في نظر البعض الأمر يتعلق ب»تسونامي انتخابي»، خلف سقوطا مدويا لشباط في قلعته، كما في نواحي القلعة..بالنسبة للبعض الآخر، فهو «ربيع انتخابي»..فئات واسعة من المواطنين في العاصمة العلمية تبادلوا التهاني..إدريس الأزمي، وزير المالية في حكومة بنكيران، في ليلة النتائج، بمقر حزب «البيجيدي» قال ل»المساء»، دون أن يخفي فرحته، إن النتائج الكبيرة التي حصلت عليها لوائح حزب «المصباح» في «أم المعارك» بمثابة «رسالة واضحة لسكان هذه المدينة للقطع مع التدبير السيئ والفساد والإفساد، والقطع مع الريع والبلطجة»، ثم أضاف، وهاتفه النقال لا يتوقف عن الرنين لتلقي التهاني من كل حدب وصوب:»إنها رسالة واضحة لفتح صفحة جديدة للتعاون من أجل إنقاذ هذه المدينة، لكي تستعيد جاذبيتها الاقتصادية والعلمية والتاريخية».إنه يوم تاريخي»، يختم إدريس الأزمي، وزغاريد نساء «البيجيدي» تتعالى في مقر الجهة بوسط المدينة احتفالا ب»هزيمة» شباط في قلعته. بين الفينة والأخرى أناشيد وشعارات لحزب «المصباح» وحركة دؤوبة في مقره بالجهة لاستقبال نتائج الاكتساح. وفي الجماعات القروية المحيطة، كانت النتائج بدورها تعلن هزيمة شباط المدوية. في جماعة أولاد الطيب حصد متزعم «حرب الحدود»، رشيد الفايق، 27 مقعدا هي مجموع المقاعد المتنافس عليها في هذه الجماعة، بينما خرج شباط في هذه المعركة خاوي الوفاض. ظلت النتائج تتوالى إلى وقت متأخر من ليلة يوم الجمعة 4 شتنبر الجاري، بمقر ولاية جهة فاسمكناس. والي الجهة، محمد الدردوري، ظل حاضرا بين الصحفيين، يجيب عن الأسئلة، ويتتبع بدوره عملية تقديم النتائج. وبين السقوط المدوي لشباط، سقوط مدوي آخر. واكتساح لحزب العدالة والتنمية في «ربيع انتخابي» لم تشهده المدينة منذ مدة طويلة. في مقاطعة سايس، حصدت لائحة «المصباح» 33 مقعدا، بينما لم يفز حزب الاستقلال سوى ب5 مقاعد، وفي مقاطعة أكدال حصل حزب «البيجيدي» على 25 مقعدا، وحزب الاستقلال لم يفز سوى ب7 مقاعد، تلاه حزب «الجرار» ب3 مقاعد، وبمقاطعة زواغة كانت الصدمة: حزب «البيجيدي» حصل على 30 مقعدا، وحزب الاستقلال فاز فقط ب9 مقاعد. لقد سيطر حزب «البيجيدي» حتى على القلعة الانتخابية لشباط وزوجته. في فاس العتيقة حصل حزب العدالة والتنمية على 22 مقعدا، مقابل 8 مقاعد لحزب الاستقلال، ومقعدين لكل من حزب التجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، وفي المقاطعات ذات الكثافة السكانية الكبيرة كانت المفاجأة أيضا: حزب العدالة والتنمية حصد 24 مقعدا، في مقاطعة جنان الورد، وحزب الاستقلال لم يحصد سوى 7 مقاعد، تلاه حزب التقدم والاشتراكية ب4 مقاعد، ثم حزب التجمع الوطني للأحرار ب3 مقاعد. أما في مقاطعة المرينيين، فالنتيجة أسفرت عن فوز حزب العدالة والتنمية ب30 مقعدا، وحزب الاستقلال ب9 مقاعد. وببلدية المشور التي شهدت اعتصاما لوكلاء اللوائح يوم الاقتراع ضد ممارسات لوكيل حزب الاستقلال، حصل حزب «المصباح» على 8 مقاعد، وحزب التجمع الوطني للأحرار على مقعد واحد، وحزب الاستقلال على 4 مقاعد. حزب العدالة والتنمية سيسير بلدية المشور ذات النظام الخاص في العاصمة العلمية. النتيجة أن حزب العدالة والتنمية فاز فوزا كاسحا بمجلس المدينة، وسيتمكن لوحده إذا أراد من تدبير شؤون العاصمة العلمية. هزيمة شباط لم تقتصر على وسط المدينة. ففي الضواحي، هزيمة أخرى أكثر من مدوية. جماعة أولاد الطيب التي عقد فيها أكثر من تجمعين، ونزل بثقله من أجل تغيير موازين القوى، لم يفز فيها بأي مقعد. زعيم «حرب الحدود»، رشيد الفايق، الرئيس الحالي للجماعة، ومتزعم «حرب الحدود» ضد عمدة فاس، نجح في الفوز بجميع المقاعد، وحصد 27 مقعدا في هذه الجماعة باسم التجمع الوطني للأحرار. وفي منتجع سيدي حرازم، لم يفز شباط سوى بمقعدين من أصل 15 مقعدا. 13 مقعدا كانت من نصيب حزب العدالة والتنمية. الرئيس الحالي للجماعة، محمد قنديل الذي وجه له شباط انتقادات لاذعة، بعد قيادته لرحيل جماعي من حزب الاستقلال في اتجاه حزب العدالة والتنمية، نجح في اكتساح المنتجع، والفوز ب13 مقعدا في هذه الجماعة القروية. وفي جماعة «عين البيضا» القروية، سيقود تحالف التجمع الوطني للأحرار (8 مقاعد) مع حزب العدالة والتنمية (مقعدين)، هذه الجماعة التي ظلت لعدة ولايات في يد الاستقلاليين الذين حصلوا على 7 مقاعد. إنه موسم «الحصاد» بالنسبة لحزب العدالة والتنمية وأحزاب تحالف حكومة بنكيران بالعاصمة العلمية والنواحي. وباسثناء التجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، فإن اللوائح الكثيرة للأحزاب المتبارية التي أغرقت شوارع المدينة بمناشيرها، واستعانت بعمال الانتخابات للتعريف برؤساء لوائحها لم تحصل على نتائج تذكر. إنه «العقاب في يوم الحساب»، وفي نظر المواطنين: هذه أحزاب لا تظهر إلا في الحملات الانتخابية، ومرشحوها لا حضور لهم في العمل اليومي. بعد «ربيع الانتخابات» ليلة الجمعة 4 شتنبر 2015، المهمة ستكون صعبة، هكذا تقول القيادات المحلية لحزب العدالة والتنمية. المدينة تعيش أوضاعا صعبة، وقضايا تدبير مواقف السيارات، والمناطق الصناعية، وملفات التجزئات العقارية، والتسيب العمراني، وإعادة الاعتبار لجاذبية المدينة تحتاج إلى اجتهادات، ولكن قبل ذلك، إلى محاور جدي، ذي مصداقية، هكذا قال الأزمي، إبان حملته الانتخابية، في لقاء مغلق، جمعه بما يقرب من 300 رجل أعمال ومستثمر بفندق راقي بوسط المدينة، قبل أن يتحدث عن ضرورة القطع مع ما أسماه ب«المساومة» و«الابتزاز» و«البلطجة» في مجال تدبير الشأن العام.