قال النقيب عبد الرحيم الجامعي إنما هو أخطر من الجريمة هو البحث في كيفية اكتشافها، وكيف نصل إلى المجرم؟ وكيف نحكم عليه. الجامعي الذي تحدث في الندوة التي نظمها حزب "التقدم والاشتراكية"، اليوم الخميس بمقره بالرباط، حول مشروع قانون المسطرة الجنائية، اعتبر أن البحث والتحقيق وجمع الأدلة، ووسائل الإثبات والمحاكمة والحكم وتنفيذ الحكم، كلها تتعلق بالإنسان وبأخطر ما يملكه وهو حياته وحريته.
وأكد أن المسطرة الجنائية هي مادة استراتيجية في المجتمعات كيف ما كانت، ومادة استراتيجية بين من يحكم المجتمعات، حكومة ديمقراطية أو استبدادية، مسجلا أن هذا الموضوع لا يجب أن يبقى بين السياسيين والحكومات فقط، بل يجب أن تكون المسطرة نتيجة حوار وطني حقيقي، مجتمعاتي ومؤسساتي. وسجل أن المسطرة يصنعها الخبراء والتقنيون، ويصنعها كذلك الأمنيون بالنظر لدورهم الكبير في محاربة الجريمة، ووزير العدل بنفسه قال إن تسع مؤسسات شاركت في المشروع، لكن من غاب عن هذا المشروع منذ ولادته إلى اليوم هو المجتمع ليس بمعانيه الفلسفية لكن بمعانيه التقنية. وتساءل الجامعي أين هم القضاة؟ وأين هم الفاعلون الحقوقيون والمدنيون؟ ولماذا لم يساهموا في إخراج هذا النص الاستراتيجي، معتبرا أن الاختلالات الأساسية في مشروع المسطرة الجنائية هو غياب القضاء الممارس وهو السلطة القضائية أي القضاة الممارسون داخل المحكمة، الذين يعيشون مع القضايا بجوارحهم وأفكارهم ودموعهم وألمهم، وأين هم المحامون ليكونوا إلى جانب هذه المؤسسات؟. وأضاف " أنا لا أنتقص من مكانة كل اللذين شاركوا في صياغة هذا النص، لأنه رغم المجهود التقني الذي تطلب صياغة أكثر من 700 مادة في هذا النص، هناك نقص، والنقص هو الذي يجب أن نتحدث فيه لأن الإيجابيات معروفة". واستغرب الجامعي كيف أن المشروع أعطى لمحاضر الشرطة القضائية قيمة لم يمنحها لها أي نص سابق، وكيف أنه بموجب هذا المشروع إذا لم يستجب الوكيل العام لطلب الخبرة التي طلب بها المشتبه به أو دفاعه، فإن تصريحات هذا المشتبه به تكون باطلة. وشدد على أن الهدف من المسطرة الجنائية هما تحقيق أمرين أساسين، أولها تحسين الأمن القانوني عبر الجودة في النص والدقة في التعبير، والابتعاد عن الاختلالات في الألفاظ، واختيار الكلمة والجملة والفاصلة والنقطة، لوضعها في مكانها الحقيقي، والابتعاد عن استعمال ازدواجية المعاني، واستعمال اللفظ وقرينه. وأوضح أنه في موضوع المسطرة الجنائية، هناك ثلاث مؤسسات قوية، هي النيابة العامة، مؤسسة الشرطة القضائية، ومؤسسة التحقيق، ولكن كيف نتعامل مع كل هذه المؤسسات بوجود أشخاص لهم حريات وأوضاع قانونية ودستورية يحرم تعذبيهم، والمس بسلامتهم. واعتبر الجامعي أن زيارات أماكن الحراسة النظرية لا تتم وفق الضمانات التي تشير بأن زمن الحراسة والأبحاث والتصريحات التي تمت كلها كانت نظيفة وغير مشبوهة، مسجلا أن المشروع جاء بإمكانيات واسعة للضابطة القضائية من أجل أن تضع الإنسان داخل مخفر الشرطة، إما من أجل الاستماع إليه بالساعات أو داخل الحراسة النظرية بمختلف ساعاتها. وسجل أن المادتين 66 و 80 من المشروع كلاهما يعطي الحق للضابطة القضائية في أن تضع الشخص في الحراسة النظرية، لكنها لا تحدد الساعات، والمواطن لا يكون رهن إشارة الضابطة القضائية، بل رهن إشارة القانون، منتقدا كيف أن التعامل مع الحرية يصبح مجالا للتعسف والإكراه، ومن هنا يجب أن تكون قضية الحراسة النظرية التي هي آلية بالنسبة للضابطة القضائية لكنها قد تصبح محل خوف. وتساءل النقيب الجامعي أين هي المقاربة الحقوقية التي تحدثت عنها ديباجة المشروع؟ ولماذا لا يسمح للمحامي بالحضور مع الحدث خلال تلاوته للمحضر وتوقيعه عليه؟ ولماذا لا يسمح بتسجيل حالات القراءة والتوقيع بالنسبة للجنايات ولا يسمح للمحامي بالحضور أثناء الاستنطاقات؟ وكيف نسجل لحظات القراءة والتوقيع ولا نسجل ما سبقها؟ ولماذا لا نحدد ساعات الاستنطاقات؟ ولماذا لا نمنع الاستنطاقات ليلا؟ ولماذا نعطي للضابط القضائي إمكانية الإحالة على النيابة العامة بإذن النيابة العامة فقط إذا عاين أو لاحظ وجود آثار للإصابة؟. وماذا إذا كانت هذه الإصابة قد وقعت داخل مخفر الشرطة؟.