت تأمل في ان تصبح اول امرأة تتولى الرئاسة في الولاياتالمتحدة. وقام بحملة انتخابية على اساس انه دخيل على السياسة مصمم على مكافحة فساد النخب السياسية في واشنطن التي "استنزفت البلاد". ووعد بان يعيد "الى اميركا عظمتها" شعاره الثابت وحمايتها من الخارج. وهذا الملياردير الذي لا يمكن توقع سلوكه، وعد الاثنين بنتيجة "اقوى من بريكست بثلاث مرات" في اشارة الى المفاجأة التي فجرها تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي في حزيران/يونيو الماضي. وطوال حملته حاول استمالة قاعدة ناخبة متواضعة تشعر بانها مهمشة لمواجهة العولمة والتغيرات الديموغرافية معتبرا انها ترسم مستقبلا قاتما. وهذا التطور المثير للصدمة ياتي في ختام 18 شهرا من حملة انتخابية حادة ادت الى انقسام شديد في الولاياتالمتحدة وفاجأت العالم بمدى ابتذالها وضرواتها. ويرى اكثر من 60% من الاميركيين ان دونالد ترامب لا يتمتع بالطبع المناسب لكي يصبح رئيسا، لكنه نجح في الاستفادة من غضب وقلق قسم من الاميركيين. وتبقى اقتراحاته غامضة في عدد من الملفات مثل السياسة الخارجية. كما انها تثير القلق في ملفات اخرى مثل الاقتصاد. وادى احتمال فوز ترامب بالرئاسة الى هزة قوية في الاسواق حيث تراجع الدولار فيما سارع المستثمرون الى اللجوء للذهب وسندات الخزينة التي تعتبر اقل مجازفة. وطوال الامسية الانتخابية كانت الطريق الى البيت الابيض تضيق امام هيلاري كلينتون رغم انها كانت تعتبر الاوفر حظا بالفوز في استطلاعات الرأي. وحوالى الساعة 5,30 ت غ، كانت الانتخابات معلقة على نتائج حفنة من الولايات الصغيرة مثل ميشيغن وويسكونسن وبنسلفانيا ونيوهامشير. وقد فاز ترامب خصوصا في فلوريدا وكارولاينا الشمالية واوهايو وايوا ايضا، وكلها ولايات اساسية. ويتابع الاميركيون ومعهم العالم باهتمام كبير النتائج التي تصدر عن كل ولاية ولم يتبق سوى عدد قليل منها: ميشيغن وويسكونسين وبنسلفانيا ونيوهامشير. وفي مؤشر الى ان الثقة في معسكر ترامب كبيرة جدا، وضع قطب العقارات في تغريدة على تويتر صورة له مع مرشحه لمنصب نائب الرئيس نايك بنس وفريقه وعائلته وهم يتابعون النتائج من برج ترامب الكبير في مانهاتن. من جانب اخر فازت كلينتون بولاية نيفادا التي تعتبر من الولايات الاساسية. "البلاد تريد التغيير" وقال بريندون بينا (22 عاما) المؤيد لترامب "اعتقد اننا سنفوز!". واضاف الشاب الذي كان في فندق في نيويورك وعد فريق ترامب باقامة "احتفال النصر" فيه "كنت واثقا من الفوز واعتقد ان دونالد ترامب رجل ذكي جدا". من جهته، صرح غلين روتي (54 عاما) "غير معقول! اعتقد انه سيذهب حتى النهاية". واضاف ان "البلاد تريد التغيير". ويشير مقياس وضعته صحيفة نيويورك تايمز الى ان احتمال وصول ترامب الى البيت الابيض يزيد عن تسعين بالمئة. في المقابل تبدو الوجوه مكفهرة في معسكر كلينتون (69 عاما) التي كانت تأمل في ان تكون اول سيدة تتولى الرئاسة، خلال السهرة الانتخابية. وكانت اصوات صحافيي شبكتي "سي ان ان" و"سي بي اس" في بث على شاشات عملاقة، تسمع في القاعة وسط صمت غريب. وقالت جوان ديفينوتي المتقاعدة التي كانت تعمل في سكك الحديد والقادمة من ماساتشوسيتش ان "الوضع لا يسر". واضافت وهي تهز رأسها ان "فلوريدا كانت مشكلة دائما". اما انابيل ايفورا (51 عاما) "انه امر لا يصدق فعلا". واضافت "اصلي مع انني لست مؤمنة، نحتاج الى معجزة"، مؤكدة انها "حزينة وتشعر برغبة في البكاء". وتتابع كلينتون النتائج مع زوجها الرئيس الاسبق بيل كلينتون وابنتهما تشيلسي مع زوحها وولديهما في فندق في نيويورك. وقال احد اعضاء فريق حملتها الانتخابية مساء الثلاثاء "كنا واثقون هذا الصباح وبعد الظهر، ولم يتغير شيء". ودعي اكثر من مئتي ناخب اميركي الى التصويت الثلاثاء لاختيار رئيس خلفا لباراك اوباما الذي سيغادر البيت الابيض في 20 كانون الثاني/يناير بعد ثماني سنوات في السلطة. وكان انتخاب اوباما في العام 2008 اثار آمالا ببلاد متحدة اكثر، لكن حملة عام 2016 احدثت انقساما شديدا. وينبغي ان يتجاوز المرشح عتبة ال270 من المندوبين الكبار لينتخب رئيسا لاكبر قوة في العالم. وحتى الآن حصل ترامب على اصوات 245 من اصوات كبار الناخبين مقابل 215 لكلينتون بحسب احصاء لوكالة فرانس برس. وكانت كلينتون تراهن على الاقليات وشريحة الشباب والناخبين البيض الحائزين شهادات جامعية والنساء اللواتي يشكلن غالبية قاعدتها الناخبة (حوالى 52% خلال انتخابات رئاسية سابقة). وهيلاري كلينتون التي كانت سيدة اولى سابقا وعضوا في مجلس الشيوخ ثم وزيرة للخارجية الاميركية كانت متواجدة على الساحة السياسية لفترة طويلة، لكنها شخصيتها لا تثير حماسة كبرى. ووصلت الى نيويورك مساء الثلاثاء لتعد مع فريقها الخطاب الذي ستلقيه ايا يكن حكم صناديق الاقتراع في مركز المؤتمرات "جافيتس كونفنشن سنتر". وقالت شارون جونز (50 عاما) "آمل ان يكون عدد من الاميركيين السليمين عقليا اكبر من عدد المجانين". وردا على سؤال عما ستفعله اذا فاز ترامب، قالت مازحة "يبدو ان كندا جميلة جدا في فصل الربيع"، قبل ان تصدر نتائج جديدة ترجح هذه الامكانية. وكانت الحملة اتسمت بعنف غير مسبوق وشهدت تبادل هجمات شخصية، اثارت شعورا بالمرارة في بلد منقسم اكثر من اي وقت مضى، وعززت فقدان ثقة الاميركيين في طبقتهم السياسية. ويصوت الاميركيون ايضا الثلاثاء لتجديد 34 مقعدا من اصل مئة في مجلس الشيوخ وكل مقاعد مجلس النواب فيما يبدو ان الجمهوريين يتجهون للاحتفاظ بالغالبية فيهما. وعزز الجمهوريون فرصهم بالاحتفاظ بسيطرتهم على مجلس الشيوخ مع اعلان انتصار مارك روبيو (45 عاما) المرشح السابق في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري الى البيت الابيض. وتصوت 12 من الولايات الخمسين ايضا لانتخاب حكام جدد كما تنظم عشرات عمليات الاستفتاء المحلية حول مسائل تتفاوت بين تشريع استخدام الماريجوانا والغاء عقوبة الاعدام.