أكد عمر الحياني، المهندس والمستشار الجماعي عن فدرالية اليسار الديمقراطي، أن استراتيجية "المغرب الرقمي 2030" تسعى إلى جعل 4.4 مليون أسرة قادرة على خدمة الإنترنت عبر الألياف البصرية بحلول 2026، و5.6 مليون أسرة مؤهلة بحلول عام 2030. "ومع ذلك، فإن هناك العديد من العوائق التنظيمية والتنافسية التي تعرقل هذا الانتشار، في سوق يهيمن عليه الإنترنت المحمول مع ركود خدمة الانترنيت التابث ADSL" يضيف الحياني. وجاء في مقال لعمر الحياني، نشره على موقع "ميديا24"، أنه كان 919 ألف منزل متصلاً بالألياف البصرية بنهاية الربع الأول من 2024، مع تقدم سنوي متوسط بنسبة 57 بالمائة بين 2020 و2023، وفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن الهيئة الوطنية لتنظيم الاتصالات ANRT. أما الإنترنت التابث، فقد شهد شبه ركود منذ عام 2020. ويمثل هذان النوعان من الإنترنت السلكي فقط 6.6 بالمائة من إجمالي الأجهزة المتصلة في المغرب، بينما يشكل الإنترنت المحمول 93 بالمائة من هذا الإجمالي.
ويفسر الحياني هذه الأرقام، بأن العديد من الأسر التي كانت متصلة سابقًا عبر الانترنيت التابث تختار الآن الانتقال إلى الألياف البصرية لتلبية احتياجاتها المتزايدة من سعة النطاق الترددي، خاصة لاستخدامات مثل IPTV، والألعاب الرقمية، ومؤتمرات الفيديو التي تزايدت مع انتشار العمل عن بُعد. وأشار إلى أنه في الوقت نفسه، هناك بعض الأسر التي ترغب في الحصول على الإنترنت السلكي كإضافة للإنترنت المحمول، بهدف تحسين ميزانية الأسرة ودعم الاستخدامات المدرسية أو الترفيهية، لكنها لا تزال غير مؤهلة للحصول على الألياف البصرية أو تجد أن تكلفتها مرتفعة. لذلك، فإنهم يلجأون إلى الانترنيت التابث، وهي تكنولوجيا قديمة، لكنها توفر حجم بيانات غير محدود بتكلفة مقبولة نسبيا. وأوضح الحياني أن الأسرة التي تستخدم حاليًا الانترنيت التابث، بتكلفة تتراوح عادة بين 200 و250 درهم شهريًا، إذا أرادت الانتقال إلى الألياف البصرية، ستكون مهتمة بعرض من "أورانج" أو "إنوي" بسعر 349 درهم شهريا. مستدركا أن "المشكلة تكمن في أن هذين المشغلين يغطيان فقط مناطق محدودة وكثيفة في المدن الكبرى، وإذا تم اختيار "اتصالات المغرب"، الذي يقدم تغطية أوسع بكثير، فسيضطر لدفع 500 درهم على الأقل شهريًا". وأكد المصدر أن قلة قليلة من الأسر ستختار هذه الحلول، في وقت يشهد فيه المغرب تضخمًا شديدًا وأزمة في القدرة الشرائية. وعزا كاتب المقال ارتفاع سعر عرض "اتصالات المغرب"، إلى قرار من الهيئة الوطنية لتنظيم الاتصالات التي تمنع المشغل التاريخي من تقديم خدمة الألياف البصرية بأقل من 500 درهم شهريًا، بهدف دعم المشغلين الآخرين ومنع هيمنة "اتصالات المغرب" شبه الكاملة على سوق الانترنيت ADSL. وتابع الحياني بأن "هذا الحل لا ينجح"، مشيرا إلى أن "أورانج" و"إنوي" يركزان على المناطق الحضرية الأكثر كثافة (والأكثر ربحية)، بينما "اتصالات المغرب"، الذي يمتلك سياسة استثمارية أكثر طموحًا في مجال الألياف البصرية، يكون سعره أعلى بكثير. "والنتيجة هي أننا نجد أنفسنا في سوق تنافسية مشوهة بسبب قرار من المنظم." على حد تعبير الكاتب. واستنتج أن "معدل انتشار الألياف البصرية في المغرب هو أقل بكثير من إمكانات السوق والأهداف الحكومية، بالإضافة إلى أن الأسعار التي يفرضها المشغلون المغاربة أعلى بكثير مقارنة بتلك التي يطبقها المشغلون الأوروبيون، الذين يقدمون سرعات تصل إلى عشرة أضعاف." ودعا الحياني إلى تصفح المقارنات في فرنسا، إسبانيا، البرتغال، أو المملكة المتحدة للتأكد من ذلك. ومن أجل معالجة هذه الوضعية، أوصى عمر الحياني برفع أي قيود على الأسعار المفروضة على المشغلين وترك المنافسة تعمل بحرية بينهم. وقال إنه "من غير المعقول أن يُجبر مشغل على تسويق عرضه بسعر أدنى كما هو الحال الآن." كما دعا إلى إلزام المشغلين بمشاركة بنيتهم التحتية من خلال تفعيل مبدأ تجميع شبكات الألياف البصرية، مؤكدا أن ذلك سيسهم في تجنب أن يُحصر العملاء في مشغل واحد، كما سيساعد في تعزيز المنافسة على الأسعار وجودة الخدمة، بالإضافة إلى تجنب قيام كل مشغل بحفر خنادق لبناء شبكته الخاصة، كما يحدث في العديد من المدن لدينا. وشدد على ضرورة فتح سوق الألياف البصرية أمام مشغلي البنية التحتية، كما هو الحال في دول أخرى. موضحا ان هؤلاء المشغلين المتخصصين في تركيب شبكات الألياف البصرية يقومون بتأجيرها بعد ذلك لمشغلي الاتصالات الذين يمكنهم تقديم العروض التي يرغبون فيها.