قال النقيب عبد الرحيم الجامعي إن قانون المسطرة الجنائية قانون استراتيجي كبير، ونحن في ملتقى الطرق لأن هذه اللحظة سترهن مستقبل العدالة الجنائية في المغرب، ومستقبل المحاكمة العادلة. وأوضح في الندوة التي نظمها مجلس النواب، اليوم الخميس، لمناقشة مشروع القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، أن الأمر لا يتعلق بالسياسة أو السياسيين الذين هيأوا هذا المشروع، بل الأمر مرتبط بالمجتمع ومستقبل المواطنات والمواطنين.
وأضاف الجامعي أنه في إطلالة منه على المشروع استبطن مسألة أساسية، هي انعدام الهندسة الحقيقية للمشروع، والأمر لا يتعلق هنا بالديباجة، التي يجب أن تنطلق من عدة عناصر، أولها الدراسة التوقعية، كما أنه لا يطرح قضية مجانية التقاضي لأننا اليوم نعيش مفارقة خطيرة بين النص الدستوري والواقع، لأن المساطر المدنية والجنائية مكلفة. وتحدث الجامعي عن "أزمة الاعتقال" في المغرب، مشيرا أننا نعيش أزمة تعامل مع الحرية، وما يمكن أن يخفف منها هو خلق آلية تعويض لمن انتهكت حريتهم وانتهت مساطرهم بالبراءة أو العقوبة الخفيفة. وسجل أنه ليس هناك حرص على الدقة واللغة في صياغة النصوص، وهذا ما نجده في مشروع المسطرة الجنائية عندما نعثر على عبارة "ما من شأنه"، "يمكن"، "يحق"، ووجود نسبة قليلة جدا في لغة المشروع يرد فيها مصطلح يجب. وأكد الجامعي أنه إذا لم تأخذ بعين الاعتبار هندسة جديدة لمشروع المسطرة الجنائية فإننا نكرر ما يوجد عليه الأمر حاليا، رغم المجهودات والإيجابيات التي تم إدخالها على المشروع. واعتبر أن ما يميز خطورة هذا النص هو أنه أتى بالأزمات، ووزير العدل نفسه يخاف من التحقيق في الهوية ومن الهشاشة في الألفاظ والبناء غير المنسجم مع النصوص، وهذا معناه أن أصحاب المشروع ليس وزارة العدل، وهنا يجب التساؤل بحسبه هل كان هناك صراع بين المؤسسة الأمنية والقضائية ووزارة العدل في صياغة المشروع. واستدرك الجامعي بالقول : "أكيد هناك صراع ولم يحصل هناك توافق حقيقي على مشروع المسطرة الجنائية، ولهذا تم الإبقاء على مدة الحراسة النظرية ل 48 ساعة، وعلى السلطة التقديرية لضابط الشرطة القضائية فإذا ارتأى وضع إنسان في الحراسة النظرية يمكنه ذلك، وإذا ارتأى الوكيل العام للملك أن تدابير المراقبة القضائية غير كافية يمكنه أن يفعل ذلك". وتساءل كيف يمكن منح هذه السلطة التقديرية لضباط الشرطة القضائية ولمؤسسة النيابة العامة في صلاحيات مطلقة وواسعة تمس من الحرية وكرامة المواطنات والمواطنين. وتابع " الدليل على هذا هو أكثر من 25 رأي للأمم المتحدة قال للسلطة القضائية وللحكومة المغربية إنكم تفسدون المحاكمة العادلة من خلال اعتقال الناس بشكل تحكمي". وتساءل أيضا كيف يكون المشروع متوازنا وهو يعطي السلطة للنيابة العامة في أمرين اثنين، من بينهما سحب صلاحية التكليف من القضاء الجالس، مما يشكل إجهازا على السلطة القضائية، خاصة أن بعض الفقه القانوني يذهب بأن النيابة العامة موظفة ومعادية للحرية وللدفاع. ودعا الجامعي إلى التراجع عن هذا المقتضى، مؤكدا أنه يجب تقوية أدوار مؤسسة لعبت أدوارا تشرف المؤسسة القضائية وهي مؤسسة التحقيق، وأن لا نذهب لقتلها انطلاقا من سحب صلاحياتها واستحواذ النيابة العامة عليها.