08 أكتوبر, 2016 - 03:55:00 الساعة تشير إلى الثامنة والنصف ليلا أجواء الترقب هي المسيطرة في المقر التاريخي لحزب "الاستقلال" بباب الأحد بالرباط، المكان يكاد يخلو من الوجوه المعروفة للحزب باسثناء بعض الوجود الشابة مثل عادل تشيكيطو وعادل بنحمزة وعمر عباسي وخديجة الزومي المرأة التي كانت بمثابة ظل حميد شباط، الأمين العام للحزب، عندما كان على رأس نقابة حزبه. الحرارة في القاعة التي تأوي الحضور تكاد تعادل برودة الطقس في الخارج، ومع ذلك فإن الارتياح باد على وجوه الاستقلاليين، وفي غياب قيادات الصف الأول في الحزب كان عادل بنحمزة، الناطق الرسمي باسم الحزب يصول ويجول، بين قاعة الحضور وبهو المقر يدلي بتصريحات للاعلامين الذين حضروا بكثافة لتغطية سهرة الانتخابات في البيت الاستقلالي، معربا عن تفاؤله بالنتيجة التي سيحققها الحزب، وهاتفه لا يفارق يده فالنتائج تصله أول بأول وهو من سيعلن عنها. الانتظار سيد الموقف الانتظار سيد الموقف في البيت الاستقلالي وشد الأنفاس لم يبدأ بعد، فالليل مازال طفلا يحبو، وبالكاد بدأت "السهرة" وأمام الجميع انتظار أربع ساعات حتى يخرج وزير الداخلية للإعلان عن النتائج الرسمية الأولية، وفي الجانب الاخر من القاعة تجلس بعض نساء الحزب تتحدثن عن مجريات الاقتراع وعن حظوظ كل حزب وفي كل مرة ترتفع أصواتهن وجدالاتهن كذلك، في حين لازالت قيادة الحزب غائبة، فأمينه العام حميد شباط لم يأتي بعد لمقر الحزب، ولا أنباء لحد الآن عن فوزه في دائرة فاس الشمالية التي ترشح فيها. لكن المعلومة المؤكدة والرائجة أن حزب العدالة والتنمية يكتسح بشكل كبير مدينة فاس المعقل الرئيسي لحزب علال الفاسي. عبد الواحد الفاسي زعيم تيار "بلا هوادة" الذي كان إلى وقت قريب على خلاف عميق مع حميد شباط يظهر فجأة في مقر الحزب، حضوره يوحي برسائل كبيرة للإستقلاليين، فصفحة خلافه مع شباط طويت، والبيت الاستقلالي لازال محافظا على تماسكه ووحدة صفه، أما الأسماء الأخرى الكبيرة في الحزب مثل احجيرة وغلاب وبادو فلا وجود لهم باستثناء عادل الدويري الذي كان مرابطا في مقر الحزب منذ الساعات الأولى للسهرة الانتخابية. وأخيرا جاء الفرج.. الاستقلال في المركز الثاني حسب النتائج الأولية عادل بنحمزة يدخل مسرعا إلى قاعة الحضور ويصعد مباشرة إلى المنصة ليعرض النتائج الأولية، الحماس ظاهر عليه لا شك أنه يحمل أخبارا سارة، يسود صمت كبير وكل الوجوه في القاعة مشدودة نحو منصة الإعلان عن النتائج. بسرعة وبدون تأخر يعلن بنحمزة عن النتيجة، "الاستقلال في المركز الثاني حسب المعطيات الأولية، يعلو الصياح في القاعة وتنتشر التصفيقات، ويضيف: الحزب حصد 28 مقعدا بمعدل 232 ألف صوتا واكتسح دوائر جديدة كالحاجب وجرادة وشفشاون وشيشاوة كما أنه متصدر في سبعة عشر دائرة. هذه هي الأرقام الأولية فقط والاستقلاليون لازالو يمنون النفس بحصد المزيد من الدوائر، تنفرج أسارير الوجوه الاستقلالية مرة أخرى، فالأمور تسير في الاتجاه الذي أرادوه بالرغم من أن كل التحليلات السياسية التي كانت تذهب في اتجاه أن ميزان الاستقلال لن يحقق نتائج إيجابية في استحقاقات السابع من أكتوبر سيما بعد فشله في العديد من المدن في الانتخابات الجهوية والجماعية الأخيرة، وخسارته المدوية في مدينة فاس التي ربط اسمها لسنوات طويلة باسم حزب الاستقلال وزعيمه شباط. التوجس يعود من جديد والمركز الثاني تبخر بالرغم من أن المعطيات الأولية كشفت تقدما واسعا لحزب الاستقلال لكن مع مضي الوقت فإن التوجس والهدوء الحذر عاد ليخيم على البيت الاستقلالي خاصة بعد تأخر ندوة وزير الداخلية فالساعة تشير إلى منتصف الليل ولا معطى جديد حتى اللحظة. جملة واحدة تتردد بين الفينة والأخرى بين الاستقلالين "أمدرا شنو درنا"، استقلالية تسأل زميلا لها "أبو حفص داز؟"، يطأطئ رأسه ويجيبها أنه لا يعرف، في حين تتدخل سيدة أخرى لتطمئنها وتقول "لقد حصدنا واحدا وأربعين مقعدا"يسارع الصحفيون لانتزاع تأكيد منها لنشر الخبر لكنها تتردد وتقول "لاشيء رسميا لغاية اللحظة انتظروا عادل بنحمزة ليطلعكم على الجديد". وأخيرا وبعد غياب ساعتين كاملتين يظهر عادل بنحمزة ليعلن عن آخر ما بحوزته من النتائج. بلغ العياء والضغط من الحاضرين مبلغا كبيرا، لكن ما إن ولج بنحزة قاعة الحضور حتى تأهب كل من في القاعة، بدون مقدمات يطلق بنحمزة العنان لكلماته "للاسف لم نعد في المركز الثاني بل في الثالث عدد مقاعدنا ارتفع إلى 45 مقعدا ونتوقع أن نصل إلى 60 مقعدا". يسود الفرح من جديد بين الاستقلالين فالتفاصيل انقشعت أمامهم وأمينهم العام انتزع مقعدا وحيدا وبصعوبة في فاس لكن رغم ذلك فإن احتلال المركز الثالث أثلج الصدور. النتائج الأولية تقسم الاستقلالييناتضحت الصورة في مقر الحزب التاريخي، صحيح أن النتائج النهائية لم تصدر بعد لكن "المهم أننا من الأحزاب التي تصدرت النتائج" هكذا يردد الاستقلاليون هذه الجملة ونشوة الانتصار بادية على وجوههم، لكن هناك من غضب لهذه النتيجة، ومن بينهم البرلمانية السابقة للحزب مونية غلام التي تقول بغضب باد "إن خروقات كبيرة وقعت في العديد من الدوائر الانتخابية وأثرت على نتيجة بعض المرشحين". يغادر الصحافيون مقر الحزب بعد ليلة طويلة قضوها في تغطية السهرة الانتخابية لحزب الاستقلال، فشباط لن يدلي بأي تصريح لهم إلى حين صدور النتائج النهائية بالرغم من تواجده في الطابق العلوي للمقر. أما الاستقلاليون فعدد قليل منهم من بقي في مقر المكان، أغلبية الحاضرين غادروه بعد ليلة طويلة وشاقة، وحده المركز الثالث سيعينهم على النوم بارتياح في انتظار الصباح الذي لاشك أنه سيحمل لهم العديد من المفاجآت.