تلقت أحزاب المعارضة ضربة موجعة بعد الفوز الكاسح الذي حققه حزب العدالة والتنمية في معظم المدن الكبرى، وبأغلبية مريحة جدا بعد الكشف عن نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية. النتائج التاريخية التي حققها حزب «المصباح» بعد مضاعفته للمقاعد المحصل عليها بأكثر من ثلاث مرات مقارنة بانتخابات 2009، جعلت قادة المعارضة يبادرون لعقد اجتماعين في أقل من 24 ساعة، قبل الخروج بقرار «صغير» بعد إعلانهم أن التحالف مع العدالة والتنمية «خط أحمر»، فيما بادرت أحزاب الأغلبية لإصدار بلاغ نوهت فيه بسير العملية الانتخابية، وفتحت بابا مشروطا للتحالفات من خارج الأغلبية، وهو ما سيجعل أحزاب المعارضة في ورطة حقيقية من أجل فرض الانضباط على أعضائها. وتسلم حزب «المصباح» بسهولة مفاتيح عدد من المدن الكبرى، في مقدمتها الدارالبيضاء وفاس التي حسم في أسماء من سيتولى منصب عموديتها بشكل مبكر في شخص كل من عبد العزيز العماري، وإدريس الأزمي، فيما أصبح أمر التحالفات في مدن أخرى كالرباط وسلا شبه محسوم بفضل الأغلبية الساحقة للمقاعد التي حصل عليها حزب المصباح، ضمن نتائج فاجأت حتى بعض أعضائه بالنظر للتنافس الشرس الذي طبع عددا من الدوائر الانتخابية. وعصفت هذه النتائج بعدد من الوجوه التقليدية التي ارتبطت بتاريخ الانتخابات الجماعية، فيما كان حزب الاستقلال أكبر الخاسرين في هذه الانتخابات، بعد أن فقد أمينه العام حميد شباط قلعته الانتخابية في هزيمة وسقطة مدوية جعلته في وضع حرج أمام غريمه عبد الإله بنكيران الذي لم يتردد في دعوة ثلاثة من قادة المعارضة لتقديم استقالتهم، في إشارة إلى شباط والباكوري وإدريس لشكر بعدما وصفها ب»الهزيمة النكراء». ورغم أن حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال احتلا المرتبتين الأولى والثانية متبوعين بالعدالة والتنمية، فإن هذا الأخير كان أكبر رابح بعد أن ضاعف مقاعده ثلاث مرات، وحصد أغلبية ساحقة بالمدن الكبرى، ما سيجعله يتعامل مع التحالفات من موقع قوة، وبشكل سيحكم تلقائيا على الأحزاب الخارجة من دائرة الأغلبية بأن تحشر في المعارضة. وكانت أحزاب الأصالة والمعاصرة، والاستقلال، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والاتحاد الدستوري، قد أعلنت عدم الانخراط نهائيا في أي تحالف يقوده حزب العدالة والتنمية، انطلاقا مما قالت إنها «خروقات وانتهاكات خطيرة ارتكبت»، وأوصت أعضاءها بالالتزام بهذا الموقف، جوابا على ما وصفته بممارسات «تعتبر ذبحا للديمقراطية، وتكريسا لنهج الغش الانتخابي بسبب التلاعب والتسيب، الذي طبع أداء الحكومة في هذا المجال». رد الأغلبية لم يتأخر، بعد أن بادرت بدورها لإصدار بيان أكدت فيه أن نتائج الانتخابات عكست رضى المواطنين عن أدائها بصفة عامة، قبل أن تؤكد أن التحالفات ستتم في إطار احترام منطق الأغلبية الحكومية، وأنها ستحرص على تنزيله على مختلف مستويات الجماعات الترابية، قبل أن تفتح بابا صغيرا لعقد التحالفات خارج منطق الأغلبية، وقالت إن ذلك «لا يمكن أن يكون إلا استثناء يخضع لتشاور مسبق»، وهو ما سيعبد الطريق لحصد المزيد من الجماعات لصالح الأغلبية رغم النتائج المهمة التي حققتها المعارضة بها . ووفق ما كشف عنه وزير الداخلية، محمد حصاد، فإن نسبة المشاركة في الانتخابات الجماعية والجهوية بلغت 53,67 في المائة، وكشفت تصدر حزب الأصالة والمعاصرة للنتائج النهائية الرسمية ب6655 مقعدا (21,12 في المائة)، متبوعا بحزب الاستقلال ب5106 مقعدا (16,22)، ثم حزب العدالة والتنمية ثالثا ب5021 مقعدا (15.94)، أما حزب التجمع الوطني للأحرار فقد حل رابعا ب4408 مقعدا (13,99 في المائة)، متبوعا بحزب الحركة الشعبية ب3007 مقاعد (9,54)، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سادسا ب2656 مقعدا (8.43). واحتل حزب التقدم والاشتراكية المركز السابع ب1766 مقعدا (5,61 في المائة)، متبوعا بالاتحاد الدستوري ب1489 مقعدا (4,73 في المائة)، وفيدرالية اليسار الديمقراطي (333 مقعدا – 1,06 في المائة)، فيما اكتفت الحركة الديمقراطية الاجتماعية ب297 مقعدا (0,94 بالمائة)،وجبهة القوى الديمقراطية (193 مقعدا-0,61)، والعهد الديمقراطي (142 مقعدا-0,45 في المائة). الاكتساح الذي حققه حزب العدالة والتنمية امتد، أيضا، للمجالس الجهوية بعد أن كشفت النتائج المؤقتة تصدر حزب العدالة والتنمية لهذه الانتخابات، بحصوله على 174 مقعدا (25,66 في المائة)، متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة ب 132 مقعدا (19,47 في المائة)، وحزب الاستقلال ب119 مقعدا (17,55 في المائة) وحزب التجمع الوطني للأحرار ب90 مقعدا (13,27 في المائة)، وحزب الحركة الشعبية 58 مقعدا (8,55 في المائة). واستقر عدد المقاعد التي حصل عليها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في 48 مقعدا (7,08 في المائة)، فيما فاز حزب الاتحاد الدستوري ب27 مقعدا (3,98 في المائة)، وحزب التقدم والاشتراكية ب23 مقعدا (3,39 في المائة).أما المقاعد السبعة المتبقية فقد تقاسمتها أربع هيئات سياسية.