عبر حزب العدالة والتنمية عن جملة من التخوفات التي طرحها اجتهاد المجلس العلمي الأعلى بخصوص مدونة الأسرة، ودعا إلى التمحيص والتدقيق القانوني، ودراسة ومراعاة الأثر، بخصوص المسائل الشرعية التي استجابت لها لجنة الفتوى، أو تلك التي أعطت فيها حلولا بديلة. وقال الحزب في بلاغ لأمانته العامة إن اجتهادات المجلس العلمي أثارت مخاوف، ليس بالنظر إلى جانبها الشرعي، وإنما بالنظر إلى مآلاتها ونتائجها السلبية والخطيرة على تكوين الأسرة، باعتبارها مؤسسة تقوم أولا وأساسا على المودة والرحمة والمعاشرة بالمعروف والمكارمة، ولا ينبغي أن تتحول إلى شركة تجارية مبنية على المحاسبة والمشاححة المفضية حتما إلى تفاقم ظاهرة العزوف عن الزواج، وتضاعف حالات الطلاق. وأوضح الحزب أن التخوفات مرتبطة بعدة مسائل، أولها إيقاف سكن الزوجية عن دخوله في التركة، بالنظر لما ينجم عنه من إخلال بالحقوق المرتبطة بالإرث وانتهاك لحقوق الورثة الآخرين، ولا سيما حينما يكون السكن يمثل التركة الوحيدة أو ذو قيمة كبيرة. وثاني التخوفات مرتبطة بجعل ديون الزوجين الناشئة عن وحدة الذمة على بعضهما ديونا مقدمة على غيرها بمقتضى الاشتراك الذي بينهما، وما سينجم عنه من تعقيدات وتحملات مالية وعنت لكلا الزوجين ضدا على مبدأ استقلال الذمة المالية. كما أن من بين التخوفات، اعتبار عمل الزوجة المنزلي مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية، بالنظر لما تطرحه مسألة تثمين هذا العمل من إشكاليات عملية ومخاوف حقيقية من تحويل فضاء الأسرة القائم على التراحم والتعاون إلى فضاء للحسابات والنزاعات. وتوقف البلاغ على مسألة تسهيل الطلاق والتطليق وحذف مسطرة الصلح في حالة الطلاق الاتفاقي، حيث ليس من الحكمة جعل تسهيل الطلاق كهدف في مدونة الأسرة، كما لا يجوز حرمان الأسرة في حالة الطلاق الاتفاقي من محاولة إصلاح ذات البين وتحضير الحكمين. والتخوف الخامس، حسب "البيجيدي" هو بقاء حضانة المطلقة على أولادها بالرغم من زواجها، وذلك دون قيد أو شرط وهو ما يتطلب حماية حقوق الأب في المراقبة والزيارة وصلة الرحم، وتدخل القضاء لإسقاط هذه الحضانة قي حالة الخوف على مصلحة الطفل. وأضاف الحزب أن هناك تخوفات أيضا بخصوص الإلزام بالنفقة مباشرة بعد العقد، مع إشكالية التمييز من حيث الأثر لوضعية ما قبل البناء وبعد البناء، فضلا عن مشكل جعل النيابة القانونية مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها وما يطرحه من مشاكل تتعلق بمن سيحسم القرار في حالة الاختلاف، وما سيؤدي إليه من ضياع لحقوق الأطفال بالأساس. ورفض الحزب إجبارية استطلاع رأْي الزوجة في موضوع التعدد أثناء تَوثيق عقد الزواج، في الوقت الذي تبقى الصيغة الحالية كافية، وليس من اللائق ولا من الصواب تحويل عقود الزواج إلى عقود إذعان واشتراط، كما أن هذا المقتضى تجاوز فيه وزير العدل حدود اختصاصه، مع تشديد البلاغ على ضرورة تدقيق وتقنين الاستثناء من شرط شهادة شاهدين مسلمين حين تعذر الشهود المسلمين عند عقد الزواج بالخارج. ونبهت الأمانة العامة للبيجيدي إلى أن مدونة الأسرة، باعتبارها قانونًا ليس كغيره من القوانين، فهي ورش مصيري يهم المجتمع والأسرة بجميع مكوناتها، ولا يمكن أن تُحسم تعديلاتها عبر الأغلبية العددية مهما بلغ حجمها. وعبر الحزب عن عميق قلقه بخصوص الطريقة التي يدبر بها وزير العدل هذه المراجعة، وعدم الاطمئنان نهائيا لسهره على الصياغة التشريعية لهذه المقترحات بما يلزم من الأمانة والاحترام للمرجعيات والضوابط، خصوصًا وأن خرجاته الأخيرة تثبت تحريفه لبعض المقتضيات وتجاوزه لاختصاصه.